الفصل السادس
أول شيء فعله هال هو أنْ بحثَ عن توم أولسون وروى له ما مرَّ به. وقد قضى الاثنان وقتًا ممتعًا في ذلك. قال هال ضاحكًا: «أنا الآن المفضَّل لدى رئيس العمَّال!»
لكن المنظِّم النقابي أصبح جادًّا فجأة. فقال: «كُن حذِرًا فيما تفعله لذلك الرجل.»
«لماذا؟»
«قد يستخدمه ضدك لاحقًا. أحدُ الأشياء التي يحاولون فعلها إذا تسبَّبت في أي مشكلة لهم، هو إثباتُ أنك أخذتَ منهم مالًا أو حاولتَ فعل ذلك.»
«لكنه لن يكون لديه أي أدلة.»
«هذا ما أعنيه … لا تُعطِه أيًّا منها. إذا قال ستون إنك كنت تعمل في السياسة لصالحه، فربما يتذكَّر أحدُ الزملاء أنك سألتَه عنها. ولذلك، لا تحمل أي أموال مختومة معك.»
ضحك هال. وقال: «المال لا يبقى معي طويلًا هذه الأيام. ولكن ماذا أقول إذا طلبَ مني تقريرًا؟»
«من الأفضل أن تنفِّذ خطتك على الفور يا جو … كي لا يكون لديه الوقتُ لطلب أي تقرير.»
كان الرد: «حسنًا. ولكن على أي حال، سأستمتع كثيرًا بكوني المفضَّل لدى رئيس العمَّال!»
وهكذا، في وقتٍ مبكر من صباح اليوم التالي، عندما ذهبَ هال إلى عمله، شرعَ في «ليِّ مِعصَمه.» كان يتجوَّل في مكان عمله وهو يتألَّم، ما أثار قلقَ العجوز مايك، وعندما قرَّر أخيرًا أنه يجب عليه التوقف عن العمل، تبِعَه مايك إلى منتصف طريق بئر المنجم، ونصحه بالكمادات الساخنة والباردة. ترك هال السلوفاكي العجوزَ يكدح قدر استطاعته بمفرده، وخرجَ ليستمتع ببهجة العالَم العُلوي الرائعة، وبالبهجة الأروع لكونه المفضَّل لدى رئيسه.
ذهبَ أولًا إلى غرفته في نُزُل «ريمينيتسكي»، وربطَ شريطًا من قميصٍ قديمٍ حول معصمه، ومنديلًا نظيفًا فوقه، أصبحت له بهذا الرمز الحرية في التجوُّل في المعسكر والحصول على تعاطف جميع الرجال، وهكذا انطلقَ.
في أثناء سيره نحو مَقلَب المنجم رقم ١، قابلَ رجلًا نحيلًا وقويًّا سريعَ الحركة وضئيلَ الحجم، ذا عينَين سوداوَين مضطرِبتَين، ووجه نحيل ينمُّ عن الذكاء. كان يرتدي «بذلة» عمَّال المناجم العادية، ولكن على الرغم من ذلك، لم يكن يبدو مثلهم. كان كلُّ شيء فيه يدل على كونه يتمتع بسُلطة ما.
قال هال: «صباح الخير يا سيد كارترايت.»
أجاب المشرف: «صباح الخير» ثم قال، وهو يرمقُ ضمادة هال: «هل تؤلمُكَ؟»
«نعم يا سيدي. لقد أُصِبتُ ببعض الالتواء، لكنني رأيتُ أن من الأفضل أن أتوقَّفَ عن العمل.»
«هل زُرْتَ الطبيب؟»
«لا يا سيدي. لا أعتقد أنَّ الأمر بذلك السوء.»
«من الأفضل أن تذهب إلى الطبيب. لا أحد يتوقَّع أبدًا مدى سوء الالتواء.»
قال هال: «أجل يا سيدي.» ثم في أثناء مرور المشرف، قال: «هل تعتقد يا سيد كارترايت أن ماكدوجال لديه فرصة لانتخابه؟»
أجاب الآخر مُتعجِّبًا: «لا أعرف. لا أتمنَّى ذلك. لن تُصوِّت له، أليس كذلك؟»
«أوه، نعم. أنا جمهوريٌّ … نشأتُ على ذلك. لكنني تساءلتُ عما إذا كنت قد سمعتَ أيَّ حديث لماكدوجال.»
«حسنًا، لستُ الشخصَ الذي يسمع ذلك. هل أنت مهتَم بالسياسة؟»
«نعم يا سيدي … بطريقةٍ ما. في الواقع، هذا سببُ التواء مِعصَمي.»
«كيف ذلك؟ هل خُضْتَ عِراكًا؟»
«لا يا سيدي؛ لكن كما تعلم، أرادَ مني السيد ستون أن أستطلع الآراءَ في المعسكر، وأخبرني أنه من الأفضل أن ألوي معصمي وأتوقَّف عن العمل.»
بعد أن حدَّق «المشرف» إلى هال، لم يستطع أن يمنع نفسه من الضحك. ثم نظر حوله. وردَّ قائلًا: «عليك أن تكون حذِرًا عندما تتحدَّث عن مثل هذه الأشياء.»
قال هال بشكلٍ جافٍّ: «اعتقدتُ أنه يمكنني بالتأكيد أن أثِقَ بالمشرف.»
تفحَّصه الآخر بعينَيه الثاقبتَين، وتجرَّأ هال، الذي شعرَ بروح الديمقراطية السياسية، فراحَ يحدِّقُ إليه هو الآخر. قال كارترايت أخيرًا: «أنت شابٌّ واعٍ تمامًا. ما دمتَ تعرف كيف تسير الأمور هنا، وتقوم بعملٍ مفيدٍ، سأضمن لك ألَّا يتجاهلوك.»
«حسنًا يا سيدي … شكرًا لك.»
«ربما ستُصبح موظف انتخاباتٍ هذه المرة. هذه الوظيفة راتبُها ثلاثة دولاراتٍ في اليوم، كما تعلم.»
«جيد جدًّا يا سيدي.» ورسم هال الابتسامة على شفتَيه مرة أخرى. وأردفَ: «أخبروني أنكَ عُمدة نورث فالي.»
«أنا كذلك بالفعل.»
«وأنَّ قاضي الصلح موظف في متجرك. حسنًا، يا سيد كارترايت، إذا كنت تريد رئيسًا لمجلس الصحة أو صائدًا للكلاب، فأنا تحت أمرك … بمجرد أن يتحسَّن مِعصَمي.»
وهكذا مضى هال في طريقه. كان بالطبع هذا «المزاح» الذي صدر عن أحد «المساعدين» صَلَفًا سخيفًا؛ فقد وقفَ المشرف ينظر إليه وقد علا وجهَه العبوسُ والحيرة.