الفصل الخامس
خرج هال إلى الشارع في طريقه إلى الفندق الأمريكي، حيث كانت تقيم واحدة من الكُتَّاب المختزِلين الحكوميين. عندما اكتشفت هذه المرأة الشابة طبيعة المواد التي اقترحَ أن يمليها عليها، ارتعشت أصابعها بشدة، لكنها لم ترفض المهمة، وشرع هال في استعراض ملابسات إغلاق حفرة المنجم رقم ١ في نورث فالي، والمطالبة بإصدار أوامر بالقبض على إينوس كارترايت وأليك ستون. ثم روى كيف اختاره العُمَّال لوظيفة مراقِب الأوزان، وكيف رفض المسئولون إيصاله إلى الموازين، وبجميع العبارات القانونية التي استطاع أن يستدعيها طالبَ بالقبض على إينوس كارترايت وجيمس بيترز، المشرف ورئيس المَقلَب في نورث فالي، لارتكابهما هذه الجرائم. وفي إفادة أخرى روى كيف احتجزه جيف كوتون، قائدُ المعسكر، ليلًا وأساءَ معاملته، وألقَى به في الحبس لمدة ستة وثلاثين ساعة دون وجود أمرٍ قضائي أو مُذكرة اتِّهام، وأيضًا كيف أخرجه كوتون وبيت هانون واثنان آخران مجهولا الهوية، من مدينة نورث فالي على نحوٍ غير قانوني وهدَّدوه بالتصرُّف معه بعنفٍ، وهي التهمة التي يُطالب بإلقاء القبض على جيف كوتون وبيت هانون والاثنين المجهولين لأجلها.
قبل انتهاء هذه المهمة، جاء بيلي كيتينج ومعه الخمسة والعشرون دولارًا التي حصل عليها إدستروم من مكتب البريد. وقد وجدا كاتبَ عدلٍ، أدَّى هال اليمينَ أمامه على كل وثيقة، وعندما سُجِّلت جميع الوثائق وختمَها كما يجب بختم الدولة المعتمَد، وأعطى منها نسخًا كربونية إلى كيتينج، الذي أسرعَ للحاق بقطار البريد الذي كان وصوله وشيكًا. لم يكن بيلي ليأتمن مكتبَ البريد المحلي على وثائق كهذه؛ لأن بيدرو كانت، كما قال، مدينةً ملعونة. عندما خرجا إلى الشارع مرة أخرى لاحظا أن حارسَهما الشخصي قد انضمَّ إليه شخصٌ آخر ضخم البِنية لم يقم بأي محاولة لإخفاء ما كان يفعله.
انعطفَ هال عند رأس الطريق، واتجه إلى مكتب عليه لافتةٌ مكتوبٌ فيها: «جي دبليو أندرسون، قاضي الصُّلح».
كان جيم أندرسون، طبيب الخيول، يجلس إلى مكتبه بالداخل. من الواضح أنه كان يمضغ التَّبغ قبل أن يرتدي رداءه المصنوع من فرو القاقُم الأبيض، وكان شاربُه الضارب إلى الحُمْرة لا تزال تظهر عليه آثارُ التبغ. لاحظ هال هذه التفاصيل محاوِلًا تقدير فُرَص نجاحه. قدَّم الإفادة التي تصف كيف عاملوه في نورث فالي، وجلسَ ينتظر بينما كان سيادته يقرؤها ببطءٍ شديد.
قال الرجلُ أخيرًا: «حسنًا، ماذا تريد؟»
«أريدُ استصدار أمر قضائي بإلقاء القبض على جيف كوتون.»
تفحَّصه الآخر لمدة دقيقة. وقال: «لا، أيها الشاب. لا يمكنك الحصول على أمر قضائي كهذا هنا.»
«ولِمَ لا؟»
«لأنَّ كوتون هو نائب رئيس الشرطة؛ ويحقُّ له إلقاءُ القبض عليك.»
«أيعتقلني دون أمرٍ قضائي؟»
«كيف لك أن تعرف أنه لم يكن لديه أمر قضائي؟»
«لقد اعترفَ لي بأنه لم يكن لديه أمر قضائي.»
«حسنًا، سواء أكان لديه أمرٌ قضائي أم لا، فقد كان من واجبه حفظ النظام داخل المعسكر.»
«هل تعني أنه يستطيع أن يفعلَ ما يحلو له في المعسكر؟»
«ما أعنيه هو أنه ليس من شأني أن أتدخَّل. لماذا لم تذهب إلى سي آدامز، هناك في المعسكر؟»
«لم يُعطوني أي فرصة لرؤيته.»
أجابَ الآخرُ: «حسنًا، ليس هناك ما يمكنني فعله من أجلك. يمكنك أن ترى ذلك بنفسك. أي نوعٍ من الانضباط يمكنهم أن يحافظوا عليه في هذه المعسكرات إذا كان في إمكان أي شخص طُرِدَ منها أن يأتي إلى هنا ويطالب بإلقاء القبض على قائد المعسكر؟»
«إذن، هل يجوز لقائد المعسكر أن يتصرف دون مراعاة للقانون؟»
«لم أقل ذلك.»
«لنفترض أنه ارتكبَ جريمة قتل … هل ستُصدِر أمرًا قضائيًّا جراء ذلك؟»
«نعم، بالطبع، إذا كانت جريمة قتل.»
«وإذا علمتَ أنه بصدد ارتكاب جريمة قتلٍ في معسكر للفحم … هل تحاول إيقافه؟»
«نعم بالطبع.»
قال هال: «إذن، هذه إفادة أخرى»، وقدَّم الإفادة الخاصة بإغلاق المنجم. سادَ الصمتُ بينما كان القاضي أندرسون يقرؤها في عجالة.
ولكنه هزَّ رأسه مرةً أخرى. وقال: «لا، لا يمكنك الحصول على مثل هذه الأوامر القضائية هنا.»
«لِمَ لا؟»
«لأنه ليس من شأني أن أدير منجمًا للفحم. أنا لا أفهم في ذلك، وسأجعل من نفسي أضحوكة لو حاولتُ أن أُخبر هؤلاء الناس كيف يديرون أعمالهم.»
جادله هال. وهل يجوز لمسئولي الشركة المخوَّلين بأمر مناجم الفحم أن يرتكبوا أيَّ شكلٍ من أشكال الاعتداء على موظفيهم، ثم يقولون إنهم بذلك يديرون أعمالهم؟ إنَّ سيطرتهم على المنجم في مثل هذه الحالة الطارئة تعني قدرتهم على تقرير مصير مائة وسبعة من الرجال والفتيان، هل يُعقَل ألا يكون للقانون رأيٌ في ذلك؟ لكن، لم يكن من السيد أندرسون إلا أن هزَّ رأسه؛ فلم يكن من اختصاصه التدخُّل. ربما يتوجَّه هال إلى قاعة المحكمة ويطلب مقابلة القاضي دينتون بهذا الخصوص. ومن ثَمَّ، جمع هال إفاداته، وخرجَ إلى الشارع مرة أخرى … حيث وجدَ ثلاثة أشخاص ضخام البِنية ينتظرون مرافقته.