قافية اللام
وقال يمدح سيف الدولة وقد عزم على الرحيل عن إنطاكية وكثر المطر:
رُوَيْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ الْجَلِيلُ
تَأَنَّ وَعُدَّهُ مِمَّا تُنِيلُ
١
وَجُودَكَ بِالْمُقَامِ وَلَوْ قَلِيلًا
فَمَا فِيمَا تَجُودُ بِهِ قَلِيلُ
٢
لِأَكْبِتَ حَاسِدًا وَأَرِي عَدُوًّا
كَأَنَّهُمَا وَدَاعُكَ وَالرَّحِيلُ
٣
وَيَهْدَأُ ذَا السَّحَابُ فَقَدْ شَكَكْنَا:
أَتَغْلِبُ أَمْ حَيَاهُ لَكُمْ قَبِيلُ؟
٤
وَكُنْتُ أَعِيبُ عَذْلًا فِي سَمَاحٍ
فَهَا أَنَا فِي السَّمَاحِ لَهُ عَذُولُ
٥
وَمَا أَخْشَى نُبُوَّكَ عَنْ طَرِيقٍ
وَسَيْفُ الدَّوْلَةِ الْمَاضِي الصَّقِيلُ
٦
وَكُلُّ شَوَاةِ غِطْرِيفٍ تَمَنَّى
لِسَيْرِكَ أَنَّ مَفْرِقَهَا السَّبِيلُ
٧
وَمِثْلِ الْعَمْقِ مَمْلُوءٍ دِمَاءً
جَرَتْ بِكَ فِي مَجَارِيهِ الْخُيُولُ
٨
إِذَا اعْتَادَ الْفَتَى خَوْضَ الْمَنَايَا
فَأَهْوَنُ مَا يَمُرُّ بِهِ الْوُحُولُ
٩
وَمَنْ أَمَرَ الْحُصُونَ فَمَا عَصَتْهُ
أَطَاعَتْهُ الْحُزُونَةُ وَالسُّهُولُ
١٠
أَتَخْفِرُ كُلَّ مَنْ رَمَتِ اللَّيَالِي
وَتُنْشِرُ كُلَّ مَنْ دَفَنَ الْخُمُولُ؟!
١١
وَنَدْعُوكَ الْحُسَامَ وَهَلْ حُسَامٌ
يَعِيشُ بِهِ مِنَ الْمَوْتِ الْقَتِيلُ؟!
١٢
وَمَا لِلسَّيْفِ إِلَّا الْقَطْعَ فِعْلٌ
وَأَنْتَ الْقَاطِعُ الْبَرُّ الْوَصُولُ
١٣
وَأَنْتَ الْفَارِسُ الْقَوَّالُ صَبْرًا
وَقَدْ فَنِيَ التَّكَلُّمُ وَالصَّهِيلُ
١٤
يَحِيدُ الرُّمْحُ عَنْكَ وَفِيهِ قَصْدٌ
وَيَقْصُرُ أَنْ يَنَالَ وَفِيهِ طُولُ
١٥
فَلَوْ قَدَرَ السِّنَانُ عَلَى لِسَانٍ
لَقَالَ لَكَ السِّنَانُ كَمَا أَقُولُ
١٦
وَلَوْ جَازَ الْخُلُودُ خَلَدْتَ فَرْدًا
وَلَكِنْ لَيْسَ لِلدُّنْيَا خَلِيلُ
١٧
وقال يرثي والدة سيف الدولة، وقد توفيت بميا فارقين وجاءه الخبر بموتها إلى حلب سنة
سبع
وثلاثين وثلاثمائة، وأنشده إياها في جمادى الآخرة من السنة:
نُعِدُّ الْمَشْرَفِيَّةَ وَالْعَوَالِي
وَتَقْتُلُنَا الْمَنُونُ بِلَا قِتَالِ
١٨
وَنَرْتَبِطُ السَّوَابِقَ مُقْرَبَاتٍ
وَمَا يُنْجِينَ مِنْ خَبَبِ اللَّيَالِي
١٩
وَمَنْ لَمْ يَعْشَقِ الدُّنْيَا قَدِيمًا؟!
وَلَكِنْ لَا سَبِيلَ إِلَى الْوِصَالِ
٢٠
نَصِيبُكَ فِي حَيَاتِكَ مِنْ حَبِيبٍ
نَصِيبُكَ فِي مَنَامِكَ مِنْ خَيَالِ
٢١
رَمَانِي الدَّهْرُ بِالْأَرْزَاءِ حَتَّى
فُؤَادِي فِي غِشَاءٍ مِنْ نِبَالِ
٢٢
فَصِرْتُ إِذَا أَصَابَتْنِي سِهَامٌ
تَكَسَّرَتِ النِّصَالُ عَلَى النِّصَالِ
٢٣
وَهَانَ فَمَا أُبَالِي بِالرَّزَايَا
لِأَنِّي مَا انْتَفَعْتُ بِأَنْ أُبَالِي
٢٤
وَهَذَا أَوَّلُ النَّاعِينَ طُرًّا
لِأَوَّلِ مَيْتَةٍ فِي ذَا الْجَلَالِ
٢٥
كَأَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يَفْجَعْ بِنَفْسٍ
وَلَمْ يَخْطُرْ لِمَخْلُوقٍ بِبَالِ
٢٦
صَلَاةُ اللهِ خَالِقِنَا حَنُوطٌ
عَلَى الْوَجْهِ الْمُكَفَّنِ بِالْجَمَالِ
٢٧
عَلَى الْمَدْفُونِ قَبْلَ التُّرْبِ صَوْنًا
وَقَبْلَ اللَّحْدِ فِي كَرَمِ الْخِلَالِ
٢٨
فَإِنَّ لَهُ بِبَطْنِ الْأَرْضِ شَخْصًا
جَدِيدًا ذِكْرُنَاهُ وَهْوَ بَالِي
٢٩
وَمَا أَحَدٌ يُخَلَّدُ فِي الْبَرَايَا
بَلِ الدُّنْيَا تَئُولُ إِلَى زَوَالِ
أَطَابَ النَّفْسَ أَنَّكَ مُتَّ مَوْتًا
تَمَنَّتْهُ الْبَوَاقِي وَالْخَوَالِي
٣٠
وَزُلْتِ وَلَمْ تَرَيْ يَوْمًا كَرِيهًا
يُسَرُّ الرُّوحُ فِيهِ بِالزَّوَالِ
٣١
رِوَاقُ الْعِزِّ حَوْلَكِ مُسْبَطِرٌّ
وَمُلْكُ عَلِيٍّ ابْنِكِ فِي كِمَالِ
٣٢
سَقَى مَثْوَاكِ غَادٍ فِي الْغَوَادِي
نَظِيرُ نَوَالِ كَفِّكِ فِي النَّوَالِ
٣٣
لِسَاحِيهِ عَلَى الْأَجْدَاثِ حَفْشٌ
كَأَيْدِي الْخَيْلِ أَبْصَرَتِ الْمَخَالِي
٣٤
أُسَائِلُ عَنْكِ بَعْدَكِ كُلَّ مَجْدٍ
وَمَا عَهْدِي بِمَجْدٍ عَنْكِ خَالِي
٣٥
يَمُرُّ بِقَبْرِكَ الْعَافِي فَيَبْكِي
وَيَشْغَلُهُ الْبُكَاءُ عَنِ السُّؤَالِ
٣٦
وَمَا أَهْدَاكِ لِلْجَدْوَى عَلَيْهِ
لَوَ انَّكِ تَقْدِرِينَ عَلَى فِعَالِ!
