دور الاتحاد الأوروبي في العالم
بعد أن بيَّنا كيف «يمكن أن توحِّد المؤسسات الفيدرالية دولًا شديدة التقدم»، ربما تصلح الجماعة كمثال على كيفية «إقامة عالم أكثر ازدهارًا وسلامًا.» كان هذا هو الأمل الذي أعرب عنه جان مونيه عام ١٩٥٤ أمام طلاب جامعة كولومبيا في نيويورك. ظل الاتحاد الأوروبي مهتمًّا، مثله مثل الآخرين، بمصالحه الخاصة، حتى وإن كان يصعب في أغلب الأحوال التوصل إلى اتفاق على ماهية هذه المصالح، لكن الأوروبيين صاروا أكثر وعيًا مِن مُعظم مَن سواهم بأن هذه المصالح تشمل فعليًّا إقامة عالم مزدهر ومسالم. فكيف تساهم أعماله، بمعزل عن كونه نموذجًا لمنطقة السلام والرفاهة، في تحقيق هذه الغاية؟
(١) الجماعة باعتبارها قوة تجارية عظيمة
كانت الولايات المتحدة راعية لتوحيد أوروبا، بدايةً من مشروع مارشال إلى ميلاد الجماعة والمراحل المبكرة من نموها، فردَّ مونيه الجميل بفكرة إقامة شراكة على أساس من المساواة بين الجماعة الأوروبية والولايات المتحدة. وفور إنشاء الجماعة الاقتصادية الأوروبية واستحداثها تعريفتها الخارجية الموحدة، استجابت الولايات المتحدة بإطلاق جولة كينيدي لتحرير التجارة في اتفاقية الجات؛ مما أفضى عام ١٩٦٧، وبعد خمس سنوات من المفاوضات المضنية، إلى الاتفاق على خفض التعريفات بمقدار الثلث.
ما كان ذلك ليتسنَّى لو لم تصبح الجماعة، بمساعدة تعريفتها الموحدة باعتبارها أداة للسياسة الخارجية، شريكًا تجاريًّا على قدم المساواة مع الولايات المتحدة. وكما قال أحد المراقبين في واشنطن، كانت الجماعة الأوروبية آنذاك «أهم عضو في اتفاقية الجات»، والسبيل إلى بذل المزيد من الجهود لتحرير التجارة. وقد صارت هكذا فعلًا في الجولات اللاحقة من مفاوضات اتفاقية الجات مع انحسار الإلهام الأمريكي الخلَّاق الذي برز في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. لعبت الجماعة دورًا قياديًّا في جولة أوروجواي التي اختُتمت عام ١٩٩٤. وفي ظل الانخفاض الفعلي في التعريفات على معظم المواد المصنَّعة، انتقل محور التركيز إلى الحواجز غير الجمركية؛ حيث أعطى برنامجُ السوق الموحدة الجماعةَ خبرة فريدة في أساليب تحرير التجارة. كما أفادت خبرتها أيضًا عندما أحلَّت منظمة التجارة العالمية، بنطاقها الأوسع وصلاحياتها الأكبر لحل النزاعات، محل اتفاقية الجات، ولعل هذه تكون خطوة نحو إثبات صحة اقتراح إمكانية «استنساخ نموذج الجماعة الأوروبية في مجال سن القوانين الدولية، وذلك على الصعيد العالمي» في مرحلة معينة.
بطبيعة الحال تمخَّضت علاقات الجماعة التجارية عن التصادم الطبيعي بين المصالح، أو على الأقل بين ما يفترض المشاركون أنها مصالحهم، فكانت الزراعة أهم سبب للخلاف؛ فقد أضرَّت السياسة الزراعية المشتركة، وهي سياسة حمائية، بشركاء تجاريين: كأستراليا وكندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة. وعقب انضمام المملكة المتحدة، أصاب الضرر الثلاثة الأُوَل بشدة، وهي ضربة كان يمكن تحاشيها لو كانت بريطانيا قد انضمت عندما جرى التفاوض بشأن معاهدة روما. لم تبدأ الجماعة تنفيذ إصلاح جادٍّ حتى التسعينيات، عندما خفضت مستوى الحماية لبعض السلع الرئيسة بمقدار نحو النصف. واتُّفق في جولة أوروجواي على إلغاء إعانات الصادرات المعرقِلة للتجارة في الجولة التالية، وهو تحدٍّ صعب بالنسبة للجماعة والولايات المتحدة على السواء.
