الفصل السادس عشر
التفتَ إدوارد إلى أخيه. وقال: «والآن ما الذي أردتَ أن تزجَّ بي إليه في موقفٍ كهذا؟ يا له من أمرٍ مُخجلٍ! لا مبرر له على الإطلاق! شجار مع رجل أدنى منك كثيرًا!»
وقف هال حيث تركه المشرف. نظر إلى وجه أخيه الغاضب. ثم سأله: «هل ذلك كل ما فهمته من الأمر يا إدوارد؟»
«كل تلك الأمور المتعلقة بشخصيتكَ! ماذا يُهمُّك في رأي رجلٍ مثل كارترايت فيكَ؟»
«لا يُهمُّني على الإطلاق رأيه في شخصي، ولكن يُهمُّني ألَّا يستخدم مثل هذا الافتراء. هذا أحد إجراءاتهم المعتادة، هكذا يقول بيلي كيتينج.»
أجاب إدوارد ببرودٍ: «خُذ بنصيحتي، وافهم أنه بإنكارك للفضيحة، فإنك تساعد على تداولها.»
أجاب هال: «بالطبع. وهذا ما يجعلني غاضبًا للغاية. فكِّر في الفتاة، والضرر الذي لحق بها!»
«ليس عليكَ أن تقلق بشأن الفتاة.»
«ماذا لو أن كارترايت قد افترى على إحدى صديقاتك. هل كنتَ ستشعر باللامبالاة نفسها؟»
«لم يكن ليفتريَ على إحدى صديقاتي؛ فأنا أختار أصدقائي بعناية شديدة.»
«أجل بالطبع. ومعنى ذلك أنك تختارهم من الأغنياء. ولكني أكثر ديمقراطية في ذوقي …»
صاح إدوارد: «أوه، بحق السماء! أنتم أيُّها الإصلاحيون جميعكم متشابهون … تثرثرون كثيرًا!»
«يمكنني أن أُخبرك بالسبب في ذلك يا إدوارد … رجل مثلك يستطيع أن يغمض عينَيه، لكنه لا يستطيع أن يُصِمَّ أُذنَيه!»
«حسنًا، ألا يمكنكَ أن تتركني وشأني بعض الوقت … بما يكفي حتى أخرج من هذا المكان؟ أشعر كأنني جالسٌ على فُوَّهة بركان، ولا أدري متى قد يثور مرة أخرى.»
شرع هال في الضحك. وقال: «حسنًا. أعتقد أنني لم أُظهِر الكثير من التقدير لزيارتك. سأكون أكثر اجتماعية الآن. مهمَّتي القادمة في بيدرو، ومن ثَم سأذهب معك إلى هناك. ثمة شيء واحد أخير …»
«ما هو؟»
«الشركة مَدينة لي بالمال …»
«أيُّ مال؟»
«بعض المال الذي اكتسبته.»
جاء دور إدوارد ليضحك. فسأله: «هل يكفي ثمنًا لحلاقة ذقنك والاستحمام؟»
أخرج مِحفظته وأخرج عدة دولارات، وراح هال يشاهده وأدرك فجأة التغيير الذي حدث في شخصيته. فهو لم يكتسب وعي طبقة العُمال فحسب، بل اكتسب وعيهم بقيمة الأموال أيضًا. كان مُهتمًّا حقًّا بالدولارات التي تدين بها الشركة له! فقد استحقَّ تلك الدولارات عن طريق الكدح المضني، ورفع كُتَل الفحم إلى العربات، وكان المبلغ كافيًا لإعاشة عائلة رافيرتي بأكملها مدة أسبوع أو أسبوعَين. وها هو إدوارد بمحفظته البُنية من الجلد الناعم المليئة بالأوراق النقدية من فئة العشرة دولارات والعشرين دولارًا، التي يُخرِجها دون عَدِّها، تمامًا كما لو أن المال قد نما على الأشجار، أو كما لو أن الفحم يخرج من الأرض ويمشي إلى الأتون على صوت الكمان والناي!
لم تكن لدى إدوارد بالطبع أي فكرة عن عمليات التفكير غير المعتادة التي تدور في رأس أخيه. كان يُمسك بالأوراق النقدية. وقال: «اشترِ لنفسك بعض الملابس اللائقة. آملُ ألا تضطر إلى البقاء مُتَّسخًا حتى تشعر بالديمقراطية، ألا توافقني الرأي؟»
أجاب هال: «بلى، إذن كيف سنغادر؟»
«لديَّ سيارة تنتظر، خلف المكتب.»
«إذن فقد جهَّزتَ كل شيء!» لكن إدوارد لم يُجِب خوفًا من إثارة البركان مرة أخرى.