وخرج يماك مملوك سيف الدولة إلى الرقة؛ فخرج سيف الدولة يشيعه، وهبت ريح شديدة،
فقال:
غَيْرِي بِأَكْثَرِ هَذَا النَّاسِ يَنْخَدِعُ
إِنْ قَاتَلُوا جَبُنُوا أَوْ حَدَّثُوا شَجُعُوا
٥
أَهْلُ الْحَفِيظَةِ إِلَّا أَنْ تُجَرِّبَهُمْ
وَفِي التَّجَارِبِ بَعْدَ الْغَيِّ مَا يَزَعُ
٦
وَمَا الْحَيَاةُ وَنَفْسِي بَعْدَمَا عَلِمَتْ
أَنَّ الْحَيَاةَ كَمَا لَا تَشْتَهي طَبَعُ؟
٧
لَيْسَ الْجَمَالُ لِوَجْهٍ صَحَّ مَارِنُهُ
أَنْفُ الْعَزِيزِ بِقَطْعِ الْعِزِّ يُجْتَدَعُ
٨
أَأَطْرَحُ الْمَجْدَ عَنْ كِتْفِي وَأَطْلُبُهُ
وَأَتْرُكُ الْغَيْثَ فِي غِمْدِي وَأَنْتَجِعُ
٩
وَالْمَشْرَفِيَّةُ، لَا زَالَتْ مُشَرَّفَةً
دَوَاءُ كُلِّ كَرِيمٍ أَوْ هِيَ الْوَجَعُ
١٠
وَفَارِسُ الْخَيْلِ مَنْ خَفَّتْ فَوَقَّرَهَا
فِي الدَّرْبِ وَالدَّمُ فِي أَعْطَافِهَا دُفَعُ
١١
وَأَوْحَدَتْهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ قَلَقٌ
وَأَغْضَبَتْهُ وَمَا فِي لَفْظِهِ قَذَعُ
١٢
بِالْجَيْشِ تَمْتَنِعُ السَّادَاتُ كُلُّهُمُ
وَالْجَيْشُ بِابْنِ أَبِي الْهَيْجَاءِ يَمْتَنِعُ
١٣
قَادَ الْمَقَانِبَ أَقْصَى شُرْبِهَا نَهَلٌ
عَلَى الشَّكِيمِ وَأَدْنَى سَيْرِهَا سِرَعُ
١٤
لَا يَعْتَقِي بَلَدٌ مَسْرَاهُ عَنْ بَلَدٍ
كَالْمَوْتِ لَيْسَ لَهُ رِيٌّ وَلَا شِبَعُ
١٥
حَتَّى أَقَامَ عَلَى أَرْبَاضِ خَرْشَنَةٍ
تَشْقَى بِهِ الرُّومُ وَالصُّلْبَانُ وَالْبِيَعُ
١٦
لِلسَّبْيِ مَا نَكَحُوا وَالْقَتْلِ مَا وَلَدُوا
وَالنَّهْبِ مَا جَمَعُوا وَالنَّارِ مَا زَرَعُوا
١٧
مُخْلًى لَهُ الْمَرْجُ مَنْصُوبًا بِصَارِخَةٍ
لَهُ الْمَنَابِرُ مَشْهُودًا بِهَا الْجُمَعُ
١٨
يُطَمِّعُ الطَّيْرَ فِيهِمْ طُولُ أَكْلِهِمِ
حَتَّى تَكَادَ عَلَى أَحْيَائِهِمْ تَقَعُ
١٩
وَلَوْ رَآهُ حَوَارِيُّوهُمُ لَبَنَوْا
عَلَى مَحَبَّتِهِ الشَّرْعَ الَّذِي شَرَعُوا
٢٠
ذَمَّ الدُّمُسْتُقُ عَيْنَيْهِ وَقَدْ طَلَعَتْ
سُودُ الْغَمَامِ فَظَنُّوا أَنَّهَا قَزَعُ
٢١
فِيهَا الْكُمَاةُ الَّتِي مَفْطُومُهَا رَجُلٌ
عَلَى الْجِيَادِ الَّتِي حَوْلِيُّهَا جَذَعُ
٢٢
تَذْرِي اللُّقَانُ غُبَارًا فِي مَنَاخِرِهَا
وَفِي حَنَاجِرِهَا مِنْ آلِسٍ جُرَعُ
٢٣
كَأَنَّهَا تَتَلَقَّاهُمْ لِتَسْلُكَهُمْ
فَالطَّعْنُ يَفْتَحُ فِي الْأَجْوَافِ مَا تَسَعُ
٢٤
تَهْدِي نَوَاظِرَهَا وَالْحَرْبُ مُظْلِمَةٌ
مِنَ الْأَسِنَّةِ نَارٌ وَالْقَنَا شَمَعُ
٢٥
دُونَ السَّهَامِ وَدُونَ الْقُرِّ طَافِحَةً
عَلَى نُفُوسِهِمِ الْمُقْوَرَّةُ الْمُزُعُ
٢٦
إِذَا دَعَا الْعِلْجُ عِلْجًا حَالَ بَيْنَهُمَا
أَظْمَى تُفَارِقُ مِنْهُ أُخْتَهَا الضِّلَعُ
٢٧
أَجَلُّ مِنْ وَلَدِ الْفُقَّاسِ مُنْكَتِفٌ
إِذَا فَاتَهُنَّ وَأَمْضَى مِنْهُ مُنْصَرِعُ
٢٨