رغم تقارب الجماعة والولايات المتحدة فيما يخص الزراعة، فقد تباعدتا فيما يخص القضايا البيئية والثقافية وقضايا حماية المستهلك؛ حيث فضَّل الأوروبيون معايير أدت إلى تقييد وارداتهم من الولايات المتحدة، واعتبرها الأمريكيون حمائية. ومن الأمثلة على ذلك: الكائنات المعدلة وراثيًّا، ولحم البقر المعالَج بالهرمونات، والمحركات الجوية عالية الضجيج، وخصوصية البيانات، والأفلام والبرامج التليفزيونية.
على النقيض من ذلك، خفَّت وطأة الاحتكاك الذي أثارته شبكة الترتيبات التفضيلية الخاصة بالاتحاد مع تخفيض التعريفات في جولات اتفاقية الجات المتتالية. كانت تلك الشبكة قد اتسعت جدًّا، مغطية معظم أوروبا والبلدان الأقل نموًّا، لدرجة أنه لم يبقَ خارجها إلا بعض الدول؛ من ضمنها أستراليا وكندا واليابان ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة. وقد انزعج الأمريكيون جراء تفضيلات الجماعة الأوروبية الممنوحة لبلدان معينة، لكن في المقابل كانت هناك العلاقات المقامة مع أعداد كبيرة من بلدان الجنوب، والتي مرت باختبار صعب في جولة الدوحة للمفاوضات التجارية التي افتتحت عام ٢٠٠١؛ إذ كان يريد الاتحاد الأوروبي جدولَ أعمال شاملًا، وكانت الولايات المتحدة تفضل التركيز على ميادين كالزراعة والبيئة.
كانت رغبة الاتحاد في اشتمال مسائل كالاستثمار، وسياسة المنافسة، والمشتريات العامة، وتيسير التجارة، المعروفة باسم «مسائل سنغافورة»، مدفوعة في جزء منها بالرأي القائل بضرورة أن يبدأ العالم في التحرك، مثلما فعل الاتحاد الأوروبي نفسه من قبل، بما يتجاوز محور التركيز على التعريفات وحصص الواردات، من أجل التعامل مع مجالات السياسات الأخرى متزايدة التأثير على التجارة، لكن البلدان النامية لم تكن جاهزة لهذا. وقد تعززت قدرتها التفاوضية بفضل إنشاء مجموعة العشرين، بقيادة البرازيل والصين والهند وجنوب أفريقيا، مع آخرين يمثلون المصالح الإقليمية والتجارية. وكما هو معتاد، برزت التجارة أيضًا كعقبة في ظل مقاومة التحرير من جانب اللوبيات الزراعية الأوروبية والأمريكية. وفيما يخص بعض البلدان الأقل نموًّا، كانت هناك مشكلة إضافية ناشئة عن قرار «كل شيء إلا الأسلحة» الصادر عن الاتحاد لإلغاء القيود على الواردات من البلدان الأربعين الأشد فقرًا، وذلك على نحو أضرَّ بمنافسيها في البلدان الأقل نموًّا الأخرى.
بحلول مايو ٢٠٠٤، عرض مفوَّض التجارة، باسكال لامي، تخفيف إصرار الاتحاد على مسائل سنغافورة، والتفاوض بشأن إلغاء كل إعانات الصادرات، مما مكَّن المفاوضات من المضي قدمًا في ذلك العام. في الوقت نفسه، أعطت طفرةٌ في واردات الملابس من الصين فكرةً مسبقةً عن نطاق التحديات التي يُتوقع أن تنشأ عن حجم الاقتصاد الأوروبي وسرعة نموه، مع احتمال أن تُحدث الهند أثرًا مماثلًا فيما بعدُ، وقد صعَّب انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام ٢٠٠١ على الاتحاد الاستجابة باتخاذ تدابير ضد الإغراق.
منذ ذلك الحين تخبَّطت جولة الدوحة على صخور السلوك المتعنت على كل الجوانب، وهي الآن ماضية في طريق مسدود فيما يخص عددًا من القضايا الأساسية. ومهما كانت المحصلة النهائية، سيكون هناك نظر في جدوى المزيد من جولات المفاوضات التجارية التي يجب الموافقة عليها بالإجماع من قِبل ١٥٠ دولة، وفيما لو ستكون هناك ضرورة إلى مسار مختلف صوب تحرير التجارة العالمية. وسيكون على الاتحاد النظر إن كان بالإمكان تطبيق تجربته على مدى نصف القرن الماضي في العالم على نطاق واسع، وإذا كان ممكنًا، فكيف يكون ذلك؟
(٢) الاتحاد الأوروبي ودول الجوار والعالم النامي
على الرغم من أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة بالنسبة للدول الأعضاء كافة، تجمع الدولَ منفردةً علاقاتٌ خاصة مع بلدان معينة في معظم بقاع العالم الأخرى، وكثير من هذه العلاقات صارت مشتركةً بين الاتحاد ككلٍّ.