٣٧
بِعَيْشِكِ هَلْ سَلَوْتِ؟ فَإِنَّ قَلْبِي
وَإِنْ جَانَبْتُ أَرْضَكِ، غَيْرُ سَالِي
٣٨
نَزَلْتِ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي مَكَانٍ
بَعُدْتِ عَنِ النُّعَامَى وَالشَّمَالِ
٣٩
تُحَجَّبُ عَنْكِ رَائِحَةُ الْخُزَامَى
وَتُمْنَعُ مِنْكِ أَنْدَاءُ الطِّلَالِ
٤٠
بِدَارٍ كُلُّ سَاكِنِهَا غَرِيبٌ
طَوِيلُ الْهَجْرِ مُنْبَتُّ الْحِبَالِ
٤١
حَصَانٌ مِثْلُ مَاءِ الْمُزْنِ فِيهِ
كَتُومُ السِّرِّ صَادِقَةُ الْمَقَالِ
٤٢
يُعَلِّلُهَا نِطَاسِيُّ الشَّكَايَا
وَوَاحِدُهَا نِطَاسِيُّ الْمَعَالِي
٤٣
إِذَا وَصَفُوا لَهُ دَاءً بِثَغْرٍ
سَقَاهُ أَسِنَّةَ الْأَسَلِ الطِّوَالِ
٤٤
وَلَيْسَتْ كَالْإِنَاثِ وَلَا اللَّوَاتِي
تُعَدُّ لَهَا الْقُبُورُ مِنَ الْحِجَالِ
٤٥
وَلَا مَنْ فِي جَنَازَتِهَا تِجَارٌ
يَكُونُ وَدَاعُهَا نَفْضَ النِّعَالِ
٤٦
مَشَى الْأُمَرَاءُ حَوْلَيْهَا حُفَاةً
كَأَنَّ الْمَرْوَ مِنْ زَفِّ الرِّئَالِ
٤٧
وَأَبْرَزَتِ الْخُدُورُ مُخَبَّآتٍ
يَضَعْنَ النِّقْسَ أَمْكِنَةَ الْغَوَالِي
٤٨
أَتَتْهُنَّ الْمُصِيبَةُ غَافِلَاتٍ
فَدَمْعُ الْحُزْنِ فِي دَمْعِ الدَّلَالِ
٤٩
وَلَوْ كَانَ النِّسَاءُ كَمَنْ فَقَدْنَا
لَفُضِّلَتِ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ
٥٠
وَمَا التَّأْنِيثُ لِاسْمِ الشَّمْسِ عَيْبٌ
وَلَا التَّذْكِيرُ فَخْرٌ لِلْهِلَالِ
٥١
وَأَفْجَعُ مَنْ فَقَدْنَا مَنْ وَجَدْنَا
قُبَيْلَ الْفَقْدِ مَفْقُودَ الْمِثَالِ
٥٢
يُدَفِّنُ بَعْضُنَا بَعْضًا وَتَمْشِي
أَوَاخِرُنَا عَلَى هَامِ الْأَوَالِي
٥٣
وَكَمْ عَيْنٍ مُقَبَّلَةِ النَّوَاحِي
كَحِيلٌ بِالْجَنَادِلِ وَالرِّمَالِ!
٥٤
وَمُغْضٍ كَانَ لَا يُغْضِي لِخَطْبٍ
وَبَالٍ كَانَ يُفْكِرُ فِي الْهُزَالِ!
٥٥
أَسَيْفَ الدَّوْلَةِ اسْتَنْجِدْ بِصَبْرٍ
وَكَيْفَ بِمِثْلِ صَبْرِكَ لِلْجِبَالِ؟!
٥٦
فَأَنْتَ تُعَلِّمُ النَّاسَ التَّعَزِّي
وَخَوْضَ الْمَوْتِ فِي الْحَرْبِ السِّجَالِ
٥٧
وَحَالَاتُ الزَّمَانِ عَلَيْكَ شَتَّى
وَحَالُكَ وَاحِدٌ فِي كُلِّ حَالِ
٥٨
فَلَا غِيضَتْ بِحَارُكَ يَا جَمُومًا
عَلَى عَلَلِ الْغَرَائِبِ وَالدِّخَالِ
٥٩
رَأَيْتُكَ فِي الَّذِينَ أَرَى مُلُوكًا
كَأَنَّكَ مُسْتَقِيمٌ فِي مُحَالِ
٦٠
فَإِنْ تَفُقِ الْأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ
فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ
٦١
وقال يمدحه ويذكر استنقاذه أبا وائل تغلب بن داود بن حمدان العدوي من أسر الخارجي
سنة سبع
وثلاثين وثلاثمائة:
إِلَامَ طَمَاعِيَةُ الْعَاذِلِ؟
وَلَا رَأْيَ فِي الْحُبِّ لِلْعَاقِلِ
٦٢
يُرَادُ مِنَ الْقَلْبِ نِسْيَانُكُمْ
وَتَأْبَى الطِّبَاعُ عَلَى النَّاقِلِ
٦٣
وَإِنِّي لَأَعْشَقُ مِنْ عِشْقِكُمْ
نُحُولِي وَكُلَّ امْرِئٍ نَاحِلِ
٦٤
وَلَوْ زُلْتُمُ ثُمَّ لَمْ أَبْكِكُمْ
بَكَيْتُ عَلَى حُبِّيَ الزَّائِلِ
٦٥
أَيُنْكِرُ خَدِّي دُمُوعِي وَقَدْ
جَرَتْ مِنْهُ فِي مَسْلَكٍ سَابِلِ؟!
٦٦
أَأَوَّلُ دَمْعٍ جَرَى فَوْقَهُ
وَأَوَّلُ حُزْنٍ عَلَى رَاحِلِ
٦٧
وَهَبْتُ السُّلُوَّ لِمَنْ لَامَنِي
وَبِتُّ مِنَ الشَّوْقِ فِي شَاغِلِ
٦٨
كَأَنَّ الْجُفُونَ عَلَى مُقْلَتِي
ثِيَابٌ شُقِقْنَ عَلَى ثَاكِلِ
٦٩
وَلَوْ كُنْتُ فِي أَسْرِ غَيْرِ الْهَوَى
ضَمِنْتُ ضَمَانَ أَبِي وَائِلِ
٧٠
فَدَى نَفْسَهُ بِضَمَانِ النُّضَارِ
وَأَعْطَى صُدُورَ الْقَنَا الذَّابِلِ
٧١
وَمَنَّاهُمُ الْخَيْلَ مَجْنُوبَةً
فَجِئْنَ بِكُلِّ فَتًى بَاسِلِ
٧٢
كَأَنَّ خَلَاصَ أَبِي وَائِلٍ
مُعَاوَدَةُ الْقَمَرِ الْآفِلِ
٧٣
دَعَا فَسَمِعْتَ وَكَمْ سَاكِتٍ
عَلَى الْبُعْدِ عِنْدَكَ كَالْقَائِلِ!