وَمَا نَجَا مِنْ شِفَارِ الْبِيضِ مُنْفَلِتٌ
نَجَا وَمِنْهُنَّ فِي أَحْشَائِهِ فَزَعُ
٢٩
يُبَاشِرُ الْأَمْنَ دَهْرًا وَهْوَ مُخْتَبَلٌ
وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ حَوْلًا وَهْوَ مُمْتَقَعُ
٣٠
كَمْ مِنْ حُشَاشَةِ بِطْرِيقٍ تَضَمَّنَهَا
لِلْبَاتِرَاتِ أَمِينٌ مَا لَهُ وَرَعُ
٣١
يُقَاتِلُ الْخَطْوَ عَنْهُ حِينَ يَطْلُبُهُ
وَيَطْرُدُ النَّوْمَ عَنْهُ حِينَ يَضْطَجِعُ
٣٢
تَغْدُو الْمَنَايَا فَلَا تَنْفَكُّ وَاقِفَةً
حَتَّى يَقُولَ لَهَا: عُودِي فَتَنْدَفِعُ
٣٣
قُلْ لِلدُّمُسْتُقِ: إِنَّ الْمُسْلَمِينَ لَكُمْ
خَانُوا الْأَمِيرَ فَجَازَاهُمْ بِمَا صَنَعُوا
٣٤
وَجَدْتُمُوهُمْ نِيَامًا فِي دِمَائِكُمُ
كَأَنَّ قَتْلَاكُمُ إِيَّاهُمُ فَجَعُوا
٣٥
ضَعْفَى تَعِفُّ الْأَيَادِي عَنْ مِثَالِهِمِ
مِنَ الْأَعَادِي وَإِنْ هَمُّوا بِهِمْ نَزَعُوا
٣٦
لَا تَحْسَبُوا مَنْ أَسَرْتُمْ كَانَ ذَا رَمَقٍ
فَلَيْسَ يَأْكُلُ إِلَّا الْمَيِّتَ الضَّبُعُ
٣٧
هَلَّا عَلَى عَقَبِ الْوَادِي وَقَدْ صَعِدَتْ
أُسْدٌ تَمُرُّ فُرَادَى لَيْسَ تَجْتَمِعُ
٣٨
تَشُقُّكُمْ بِفَتَاهَا كُلُّ سَلْهَبَةٍ
وَالضَّرْبُ يَأْخُذُ مِنْكُمْ فَوْقَ مَا يَدَعُ
٣٩
وَإِنَّمَا عَرَّضَ اللهُ الْجُنُودَ بِكُمْ
لِكَيْ يَكُونُوا بِلَا فَسْلٍ إِذَا رَجَعُوا
٤٠
فَكُلُّ غَزْوٍ إِلَيْكُمْ بَعْدَ ذَا فَلَهُ
وَكُلُّ غَازٍ لِسَيْفِ الدَّوْلَةِ التَّبَعُ
٤١
يَمْشِي الْكِرَامُ عَلَى آثَارِ غَيْرِهِمِ
وَأَنْتَ تَخْلُقُ مَا تَأْتِي وَتَبْتَدِعُ
٤٢
وَهَلْ يَشِينُكَ وَقْتٌ كُنْتَ فَارِسَهُ
وَكَانَ غَيْرَكَ فِيهِ الْعَاجِزُ الضَّرَعُ
٤٣
مَنْ كَانَ فَوْقَ مَحَلِّ الشَّمْسِ مَوْضِعُهُ
فَلَيْسَ يَرْفَعُهُ شَيْءٌ وَلَا يَضَعُ
٤٤
لَمْ يُسْلِمِ الْكَرُّ فِي الْأَعْقَابِ مُهْجَتَهُ
إِنْ كَانَ أَسْلَمَهَا الأَصْحَابُ وَالشِّيَعُ
٤٥
لَيْتَ الْمُلُوكَ عَلَى الْأَقْدَارِ مُعْطِيَةٌ
فَلَمْ يَكُنْ لِدَنِيٍّ عِنْدَهَا طَمَعُ
٤٦
رَضِيتَ مِنْهُمْ بِأَنْ زُرْتَ الْوَغَى فَرَأَوْا
وَأَنْ قَرَعْتَ حَبِيكَ الْبِيضِ فَاسْتَمَعُوا
٤٧
لَقَدْ أَبَاحَكَ غِشًّا فِي مُعَامَلَةٍ
مَنْ كُنْتَ مِنْهُ بِغَيْرِ الصِّدْقِ تَنْتَفِعُ
٤٨
الدَّهْرُ مُعْتَذِرٌ وَالسَّيْفُ مُنْتَظِرٌ
وَأَرْضُهُمْ لَكَ مُصْطَافٌ وَمُرْتَبَعُ
٤٩
وَمَا الْجِبَالُ لِنَصْرَانٍ بِحَامِيَةٍ
وَلَوْ تَنَصَّر فِيهَا الْأَعْصَمُ الصَّدَعُ
٥٠
وَمَا حَمِدْتُكَ فِي هَوْلٍ ثَبَتَّ لَهُ
حَتَّى بَلَوْتُكَ وَالْأَبْطَالُ تَمْتَصِعُ
٥١
فَقَدْ يُظَنُّ شُجَاعًا مَنْ بِهِ خَرَقٌ
وَقَدْ يُظَنُّ جَبَانًا مَنْ بِهِ زَمَعُ
٥٢
إِنَّ السِّلَاحَ جَمِيعُ النَّاسِ تَحْمِلُهُ
وَلَيْسَ كُلُّ ذَوَاتِ الْمِخْلَبِ السَّبُعُ
٥٣
حُشَاشَةُ نَفْسٍ وَدَّعَتْ يَوْمَ وَدَّعُوا