ينبع هذا، وغيره الكثير، من معاهدة روما؛ إذ أرادت فرنسا مميزات لمستعمراتها، وجعلت هذا شرطًا للتصديق على المعاهدة؛ لذا منَحت الجماعة ككلٍّ الواردات الآتية من هذه المستعمرات حرية الدخول، وقدمت لها عونًا من خلال «صندوق التنمية الأوروبي». سرت القواعد ذاتها على الأقاليم ذات الصلة ببلجيكا وإيطاليا وهولندا، وكان الارتباط الناشئ عن ذلك هو الأساس الأصلي «لاتفاق كوتونو» الحالي، كما تمخض الضغط الفرنسي عن اتفاقيتين تفضيليتين للمغرب وتونس، وهما اللتان مهَّدتا السبيل لنظام الاتفاقيات الحالي بعيد المدى مع دول الجوار.
بعد نيل المستعمرات السابقة استقلالها، تغيَّر هذا الارتباط بموجب اتفاقية نصَّت على إنشاء مؤسسات مشتركة (مجلس وزراء ولجنة سفراء وجمعية برلمانيين). وعقب انضمام المملكة المتحدة، شاركت بلدانُ أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ الأعضاءُ بالكومنولث في التفاوض على «اتفاقية لومي»، التي وسَّعت المشاركة لتشمل معظم أفريقيا وجزر الكاريبي، إضافة إلى عدد من الجزر في المحيط الهادئ، وتُعرف مجتمعةً باسم «دول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ»، وأزالت بعض آثار النظام الاستعماري، ووسعت العون نحو مستوى ٣ مليارات يورو سنويًّا منذ التسعينيات، إضافة إلى الأموال المقدمة لتخفيف أثر الانخفاضات التي طرأت على دخول الدول المرتبطة من صادرات السلع.
تجددت اتفاقية لومي للمرة الخامسة في كوتونو عام ٢٠٠٠ في ظروف صعبة؛ إذ كانت الدول المرتبطة منزعجة لتآكل هوامش التفضيل بعد أن جرى تخفيض التعريفات في جولات الجات المتعاقبة، إضافة إلى أن الاتحاد كان قلقًا من الحال السيئ — يُعزى جزئيًّا على الأقل إلى الحكم غير الرشيد — الذي ظل عليه معظم بلدان أفريقيا على الرغم من كميات العون الضخمة المقدمة إليها. غير أن المسائل محل النقاش كانت من الأهمية بما يكفي للفوز بالموافقة على الاتفاقية الخامسة، موافقة كلٍّ من شركاء الاتحاد الأوروبي التسعة والسبعين من أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ، بتجديد برنامج العون، وموافقة دوله الأعضاء، باعتراف الاتفاقية، بأن تكون كفاية الأداء في الحكم الرشيد معيارًا لتخصيص العون، وضرورة أن تُعِدَّ الدول المرتبطة اقتصاداتها للانضمام إلى الاتحاد في منطقة تجارة حرة في غضون ٢٠ عامًا. علاوة على ذلك، شدَّد الاتحاد الأوروبي في علاقاته الخارجية خلال التسعينيات تشديدًا متزايدًا على حقوق الإنسان، ويشترط اتفاق كوتونو على المشاركين فيه احترام هذه الحقوق.
إطار ٥: اتفاق كوتونو ٢٠٠٠–٢٠٢٠
وافق الاتحاد الأوروبي ودول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ عام ٢٠٠٠ على تجديد اتفاقية لومي للمرة الخامسة، ولمدة ٢٠ سنة. ويُراجَع اتفاق كوتونو الناشئ عنها كل خمس سنوات، كما تحددت بروتوكولات المعونة بفترات قوامها خمس سنوات. ويجتمع مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي ودول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ سنويًّا لاستعراض التقدم المُحرَز.
-
تحتل التجارة صميم الاتفاقية، ومن المقرر أن تُسفِر المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وكل دولة من دول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ بشأن «اتفاقيات الشراكة الاقتصادية» في نهاية المطاف عن ترتيبات تجارية جديدة (اتفاقيات شراكة اقتصادية) هدفها إنشاء منطقة تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي ودول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ بحلول عام ٢٠٢٠. وفي غضون ذلك، سيُبقَى على الحق في الدخول الحر أو التفضيلي إلى الاتحاد الأوروبي.
-
تحدَّدت المعونات بمبلغ ١٣٫٥ مليار يورو للفترة ٢٠٠٠–٢٠٠٧، إضافة إلى ٩٫٥ مليارات يورو خُصِّصت بالفعل، لكن لم تُنفَق بعدُ، على أن تكافأ الدول على حسن أدائها في استخدام المعونات.
