الفصل التاسع
قرأ هال الوثيقة التي أعدُّوها الليلة الماضية. وطالبوا بحقِّهم في أن يكون لهم اتحاد نقابي دون أن يُعرِّضهم ذلك للطرد من العمل. وطالبوا كذلك بتعيين مراقبٍ للأوزان، ينتخبه العمال بأنفسهم. وطالبوا برشِّ المناجم لتفادي الانفجارات، وبتسقيفها بالأخشاب على نحوٍ سليمٍ لمنع انهيارها. كما طالبوا بحقِّهم في التعامل مع أي متجرٍ يريدون التعامل معه. لفتَ هال الانتباه إلى حقيقة أن كلَّ مطلبٍ من هذه المطالب مكفولٌ بموجب قوانين الدولة؛ فهذه حقيقة مهمة، وحثَّ الرجال على عدم إدراج مطالب أخرى. بعد بعض الجدل، صوَّتوا ضد اقتراح الراديكاليين الذين أرادوا زيادة مقدارها عشرة في المائة في الأجور. كما صوَّتوا ضد اقتراح أحد الراديكاليين النقابيين الذي أوضح لهم — في مزيجٍ من اللغتين الإنجليزية والإيطالية — أن المناجم ملكٌ لهم، وأن عليهم رفضَ كل التنازلات وطرد الرؤساء على الفور.
في أثناء إلقاء هذا الخطاب، شقَّ الشاب روفيتا طريقَه عبر الحشد، وسحب هال جانبًا. كان قد ذهب إلى محطة السكة الحديدية وشاهد قطار الصباح في طريقه قادمًا. ومنه نزل حشدٌ من ثلاثين أو أربعين رجلًا، من هذا النوع من «الرجال المدنيين الأشداء» الذين يمكن لكل عامل منجم في المنطقة التعرف عليهم من النظرة الأولى. من الواضح أن مسئولي الشركة تعمَّدوا أن تظل خطوط الهاتف مشغولة في تلك الليلة؛ فقد كانوا منشغلين بجلب حراس، ليس فقط على متن هذا القطار، ولكن أيضًا في سياراتٍ من معسكرات أخرى … من الشمال الشرقي أسفل الوادي، ومن باريلا، في وادٍ جانبي أعلى الجبل.
أخبر هال الحاضرين في الاجتماع بهذا الخبر، الذي استقبلوه بصيحات غضبٍ مدوية. تلك هي خطة الرؤساء إذن! فارت دماء الحشد، وحاول اثنا عشر شخصًا منهم إلقاء الخطب في وقتٍ واحدٍ. واضطر القادة إلى تهدئة هؤلاء المتهورين بالقوة، وحذَّر هال مرة أخرى، قائلًا:
«لا قتال!» عليهم أن يثقوا باتحادهم؛ سيصبحون جبهة قوية أمام الشركة، وستتعلَّم الشركة أن الإضراب لا يُهزَم بالترهيب.
اتفقوا على ذلك، وانطلقت اللجنة إلى مكتب الشركة، وحمل واكوب في يده المطالب التي كتبوها في الاجتماع. سار الحشد خلف اللجنة مُشكِّلين كُتلة صلبة، وسدُّوا الشارع المواجِه لمكتب الشركة، في حين صعد الأبطال السبعة الدَّرَج، ودلفوا إلى المبنى. قدَّم واكوب طلبَه إلى السيد كارترايت، وأخذ أحد الكتَبة الرسالة.
وقفوا ينتظرون، وفي تلك الأثناء، أشار أحد الموظفين، وكان آتيًا من الشارع، إلى هال. كان معه مظروفٌ في يده، وأعطاه إياه دون أن ينبِس ببِنت شفة. كان مُرسَلًا إلى «جو سميث»، وفتحه هال ليجد داخله بطاقة عملٍ صغيرة حدَّق إليها. «إدوارد إس وارنر، الابن»!
لم يستطع هال لوَهلة أن يصدِّق ما رأته عيناه. إدوارد في نورث فالي! ثم، عندما قلبَ البطاقة، قرأ محتوى الرسالة المكتوب بخط يد أخيه الذي يعرفه جيدًا: «أنا في منزل كارترايت. لا بد أن أراك. الأمر يتعلَّق بأبي. تعالَ على الفور.»
قفز الخوف إلى قلب هال. ماذا تعني رسالة كهذه؟
التفت سريعًا إلى اللجنة، وأوضح الموقف. «والدي رجلٌ عجوزٌ، وقد أصيب بسكتة دماغية قبل ثلاث سنوات. أخشى أن يكون قد تُوفي، أو أن يكون مريضًا جدًّا. يجب أن أذهب.»
صاح واكوب بحماسٍ: «هذه خدعة!»
أجاب هال: «لا، لا يمكن. أعرف خطَّ أخي. يجب أن أذهب للقائه.»
قال الآخر: «حسنًا، سننتظر. لن نقابل كارترايت حتى تعود.»
فكَّر هال في الأمر. وقال: «لا أعتقد أن هذا قرارٌ حكيمٌ. يمكنكم أيضًا أن تفعلوا ما عليكم فعله من دوني.»
«لكني أردت أن تكون أنت مَن يتكلم!»
أجاب هال: «لا، هذه مهمتك يا واكوب. أنت رئيس الاتحاد. أنت تعرف ما يريده العمال، تمامًا كما أعرفه؛ تعرف ما يشكون منه. وإلى جانب ذلك، لن يكون هناك داعي للتحدث إلى كارترايت. فإما أنه سيسمح بمنحنا مطالبنا وإما أنه سيرفض.»
ناقشوا الأمر بينهم أخذًا وردًّا. أصرَّت ماري بيرك على أنهم يتعمَّدون إبعاد هال في اللحظة الحاسمة تمامًا! ضحك وهو يرد عليها. إنها تُجيد الجدال شأنَ أي من الرجال. وإذا ظهر أيُّ إحباطٍ أو وَهَن على واكوب، فلتتحدث هي!