فَلَمْ أَدْرِ أَيَّ الظَّاعِنَيْنِ أُشَيِّعُ
٥٤
أَشَارُوا بِتَسْلِيمٍ فَجُدْنَا بِأَنْفُسٍ
تَسِيلُ مِنَ الْآمَاقِ وَالسَّمُ أَدْمُعُ
٥٥
حَشَايَ عَلَى جَمْرٍ ذَكِيٍّ مِنَ الْهَوَى
وَعَيْنَايَ فِي رَوْضٍ مِنَ الْحُسْنِ تَرْتَعُ
٥٦
وَلَوْ حُمِّلَتْ صُمُّ الْجِبَالِ الَّذِي بِنَا
غَدَاةَ افْتَرَقْنَا أَوْشَكَتْ تَتَصَدَّعُ
٥٧
بِمَا بَيْنَ جَنْبَيَّ الَّتِي خَاضَ طَيْفُهَا
إِلَيَّ الدَّيَاجِي وَالْخَلِيُّونَ هُجَّعُ
٥٨
أَتَتْ زَائِرًا مَا خَامَرَ الطِّيبُ ثَوْبَهَا
وَكَالْمِسْكِ مِنْ أَرْدَانِهَا يَتَضَوَّعُ
٥٩
فَمَا جَلَسَتْ حَتَّى انْثَنَتْ تُوسِعُ الْخُطَا
كَفَاطِمَةٍ عَنْ دَرِّهَا قَبْلَ تُرْضِعُ
٦٠
فَشَرَّدَ إِعْظَامِي لَهَا مَا أَتَى بِهَا
مِنَ النَّوْمِ وَالْتَاعَ الْفُؤَادُ الْمُفَجَّعُ
٦١
فَيَا لَيْلَةً مَا كَانَ أَطْوَلَ بِتُّهَا
وَسُمُّ الْأَفَاعِي عَذْبُ مَا أَتَجَرَّعُ
٦٢
تَذَلَّلْ لَهَا وَاخْضَعْ عَلَى الْقُرْبِ وَالنَّوَى
فَمَا عَاشِقٌ مَنْ لَا يَذِلُّ وَيَخْضَعُ
٦٣
وَلَا ثَوْبُ مَجْدٍ غَيْرَ ثَوْبِ ابْنِ أَحْمَدٍ
عَلَى أَحَدٍ إِلَّا بِلُؤْمٍ مُرَقَّعُ
٦٤
وَإِنَّ الَّذِي حَابَى جَدِيلَةَ طَيِّئٍ
بِهِ اللهُ يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ
٦٥
بِذِي كَرَمٍ مَا مَرَّ يَوْمٌ وَشَمْسُهُ
عَلَى رَأْسِ أَوْفَى ذِمَّةً مِنْهُ تَطْلُعُ
٦٦
فَأَرْحَامُ شِعْرٍ يَتَّصِلْنَ لَدُنَّهُ
وَأَرْحَامُ مَالٍ لَا تَنِي تَتَقَطَّعُ
٦٧
فَتًى أَلْفُ جُزْءٍ رَأْيُهُ فِي زَمَانِهِ
أَقَلُّ جُزَيْءٍ بَعْضُهُ الرَّأْيُ أَجْمَعُ
٦٨
غَمَامٌ عَلَيْنَا مُمْطِرٌ لَيْسَ يُقْشِعُ
وَلَا الْبَرْقُ فِيهِ خُلَّبًا حِينَ يَلْمَعُ
٦٩
إِذَا عَرَضَتْ حَاجٌ إِلَيْهِ فَنَفْسُهُ
إِلَى نَفْسِهِ فِيهَا شَفِيعٌ مُشَفَّعُ
٧٠
خَبَتْ نَارُ حَرْبٍ لَمْ تَهِجْهَا بَنَانُهُ
وَأَسْمَرُ عُرْيَانٌ مِنَ الْقِشْرِ أَصْلَعُ
٧١
نَحِيفُ الشَّوَى يَعْدُو عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ
وَيَحْفَى فَيَقْوَى عَدْوُهُ حِينَ يُقْطَعُ
٧٢
يَمُجُّ ظَلَامًا فِي نَهَارٍ لِسَانُهُ
وَيُفْهَمُ عَمَّنْ قَالَ مَا لَيْسَ يَسْمَعُ
٧٣
ذُبَابُ حُسَامٍ مِنْهُ أَنْجَى ضَرِيبَةً
وَأَعْصَى لِمَوْلَاهُ وَذَا مِنْهُ أَطْوَعُ
٧٤
فَصِيحٌ مَتَى يَنْطِقْ تَجِدْ كُلَّ لَفْظَةٍ
أُصُولَ الْبَرَاعَاتِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ
٧٥
بِكَفِّ جَوَادٍ لَوْ حَكَتْهَا سَحَابَةٌ
لَمَا فَاتَهَا فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ مَوْضِعُ
٧٦
وَلَيْسَ كَبَحْرِ الْمَاءِ يَشْتَقُّ قَعْرَهُ
إِلَى حَيْثُ يَفْنَى الْمَاءُ حُوتٌ وَضِفْدَعُ
٧٧
أَبَحْرٌ يَضُرُّ الْمُعْتَفِينَ وَطَعْمُهُ
زُعَاقٌ كَبَحْرٍ لَا يَضُرُّ وَيَنْفَعُ؟!