-
سيكون الحد من الفقر محور تركيز مفضَّل للاستراتيجيات الإنمائية.
-
سيتم تشجيع الجهات الفاعلة من غير الدول على المشاركة في عملية التنمية.
-
يدل الحوار السياسي على نهج أكثر براجماتية من جانب الاتحاد الأوروبي، مع اشتمال الحكم الرشيد، واحترام حقوق الإنسان، والمبادئ الديمقراطية، وسيادة القانون كمعايير لسياسة المعونات، ومع اتخاذ إجراءات ضد الفساد.
يصطبغ اتفاق كوتونو بخيبة أمل الاتحاد الأوروبي في نتائج اتفاقيات لومي السالفة، والتي تُعزى إلى الحكم غير الرشيد في كثير من البلدان. ومن هذا المنطلق، يُعد تطوير منطقة تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي ودول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ فكرةً طموحةً جدًّا، وقد تأخرت بالفعل عن موعدها المقرر.
بحلول نهاية السبعينيات، كانت الجماعة تملك أيضًا شبكة من الاتفاقيات التي تمنح تفضيلات ومساعدات للدول المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط، بمضمون لا يختلف عن مضمون اتفاقية لومي لكن من دون المؤسسات متعددة الأطراف. شملت الشبكة دول شمال أفريقيا (عدا ليبيا التي امتنعت عن المشاركة)، إضافة إلى إسرائيل ولبنان والأردن (التي لا تفصلها إلا دولة واحدة عن المتوسط) وسوريا.
بحلول التسعينيات، تسبَّبت توليفة من الصعوبات الاقتصادية، وانعدام الاستقرار السياسي، والنمو السكاني السريع في معظم هذه البلدان، وما تلا ذلك من ضغط للهجرة إلى أوروبا، في قلق متنامٍ في الاتحاد، ولا سيما بين دوله الجنوبية؛ فكانت النتيجة مؤتمرًا للوزراء من الاتحاد وشركائه المتوسطيين انعقد في برشلونة عام ١٩٩٥، وأطلق «العملية الأوروبية-المتوسطية» التي هدفت إلى بناء شبكة واسعة من الروابط متعددة الأطراف عبر حوض البحر المتوسط. غير أن الهدف الرئيس المعلن لهذه العملية؛ ألا وهو إقامة منطقة تجارة حرة بحلول ٢٠٠٥، سرعان ما تحطَّم على صخرة الخلافات السياسية في الدول الشريكة، والانشغال المستمر بالتوسع شرقًا.
بمجيء ذلك التوسع، انخرط الاتحاد في استعراض شامل لروابطه بجيرانه، مع حرص خاص على محاولة الإبقاء على الاتحاد تجمُّعًا منفتحًا ومتيسرًا. وهكذا ففي ٢٠٠٣، اقترحت المفوضية أن تحل سياسة جوار أوروبية محل العملية الأوروبية-المتوسطية، ومشروع تقديم المساعدة لبولندا والمجر لإعادة تشكيل هياكلها الاقتصادية، وبرنامج المساعدة التقنية إلى رابطة الدول المستقلة. وفي ٢٠٠٧، ضُمِّنت هذه البرامج السابقة تضمينًا رسميًّا في «سياسة الجوار الأوروبية»، مدعومة بأداة مالية جديدة ستوفر نحو ١٫٧ مليار يورو سنويًّا؛ للتعاون عبر الحدود، وتنمية المجتمع المدني، والمساعدة التقنية.
في حين تُمثل سياسة الجوار الأوروبية التزامًا كبيرًا من جانب الاتحاد الأوروبي تجاه هذه البلدان، فلم نرَ بعدُ هل سيكون لها أي أثر دالٍّ على خلق بيئة أكثر استقرارًا أو ديمقراطيةً أو ازدهارًا حول حدود الاتحاد الأوروبي، ولا سيما في ضوء الربيع العربي لعام ٢٠١١، واستمرار الحكم غير الرشيد في العديد من دول أوروبا الشرقية.
