الفصل الثامن
وصلت اللجنة والرجال القائمون على حراستها إلى غرفة الطعام في نُزُل ريمينيتسكي، حيث استلقَوا جميعًا على الأرض، ولم يحاول أحدٌ اعتراضهم، وبينما كانت الأغلبية تغُط في سلامٍ، جلس هال ومجموعة صغيرة يكتبون قائمة المطالب التي من المقرر تقديمها إلى الرؤساء في الصباح. كانوا قد رتَّبوا أن يذهب جيري إلى بيدرو بقطار الصباح الباكر، للتواصل مع جاك ديفيد ومسئولي الاتحاد وإخبارهم بآخر التطورات. ونظرًا إلى أن المسئولين كانوا على يقينٍ من وجود محقِّقين يتبعونهم، حذَّر هال جيري من الذهاب إلى منزل ماكيلار، وأن يطلب من ماكيلار إحضار «جاك الكبير» لمقابلته هناك. كما أكد على جيري أن يطلب من ماكيلار إجراء مكالمة خارجية بصحيفة «جازيت»، وإخبار بيلي كيتينج بالإضراب.
كان ذهن هال يعجُّ بمائة شيء من هذا القبيل، حتى إنه لم يستطع النوم. فكَّر في الرؤساء، وماذا عساهم قد يفعلون. لم يكن الرؤساء لينعموا بالنوم، كان متأكدًا من ذلك!
ثم تذكر أصدقاءه في السيارة الخاصة؛ في غرابة هذه المحنة التي أوقع نفسه فيها! ضحك بصوتٍ عالٍ في حالة من اليأس عندما تذكر جهود بيرسي في إبعاده عن هنا. وجيسي المسكينة! ماذا عساه يقول لها الآن؟
لم يتحرك الرؤساء في تلك الليلة، وفي الصباح أسرع المضرِبون إلى مكان الاجتماع، حتى إن بعضَهم لم ينتظر لتناول طعام الإفطار. جاءوا بشعرٍ أشعث وهيئة غير منظمة، ينظرون بلهفة إلى زملائهم، كما لو أنهم لا يستطيعون تصديقَ التصرف الجريء الذي قاموا به ليلة أمس. ولكن عندما وجدوا اللجنة وحرَّاسها حاضرين وعلى استعدادٍ للعمل، استعادوا شجاعتهم، وشعروا مرة أخرى بالتضامن الرائع الذي صنع منهم رجالًا. وسرعان ما بدأ إلقاء الخطب والهتاف والغناء، وهو ما أظهر المتقاعسين والجبناء. وهكذا أصبحت الحركة في فترة قصيرة على قدمٍ وساقٍ؛ إذ كان الجميع تقريبًا، من رجل وامرأة وطفل، حاضرين بين العمال.
جاءت ماري بيرك من المستشفى حيث قضت ليلتها. بدت مُتعَبة وغير منظمة، لكن روحها القتالية لم تتراجع. أخبرتهم أنها تحدثت مع بعض الرجال المصابين، وأن العديد منهم قد وقَّعوا على «مستنداتٍ» من شأنها حماية الشركة حتى من التهديد برفع دعوى قضائية. وقد رفض آخرون التوقيع، وكانت ماري حازمة في تحذيرهم من التنازُل عن حقوقهم بالتوقيع على هذه المستندات. تطوَّعت امرأتان أُخريان للذهاب إلى المستشفى، حتى تنال ماري قسطًا من الراحة، لكن ماري لم ترغب في الراحة، وشعرت أنها ليس في مقدورها أن تنعم بالراحة أبدًا بعد الآن.
شرع أعضاء الاتحاد المشكَّل حديثًا في انتخاب المسئولين. طلبوا أن يكون هال رئيسًا للاتحاد، لكنه نأى بنفسه عن التقيُّد بهذه الطريقة التي لا رجعة فيها، ونجح في التنازل عن هذا الشرف إلى واكوب. وقد عيَّنوا تيم رافيرتي أمينًا للصندوق وسكرتيرًا. ثم اختاروا لجنة للذهاب إلى كارترايت بمطالب العمال. شملت هذه اللجنة هال وواكوب وتيم، فضلًا عن رجلٍ إيطالي يُدعَى مارسيلي ضمِنَه جيري، وممثِّلٍ للسلافيين وهو روسيك، وآخر لليونانيين وهو زاماكيس، وكلاهما رجلان قويَّان ومخلصان. وأخيرًا، وبقدرٍ كبيرٍ من الضحك والهتاف، صوَّت المجتمعون على ضمِّ ماري بيرك إلى هذه اللجنة. كان شيئًا جديدًا أن تضطلع امرأة بدورٍ كهذا، ولكن ماري ابنةٌ لعامل منجم وأختٌ لمُكسِّر فحم، ولها الحق في التحدث مثلها مثل أي شخص في نورث فالي.