الفصل الثاني والعشرون
ذرعَ الغرفة جيئةً وذهابًا، ثم أتى ووقفَ أمام هال. وقفَ واضعًا يدَيه في جيبَيه، ببعض التبختُر الذي لم يكن يتماشى مع مهنته. لقد كان شيطانًا وسيمًا، هذا ما خطر على بال هال … على الرغم من فمه المنذِر بالخطر، وأمارات التبذير التي كانت ظاهرة عليه.
استهلَّ الحديث، محاولًا التلطُّف مرة أخرى: «أيها الشاب، لا أعرفُ مَن أنت، لكنك تتمتَّع بوعي كبير وجرأة، وأنا معجبٌ بك. لذلك، أنا على استعدادٍ لإلغاء القضية، والسماح لك بالعودة إلى موطنك وإنهاء دراستك في الكلية.»
كان هال يتفحَّص ابتسامة كوتون الحَذِرة. وقال أخيرًا: «يا كوتون، دعني أصيغ الاقتراحَ صياغةً أوضح. لست مُجبرًا أن أقول إنني أخذت ذلك المال، أليس كذلك؟»
«بلى، سنخرجك من ذلك الأمر.»
«ولن تزج بي في السجن، أليس كذلك؟»
«بلى. لم أقصد أبدًا أن أفعل ذلك، بالطبع. كنت أحاول خداعَك فحسب. كلُّ ما أطلبه هو أن ترحل وتُعطي رجالنا فرصة لنسيان ما حدث.»
«ولكن ما الذي سأحصلُ عليه مقابل ذلك يا كوتون؟ لو كنت قد أردت الهرب، لكان في إمكاني أن أهرب في أي وقتٍ خلال الأسابيع الثمانية أو العشرة الماضية.»
«أجل، بالطبع، لكن الوضع مختلف الآن. الأمر الآن راجعٌ إلى حُكمي وتقديري.»
صاح هال: «دَعْ عنك حُكمك وتقديرك! أنت تريدُ التخلص مني، وترغب في فعل ذلك دون مشكلات. لكنك لا تستطيع … ولذا، فَلتنسَ الأمر.»
كان الآخرُ يحدِّق في حيرة. «أتعني أنك تتطلع إلى البقاء هنا؟»
«هذا بالضبط ما أعنيه.»
«أيها الشاب، لقد سئمتُ هذا! لا وقتَ لديَّ لأُهدره. لا يُهمني مَن أنت، لا تُهمني تهديداتُك. أنا قائد هذا المعسكر، ووظيفتي هي الحفاظ على النظام داخله. وأنا أقول إنك سترحل!»
قال هال: «ولكن يا كوتون، هذه مدينة مجالس بلدية! لديَّ الحق في المشي في الشوارع … كما يحق لك تمامًا.»
«لن أهدر الوقتَ في الجدال. سأضعك في سيارة وآخذُك إلى بيدرو!»
«وماذا إن ذهبتُ إلى المدعي العام وطالبته بمقاضاتك؟»
«سوف يَهزأ بك ويتهكَّم عليك.»
«وماذا إن ذهبتُ إلى حاكِم الولاية؟»
«سوف يتهكَّم عليك بصوتٍ أعلى.»
«حسنًا يا كوتون؛ ربما تعرف ما تفعله، لكنني أتساءل … أتساءل عن مدى ثقتك. ألم يخطر ببالك قطُّ أن رؤساءك قد لا يوافقون على اتخاذك هذه الإجراءات المستبِدَّة؟»
«رؤسائي؟ مَن تَقصِد؟»
«هناك رجلٌ في الدولة عليك أن تحترمه … حتى لو كنت تحتقر النائب العام والحاكِم. إنه بيتر هاريجان.»
ردَّد الآخر: «بيتر هاريجان؟» ثم انفجرَ في الضحك. «حسنًا، أنت فتًى مَرِح!»
واصل هال التحديق إليه وتفحُّصَه، دون أن يتأثَّر. وردَّ قائلًا: «أتساءل عما إذا كنت متأكدًا! أتراه سيدعم كلَّ ما تفعله.»
قال الآخر: «أجل!»
«ماذا عن الطريقة التي تُعامِل بها العمَّال؟ يعلم أنك تبخسهم أوزانَهم.»
قال الآخر: «يا للجحيم! في ظنك من أين حصلَ على المال لبناء كُلِّيتك؟»
خيَّم الصمتُ لحظة، ثم سأل قائد المعسكر أخيرًا في تحدٍّ: «هل عرفتَ ما تريد معرفته؟»
أجاب هال: «نعم. بالطبع، هذا ما فكَّرتُ فيه طوال الوقت، ولكن من الصعب إقناع الآخرين به. العجوز بيتر ليس كمعظم هؤلاء الذئاب في الغرب؛ إنه رجلٌ تقيٌّ من أتباع الكنيسة العُليا.»
ابتسم قائد المعسكر مُتَشفِّيًا. وقال: «ما دامت الأغنام موجودة، ستكون هناك ذئاب متخفية في ثياب الأغنام.»
قال هال: «أفهم ذلك. وأنت تتركهم ينهشون الحُملان!»
قال قائد المعسكر: «إذا كان الحَمَلُ من السذاجة بمكان لينخدع بهذا الجلد القديم البالي، فإنه يستحق أن يُؤكَل.»
كان هال يتفحَّص الوجه الساخر أمامه. وقال: «يا كوتون، الرعاةُ نِيام. لكنَّ كلابَ الحراسة تنبح. ألم تسمعها؟»
«لم أنتبِه.»
«إنهم ينبحون، وينبحون! وسيُوقِظون الرعاة! سيُنقذون الأغنام!»
قال الآخر وقد بدا عليه الضجر: «الدين لا يُهمني. لا دينُك ولا دين العجوز بيتر.»
وفجأة، نهض هال واقفًا. وقال: «يا كوتون، مكاني مع القطيع! سأعود إلى وظيفتي في المَقلَب!» وتقدَّم نحو الباب.