٧٤
فَلَبَّيْتَهُ بِكَ فِي جَحْفَلٍ
لَهُ ضَامِنٍ وَبِهِ كَافِلِ
٧٥
خَرَجْنَ مِنَ النَّقْعِ فِي عَارِضٍ
وَمِنْ عَرَقِ الرَّكْضِ فِي وَابِلِ
٧٦
فَلَمَّا نَشِفْنَ لَقِينَ السِّيَاطَ
بِمِثْلِ صَفَا الْبَلَدِ الْمَاحِلِ
٧٧
شَفَنَّ لِخَمْسٍ إِلَى مَنْ طَلَبْنَ
قُبَيْلَ الشُّفُونِ إِلَى نَازِلِ
٧٨
فَدَانَتْ مَرَافِقُهُنَّ الثَّرَى
عَلَى ثِقَةٍ بِالدَّمِ الْغَاسِلِ
٧٩
وَمَا بَيْنَ كَاذَتَيِ الْمُسْتَغِيرِ
كَمَا بَيْنَ كَاذَتَيِ الْبَائِلِ
٨٠
فَلُقِّينَ كُلَّ رُدَيْنِيَّةٍ
وَمَصْبُوجَةٍ لَبَنَ الشَّائِلِ
٨١
وَجَيْشَ إِمَامٍ عَلَى نَاقَةٍ
صَحِيحِ الْإِمَامَةِ فِي الْبَاطِلِ
٨٢
فَأَقْبَلْنَ يَنْحَزْنَ قُدَّامَهُ
نَوَافِرَ كَالنَّحْلِ وَالْعَاسِلِ
٨٣
فَلَمَّا بَدَوْتَ لِأَصْحَابِهِ
رَأَتْ أُسْدُهَا آكِلَ الْآكِلِ
٨٤
بِضَرْبٍ يَعُمُّهُمُ جَائِرٍ
لَهُ فِيهِم قِسْمَةُ الْعَادِلِ
٨٥
وَطَعْنٍ يُجَمِّعُ شُذَّانَهُمْ
كَمَا اجْتَمَعَتْ دِرَّةُ الْحَافِلِ
٨٦
إِذَا مَا نَظَرْتَ إِلَى فَارِسٍ
تَحَيَّرَ عَنْ مَذْهَبِ الرَّاجِلِ
٨٧
فَظَلَّ يُخَضِّبُ مِنْهَا اللِّحَى
فَتًى لَا يُعِيدُ عَلَى النَّاصِلِ
٨٨
وَلا يَسْتَغِيثُ إِلَى نَاصِرٍ
وَلَا يَتَضَعْضَعُ مِنْ خَاذِلِ
٨٩
وَلَا يَزَعُ الطَّرْفَ عَنْ مُقْدَمٍ
وَلَا يَرْجِعُ الطَّرْفَ عَنْ هَائِلِ
٩٠
إِذَا طَلَبَ التَّبْلَ لَمْ يَشْأَهُ
وَإِنْ كَانَ دَيْنًا عَلَى مَاطِلِ
٩١
خُذُوا مَا أَتَاكُمْ بِه وَاعْذِرُوا
فَإِنَّ الْغَنِيمَةَ فِي الْعَاجِلِ
٩٢
وَإِنْ كَانَ أَعْجَبَكُمْ عَامُكُمْ
فَعُودُوا إِلَى حِمْصَ مِنْ قَابِلِ
٩٣
فَإِنَّ الْحُسَامَ الْخَضِيبَ الَّذِي
قُتِلْتُمْ بِهِ فِي يَدِ الْقَاتِلِ
٩٤
يَجُودُ بِمِثْلِ الَّذِي رُمْتُمُ
فَلَمْ تُدْرِكُوهُ عَلَى السَّائِلِ
٩٥
أَمَامَ الْكَتِيبَةِ تُزْهَى بِهِ
مَكَانَ السِّنَانِ مِنَ الْعَامِلِ
٩٦
وَإِنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ آمِلٍ
قِتَالًا بِكُمُ عَلَى بَازِلِ!
٩٧
أَقَالَ لَهُ اللهُ: لَا تَلْقَهُمْ
بِمَاضٍ عَلَى فَرَسٍ حَائِلِ
٩٨
إِذَا مَا ضَرَبْتَ بِهِ هَامَةً
بَرَاهَا وَغَنَّاكَ فِي الْكَاهِلِ
٩٩
وَلَيْسَ بِأَوَّلِ ذِي هِمَّةٍ
دَعَتْهُ لِمَا لَيْسَ بِالنَّائِلِ
١٠٠
يُشَمِّرُ لِلُّجِّ عَنْ سَاقِهِ
وَيَغْمُرُهُ الْمَوْجُ فِي السَّاحِلِ
١٠١
أَمَا لِلْخِلَافَةِ مِنْ مُشْفِقٍ
عَلَى سَيْفِ دَوْلَتِهَا الْفَاصِلِ؟
١٠٢
يَقُدُّ عِدَاهَا بِلَا ضَارِبٍ
وَيَسْرِي إِلَيْهِمْ بِلَا حَامِلِ
١٠٣
تَرَكْتَ جَمَاجِمَهُمْ فِي النَّقَا
وَمَا يَتَخَلَّصْنَ لِلنَّاخِلِ
١٠٤
فَأَنْبَتَّ مِنْهُمْ رَبِيعَ السِّبَاعِ
فَأَثْنَتْ بِإِحْسَانِكَ الشَّامِلِ
١٠٥
وَعُدْتَ إِلَى حَلَبٍ ظَافِرًا
كَعَوْدِ الْحُلِيِّ إِلَى الْعَاطِلِ
١٠٦
وَمِثْلُ الَّذِي دُسْتَهُ حَافِيًا
يُؤَثِّرُ فِي قَدَمِ النَّاعِلِ
١٠٧
وَكَمْ لَكَ مِنْ خَبَرٍ شَائِعٍ
لَهُ شِيَةُ الْأَبْلَقِ الْجَائِلِ!
١٠٨
وَيَوْمٍ شَرَابُ بَنِيهِ الرَّدَى
بَغِيضُ الْحُضُورِ إِلَى الْوَاغِلِ
١٠٩
تَفُكُّ الْعُنَاةَ وَتُغْنِي الْعُفَاةَ
وَتَغْفِرُ لِلْمُذْنِبِ الْجَاهِلِ
١١٠
فَهَنَّأَكَ النَّصْرَ مُعْطِيكَهُ
وَأَرْضَاهُ سَعْيُكَ فِي الْآجِلِ
١١١
فَذِي الدَّارِ أَخْوَنُ مِنْ مُومِسٍ
وَأَخْدَعُ مِنْ كِفَّةِ الْحَابِلِ
١١٢
تَفَانَى الرِّجَالُ عَلَى حُبِّهَا
وَمَا يَحْصُلُونَ عَلَى طَائِلِ
١١٣
وسار سيف الدولة إلى الموصل لنصرة أخيه ناصر الدولة، لما قصده معز الدولة الديلمي
سنة سبع
وثلاثين وثلاثمائة، فقال أبو الطيب:
أَعَلَى الْمَمَالِكِ مَا يُبْنَى عَلَى الْأَسَلِ
وَالطَّعْنُ عِنْدَ مُحِبِّيهِنَّ كَالْقُبَلِ
١١٤
وَمَا تَقِرُّ سُيُوفٌ فِي مَمَالِكِهَا
حَتَّى تُقَلْقَلَ دَهْرًا قَبْلُ فِي الْقلَلِ
١١٥
مِثْلُ الْأَمِيرِ بَغَى أَمْرًا فَقَرَّبَهُ
طُولُ الرِّمَاحِ وَأَيْدِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ
١١٦
