أناهيت
«كُفِّي أيتها الباذخة … كُفِّي عن النواح سيدةَ الشرق، المليكة التي تمزَّق عرشها في بابل، كُفِّي أيتها الباذلة، كفِّي يا سحابة واسحبي رياحك ودلاءَك. اسحبي جرارك … اسحبي خيولَكِ وتعصمي بعظمتِكِ فاسمكِ وحده كفيلٌ بسلطان، اسمك إمبراطورية نساءٍ وغلبة وغليان مجدٍ وعاطفةٌ تفور.»
تختمر في هذا الديوان الميثولوجيا بالطبيعة بالنفوس الهائمة؛ لتفوح لنا بشعرٍ معتقٍ يتكئ على جدار قلوب الآلهة القديمة، مُقدمًا حيرته قربانًا للطبيعة، ومستحضرًا طائر الفينيق الذي يُولَد من رماد احتراق جسده؛ لتنجلي لنا النبوءة الكبرى، وهي أنه مع كل موتٍ ولادةٌ جديدة، هذه هي الحياة وهذا هو الزمن وهذه هي الأنفس التي تحوم في التيه هاربةً منه ومسترشدةً به في فضائها اللانهائي، جاعلةً الأنوثة ملجأها الأخير؛ فمنها انبثق الجمال والحكمة وبداية التكوين، وتفجَّرت الحياة بينابيع مياهها فكانت يدها منارةً للتائهين وكأسها قِبلة الغيمات وإليها يعود المُحبون، وتهدأ الأنفس وتُخمد الحروب ليسود السلام في رحابها.