٧٨
يَتِيهُ الدَّقِيقُ الْفِكْرِ فِي بُعْدِ غَوْرِهِ
وَيَغْرَقُ فِي تَيَّارِهِ وَهْوَ مِصْقَعُ
٧٩
أَلَا أَيُّهَا الْقَيْلُ الْمُقِيمُ بِمَنْبِجٍ
وَهِمَّتُهُ فَوْقَ السِّمَاكَيْنِ تُوضِعُ
٨٠
أَلَيْسَ عَجِيبًا أَنَّ وَصْفَكَ مُعْجِزٌ
وَأَنَّ ظُنُونِي فِي مَعَالِيكَ تَظْلَعُ
٨١
وَأَنَّكَ فِي ثَوْبٍ وَصَدْرُكَ فِيكُمَا
عَلَى أَنَّهُ مِنْ سَاحَةِ الْأَرْضِ أَوْسَعُ
٨٢
وَقَلْبُكَ فِي الدُّنْيَا وَلَوْ دَخَلَتْ بِنَا
وَبِالْجِنِّ فِيهِ مَا دَرَتْ كَيْفَ تَرْجِعُ
٨٣
أَلَا كُلُّ سَمْحٍ غَيْرَكَ الْيَوْمَ بَاطِلٌ
وَكُلُّ مَدِيحٍ فِيَ سِوَاك مُضَيَّعُ
٨٤
مُلِثَّ الْقَطْرِ أَعْطِشْهَا رُبُوعَا
وَإِلَّا فَاسْقِهَا السَّمَّ النَّقِيعَا
٨٩
أُسَائِلُهَا عَنِ الْمُتَدَيِّرِيهَا
فَلَا تَدْرِي وَلَا تُذْرِي دُمُوعَا
٩٠
لَحَاهَا اللهُ إِلَّا مَاضِيَيْهَا:
زَمَانَ اللَّهْوِ وَالْخَودَ الشَّمُوعَا
٩١
مُنَعَّمَةٌ مُمَنَّعَةٌ رَدَاحٌ
يُكَلِّفُ لَفْظُهَا الطَّيْرَ الْوُقُوعَا
٩٢
تُرَفِّعُ ثَوْبَهَا الْأَرْدَافُ عَنْهَا
فَيَبْقَى مِنْ وِشَاحَيْهَا شَسُوعَا
٩٣
إِذَا مَاسَتْ رَأَيْتَ لَهَا ارْتِجَاجًا
لَهُ لَوْلَا سَوَاعِدُهَا نَزُوعَا
٩٤
تَأَلَّمُ دَرْزَهُ وَالدَّرْزُ لَيْنٌ
كَمَا تَتَأَلَّمُ الْعَضْبَ الصَّنِيعَا
٩٥
ذِرَاعَاهَا عَدُوَّا دُمْلُجَيْهَا
يَظُنُّ ضَجِيعُهَا الزَّنْدَ الضَّجِيعَا
٩٦
كَأَنَّ نِقَابَهَا غَيْمٌ رَقِيقٌ
يُضِيءُ بِمَنْعِهِ الْبَدْرَ الطُّلُوعَا
٩٧
أَقُولُ لَهَا: اكْشِفِي ضُرِّي وَقُولِي
بِأَكْثَرَ مِنْ تَدَلُّلِهَا خُضُوعَا
٩٨
أَخِفْتِ اللهَ فِي إِحْيَاءِ نَفْسٍ
مَتَى عُصِيَ الْإِلَهُ بِأَنْ أُطِيعَا
٩٩
غَدَا بِكِ كُلُّ خِلْوٍ مُسْتَهَامًا
وَأَصْبَحَ كُلُّ مَسْتُورٍ خَلِيعَا
١٠٠
أُحِبُّكِ أَوْ يَقُولُوا: جَرَّ نَمْلٌ
ثَبِيرًا وَابْنُ إِبْرَاهِيمَ رِيعَا
١٠١
بَعِيدُ الصِّيتِ مُنْبَثُّ السَّرَايَا
يُشِيِّبُ ذِكْرُهُ الطِّفْلَ الرَّضِيعَا
١٠٢
يَغُضُّ الطَّرْفَ مِنْ مَكْرٍ وَدَهْيٍ
كَأَنَّ بِهِ وَلَيْسَ بِهِ خُشُوعَا
١٠٣
إِذَا اسْتَعْطَيْتَهُ مَا فِي يَدَيْهِ
فَقَدْكَ سَأَلْتَ عَنْ سِرٍّ مُذِيعَا
١٠٤
قَبُولُكَ مِنْهُ مَنٌّ عَلَيْهِ
وَإِلَّا يَبْتَدِئْ يَرَهُ فَظِيعَا
١٠٥
لِهُونِ الْمَالِ أَفْرَشَهُ أَدِيمًا
وَلِلتَّفْرِيقِ يَكْرَهُ أَنْ يَضِيعَا
١٠٦
إِذَا ضَرَبَ الْأَمِيرُ رِقَابَ قَوْمٍ
فَمَا لِكَرَامَةٍ مَدَّ النُّطُوعَا
١٠٧
فَلَيْسَ بِوَاهِبٍ إِلَّا كَثِيرَا
وَلَيْسَ بِقَاتِلٍ إِلَّا قَرِيعَا
١٠٨
وَلَيْسَ مُؤَدِّبًا إِلَّا بِنَصْلٍ
كَفَى الصَّمْصَامَةُ التَّعَبَ الْقَطِيعَا