وَعَزْمَةٌ بَعَثَتْهَا هِمَّةٌ زُحَلٌ
مِنْ تَحْتِهَا بِمَكَانِ التُّرْبِ مِنْ زُحَلِ
١١٧
عَلَى الْفُرَاتِ أَعَاصِيرٌ وَفِي حَلَبٍ
تَوَحُّشٌ لِمُلْقِي النَّصْرِ مُقْتَبَلِ
١١٨
تَتْلُو أَسِنَّتُهُ الْكُتْبَ الَّتِي نَفَذَتْ
وَيَجْعَلُ الْخَيْلَ أَبْدَالًا مِنَ الرُّسُلِ
١١٩
يَلْقَى الْمُلُوكَ فَلَا يَلْقَى سِوَى جَزَرٍ
وَمَا أَعَدُّوا فَلَا يَلْقَى سِوَى نَفَلِ
١٢٠
صَانَ الْخَلِيفَةَ بِالْأَبْطَالِ مُهْجَتَهُ
صِيَانَةَ الذَّكَرِ الْهِنْدِيِّ بِالْخِلَلِ
١٢١
الْفَاعِلُ الْفِعْلَ لَمْ يُفْعَلْ لِشِدَّتِهِ
وَالْقَائِلُ الْقَوْلَ لَمْ يُتْرَكْ وَلَمْ يُقَلِ
١٢٢
وَالْبَاعِثُ الْجَيْشَ قَدْ غَالَتْ عَجَاجَتُهُ
ضَوْءَ النَّهَارِ فَصَارَ الظُّهْرُ كَالطَّفَلِ
١٢٣
الْجَوُّ أَضْيَقُ مَا لَاقَاهُ سَاطِعُهَا
وَمُقْلَةُ الشَّمْسِ فِيهِ أَحْيَرُ الْمُقَلِ
١٢٤
يَنَالُ أَبْعَدَ مِنْهَا وَهْيَ نَاظِرَةٌ
فَمَا تُقَابِلُهُ إِلَّا عَلَى وَجَلِ
١٢٥
قَدْ عَرَّضَ السَّيْفَ دُونَ النَّازِلَاتِ بِهِ
وَظَاهَرَ الْحَزْمَ بَيْنَ النَّفْسِ وَالْغِيَلِ
١٢٦
وَوَكَّلَ الظَّنَّ بِالْأَسْرَارِ فَانْكَشَفَتْ
لَهُ ضَمَائِرُ أَهْلِ السَّهْلِ وَالْجَبَلِ
١٢٧
هُوَ الشُّجَاعُ يَعُدُّ الْبُخْلَ مِنْ جُبُنٍ
وَهْوَ الْجَوَادُ يَعُدُّ الْجُبْنَ مِنْ بَخَلِ
١٢٨
يَعُودُ مِنْ كُلِّ فَتْحٍ غَيْرَ مُفْتَخِرٍ
وَقَدْ أَغَذَّ إِلَيْهِ غَيْرَ مُحْتَفِلِ
١٢٩
وَلَا يُجِيرُ عَلَيْهِ الدَّهْرُ بُغْيَتَهُ
وَلَا تُحَصِّنُ دِرْعٌ مُهْجَةَ الْبَطَلِ
١٣٠
إِذَا خَلَعْتُ عَلَى عِرْضٍ لَهُ حُلَلًا
وَجَدْتُهَا مِنْهُ فِي أَبْهَى مِنَ الْحُلَلِ
١٣١
بِذِي الْغَبَاوَةِ مِنْ إِنْشَادِهَا ضَرَرٌ
كَمَا تُضِرُّ رِيَاحُ الْوَرْدِ بِالْجُعَلِ
١٣٢
لَقَدْ رَأَتْ كُلُّ عَيْنٍ مِنْكَ مَالِئَهَا
وَجَرَّبَتْ خَيْرَ سَيْفٍ خَيْرَةُ الدُّوَلِ
١٣٣
فَمَا تُكَشِّفُكَ الْأَعْدَاءُ مِنْ مَلَلٍ
مِنَ الْحُرُوبِ وَلَا الْآرَاءُ عَنْ زَلَلِ
١٣٤
وَكَمْ رِجَالٍ بِلَا أَرْضٍ لِكَثْرَتِهِمْ
تَرَكْتَ جَمْعَهُمْ أَرْضًا بِلَا رَجُلِ!
١٣٥
مَا زَالَ طِرْفُكَ يَجْرِي فِي دِمَائِهِم
حَتَّى مَشَى بِكَ مَشْيَ الشَّارِبِ الثَّمِلِ
١٣٦
يَا مَنْ يَسِيرُ وَحُكْمُ النَّاظِرَيْنِ لَهُ
فِيمَا يَرَاهُ وحُكْمُ الْقَلْبِ فِي الْجَذَلِ
١٣٧
إِنَّ السَّعَادَةَ فِيمَا أَنْتَ فَاعِلُهُ
وُفِّقْتَ مُرْتَحِلًا أَوْ غَيْرَ مُرْتَحِلِ
١٣٨
أَجْرِ الْجِيَادَ عَلَى مَا كُنْتَ مُجْرِيهَا
وَخُذْ بِنَفْسِكَ فِي أَخْلَاقِكَ الْأُوَلِ
١٣٩
يَنْظُرْنَ مِنْ مُقَلٍ أَدْمَى أَحِجَّتَهَا
قَرْعُ الْفَوَارِسِ بِالْعَسَّالَةِ الذُّبُلِ
١٤٠
فَلَا هَجَمْتَ بِهَا إِلَّا عَلَى ظَفَرٍ
وَلَا وَصَلْتَ بِهَا إِلَّا عَلَى أَمَلِ
١٤١
وقال يرثي أبا الهيجاء عبد الله بن سيف الدولة بحلب، وقد توفي بميافارقين في صفر سنة
ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة:
بِنَا مِنْكَ فَوْقَ الرَّمْلِ مَا بِكَ فِي الرَّمْلِ
وَهَذَا الَّذِي يُضْنِي كَذَاكَ الَّذِي يُبْلِي
١٤٢
كَأَنَّكَ أَبْصَرْتَ الَّذِي بِي وَخِفْتَهُ
إِذَا عِشْتَ فَاخْتَرْتَ الْحِمَامَ عَلَى الثُّكْلِ
١٤٣
تَرَكْتَ خُدُودَ الْغَانِيَاتِ وَفَوْقَهَا
دُمُوعٌ تُذِيبُ الْحُسْنَ فِي الْأَعْيُنِ النُّجْلِ
١٤٤
تَبُلُّ الثَّرَى سُودًا مِنَ الْمِسْكِ وَحْدَهُ
وَقَدْ قَطَرَتْ حُمْرًا عَلَى الشَّعَرِ الْجَثْلِ
١٤٥
فَإِنْ تَكُ فِي قَبْرٍ فَإِنَّكَ فِي الْحَشَا
وَإِنْ تَكُ طِفْلًا فَالْأَسَى لَيْسَ بِالطِّفْلِ
١٤٦
وَمِثْلُكَ لَا يُبْكَى عَلَى قَدْرِ سِنِّهِ
وَلَكِنْ عَلَى قَدْرِ الْمَخِيلَةِ وَالْأَصْلِ
١٤٧
أَلَسْتَ مِنَ الْقَوْمِ الْأُلَى مِنْ رِمَاحِهِمْ
نَدَاهُمْ وَمِنْ قَتْلَاهُمُ مُهْجَةُ الْبُخْلِ؟
١٤٨
بِمَوْلُودِهِمْ صَمْتُ اللِّسَانِ كَغَيْرِهِ
وَلَكِنَّ فِي أَعْطَافِهِ مَنْطِقَ الْفَضْلِ
١٤٩
تُسَلِّيهِمِ عَلْيَاؤُهُمْ عَنْ مُصَابِهِمْ
