الفصل السادس
كم الوقت الذي يُخيَّل للمرءِ أن يكفيَه ليتمكَّن من تنظيم اتحاد نقابي لعمال المناجم، بينما هو واقف على دَرَج أحد مباني الشركة، ومن ورائه يقف المشرف ورئيس العُمال؟ أدرك هال أنه يتعيَّن عليه إبعاد الحشد عن ذلك المكان المحفوف بالمخاطر.
طالبهم قائلًا: «هل ستفعلون ما أقوله الآن؟» وعندما وافقوا في صوتٍ واحدٍ، أضاف محذِّرًا: «لن يكون هناك شجار ولا مشاحنات! ولا احتساء للخمر! إذا رأيتم رجلًا سكرانًا الليلة، فاجثموا عليه وقيدوه!»
ضحكوا وهللوا. أجل، سوف يتصرفون باستقامة وحكمة. فتلك مهمة للرجال المنتبهين اليقِظين، بلا شكٍّ!
تابع هال: «والآن، لنرَ ما سنفعله حيال الرجال نزلاء المستشفى. سنُشكِّل لجنة للدخول إليهم وتفقُّد أحوالهم. بلا ضجيج … لا نريد أن نُزعِج المرضى. كل ما نريده هو أن نتأكد من أن أحدًا لا يُزعجهم. سيدخل أحد الأشخاص ويبقى معهم. هل يُناسبكم ذلك؟»
أجل، ناسبهم ذلك.
قال هال: «حسنًا. اصمتوا لحظة.»
التفت إلى المشرف. وقال له: «كارترايت، نريد إدخال لجنة إلى رجالنا والبقاء معهم.» ثم، عندما شرع المشرف في الاعتراض، أضاف بصوتٍ منخفضٍ: «لا تكن أحمق يا رجُل! ألا ترى أنني أحاول إنقاذ حياتك؟»
كان المشرف يعلم مدى الضرر الذي قد يَلحق بالانضباط والنظام إذا سمح لهال بتنفيذ خطته التي أقنع بها الحشد، ولكنه أيضًا رأى الخطر الوشيك … ولم يكن متأكدًا من شجاعة محاسبيه وكاتبيه المختزِلين وقدرتهم على التصويب.
صاح هال: «أسرِع يا رجل! لا أستطيع أن أمنع هؤلاء الناس لفترة طويلة. إذا كنت لا تريد أن تُفتَح عليك أبواب الجحيم، فعُدْ إلى رُشدك.»
قال كارترايت وهو يبتلع إهانته: «حسنًا.»
والتفت هال إلى الرجال وأعلن التسليم. فانطلقت صيحة انتصار.
قال هال، عندما أمكن سماع صوته مرة أخرى: «والآن، مَن سيذهب؟» ونظر حوله إلى الوجوه المضطربة. كان هناك تيم وواكوب، أوضحهم، لكن هال قرر أن يُبقيهما تحت عينَيه. فكر في جيري مينيتي والسيدة ديفيد … لكنه تذكر اتفاقه مع «جاك الكبير» بإبقاء مجموعتهما الصغيرة في الخلفية. ثم فكر في ماري بيرك، التي ألحقت بنفسها بالفعل كلَّ الأذى المحتمَل، والتي يمكن للجميع الاعتماد عليها. دعاها، ودعا السيدة فيريس، وهي امرأة أمريكية كانت ضمن الحشد. صعدت الاثنتان الدرج، والتفت هال إلى كارترايت.
قال: «الآن، دعونا نتفاهم. هؤلاء الناس سيدخلون للبقاء مع المرضى والتحدُّث إليهم إذا أرادوا ذلك، ولن يعطيَهم أحدٌ أيَّ أوامر باستثناء الأطباء والممرضات. هل اتفقنا؟»
قال المشرف بتجهُّم: «حسنًا.»
قال هال: «جيد! وبالله عليكَ، تحلَّ بالقليل من العَقل، وابقَ عند كلمتك؛ لقد تحمَّل هذا الحشد كُلَّ ما يمكنه تحمُّلُه، وإذا فعلت المزيد لإثارته، فستحِل العواقب عليك. وفي تلك الأثناء، تأكد من غلق الحانات ومن إبقائها مغلَقة حتى تُسوَّى هذه المشكلة. وأبعد حراسك عن الطريق … لا تدعهم يتجوَّلون شاهرين أسلحتهم ومُتجهمين للناس.»
التفت هال إلى الحشد دون أن ينتظر سماع رد المشرف، ورفع يده آمرهم بالصمت. قال: «يا رجال، لدينا مهمة كبيرة … سنُنظم اتحادًا نقابيًّا. ولا نستطيع أن نفعل ذلك هنا أمام المستشفى. لقد أحدثنا الكثيرَ من الضوضاء بالفعل. دعونا نغادر بهدوءٍ، ونعقد اجتماعنا في مكبِّ النفايات خلف محطة الطاقة. هل يناسبكم ذلك؟»
أجابوا بأنه يناسبهم، وبعد أن رأى هال المرأتَين وقد دخل كلٌّ منهما بسلامٍ إلى المستشفى، قفز نازلًا من مدخل المستشفى ليشُقَّ الطريق. جاء جيري مينيتي ووقف بجواره وهو يرتجف من شدة البهجة، وأمسك هال بذراعه وهمس بحماسٍ: «غَنِّ يا جيري! غنِّ لهم أغنية إيطالية!»