١٠٩
عَلِيٌّ لَيْسَ يَمْنَعُ مِنْ مَجِيءٍ
مُبَارِزَهُ وَيَمْنَعُهُ الرُّجُوعَا
١١٠
عَلِيٌّ قَاتِلُ الْبَطَلِ الْمُفَدَّى
وَمُبْدِلُهُ مِنَ الزَّرَدِ النَّجِيعَا
١١١
إِذَا اعْوَجَّ الْقَنَا فِي حَامِلِيهِ
وَجَازَ إِلَى ضُلُوعِهِمِ الضُّلُوعَا
١١٢
وَنَالَتْ ثَأْرَهَا الْأَكْبَادُ مِنْهُ
فَأَوْلَتْهُ انْدِقَاقًا أَوْ صُدُوعَا
١١٣
فَحِدْ فِي مُلْتَقَى الْخَيْلَيْنِ عَنْهُ
وَإِنْ كُنْتَ الْخُبَعْثِنَةَ الشَّجِيعَا
١١٤
إِنِ اسْتَجْرَأْتَ تَرْمُقُهُ بَعِيدًا
فَأَنْتَ اسْطَعْتَ شَيْئًا مَا اسْتُطِيعَا
١١٥
وَإِنْ مَارَيْتَنِي فَارْكَبْ حِصَانًا
وَمَثِّلْهُ تَخِرَّ لَهُ صَرِيعَا
١١٦
غَمَامٌ رُبَّمَا مَطَرَ انْتِقَامًا
فَأَقْحَطَ وَدْقُهُ الْبَلَدَ الْمُرِيعَا
١١٧
رَآنِي بَعْدَمَا قَطَعَ الْمَطَايَا
تَيَمُّمُهُ وَقَطَّعَتِ الْقُطُوعَا
١١٨
فَصَيَّرَ سَيْلُهُ بَلَدِي غَدِيرًا
وَصَيَّرَ خَيْرُهُ سَنَتِي رَبِيعَا
١١٩
وَجَاوَدَنِي بِأَنْ يُعْطِي وَأَحْوِي
فَأَغْرَقَ نَيْلُهُ أَخْذِي سَرِيعَا
١٢٠
أَمُنْسِيَّ السُّكُونَ وَحَضْرَمَوْتَا
وَوَالِدَتِي وَكِنْدَةَ وَالسَّبِيعَا
١٢١
قَدِ اسْتَقْصَيْتَ فِي سَلْبِ الْأَعَادِي
فَرُدَّ لَهُمْ مِنَ السَّلَبِ الْهُجُوعَا
١٢٢
إِذَا مَا لَمْ تُسِرْ جَيْشًا إِلَيْهِمْ
أَسَرْتَ إِلَى قُلُوبِهِمِ الْهُلُوعَا
١٢٣
رَضُوا بِكَ كَالرِّضَا بِالشَّيْبِ قَسْرًا
وَقَدْ وَخَطَ النَّوَاصِيَ وَالْفُرُوعَا
١٢٤
فَلَا عَزَلٌ وَأَنْتَ بِلَا سِلَاحٍ
لِحَاظُكَ مَا تَكُونُ بِهِ مَنِيعَا
١٢٥
لَوِ اسْتَبْدَلْتَ ذِهْنَكَ مِنْ حُسَامٍ
قَدَدْتَ بِهِ الْمَغَافِرَ وَالدُّرُوعَا
١٢٦
لَوِ اسْتَفْرَغْتَ جُهْدَكَ فِي قِتَالٍ
أَتَيْتَ بِهِ عَلَى الدُّنْيَا جَمِيعَا
١٢٧
سَمَوْتَ بِهِمَّةٍ تَسْمُو فَتَسْمُو
فَمَا تُلْفَى بِمَرْتَبَةٍ قَنُوعَا
١٢٨
وَهَبْكَ سَمَحْتَ حَتَّى لَا جَوَادٌ
فَكَيْفَ عَلَوْتَ حَتَّى لَا رَفِيعَا
١٢٩
وقال يمدح عبد الواحد بن العباس بن أبي الأصبع الكاتب:
أَرَكَائِبَ الْأَحْبَابِ إِنَّ الْأَدْمُعَا
تَطِسُ الْخُدُودَ كَمَا تَطِسْنَ الْيَرْمَعَا
١٣٠
فَاعْرِفْنَ مَنْ حَمَلَتْ عَلَيْكُنَّ النَّوَى
وَامْشِينَ هَوْنًا فِي الْأَزِمَّةِ خُضَّعَا
١٣١
قَدْ كَانَ يَمْنَعُنِي الْحَيَاءُ مِنَ الْبُكَا
فَالْيَوْمَ يَمْنَعُهُ الْبُكَا أَنْ يَمْنَعَا
١٣٢
حَتَّى كَأَنَّ لِكُلِّ عَظْمٍ رَنَّةً
فِي جِلْدِهِ وَلِكُلِّ عِرْقٍ مَدْمَعَا
١٣٣
وَكَفَى بِمَنْ فَضَحَ الْجَدَايَةَ فَاضِحًا
لِمُحِبِّهِ وَبِمَصْرَعِي ذَا مَصْرَعَا
١٣٤
سَفَرَتْ وَبَرْقَعَهَا الْفِرَاقُ بِصُفْرَةٍ