وَيَشْغَلُهُمْ كَسْبُ الثَّنَاءِ عَنِ الشُّغْلِ
١٥٠
أَقَلُّ بِلَاءً بِالرَّزَايَا مِنَ الْقَنَا
وَأَقْدَمُ بَيْنَ الْجَحْفَلَيْنِ مِنَ النَّبْلِ
١٥١
عَزَاءَكَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ الْمُقْتَدَى بِهِ
فَإِنَّكَ نَصْلٌ وَالشَّدَائِدُ لِلنَّصْلِ
١٥٢
مُقِيمٌ مِنَ الْهَيْجَاءِ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ
كَأَنَّكَ مِنْ كُلِّ الصَّوَارِمِ فِي أَهْلِ
١٥٣
وَلَمْ أَرَ أَعْصَى مِنْكَ لِلْحُزْنِ عَبْرَةً
وَأَثْبَتَ عَقْلًا وَالْقُلُوبُ بِلَا عَقْلِ
١٥٤
تَخُونُ الْمَنَايَا عَهْدَهُ فِي سَلِيلِهِ
وَتَنْصُرُهُ بَيْنَ الْفَوَارِسِ وَالرَّجْلِ
١٥٥
وَيَبْقَى عَلَى مَرِّ الْحَوَادِثِ صَبْرُهُ
وَيَبْدُو كَمَا يَبْدُو الْفِرِنْدُ عَلَى الصَّقْلِ
١٥٦
وَمَنْ كَانَ ذَا نَفْسٍ كَنَفْسِكَ حُرَّةٍ
فَفِيهِ لَهَا مُغْنٍ وَفِيهَا لَهُ مُسْلِي
١٥٧
وَمَا الْمَوْتُ إِلَّا سَارِقٌ دَقَّ شَخْصُهُ
يَصُولُ بِلَا كَفٍّ وَيَسْعَى بِلَا رِجْلِ
١٥٨
يَرُدُّ أَبُو الشِّبْلِ الْخَمِيسَ عَنِ ابْنِهِ
وَيُسْلِمُهُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ لِلنَّمْلِ
١٥٩
بِنَفْسِي وَلِيدٌ عَادَ مِنْ بَعْدِ حَمْلِهِ
إِلَى بَطْنِ أُمٍّ لَا تُطَرِّقُ بِالْحَمْلِ
١٦٠
بَدَا وَلَهُ وَعْدُ السَّحَابَةِ بِالرِّوَى
وَصَدَّ وَفِينَا غُلَّةُ الْبَلَدِ الْمَحْلِ
١٦١
وَقَدْ مَدَّتِ الْخَيْلُ الْعِتَاقُ عُيُونَهَا
إِلَى وَقْتِ تَبْدِيلِ الرِّكَابِ مِنَ النَّعْلِ
١٦٢
وَرِيعَ لَهُ جَيْشُ الْعَدُوِّ وَمَا مَشَى
وَجَاشَتْ لَهُ الْحَرْبُ الضَّرُوسُ وَمَا تَغْلِي
١٦٣
أَيَفْطِمُهُ التَّوْرَابُ قَبْلَ فِطَامِهِ
وَيَأْكُلُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ إِلَى الْأَكْلِ؟!
١٦٤
وَقَبْلَ يَرَى مِنْ جُودِهِ مَا رَأَيْتَهُ
وَيَسْمَعَ فِيهِ مَا سَمِعْتَ مِنَ الْعَذْلِ
١٦٥
وَيَلْقَى كَمَا تَلْقَى مِنَ السِّلْمِ وَالْوَغَى
وَيُمْسِي كَمَا تُمْسِي مَلِيكًا بِلَا مِثْلِ
١٦٦
تُوَلِّيهِ أَوْسَاطَ الْبِلَادِ رِمَاحُهُ
وَتَمَنْعُهُ أَطْرَافُهُنَّ مِنَ الْعَزْلِ
١٦٧
نُبَكِّي لِمَوْتَانَا عَلَى غَيْرِ رَغْبَةٍ
تَفُوتُ مِنَ الدُّنْيَا وَلَا مَوْهِبٍ جَزْلِ
١٦٨
إِذَا مَا تَأَمَّلْتَ الزَّمَانَ وَصَرْفَهُ
تَيَقَّنْتَ أَنَّ الْمَوْتَ ضَرْبٌ مِنَ الْقَتْلِ
١٦٩
هَلِ الْوَلَدُ الْمَحْبُوبُ إِلَّا تَعِلَّةٌ؟
وَهَلْ خَلْوَةُ الْحَسْنَاءِ إِلَّا أَذَى الْبَعْلِ؟
١٧٠
وَقَدْ ذُقْتُ حَلْوَاءَ الْبَنِينِ عَلَى الصِّبَا
فَلَا تَحْسَبَنِّي قُلْتُ مَا قُلْتُ عَنْ جَهْلِ
١٧١
وَمَا تَسَعُ الْأَزْمَانُ عِلْمِي بِأَمْرِهَا
وَلَا تُحْسِنُ الْأَيَّامُ تَكْتُبُ مَا أُمْلِي
١٧٢
وَمَا الدَّهْرُ أَهْلٌ أَنْ تُؤَمَّلَ عِنْدَهُ
حَيَاةٌ، وَأَنْ يُشْتَاقَ فِيهِ إِلَى النَّسْلِ
١٧٣
وقال يمدحه:
لَا الْحِلْمُ جَادَ بِهِ وَلا بِمِثَالِهِ
لَوْلَا ادِّكَارُ وَدَاعِهِ وَزِيَالِهِ
١٧٤
إِنَّ الْمُعِيدَ لَنَا الْمَنَامُ خَيَالَهُ
كَانَتْ إِعَادَتُهُ خَيَالَ خَيَالِهِ
١٧٥
بِتْنَا يُنَاوِلُنَا الْمُدَامَ بِكَفِّهِ
مَنْ لَيْسَ يَخْطُرُ أَنْ نَرَاهُ بِبَالِهِ
١٧٦
نَجْنِي الْكَوَاكِبَ مِنْ قَلَائِدِ جِيدِهِ
وَنَنَالُ عَيْنَ الشَّمْسِ مِنْ خَلْخَالِهِ
١٧٧
بِنْتُمْ عَنِ الْعَيْنِ الْقَرِيحَةِ فِيكُمُ
وَسَكَنْتُمُ ظَنَّ الْفُؤَادِ الْوَالِهِ
١٧٨
فَدَنَوْتُمُ وَدُنُوُّكُمْ مِنْ عِنْدِهِ
وَسَمَحْتُمُ وَسَمَاحُكُمْ مِنْ مَالِهِ
١٧٩
إِنِّي لَأُبْغِضُ طَيْفَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ
إِذْ كَانَ يَهْجُرُنَا زَمَانَ وِصَالِهِ
١٨٠
مِثْلُ الصَّبَابَةِ وَالْكَآبَةِ وَالْأَسَى
فَارَقْتُهُ فَحَدَثْنَ مِنْ تَرْحَالِهِ
١٨١
وَقَدِ اسْتَقَدْتُ مِنَ الْهَوَى وَأَذَقْتُهُ
مِنْ عِفَّتِي مَا ذُقْتُ مِنْ بَلْبَالِهِ
١٨٢
وَلَقَدْ ذَخَرْتُ لِكُلِّ أَرْضٍ سَاعَةً
تَسْتَجْفِلُ الضِّرْغَامَ عَنْ أَشْبَالِهِ
