الفصل العشرون
أرادَ بيرسي أن يُغادر هال مع ضيوفه. اقترح هذا بلباقة في البداية، ثم عندما لم يفهم هال التلميح، شرعَ في الإلحاح عليه، مُظهِرًا غضبَه. صار المنجم مفتوحًا الآن … ما الذي كان يريده هال أكثر من ذلك؟ عندما اقترح هال أن كارترايت قد يأمر بإغلاقه مرة أخرى، كشفَ بيرسي عن حقيقة أن الأمر في يد والده. فقد أرسل المشرف برقية مُطوَّلة ليلة أمس، وهم في انتظار الرد في أي لحظة. وأيًّا كان الرد، فلا بد من تنفيذه.
كانت ثمة نظرة تجهُّم على وجه هال، لكنه أجبر نفسه على التحدُّث بأدبٍ. وردَّ بقوله: «إذا أمر والدُك بأي شيءٍ يتعارض مع إنقاذ الرجال … ألا تعلم يا بيرسي أنني سيَتعيَّن عليَّ أن أُحاربه؟»
«ولكن كيف لك أن تُحاربه؟»
«السلاحُ الوحيد الذي أملكه هو الدعاية.»
«تقصد …» وتوقَّف بيرسي مُحدِّقًا إليه.
«أعني ما قلتُه من قبل … سأطلقُ يدَ بيلي كيتينج، وأنشر الأمر برُمَّته أمام العالَم.»
صاحَ الشاب هاريجان: «حقًّا، يا إلهي! يجب أن أقول إنني سأُسمِّي هذا تصرفًا وقِحًا منك! قلتُ إنك لن تفعل ذلك إذا جئتُ إلى هنا وفتحتُ المنجم.»
«ولكن ما الفائدة من فتحه إذا أغلقتَه مجددًا قبل خروج الرجال؟» توقَّف هال قليلًا، وعندما تابعَ حديثَه كان في محاولة صادقة للاعتذار. وقال: «لا تظن يا بيرسي أنني لا أُقدِّر الإحراج الذي ينطوي عليه هذا الموقف. أعلم أنه لا بد أنني أبدو لك نذلًا … أكثر مما كنت مهتمًّا بإخباري. لقد دعوتك صديقي على الرغم من جميع مشاجراتنا. كل ما يمكنني فعله هو أن أؤكد لك أنني لم أنوِ قطُّ أن أضعك في مثل هذا الموقف.»
«حسنًا، ماذا كنت تبغي من مجيئك إلى هنا؟ كنت تعلم أنها ممتلكاتُ صديقٍ لك …»
«هذا هو السؤال المطروح بيننا يا بيرسي. هل نسيتَ نقاشاتنا؟ حاولتُ أن أقنعك بما يعنيه أن نمتلك أنا وأنت الأشياء التي يعيش عليها الآخرون. قلتُ إننا كنا جاهلين بالظروف التي تُدار بها ممتلكاتنا، لقد كنَّا حفنة من الطُّفَيليات والعاطلين. لكنك ضحكت مني، ووصفتني بغريب الأطوار، والأناركي، وقلتَ إنني أستمع إلى كلام أي أفَّاقٍ يُشهِّر بالناس. فقلتُ في نفسي: «سأذهبُ إلى أحد مناجم بيرسي! ثم عندما يحاول الجدالَ معي، سأنالُ منه!» هكذا بدأ الأمر … مزحة. ولكني انغمرتُ في الأحوال بعد ذلك. لا أريدُ أن أكون لئيمًا، لكن لا يمكن لأي شخص تجري الدماءُ في عروقه أن يبقى في هذا المكان مدة أسبوع دون أن تتولَّد لديه الرغبة في القتال! لهذا أريدُك أن تبقى … يجب أن تبقى، لتقابل بعضَ الناس وترى بنفسك.»
قال الآخر ببرودٍ: «حسنًا، لا أستطيع البقاء. وكلُّ ما يمكنني قوله لك هو إنني أتمنى أن تذهب إلى مكانٍ آخر لتطبيق علم الاجتماع الذي درستَه.»
«ولكن أين يمكنني الذهاب يا بيرسي؟ ثمة مَن يملك كلَّ شيء. إذا كنت سأذهب إلى مكانٍ كبيرٍ، فمن المؤكَّد أنه سيكون تابعًا لممتلكات أحد معارفنا.»
قال بيرسي: «إن سألتني اقتراحًا، فربما يمكنك أن تبدأ بمناجم الفحم التابعة لشركة وارنر.»
ضحك هال. وقال: «فكَّرتُ في ذلك بالتأكيد يا بيرسي. ولكن فكِّر في الوضع!» إذا أردتُ تحقيقَ هدفي، فقد كان من الضروري ألا أكون معروفًا. وقد قابلتُ بعضًا من المشرفين العاملين لدى والدي في مكتبه، وأعلم أنهم كانوا سيتعرَّفون عليَّ. ولذا، كان عليَّ أن أذهب إلى بعض المناجم الأخرى.»
أجاب بيرسي بنبرة مُشاكِسة: «هذا من حُسن حظ شركة وارنر.»
أجاب هال بجدية: «اسمع، أنا لا أنوي إخراج شركة وارنر تمامًا من بحثي الاجتماعي.»
أجاب الآخرُ: «حسنًا، كلُّ ما يمكنني قوله هو إننا سنمرُّ بأحد ممتلكاتها في طريق عودتنا، ولا شيءَ سيُسعدني أكثر من أن أُوقِفَ القطار واتركك تنزل هناك!»