الفصل الثامن
رأى هال أنه قد استنفدَ الآن موارده القانونية في قضية بيدرو؛ فلم يقترح رئيسُ الشرطة أيَّ شخص آخر يمكنه التوجُّه إليه، ومن ثَمَّ بدا أنه لا يستطيع فعل أي شيء سوى العودة إلى منزل ماكيلار وانتظار موعد القطار المسائي المتجه إلى ويسترن سيتي. لقد أوشك أن يجعل مطارديه يركضون مرة أخرى للتنفيس عن بعض غضبه على الأقل، لكنه وجد أنهم قد خمَّنوا ما كان يخطِّط له. جاءت سيارة وركبَ فيها الثلاثة. وحتى لا يكونوا قد تفوقوا عليه، استقلَّ هو الآخر سيارة، وهكذا عادت البعثة بأكملها إلى منزل ماكيلار.
وجد هال العجوزَ المُقعَد في حالة اضطرابٍ وتوتر. لقد ظلَّ هاتفُه يرن طوال فترة ما بعد الظهيرة في ذلك اليوم؛ إذ كان يتلقَّى تحذيرًا من شخصٍ تِلوَ الآخر … كان البعضُ يتوسَّلون إليه، والبعض يُسيئون إليه. من الواضح أنه كان من بينهم أشخاصٌ لديهم سيطرة على الرجل العجوز، لكنه لم يَهَبْهم، لم يُرِد أن يسمع أيَّ حديث عن ذهاب هال إلى الفندق حتى يحين موعد القطار.
ثم عاد كيتينج بقصة مثيرة ليرويها. كان شولمان، المدير العام «للشركة العامة للوقود»، يُرسل رجالًا للبحث عنه، وتمكَّن أخيرًا من إحضاره إلى مكتبه، وراح يجادله ويناشده، مُتبِعًا معه التملُّق تارةً والشجب تارةً. كما اتصل به كارترايت هاتفيًّا، وقد حاول مشرف نورث فالي جاهدًا إقناعه بأنه أخطأ في حق الشركة. وأخبره كارترايت عن جهود هال في ابتزاز الشركة من أجل المال. قال كيتينج: «بالمناسبة، أضافَ تهمةَ أنكَ أغويتَ فتاة في معسكره.»
حدَّق هال إلى صديقه. وصاح: «أغويتُ فتاة!»
«هذا ما قاله، فتاة أيرلندية صهباء.»
«حسنًا، عليه اللعنة!»
تبعَ ذلك صمتٌ قطعته ضحكةٌ من بيلي. وقال: «لا تحدِّق إليَّ هكذا. لست أنا مَن قال ذلك!»
لكن هال استمرَّ في التحديق رغم ذلك. وقال: «ذاك الظربان الصغير القَذِر!»
قال الرجل البدين بهدوءٍ: «هَدِّئ من روعك يا بُني. هذا هو المعتاد دائمًا، أن يزجُّوا بامرأة في الموضوع. إنه أمرٌ سهل للغاية … لأنه دائمًا ما تكون هناك امرأة بالطبع. وأعتقدُ أن هناك امرأة بالفعل في هذه الحالة، أليس كذلك؟»
«إنها فتاة في غاية الاحترام.»
«لكن هل كنت ودودًا معها؟ هل كنتما تتجوَّلان معًا على مرأًى من الناس؟»
«أجل.»
«إذن كما ترى، فقد أمسكوا عليك أمرًا. ما من شيء يمكنك فِعله حيال ذلك.»
اندفع هال قائلًا: «انتظر وسترى!»
نظر الآخر بفضولٍ إلى عامِل المنجم الشاب الغاضب. وقال: «ماذا ستفعل؟ هل ستُوسِعه ضربًا ذات ليلة؟»
لكن عامل المنجم الشاب لم يرد. وسأل: «أتقول إنه أدلى بأوصاف الفتاة؟»
«كان لطيفًا بما يكفي ليقول إنها فتاة صهباء جميلة، وليس لديها مَنْ يحميها سوى أب مخمور. أتفهَّم أن ذلك بالطبع قد زاد الأمرَ صعوبة عليها، في ظروفٍ كالتي تعيشها في معسكرات الفحم هذه.» صمتوا قليلًا. ثم قال الصحفي: «ولكن انتبِه، ستؤذي الفتاة إذا أثرت ضجة حول الأمر. لا أحدَ يُصدِّق أن النساءَ في معسكرات الفحم يتمتَّعن بأي قدرٍ من الفضيلة. الرب وحده يعلم، لا أدري كيف يمكنهن التمتُّع بأي قدرٍ من الفضيلة بالنظر إلى نوعية الرجال الذين يُديرون المعسكرات، والسلطة التي يتمتعون بها.»
قال هال: «يا سيد كيتينج، هل صدَّقت ما قاله لك كارترايت؟»
شرع كيتينج في إشعال سيجار. لكنه توقَّف في أثناء ذلك، والتقت عيناه بعينَي هال. قال: «يا ولدي العزيز، لا أرى أنَّ من شأني أن يكون لي رأيٌ في الأمر.»
«ولكن ماذا قلتَ لكارترايت؟»
«آه! تلك مسألةٌ أخرى. قلتُ إنني أمارسُ العمل الصحفي منذ سنواتٍ عديدة، وأعرفُ حِيَله جيدًا.»
قال هال: «شكرًا لك على ذلك. ربما تكون مهتمًّا بمعرفة أنها قصة لا تمتُّ للحقيقة بِصِلة.»
قال الآخر: «يُسعِدُني سماعُ ذلك. وأنا أصدِّقُك.»
«وربما تكون مُهتمًّا أيضًا بمعرفة أنني لن أدَع الأمر يمرُّ حتى أجعل كارترايت يتراجع فيما قال.»
ضحك الصحفي: «حسنًا، أنت شخص مغامِر! ألا يكفيك كلُّ ما تفعله بشأن كل هؤلاء الرجال الذين ترغب في إخراجهم من المنجم؟»