١٨٣
تَلْقَى الْوُجُوهُ بِهَا الْوُجُوهَ وَبَيْنَهَا
ضَرْبٌ يَجُولُ الْمَوْتُ فِي أَجْوَالِهِ
١٨٤
وَلَقَدْ خَبَأْتُ مِنَ الْكَلَامِ سُلَافَهُ
وَسَقَيْتُ مَنْ نَادَمْتُ مِنْ جِرْيَالِهِ
١٨٥
وَإِذَا تَعَثَّرَتِ الْجِيَادُ بِسَهْلِهِ
بَرَّزْتُ غَيْرَ مُعَثَّرٍ بِجِبَالِهِ
١٨٦
وَحَكَمْتُ فِي الْبَلَدِ الْعَرَاءِ بِنَاعِجٍ
مُعْتَادِهِ مُجْتَابِهِ مُغْتَالِهِ
١٨٧
يَمْشِي كَمَا عَدَتِ الْمَطِيُّ وَرَاءَهُ
وَيَزِيدُ وَقْتَ جَمَامِهَا وَكَلَالِهِ
١٨٨
وَتُرَاعُ غَيْرَ مُعَقَّلَاتٍ حَوْلَهُ
فَيَفُوتُهَا مُتَجَفِّلًا بِعِقَالِهِ
١٨٩
فَغَدَا النَّجَاحُ وَرَاحَ فِي أَخْفَافِهِ
وَغَدَا الْمِرَاحُ وَرَاحَ فِي إِرْقَالِهِ
١٩٠
وَشَرِكْتُ دَوْلَةَ هَاشِمٍ فِي سَيْفِهَا
وَشَقَقْتُ خِيسَ الْمُلْكِ عَنْ رِئْبَالِهِ
١٩١
عَنْ ذَا الَّذِي حُرِمَ اللُّيُوثُ كَمَالَهُ
يُنْسِي الْفَرِيسَةَ خَوْفَهُ بِجَمَالِهِ
١٩٢
وَتَوَاضَعَ الْأُمَرَاءُ حَوْلَ سَرِيرِهِ
وَتَرَى الْمَحَبَّةَ وَهْيَ مِنْ آكَالِهِ
١٩٣
وَيُمِيتُ قَبْلَ قِتَالِهِ وَيبَشُّ قَبـْ
ـلَ نَوَالِهِ وَيُنِيلُ قَبْلَ سُؤَالِهِ
١٩٤
إِنَّ الرِّيَاحَ إِذَا عَمَدْنَ لِنَاظِرٍ
أَغْنَاهُ مُقْبِلُهَا عَنِ اسْتِعْجَالِهِ
١٩٥
أَعْطَى وَمَنَّ عَلَى الْمُلُوكِ بِعَفْوِهِ
حَتَّى تَسَاوَى النَّاسُ فِي إِفْضَالِهِ
١٩٦
وَإِذَا غَنُوا بِعَطَائِهِ عَنْ هَزِّهِ
وَالَى فَأَغْنَى أَنْ يَقُولُوا: وَالِهِ
١٩٧
وَكَأَنَّمَا جَدْوَاهُ مِنْ إِكْثَارِهِ
حَسَدٌ لِسَائِلِهِ عَلَى إِقْلَالِهِ
١٩٨
غَرَبَ النُّجُومُ فَغُرْنَ دُونَ هُمُومِهِ
وَطَلَعْنَ حِينَ طَلَعْنَ دُونَ مَنَالِهِ
١٩٩
وَاللهُ يُسْعِدُ كُلَّ يَوْمٍ جَدَّهُ
وَيَزِيدُ مِنْ أَعْدَائِهِ فِي آلِهِ
٢٠٠
لَوْ لَمْ تَكُنْ تَجْرِي عَلَى أَسْيَافِهِ
مُهَجَاتُهُمْ لَجَرَتْ عَلَى إِقْبَالِهِ
٢٠١
لَمْ يَتْرُكُوا أَثَرًا عَلَيْهِ مِنَ الْوَغَى
إِلَّا دِمَاءَهُمُ عَلَى سِرْبَالِهِ
٢٠٢
فَلِمِثْلِهِ جَمَعَ الْعَرَمْرَمُ نَفْسَهُ
وَبِمِثْلِهِ انْفَصَمَتْ عُرَى أَقْتَالِهِ
٢٠٣
يَا أَيُّهَا الْقَمَرُ الْمُبَاهِي وَجْهَهُ
لَا تُكْذَبَنَّ فَلَسْتَ مِنْ أَشْكَالِهِ
٢٠٤
وَإِذَا طَمَا الْبَحْرُ الْمُحِيطُ فَقُلْ لَهُ:
دَعْ ذَا فَإِنَّكَ عَاجِزٌ عَنْ حَالِهِ
٢٠٥
وَهَبَ الَّذِي وَرِثَ الْجُدُودَ وَمَا رَأَى
أَفْعَالَهُمْ لِابْنٍ بِلَا أَفْعَالِهِ
٢٠٦
حَتَّى إِذَا فَنِيَ التُّرَاثُ سِوَى الْعُلَا
قَصَدَ الْعُدَاةَ مِنَ الْقَنَا بِطِوَالِهِ
٢٠٧
وَبِأَرْعَنٍ لَبِسَ الْعَجَاجَ إِلَيْهِمِ
فَوْقَ الْحَدِيدِ وَجَرَّ مِنْ أَذْيَالِهِ
٢٠٨
فَكَأَنَّمَا قَذِيَ النَّهَارُ بِنَقْعِهِ
أَوْ غَضَّ عَنْهُ الطَّرْفَ مِنْ إِجْلَالِهِ
٢٠٩
الْجَيْشُ جَيْشُكَ غَيْرَ أَنَّكَ جَيْشُهُ
فِي قَلْبِهِ وَيَمِينِهِ وَشِمَالِهِ
٢١٠
تَرِدُ الطِّعَانَ الْمُرَّ عَنْ فُرْسَانِهِ
وَتُنَازِلُ الْأَبْطَالَ عَنْ أَبْطَالِهِ
٢١١
كُلٌّ يُرِيدُ رِجَالَهُ لِحَيَاتِهِ
يَا مَنْ يُرِيدُ حَيَاتَهُ لِرِجَالِهِ
٢١٢
دُونَ الْحَلَاوَةِ فِي الزَّمَانِ مَرَارَةٌ
لَا تُخْتَطَى إِلَّا عَلَى أَهْوَالِهِ
٢١٣
فَلِذَاكَ جَاوَزَهَا عَلِيٌّ وَحْدَهُ
وَسَعَى بِمُنْصُلِهِ إِلَى آمَالِهِ
٢١٤
وقال وقد توسط سيف الدولة جبالًا بطريق آمد:
يُؤَمِّمُ ذَا السَّيْفُ آمَالَهُ
وَلا يَفْعَلُ السَّيْفُ أَفْعَالَهُ
٢١٥
إِذَا سَارَ فِي مَهْمَهٍ عَمَّهُ
وَإِنْ سَارَ فِي جَبَلٍ طَالَهُ
٢١٦
وَأَنْتَ بِمَا نُلْتَنَا مَالِكٌ
يُثَمِّرُ مِنْ مَالِهِ مَالَهُ
٢١٧
كَأَنَّكَ مَا بَيْنَنَا ضَيْغَمٌ
يُرَشِّحُ لِلْفَرْسِ أَشْبَالَهُ
٢١٨
وقال يمدحه ويذكر الخيمة التي رمتها الريح، وكان قد ضرب سيف الدولة خيمة عظيمة
بميافارقين، وأشاع الناس أن مقامه يتصل بها فهبت ريح شديدة فوقعت الخيمة، فتكلم الناس
في
ذلك، فقال:
أَيَقْدَحُ فِي الْخَيْمَةِ الْعُذَّلُ
وَتَشْمَلُ مَنْ دَهْرَهَا يَشْمَلُ؟!