(٣) آسيا وأمريكا اللاتينية والأفضليات المعمَّمة
تمكَّنت بريطانيا، لدى انضمامها إلى الجماعة، من الحصول على شروط مُرضية لبلدان أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ الأعضاء في الكومنولث، لكن لم يتم الاتفاق على ترتيب خاص لأعضاء الكومنولث الآسيويين (الهند وباكستان — وكانت آنذاك تضم بنجلاديش — وسري لانكا وماليزيا وهونج كونج وسنغافورة) التي كانت أغلب صادراتها تدخل بريطانيا دون تعريفة جمركية في إطار نظام الكومنولث التفضيلي. غير أن الضرر كان محدودًا؛ لأن الجماعة كانت من أول ما تبنى نظام الأفضليات المعمَّم عام ١٩٧١، مانحةً دخولًا تفضيليًّا للواردات من السواد الأعظم من بلدان العالم الثالث التي لم تستفِد من قبل من اتفاقية لومي، ولا الاتفاقيات المتوسطية؛ وهو ما حدَّ من التمييز ضد أغلب البلدان الآسيوية والأمريكية اللاتينية، لكن لم يلقَ النظام الترحيب المتوقع؛ نظرًا لوجود حصص فيما يتعلق بالمنتجات «الحساسة» (بمعنى الأشد تنافسية) تقصر الأفضليات على كميات محددة مسبقًا لكل منتَج، وكل دولةٍ عضوٍ، لكن الأفضليات المعممة ساعدت مع ذلك على تقوية الروابط مع البلدان الأقل نموًّا.
إطار ٦: اتفاقيات الاتحاد الأوروبي وروابطه في العالم الثالث بخلاف اتفاق كوتونو وسياسة الجوار الأوروبي
أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقيات تجارة وتعاون مع:
الأرجنتين | المكسيك | كوريا الجنوبية |
البرازيل | باكستان | سري لانكا |
شيلي | باراجواي | أوروجواي |
كولومبيا | جنوب أفريقيا | فيتنام |
الهند |
تجمع الاتحاد الأوروبي روابط بتجمعات إقليمية أخرى من ضمنها:
جماعة دول الأنديز (أمريكا الجنوبية) | مجلس التعاون الخليجي |
السوق المشتركة لبلدان المخروط الجنوبي (أمريكا الجنوبية) | رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي |
مجموعة سان خوسيه (أمريكا الوسطى) | رابطة أمم جنوب شرق آسيا |
ينطبق نظام الأفضليات المُعمَّم على كل البلدان النامية تقريبًا.
على الرغم من تراجع هوامش الأفضلية التي يمنحها نظامُ الأفضليات المعمَّم للبلدان الأقل نموًّا في ظل انخفاض المستوى العام للتعريفات، اكتسبت روابط هذه البلدان مع الاتحاد الأوروبي من خلال برامجه المعنية بالمعونات أهمية متزايدة؛ حيث تبلغ هذه البرامج نحو ١٠ مليارات يورو سنويًّا، متضمنة كلًّا من المعونات الإنسانية والإنمائية لبلدان أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ وسياسة الجوار الأوروبية، كما أبرم الاتحاد اتفاقيات ثنائية للتجارة والتعاون لتقوية روابطه مع البلدان النامية الكبيرة، من بينها الهند والمكسيك والبرازيل، ولديه اتفاقيات مع جماعات إقليمية كالآسيان (رابطة أمم جنوب شرق آسيا). ومنذ انضمام إسبانيا والبرتغال إلى الجماعة عام ١٩٨٦، أضيفت الروابط الخاصة التي تجمعهما بأمريكا اللاتينية إلى الروابط التي تجمع الدول الأعضاء الأخرى بأفريقيا وآسيا.
على الرغم من صعوبة قياس الأثر الاقتصادي للاتفاقيات والأفضليات والمعونات — وربما لم يكن هذا الأثر عظيمًا — اكتسب الاتحاد مصداقية سياسية ربما تساعده في التطوير المستقبلي لعلاقاته مع بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
(٤) المال
على الرغم من أن تعريفة الاتحاد المشتركة جعلته قوة تجارية تضارع الولايات المتحدة، لم تكن لديه قبل اليورو أداة نقدية قادرة على أن تصبح ندًّا للدولار في النظام النقدي الدولي. كان تحدي السطوة الأمريكية أحد الدوافع وراء الدعم الفرنسي الطويل لعملة موحدة. وكانت تقلبات أسعار صرف الدولار مثار إزعاج للدول الأعضاء الأخرى أيضًا. في البداية عطَّل ضعف الدولار محاولة إطلاق عملة موحدة في أوائل السبعينيات، ثم شجَّع الأوروبيين على اتخاذ أول خطوة كبيرة نحو التكامل النقدي بتأسيس النظام النقدي الأوروبي عام ١٩٧٩. وفي الثمانينيات، أثارت سياسة رفع أسعار الفائدة الأمريكية، التي كانت تستهدف مقاومة التضخم، أزمة في كثير من البلدان النامية، فقيَّدت التنمية فيها لما يصل إلى عقدٍ من الزمان.