سَتَرَتْ مَحَاجِرَهَا وَلَمْ تَكُ بُرْقُعَا
١٣٥
فَكَأَنَّهَا وَالدَّمْعُ يَقْطُرُ فَوْقَهَا
ذَهَبٌ بِسِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ قَدْ رُصِّعَا
١٣٦
كَشَفَتْ ثَلَاثَ ذَوَائِبٍ مِنْ شَعْرِهَا
فِي لَيْلَةٍ فَأَرَتْ لَيَالِيَ أَرْبَعَا
١٣٧
وَاسْتَقْبَلَتْ قَمَرَ السَّمَاءِ بِوَجْهِهَا
فَأَرَتْنِيَ الْقَمَرَيْنِ فِي وَقْتٍ مَعَا
١٣٨
رُدِّي الْوِصَالَ سَقَى طُلُولَكِ عَارِضٌ
لَوْ كَانَ وَصْلُكِ مِثْلَهُ مَا أَقْشَعَا
١٣٩
زَجَلٌ يُرِيكَ الْجَوَّ نَارًا وَالْمَلَا
كَالْبَحْرِ وَالتَّلَعَاتِ رَوْضًا مُمْرِعَا
١٤٠
كَبَنَانِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْغَدَقِ الَّذِي
أَرْوَى وَآمَنَ مَنْ يَشَاءُ وَأَفْزَعَا
١٤١
أَلِفَ الْمُرُوءَةَ مُذْ نَشَا فَكَأَنَّهُ
سُقِيَ اللِّبَانَ بِهَا صَبِيًّا مُرْضَعَا
١٤٢
نُظِمَتْ مَوَاهِبُهُ عَلَيْهِ تَمَائِمًا
فَاعْتَادَهَا فَإِذَا سَقَطْنَ تَفَزَّعَا
١٤٣
تَرَكَ الصَّنَائِعَ كَالْقَوَاطِعِ بَارِقَا
تٍ وَالْمَعَالِيَ كَالْعَوَالِيَ شُرَّعَا
١٤٤
مُتَبَسِّمًا لِعُفَاتِهِ عَنْ وَاضِحٍ
تَغْشَى لَوَامِعُهُ الْبُرُوقَ اللُّمَّعَا
١٤٥
مُتَكَشِّفًا لِعُدَاتِهِ عَنْ سَطْوَةٍ
لَوْ حَكَّ مَنْكِبُهَا السَّمَاءَ لَزَعْزَعَا
١٤٦
الْحَازِمَ الْيَقِظَ الْأَغَرَّ الْعَالِمَ الـْ
ـفَطِنَ الْأَلَدَّ الْأريحيَّ الْأَرْوَعَا
الْكَاتِبَ اللَّبِقَ الْخَطِيبَ الْوَاهِبَ النـْ
ـنَدُسَ اللَّبِيبَ الْهِبْرِزِيَّ الْمِصْقَعَا
١٤٧
نَفْسٌ لَهَا خُلُقُ الزَّمَانِ لِأَنَّهُ
مُفْنِي النُّفُوسِ مُفَرِّقٌ مَا جَمَّعَا
١٤٨
وَيَدٌ لَهَا كَرَمٌ الْغَمَامِ لِأَنَّهُ
يَسْقِي الْعِمَارَةَ وَالْمَكَانَ الْبَلْقَعَا
١٤٩
أَبَدًا يُصَدِّعُ شَعْبَ وَفْرٍ وَافِرِ
وَيَلُمُّ شَعْبَ مَكَارِمٍ مُتَصَدِّعَا
١٥٠
يَهْتَزُّ لِلْجَدْوَى اهْتِزَازَ مُهَنَّدٍ
يَوْمَ الرَّجَاءِ هَزَزْتَهُ يَوْمَ الْوَعَى
١٥١
يَا مُغْنِيًا أَمَلَ الْفَقِيرِ لِقَاؤُهُ
وَدُعَاؤُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ إِذَا دَعَا
١٥٢
أَقْصِرْ وَلَسْتَ بِمُقْصِرٍ جُزْتَ الْمَدَى
وَبَلَغْتَ حَيْثُ النَّجْمُ تَحْتَكَ فَارْبَعَا
١٥٣
وَحَلَلْتَ مِنْ شَرَفِ الْفَعَالِ مَوَاضِعًا
لَمْ يَحْلُلِ الثَّقَلَانِ مِنْهَا مَوْضِعَا
١٥٤
وَحَوَيْتَ فَضْلَهُمَا وَمَا طَمِعَ امْرُؤٌ
فِيهِ وَلَا طَمِعَ امْرُؤٌ أَنْ يَطْمَعَا
١٥٥
نَفَذَ الْقَضَاءُ بِمَا أَرَدْتَ كَأَنَّهُ
لَكَ كُلَّمَا أَزْمَعْتَ شَيْئًا أَزْمَعَا
١٥٦
وَأَطَاعَكَ الدَّهْرُ الْعَصِيُّ كَأَنَّهُ
عَبْدٌ إِذَا نَادَيْتَ لَبَّى مُسْرِعَا