٢١٩
وَتَعْلُو الَّذِي زُحَلٌ تَحْتَهُ
مُحَالٌ لَعَمْرُكَ مَا تُسْأَلُ
٢٢٠
فَلِمْ لَا تَلُومُ الَّذِي لَامَهَا
وَمَا فَصُّ خَاتَمِهِ يَذْبُلُ؟
٢٢١
تَضِيقُ بِشَخْصِكَ أَرْجَاؤُهَا
وَيَرْكُضُ فِي الْوَاحِدِ الْجَحْفَلُ
٢٢٢
وَتَقْصُرُ مَا كُنْتَ فِي جَوْفِهَا
وَتُرْكَزُ فِيهَا الْقَنَا الذُّبَّلُ
٢٢٣
وَكَيْفَ تَقُومُ عَلَى رَاحَةٍ
كَأَنَّ الْبِحَارَ لَهَا أُنْمُلُ؟!
٢٢٤
فَلَيْتَ وَقَارَكَ فَرَّقْتَهُ
وَحَمَّلْتَ أَرْضَكَ مَا تَحْمِلُ!
٢٢٥
فَصَارَ الْأَنَامُ بِهِ سَادَةً
وَسُدْتَهُمُ بِالَّذِي يَفْضُلُ
٢٢٦
رَأَتْ لَوْنَ نُورِكَ فِي لَوْنِهَا
كَلَوْنِ الْغَزَالَةِ لَا يُغْسَلُ
٢٢٧
وَأَنَّ لَهَا شَرَفًا بَاذِخًا
وَأَنَّ الْخِيَامَ بِهَا تَخْجَلُ
٢٢٨
فَلَا تُنْكِرَنَّ لَهَا صَرْعَةً
فَمِنْ فَرَحِ النَّفْسِ مَا يَقْتُلُ
٢٢٩
وَلَوْ بُلِّغَ النَّاسُ مَا بُلِّغَتْ
لَخَانَتْهُمُ حَوْلَكَ الْأَرْجُلُ
٢٣٠
وَلَمَّا أَمَرْتَ بِتَطْنِيبِهَا
أُشِيعَ بِأَنَّكَ لَا تَرْحَلُ
٢٣١
فَمَا اعْتَمَدَ اللهُ تَقْوِيضَهَا
وَلَكِنْ أَشَارَ بِمَا تَفْعَلُ
٢٣٢
وَعَرَّفَ أَنَّكَ مِنْ هَمِّهِ
وَأَنَّكَ فِي نَصْرِهِ تَرْفُلُ
٢٣٣
فَمَا الْعَانِدُونَ وَمَا أَثَّلُوا
وَمَا الْحَاسِدُونَ وَمَا قَوَّلُوا؟!
٢٣٤
هُمُ يَطْلُبُونَ فَمَنْ أَدْرَكُوا
وَهُمْ يَكْذِبُونَ فَمَنْ يَقْبَلُ؟!
٢٣٥
وَهُمْ يَتَمَنَّوْنَ مَا يَشْتَهُونَ
وَمِنْ دُونِهِ جَدُّكَ الْمُقْبِلُ
٢٣٦
وَمَلْمُومَةٌ زَرَدٌ ثَوْبُهَا
وَلَكِنَّهُ بِالْقَنَا مُخْمَلُ
٢٣٧
يُفَاجِئُ جَيْشًا بِهَا حَيْنُهُ
وَيُنْذِرُ جَيْشًا بِهَا الْقَسْطَلُ
٢٣٨
جَعَلْتُكَ بِالْقَلْبِ لِي عُدَّةً
لِأَنَّكَ بِالْيَدِ لَا تُجْعَلُ
٢٣٩
لَقَدْ رَفَعَ اللهُ مِنْ دَوْلَةٍ
لَهَا مِنْكَ يَا سَيْفَهَا مُنْصُلُ
٢٤٠
فَإِنْ طُبِعَتْ قَبْلَكَ الْمُرْهَفَاتُ
فَإِنَّكَ مِنْ قَبْلِهَا الْمِقْصَلُ
٢٤١
وَإِنْ جَادَ قَبْلَكَ قَوْمٌ مَضَوْا
فَإِنَّكَ فِي الْكَرَمِ الْأَوَّلُ
٢٤٢
وَكَيْفَ تُقَصِّرُ عَنْ غَايَةٍ
وَأُمُّكَ مِنْ لَيْثِهَا مُشْبِلُ؟!
٢٤٣
وَقَدْ وَلَدَتْكَ فَقَالَ الْوَرَى:
أَلَمْ تَكُنِ الشَّمْسُ لَا تُنْجَلُ؟!
٢٤٤
فَتَبًّا لِدِينِ عَبِيدِ النُّجُومِ
وَمَنْ يَدَّعِي أَنَّهَا تَعْقِلُ
٢٤٥
وَقَدْ عَرَفَتْكَ فَمَا بَالُهَا
تَرَاكَ تَرَاهَا وَلَا تَنْزِلُ؟!
٢٤٦
وَلَوْ بِتُّمَا عِنْدَ قَدْرَيْكُمَا
لَبِتَّ وَأَعْلَاكُمَا الْأَسْفَلُ
٢٤٧
أَنَلْتَ عِبَادَكَ مَا أَمَّلُوا
أَنَالَكَ رَبُّكَ مَا تَأْمُلُ
٢٤٨
وقال يمدحه ويعتذر إليه وذلك في شعبان سنة إحدى وأربعين:
٢٤٩
أَجَابَ دَمْعِي وَمَا الدَّاعِي سِوَى طَلَلٍ
دَعَا فَلَبَّاهُ قَبْلَ الرَّكْبِ وَالْإِبِلِ
٢٥٠
ظَلِلْتُ بَيْنَ أُصَيْحَابِي أُكَفْكِفُهُ
وَظَلَّ يَسْفَحُ بَيْنَ الْعُذْرِ وَالْعَذَلِ
٢٥١
أَشْكُو النَّوَى وَلَهُمْ مِنْ عَبْرَتِي عَجَبٌ
كَذَاكَ كُنْتُ وَمَا أَشْكُو سِوَى الْكَلَلِ
٢٥٢
وَمَا صَبَابَةُ مُشْتَاقٍ عَلَى أَمَلٍ
مِنَ اللِّقَاءِ كَمُشْتَاقٍ بِلَا أَمَلِ
٢٥٣
مَتَى تَزُرْ قَوْمَ مَنْ تَهْوَى زِيَارَتَهَا
لَا يُتْحِفُوكَ بِغَيْرِ الْبِيضِ وَالْأَسَلِ
٢٥٤
وَالْهَجْرُ أَقْتَلُ لِي مِمَّا أُرَاقِبُهُ
أَنَا الْغَرِيقُ فَمَا خَوْفِي مِنَ الْبَلَلِ!
٢٥٥
مَا بَالُ كُلِّ فُؤَادٍ فِي عَشِيرَتِهَا
بِهِ الَّذِي بِي وَمَا بِي غَيْرُ مُنْتَقِلِ؟!
