الفصل الثاني عشر
جلس هال ناظرًا أمامه في صمتٍ. هل حقًّا لكل إنسان نقطة ضعف في حياته، تجعله لا حولَ له ولا قوة في معركة العدالة الاجتماعية؟
عندما تحدث مرة أخرى، كان ذلك بصوتٍ منخفضٍ. فقال: «إدوارد، إنني أفكر في صبي أيرلندي صغير يعمل في هذه المناجم. هو أيضًا لديه أب، وهذا الأب وقع ضحية الانفجار. إنه رجلٌ عجوزٌ، ولديه زوجة وسبعة أطفال آخرين. إنه رجلٌ طيبٌ، والصبي فتًى جيد. دعني أخبرك بما فعله بهم بيتر هاريجان!»
قال إدوارد: «حسنًا، مهما يكن الأمر، فلا بأس، يمكنك مساعدتهم. ليس من المفترض أن يتضوَّروا جوعًا.»
قال هال: «أعرف ذلك، ولكن يوجد الكثير غيرهم؛ لا أستطيع مساعدتهم جميعًا. وبالإضافة إلى ذلك، ألا ترى يا إدوارد … ما أفكر فيه ليس الصدَقة، وإنما العدل. أنا متأكد من أن هذا الصبي، تيم رافيرتي، يُحب أباه تمامًا كما أحب أبي، وهناك غيره من الرجال المتقدمين في السن هنا، ولديهم أبناء يحبونهم …»
صاح إدوارد بصوتٍ يشبه الانفجار: «أوه يا هال، بالله عليكَ!» ولم ينبِس بكلمة أخرى للتعبير عن نفاد صبره. ولكنه تساءل مُستنكِرًا: «هل تتوقَّع أن تحمل جميع مشكلات العالم على عاتقك؟» ونهض وأمسك الآخر من ذراعه. وقال: «يا بُني، عليك أن تخرج من هنا!»
نهض هال دون أن يجيب. وبدا مترددًا، وبدأ شقيقه يسحبه نحو الباب. «لديَّ سيارة هنا. يمكننا الوصول إلى القطار في غضون ساعة …»
رأى هال أن عليه أن يتحدث بحزمٍ. فقال: «لا يا إدوارد. لا يمكنني المجيء بعد.»
«أقول لك إنك يجب أن تأتي!»
«لا أستطيع. لقد قطعت وعدًا لهؤلاء العُمال!»
«بالله عليك … ما مكانة هؤلاء العُمال عندك؟ مقارنةً بأبيك!»
«لا أستطيع أن أشرح ذلك يا إدوارد. لقد تحدثت لمدة نصف ساعة، ولا أعتقد حتى أنك استمعت إليَّ. يكفي أن أقول إنني أرى هؤلاء الناس وقد وقعوا في فخٍّ … وهو فخ ساعدت الحياةُ التي أعيشها بكل تفاصيلها في نصبه. لا يمكنني أن أتركهم عالقين فيه. علاوة على أنني أعتقد أن أبي ما كان ليعترض إذا فهم الأمر.»
حاول الآخر للمرة الأخيرة تمالك أعصابه والسيطرة على زمام نفسه. وقال: «لن أدعوك بالأحمق المرهَف الحِس. ولكن دعني فقط أطرح عليك سؤالًا واحدًا بكل وضوح. ما الذي تستطيع أن تفعله لهؤلاء الناس، في رأيك؟»
«أعتقد أنني أستطيع المساعدة في توفير ظروف لائقة لهم.»
صاح إدوارد: «يا إلهي!» وتنهَّد في ألمٍ ساخطٍ. ثم أضاف: «في مناجم بيتر هاريجان! ألا تدرك أنه سوف يجمعهم ويطردهم من هنا، سيحصدهم حصدًا … فريق العمل بأكمله، كل رجل في البلدة، إذا لزم الأمر؟»
أجاب هال: «ربما، ولكن إذا انضم إليهم العُمال في المناجم الأخرى … إذا وقف الاتحاد النقابي الكبير في الخارج إلى جانبهم وساندهم …»
«أنت تحلم يا هال! أنت تتحدث كطفلٍ! لقد تحدثتُ إلى المشرف هنا؛ لقد أرسل برقية يشرح فيها الموقف إلى العجوز بيتر، وحصل لتوِّه على الرد. وقد تصرَّف بالفعل، بلا شكٍّ.»
ردَّد هال: «تصرَّف؟ ماذا تعني؟» كان يحدق إلى أخيه وقد ظهر في عينَيه قلقٌ مفاجئ.
«سيطردون المحرضين بالطبع.»
«ماذا؟ بينما أنا هنا أتحدث إليك!»
استدار هال نحو الباب. وصاح: «كنت تعرف ذلك طوال الوقت! لقد أبقيتني هنا عمدًا!»
كان في طريقه للخروج، لكن إدوارد اندفع نحوه وأمسك به. وقال: «ما الذي كان في وُسعك أن تفعله؟»
صاح هال بغضبٍ: «دعني!»
«لا تكُن أحمق يا هال! كنت أحاول إبعادك عن المشكلات. ربما ينشب قتال.»
ألقى إدوارد بنفسه بين هال والباب، ونشب بينهما عراكٌ حادٌّ. لكن الأخ الأكبر لم يعُد رياضيًّا كما كان، فقد كان الإله البرونزي الشاب يجلس إلى مكتبه، بينما كان هال يؤدي العمل الشاق. أطاح هال به جانبًا، وبعد لحظة انبثق خارجًا من الباب، وركض نازلًا المنحدَر.