١٥٧
أَكَلَتْ مَفَاخِرُكَ الْمَفَاخِرَ وَانْثَنَتْ
عَنْ شَأْوِهِنَّ مَطِيُّ وَصْفِي ظُلَّعَا
١٥٨
وَجَرَيْنَ مَجْرَى الشَّمْسِ فِي أَفْلَاكِهَا
فَقَطَعْنَ مَغْرِبَهَا وَجُزْنَ الْمَطْلَعَا
١٥٩
لَوْ نِيطَتِ الدُّنْيَا بِأُخْرَى مِثْلِهَا
لَعَمَمْنَهَا وَخَشِينَ أَنْ لَا تَقْنَعَا
١٦٠
فَمَتَى يُكَذَّبُ مُدَّعٍ لَكَ فَوْقَ ذَا
وَاللهُ يَشْهَدُ أَنَّ حَقًّا مَا ادَّعَى
١٦١
وَمَتَى يُؤَدِّي شَرْحَ حَالِكَ نَاطِقٌ
حَفِظَ الْقَلِيلَ النَّزْرَ مِمَّا ضَيَّعَا
١٦٢
إِنْ كَانَ لَا يُدْعَى الْفَتَى إِلَّا كَذَا
رَجُلًا فَسَمِّ النَّاسَ طُرًّا إِصْبَعَا
١٦٣
إِنْ كَانَ لَا يَسْعَى لِجُودٍ مَاجِدٌ
إِلَّا كَذَا فَالْغَيْثُ أَبْخَلُ مَنْ سَعَى
١٦٤
قَدْ خَلَّفَ الْعَبَّاسُ غُرَّتَكَ ابْنَهُ
مَرْأًى لَنَا وَإِلَى الْقِيَامَةِ مَسْمَعَا
١٦٥
وقال يرثي أبا شجاع فاتكًا، وقد توفي بمصر سنة خمسين وثلاثمائة، وكانت هذه المرثية
بعد
خروجه من مصر:
الْحُزْنُ يُقْلِقُ وَالتَّجَمُّلُ يَرْدَعُ
وَالدَّمْعُ بَيْنَهُمَا عَصِيٌّ طَيِّعُ
١٦٦
يَتَنَازَعَانِ دُمُوعَ عَيْنِ مُسَهَّدٍ
هَذَا يَجِيءُ بِهَا وَهَذَا يَرْجِعُ
١٦٧
النَّوْمُ بَعْدَ أَبِي شُجَاعٍ نَافِرٌ
وَاللَّيْلُ مُعْيٍ وَالْكَوَاكِبُ ظُلَّعُ
١٦٨
إِنِّي لَأَجْبُنُ مِنْ فِرَاقِ أَحِبَّتِي
وَتُحِسُّ نَفْسِي بِالْحِمَامِ فَأَشْجُعُ
١٦٩
وَيَزِيدُنِي غَضَبُ الْأَعَادِي قَسْوَةً
وَيُلِمُّ بِي عَتْبُ الصَّدِيقِ فَأَجْزَعُ
١٧٠
تَصْفُو الْحَيَاةُ لِجَاهِلٍ أَوْ غَافِلٍ
عَمَّا مَضَى فِيهَا وَمَا يُتَوَقَّعُ
١٧١
وَلِمَنْ يُغَالِطُ فِي الْحَقَائِقِ نَفْسَهُ
وَيَسُومُهَا طَلَبَ الْمُحَالِ فَتَطْمَعُ
١٧٢
أَيْنَ الَّذِي الْهَرَمَانِ مِنْ بُنْيَانِهِ؟
مَا قَوْمُهُ مَا يَوْمُهُ مَا الْمَصْرَعُ؟
١٧٣
تَتَخَلَّفُ الْآثَارُ عَنْ أَصْحَابِهَا
حِينًا وَيُدْرِكُهَا الْفَنَاءُ فَتَتْبَعُ
١٧٤
لَمْ يُرْضِ قَلْبَ أَبِي شُجَاعٍ مَبْلَغٌ
قَبْلَ الْمَمَاتِ وَلَمْ يَسَعْهُ مَوْضِعُ
١٧٥
كُنَّا نَظُنُّ دِيَارَهُ مَمْلُوءَةً
ذَهَبًا فَمَاتَ وَكُلُّ دَارٍ بَلْقَعُ
١٧٦
وَإِذَا الْمَكَارِمُ وَالصَّوَارِمُ وَالْقَنَا
وَبَنَاتُ أَعْوَجَ كُلُّ شَيْءٍ يَجْمَعُ
١٧٧
الْمَجْدُ أَخْسَرُ وَالْمَكَارِمُ صَفْقَةً
مِنْ أَنْ يَعِيشَ لَهَا الْكَرِيمُ الْأَرْوَعُ
١٧٨
وَالنَّاسُ أَنْزَلُ فِي زَمَانِكَ مَنْزِلًا
مِنْ أن تُعَايِشَهُمْ وَقَدْرُكَ أَرْفَعُ
١٧٩
بَرِّدْ حَشَايَ إِنِ اسْتَطَعْتَ بِلَفْظَةٍ
فَلَقَدْ تَضُرُّ إِذَا تَشَاءُ وَتَنْفَعُ
١٨٠
مَا كَانَ مِنْكَ إِلَى خَلِيلٍ قَبْلَهَا
مَا يُسْتَرَابُ بِهِ وَلَا مَا يُوجِعُ