عندما يضطر مَن يُديرون عُملة مهيمنة إلى الاختيار بين التعامل مع مشكلة محلية ومراعاة الأثر المترتب على الاقتصادات الأخرى المتأثرة باختيارهم هذا؛ فمن الطبيعي أن يختاروا مصالحهم المحلية. عايش الأوروبيون هذا في التسعينيات عندما أدى رفع أسعار الفائدة الألمانية، الذي كان يستهدف السيطرة على التضخم في أعقاب توحيد ألمانيا، إلى تفاقم الركود في البلدان الأخرى المتأثرة بالمارك الألماني المهيمن، ومنحت هذه التجربة دفعة إضافية للعملة الموحدة، مع سياسة نقدية مصممة خصوصًا لتلائم حاجات المشاركين ككلٍّ. وفي حين أن ذلك العلاج ليس متاحًا للتعامل مع هيمنة الدولار في النظام العالمي، تحوَّل اليورو إلى قوة نقدية موازِنة كبيرة، على الرغم من أزمة منطقة اليورو.
وهكذا صار اليورو مصدرًا آخر للمال ذا دورة اقتصادية مختلفة، وهو ما يمكنه من معادلة نفوذ الدولار عندما يعمل ضد مصالح البلدان الأخرى، لكن هناك عاملين أساسيين حدَّا من هذا الأثر؛ فأولًا: لا يزال هناك ترتيب غير واضح لتسيير السياسة النقدية الخارجية؛ إذ تنقسم المسئولية بين البنك المركزي الأوروبي ومجلس وزراء المالية. وثانيًا: أثبتت المشكلات الهيكلية المتواصلة التي تثيرها أزمة منطقة اليورو أيضًا أنها مثار اضطراب كبير جدًّا. إذن فالاتحاد لم يغتنم بعدُ بالكامل الفرصة التي يتيحها اليورو لاستبدال علاقة أكثر تكافؤًا بالسطوة الأمريكية، على نحو ما فعلت السياسة التجارية المشتركة منذ نشأتها فيما يتعلق بالتجارة.
(٥) الأمن: حفظ السلام وتغيُّر المناخ
غير أن السطوة الأمريكية في مجال الدفاع ستظل بلا منازع على مدى المستقبل المنظور. ولن يضطر الأوروبيون إلى تحمُّل نفقات هائلة فحسب عند أي محاولة للاستقلال عن القوة الاستراتيجية الأمريكية، بل إن أي قوة مكتسبة على هذا النحو سيلزم أيضًا أن تكون تحت سيطرة دولة أوروبية ديمقراطية راسخة تمتلك تاريخًا من الموثوقية في اتخاذ القرار؛ لذا يواصل الأوروبيون اعتمادهم على الدرع الاستراتيجية لحلف شمال الأطلسي تحت القيادة الأمريكية، وستتمثل أغلبية جهودهم في ميدان الدفاع في المساهمة في حفظ السلام، وصنع السلام، ولا سيما في الإجراءات التي ترعاها الأمم المتحدة، وسوف يواصل الأوروبيون اعتمادهم على الحماية الأمريكية للدفاع عن إقليم الاتحاد ضد التهديدات الكبرى.
ليس من الحكمة أن نفترض أنه لن تدعو الحاجة أبدًا إلى مثل هذه الحماية في عالم بدأ يصير متعدد الأقطاب من منظور استراتيجي واقتصادي على السواء، ويضم عددًا متناميًا من الدول التي تملك أسلحة دمار شامل، إضافة إلى أنه يمكن أن تبرز تهديدات عسكرية لمصالح الاتحاد ربما لا يقدر الأمريكان على التعامل معها، أو لا يرغبون في ذلك؛ لذا فالأرجح أن يواصل الاتحاد بناء قدرته الدفاعية، وكذلك الحفاظ على التحالف، مع استخدامه في الوقت نفسه قوته الناعمة لتعزيز قيام عالم أكثر أمانًا.
استأنف الاتحاد — كما رأينا في الفصل الثامن — تطوير أنشطته العسكرية دون مزيد من التأخر، في أعقاب الانقسامات الداخلية أثناء التجهيز للتدخل الأمريكي في العراق. وفي عام ٢٠٠٣، أقرَّ المجلس الأوروبي بإجماع الآراء استراتيجية لتعزيز الأمن حول الاتحاد وفي النظام الدولي. وفي عام ٢٠٠٤، حلت قوة تابعة للاتحاد قوامها ٧ آلاف فرد محل قوة الناتو في البوسنة، مع استخدام أصول الناتو وقدراته. كما اضطلع بعمليات أصغر حجمًا، لكن لها أهميتها في جورجيا ومقدونيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية، وكانت الأخيرة بادرة مشروع إنشاء مجموعات قتالية دُشِّن في العام نفسه. وبحلول عام ٢٠٠٦، أرسل الاتحاد قوة لحفظ السلام قوامها نحو ٨ آلاف فرد إلى لبنان بعد الحرب بين حزب الله وإسرائيل. ومنذ عام ٢٠٠٨، قدم الاتحاد الأوروبي موارد وافرة لمكافحة القرصنة في الصومال من خلال مهمة «أطلنطا» التي أنفذها.
هكذا واصل الاتحاد إنشاء قدرة يعتدُّ بها على تقديم مساهمات عسكرية في حفظ السلام وصنع السلام، والتي من أهم متمماتها قدرته على المساهمة في العناصر المدنية لحفظ السلام، بجانب خبرته في المساعدة على بناء دول ديمقراطية. ثمة مثال — وهو ناتج مباشرةً عن تنفيذ مهمة عسكرية ناجحة — هو المهام الشُّرطية كالمهمة التي أنفذها الاتحاد في البوسنة؛ حيث تسلم المسئولية عام ٢٠٠٣ من قوة شرطة تابعة للأمم المتحدة، وتلتها أخريات في مقدونيا وجمهورية الكونجو الديمقراطية والأراضي الفلسطينية. بوجه أعم، يملك الاتحاد خبرة كبيرة في المساعدة على تطوير المؤسسات السياسية والقضائية والإدارية، وهياكل المجتمع المدني، ولا سيما بين دول أوروبا الوسطى والشرقية التي تعدُّ أنفسها للانضمام، وكذلك في دول غرب البلقان وما هو أبعد من ذلك. ومن شأن هذا أن تكون له أهمية كبيرة من حيث تطبيقه على نطاق أوسع في عالم يمكن أن تشكِّل فيه الدول المتداعية أو الآخذة في التداعي خطرًا أمنيًّا شديدًا، في حين تستطيع الديمقراطيات ذات الأساس المتين أن تساهم كثيرًا في علاقات دولية مستقرة.
البيئة هي الأخرى جانب حيوي من جوانب الأمن، حيث يعدُّ تغير المناخ من أخطر التهديدات التي تحيق برفاه سكان العالم، وربما بأرواحهم، وقد قدَّم الاتحاد مساهمة كبرى في الجهود الدولية للتصدي له. ففي ١٩٨٦، عندما بات واضحًا أن مركبات الكلورو فلورو كربون يمكنها تدمير طبقة الأوزون؛ ومن ثَمَّ تعريض الحياة على الأرض للخطر، نجحت الجماعة الأوروبية في كسر حالة من الجمود شهدتها المفاوضات بشأن بروتوكول مونتريال الملحق باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ؛ ومن ثَمَّ أوقف التدهور. ثم في ١٩٩٧، لعب الاتحاد الدور القيادي في المفاوضات بشأن بروتوكول كيوتو الملحق باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ لوقف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة، التي تولِّد درجة من الاحترار العالمي يمكن أن تكون كارثيَّة. وعلى الرغم من المقاومة الأمريكية الشرسة للمستهدفات، وكذلك للمساعدة التي تحتاج إليها البلدان النامية من أجل التحوُّل التكنولوجي اللازم، ضمن الاتحاد الأوروبي التوصل إلى اتفاق على مستهدف خفض الانبعاثات بحلول عام ٢٠١٢ إلى أقل من مستوياتها في ١٩٩٠ بنسبة ٨ في المائة، كما ضمن الحصول على تصديقات كافية على البروتوكول، على الرغم من المعارضة الأمريكية الشديدة، كي يدخل حيز التنفيذ في فبراير ٢٠٠٥. وكان التصديق النهائي المطلوب هو تصديق روسيا، التي شجَّعها عليه فيما يبدو استخدام الاتحاد إحدى أدوات سياسته التجارية المشتركة؛ إذ ردَّ الاتحاد الأوروبي الجميل بشكل يكاد يكون فوريًّا بقبوله رسميًّا انضمام روسيا الذي كانت تتمناه بشدة إلى منظمة التجارة العالمية.
بعد أن انتهى الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة تخفيض الانبعاثات العالمية بنسبة ٦٠ في المائة بحلول منتصف القرن، وتبنى ذلك المستهدف لانبعاثاته، نجد أنه له مصلحة قوية في الحصول على التزامات مماثلة من أكبر عدد ممكن من الدول. وعلى الرغم من توقف إحراز تقدم على هذه الجبهة منذ قمة كوبنهاجن عام ٢٠٠٩، يظل الاتحاد في صدارة الجهود الدولية.
(٦) دور الاتحاد في العالم
السطوة الأمريكية الزائدة عما ينبغي خطر على الأمريكيين وعلى غيرهم سواء بسواء؛ فالقوة الساحقة قد تؤدي إلى صدور قرارات متعجلة، والعبء أكبر من أن يتحمله بلد بمفرده. ومن المتوقع أن الصين ستلحق بالولايات المتحدة خلال النصف الأول من هذا القرن كقوة عسكرية، وأيضًا اقتصادية، ولا يمكن التنبؤ بعواقب ذلك، ومن الجائز تمامًا أن تليها الهند. لكن الاتحاد الأوروبي لديه الإمكانية التي تجعله، بشكل أسرع من هاتين بكثير، على الأقل شريكًا مساويًا للولايات المتحدة فيما يتعلق بالاقتصاد والبيئة والأمن الناعم، لكن ليس الدفاع.