١٨١
وَلَقَدْ أَرَاكَ وَمَا تُلِمُّ مُلِمَّةٌ
إِلَّا نَفَاهَا عَنْكَ قَلْبٌ أَصْمَعُ
١٨٢
وَيَدٌ كَأَنَّ قِتَالَهَا وَنَوَالَهَا
فَرْضٌ يَحِقُّ عَلَيْكَ وَهْوَ تَبَرُّعُ
١٨٣
يَا مَنْ يُبَدِّلُ كُلَّ يَوْمٍ حُلَّةً
أَنَّى رَضِيتَ بِحُلَّةٍ لَا تُنْزَعُ
١٨٤
مَا زِلْتَ تَخْلَعُهَا عَلَى مَنْ شَاءَهَا
حَتَّى لَبِسْتَ الْيَوْمَ مَا لَا تَخْلَعُ
مَا زِلْتَ تَدْفَعُ كُلَّ أَمْرٍ فَادِحٍ
حَتَّى أَتَى الْأَمْرُ الَّذِي لَا يُدْفَعُ
١٨٥
فَظَلِلْتَ تَنْظُرُ لَا رِمَاحُكَ شُرَّعٌ
فِيمَا عَرَاكَ وَلَا سُيُوفُكَ قُطَّعُ
١٨٦
بِأَبِي الْوَحِيدُ وَجَيْشُهُ مُتَكَاثِرٌ
يَبْكِي وَمِنْ شَرِّ السِّلَاحِ الْأَدْمُعُ
١٨٧
وَإِذَا حَصَلْتَ مِنَ السِّلَاحِ عَلَى الْبُكَا
فَحَشَاكَ رُعْتَ بِهِ وَخَدَّكَ تَقْرَعُ
١٨٨
وَصَلَتْ إِلَيْكَ يَدٌ سَوَاءٌ عِنْدَهَا الـْ
ـبَازِي الْأُشَيْهِبُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ
١٨٩
مَنْ لِلْمَحَافِلِ وَالْجَحَافِلِ وَالسُّرَى
فَقَدَتْ بِفَقْدِكَ نَيِّرًا لَا يَطْلُعُ
١٩٠
وَمَنِ اتَّخَذْتَ عَلَى الضُّيُوفِ خَلِيفَةً؟
ضَاعُوا وَمِثْلُكَ لَا يَكَادُ يُضَيِّعُ
١٩١
قُبْحًا لِوَجْهِكَ يَا زَمَانُ فَإِنَّهُ
وَجْهٌ لَهُ مِنْ كُلِّ قُبْحٍ بُرْقُعُ
١٩٢
أَيَمُوتُ مِثْلُ أَبِي شُجَاعٍ فَاتِكٌ
وَيَعِيشُ حَاسِدُهُ الْخَصِيُّ الْأَوْكَعُ؟!
١٩٣
أَيْدٍ مُقَطَّعَةٌ حَوَالَيْ رَأْسِهِ
وَقَفًا يَصِيحُ بِهَا أَلَا مَنْ يَصْفَعُ؟
١٩٤
أَبْقَيْتَ أَكْذَبَ كَاذِبٍ أَبْقَيْتَهُ
وَأَخَذْتَ أَصْدَقَ مَنْ يَقُولُ وَيَسْمَعُ
١٩٥
وَتَرَكْتَ أَنْتَنَ رِيحَةٍ مَذْمُومَةٍ
وَسَلَبْتَ أَطْيَبَ رِيحَةٍ تَتَضَوَّعُ
١٩٦
فَالْيَوْمَ قَرَّ لِكُلِّ وَحْشٍ نَافِرٍ
دَمُهُ وَكَانَ كَأَنَّهُ يَتَطَلَّعُ
١٩٧
وَتَصَالَحَتْ ثَمَرُ السِّيَاطِ وَخَيْلُهُ
وَأَوَتْ إِلَيْهَا سُوقُهَا وَالْأَذْرُعُ
١٩٨
وَعَفَا الطِّرَادُ فَلَا سِنَانٌ رَاعِفٌ
فَوْقَ الْقَنَاةِ وَلَا حُسَامٌ يَلْمَعُ
١٩٩
وَلَّى وَكُلُّ مُخَالِمٍ وَمُنَادِمٍ
بَعْدَ اللُّزُومِ مُشَيِّعٌ وَمُوَدِّعُ
مَنْ كَانَ فِيهِ لِكُلِّ قَوْمٍ مَلْجَأٌ
وَلِسَيْفِهِ فِي كُلِّ قَوْمٍ مَرْتَعُ
٢٠٠
إِنْ حَلَّ فِي فُرْسٍ فَفِيهَا رَبُّهَا
كِسْرَى تَذِلُّ لهُ الرِّقَابُ وَتَخْضَعُ
أَوْ حَلَّ فِي رُومٍ فَفِيهَا قَيْصَرٌ
أَوْ حَلَّ فِي عُرْبٍ فَفِيهَا تُبَّعُ
٢٠١
قَدْ كَانَ أَسْرَعَ فَارِسٍ فِي طَعْنَةٍ
فَرَسًا وَلَكِنَّ الْمَنِيَّةَ أَسْرَعُ
٢٠٢
لَا قَلَّبَتْ أَيْدِي الْفَوَارِسِ بَعْدَهُ
رُمْحًا وَلَا حَمَلَتْ جَوَادًا أَرْبَعُ
٢٠٣