والحقيقة أن وقوف الاتحاد الأوروبي منذ زمن طويل على قدم المساواة مع الولايات المتحدة في النظام التجاري العالمي برهن على ما يمكن عمله عندما تتولى مؤسسات فاعلة التصرف في أداة مشتركة. ويوفر اليورو أساسًا لأداء مماثل في النظام النقدي الدولي، إنْ أُصلحت مؤسسات السياسة النقدية الخارجية إصلاحًا كافيًا. وفيما يخص العمل حيال تغير المناخ العالمي، ينبغي أن يكون الاتحاد قادرًا — مرة أخرى ببعض التعزيز لمؤسساته — على الحفاظ على دوره القيادي. أما الأمن الناعم، بما فيه الجوانب المدنية لحفظ السلام، فهو ميدان يعكف الاتحاد فيه على تطوير قدرة يمكن أن تصبح نظيرًا جوهريًّا للقوة العسكرية الأمريكية، كما أن الأدوات العسكرية التي يُنشئها الاتحاد الأوروبي تتيح أيضًا فرصًا لأداء دور مكمِّل.
يصعب دائمًا على من كانوا في القمة أن يتكيفوا مع مثل هذه التغيرات في علاقات القوة، لكن ينبغي ألا يصعب أكثر مما ينبغي على الأمريكيين أن يتكيفوا مع اتحاد أوروبي أكثر قوة، ومجتمع يشترك معهم في الكثير النواحي، في ظل أربعة عقود من التعاون الرشيد في مجال التجارة الذي يملك فيه كلاهما بالفعل قوة متكافئة، وفي ظل عدم وجود منافسة محتملة في ميدان القوة العسكرية. وبعد أن تكيفت الولايات المتحدة مع قيام شراكة متساوية بينها وبين الاتحاد الأوروبي في معظم الميادين الأخرى، ينبغي أن يكون تكيفها مع التغيرات في العلاقات مع القوى الصاعدة أسهل، ولا سيما عندما سيصبح الاتحاد الأوروبي في وضع جيد — بشبكة علاقاته مع البلدان حول العالم — لدفع عجلة عملية إنشاء نظام عالمي مستقر يستوعبها جميعًا.
إن خبرة الاتحاد بالمؤسسات والسياسات والمواقف التي ساعدت الدول الأعضاء على العيش معًا في سلام لنصف قرن، إضافة إلى شبكته العالمية من العلاقات، ينبغي بحق أن تمكِّنه من التأثير على الآخرين للمضي في اتجاه مماثل، لكن فكرة مونيه القائلة بأن مثل هذه المؤسسات ربما تفيد في إيجاد عالم مزدهر ومسالم لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل ظروف دقيقة تمامًا. فالتقاسم الضروري للسيادة أمر لا يتسنى إلا بين ديمقراطيات تعددية لديها الاستعداد لقبول سيادة قانون مشتركة، ولديها قدرة على إنشاء مؤسسات تشريعية مشتركة لتفعيل هذه السيادة، ونظام حكم لتنفيذ السياسات في إطارها. تنطبق هذه الشروط داخل الاتحاد إلى حد كبير، لكنها لا تنطبق على أجزاء كثيرة من العالم. في الوقت نفسه، يستطيع الاتحاد المساعدة في جهود إيجاد مثل هذه الظروف في الأماكن التي لا توجد فيها بعدُ، والاضطلاع بتطويرات على غرار التي نفذها داخله في الأماكن التي توجد فيها. كما يستطيع مساندة الخطوات المتخذة لمساعدة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى كي تكون أكثر فاعلية، مدركًا في الوقت نفسه عدم إمكانية إنشاء مؤسسات على غرار مؤسسات الاتحاد على ذلك المستوى، إلا بعد أن تُصبح الديمقراطية التعددية هي القاعدة في شتى بقاع العالم. لكن سياسات الاتحاد التي تشير في اتجاه مثل هذه المحصلة تصب في المصلحة طويلة الأمد لدوله ولمواطنيه، وحتى إن كان هذا يتطلب جدولًا زمنيًّا طويلًا جدًّا، فقد أثبتت التجربة الأوروبية أن استهلال عملية تقود في ذلك الاتجاه يمكن أن يبدأ بسرعة في إحداث تحول في العلاقات بين الدول.