٢٥٦
مُطَاعَةُ اللَّحْظِ فِي الْأَلْحَاظِ مَالِكَةٌ
لِمُقْلَتَيْهَا عَظِيمُ الْمُلْكِ فِي الْمُقَلِ
٢٥٧
تَشَبَّهُ الْخَفِرَاتُ الآنِسَاتُ بِهَا
فِي مَشْيِهَا فَيَنَلْنَ الْحُسْنَ بِالْحِيَلِ
٢٥٨
قَدْ ذُقْتُ شِدَّةَ أَيَّامِي وَلَذَّتَهَا
فَمَا حَصَلْتُ عَلَى صَابٍ وَلَا عَسَلِ
٢٥٩
وَقَدْ أَرَانِي الشَّبَابُ الرُّوحَ فِي بَدَنِي
وَقَدْ أَرَانِي الْمَشِيبُ الرُّوحَ فِي بَدَلِي
٢٦٠
وَقَدْ طَرَقْتُ فَتَاةَ الْحَيِّ مُرْتَدِيًا
بِصَاحِبٍ غَيْرِ عِزْهَاةٍ وَلَا غَزِلِ
٢٦١
فَبَاتَ بَيْنَ تَرَاقِينَا نُدَفِّعُهُ
وَلَيْسَ يَعْلَمُ بِالشَّكْوَى وَلَا الْقُبَلِ
٢٦٢
ثُمَّ اغْتَدَى وَبِهِ مِنْ رَدْعِهَا أَثَرٌ
عَلَى ذُؤَابَتِهِ وَالْجَفْنِ وَالْخَلَلِ
٢٦٣
لَا أَكْسِبُ الذِّكْرَ إِلَّا مِنْ مَضَارِبِهِ
أَوْ مِنْ سِنَانٍ أَصَمِّ الْكَعْبِ مُعْتَدِلِ
٢٦٤
جَادَ الْأَمِيرُ بِهِ لِي فِي مَوَاهِبِهِ
فَزَانَهَا وَكَسَانِي الدِّرْعَ فِي الْحُلَلِ
٢٦٥
وَمِنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ مَعْرِفَتِي
بِحَمْلِهِ مَنْ كَعَبْدِ اللهِ أَوْ كَعَلِي
٢٦٦
مُعْطِي الْكَوَاعِبِ وَالْجُرْدِ السَّلَاهِبِ وَالـْ
ـبِيضِ الْقَوَاضِبِ وَالْعَسَّالَةِ الذُّبُلِ
٢٦٧
ضَاقَ الزَّمَانُ وَوَجْهُ الْأَرْضِ عَنْ مَلِكٍ
مِلْءِ الزَّمَانِ وَمِلْءِ السَّهْلِ وَالْجَبَلِ
٢٦٨
فَنَحْنُ فِي جَذَلٍ وَالرُّومُ فِي وَجَلٍ
وَالْبَرُّ فِي شُغُلٍ وَالْبَحْرُ فِي خَجَلِ
٢٦٩
مِنْ تَغْلِبَ الْغَالِبِينَ النَّاسَ مَنْصِبُهُ
وَمِنْ عَدِيٍّ أَعَادِي الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ
٢٧٠
وَالْمَدْحُ لِابْنِ أَبِي الْهَيْجَاءِ تُنْجِدُهُ
بِالْجَاهِلِيَّةِ عَيْنُ الْعِيِّ وَالْخَطَلِ
٢٧١
لَيْتَ الْمَدَائِحَ تَسْتَوْفِي مَنَاقِبَهُ
فَمَا كُلَيْبٌ وَأَهْلُ الْأَعْصُرِ الْأُوَلِ
٢٧٢
خُذْ مَا تَرَاهُ وَدَعْ شَيْئًا سَمِعْتَ بِهِ
فِي طَلْعَةِ الشَّمْسِ مَا يُغْنِيكَ عَنْ زُحَلِ
٢٧٣
وَقَدْ وَجَدْتَ مَجَالَ الْقَوْلِ ذَا سَعَةٍ
فَإِنْ وَجَدْتَ لِسَانًا قَائِلًا فَقُلِ
٢٧٤
إِنَّ الْهُمَامَ الَّذِي فَخْرُ الْأَنَامِ بِهِ
خَيْرُ السُّيُوفِ بِكَفَّيْ خَيْرَةِ الدُّوَلِ
٢٧٥
تُمْسِي الْأَمَانِيُّ صَرْعَى دُونَ مَبْلَغِهِ
فَمَا يَقُولُ لِشَيْءٍ لَيْتَ ذَلِكَ لِي
٢٧٦
انْظُرْ إِذَا اجْتَمَعَ السَّيْفَانِ فِي رَهَجٍ
إِلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي الْخَلْقِ وَالْعَمَلِ
هَذَا الْمُعَدُّ لِرَيْبِ الدَّهْرِ مُنْصَلِتًا
أَعَدَّ هَذَا لِرَأْسِ الْفَارِسِ الْبَطَلِ
٢٧٧
فَالْعُرْبُ مِنْهُ مَعَ الْكُدْرِيِّ طَائِرَةٌ
وَالرُّومُ طَائِرَةٌ مِنْهُ مَعَ الْحَجَلِ
٢٧٨
وَمَا الْفِرَارُ إِلَى الْأَجْبَالِ مِنْ أَسَدٍ
تَمْشِي النَّعَامُ بِهِ فِي مَعْقِلِ الْوَعَلِ؟!
٢٧٩
جَازَ الدُّرُوبَ إِلَى مَا خَلْفَ خَرْشَنَةٍ
وَزَالَ عَنْهَا وَذَاكَ الرَّوْعُ لَمْ يَزُلِ
٢٨٠
فَكُلَّمَا حَلَمَتْ عَذْرَاءُ عِنْدَهُمُ
فَإِنَّمَا حَلَمَتْ بِالسَّبْيِ وَالْجَمَلِ
٢٨١
إِنْ كُنْتَ تَرْضَى بِأَنْ يُعْطُوا الْجِزَى بَذَلُوا
مِنْهَا رِضَاكَ وَمَنْ لِلْعُورِ بِالْحَوَلِ
٢٨٢
نَادَيْتُ مَجْدَكَ فِي شِعْرِي وَقَدْ صَدَرَا
يَا غَيْرَ مُنْتَحِلٍ فِي غَيْرِ مُنْتَحِلِ
٢٨٣
بِالشَّرْقِ وَالْغَرْبِ أَقْوَامٌ نُحِبُّهُمُ
فَطَالِعَاهُمْ وَكُونَا أَبْلَغَ الرُّسُلِ
٢٨٤
وَعَرِّفَاهُمْ بِأَنِّي فِي مَكَارِمِهِ
أُقَلِّبُ الطَّرْفَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْخَوَلِ
٢٨٥
يَا أَيُّهَا الْمُحْسِنُ الْمَشْكُورُ مِنْ جِهَتِي
وَالشُّكْرُ مِنْ قِبَلِ الْإِحْسَانِ لَا قِبَلِي
٢٨٦
مَا كَانَ نَوْمِي إِلَّا فَوْقَ مَعْرِفَتِي
بِأَنَّ رَأْيَكَ لَا يُؤْتَى مِنَ الزَّلَلِ
٢٨٧
أَقِلْ أَنِلْ أَقْطِعِ احْمِلْ عَلِّ سَلِّ أَعِدْ
زِدْ هَشَّ بَشَّ تَفَضَّلْ أَدْنِ سُرَّ صِلِ
٢٨٨
لَعَلَّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ
فَرُبَّمَا صَحَّتِ الْأَجْسَامُ بِالْعِلَلِ
٢٨٩
وَمَا سَمِعْتُ، وَلَا غَيْرِي بِمُقْتَدِرٍ
أَذَبَّ مِنْكَ لِزُورِ الْقَوْلِ عَنْ رَجُلِ
٢٩٠
لِأَنَّ حِلْمَكَ حِلْمٌ لَا تَكَلَّفُهُ
لَيْسَ التَّكَحُّلُ فِي الْعَيْنَيْنِ كَالْكَحَلِ
٢٩١
وَمَا ثَنَاكَ كَلَامُ النَّاسِ عَنْ كَرَمٍ
وَمَنْ يَسُدُّ طَرِيقَ الْعَارِضِ الْهَطِلِ؟!
٢٩٢
أَنْتَ الْجَوَادُ بِلَا مَنٍّ وَلَا كَدَرٍ
وَلَا مِطَالٍ وَلَا وَعْدٍ وَلَا مَذَلِ
٢٩٣
أَنْتَ الشُّجَاعُ إِذَا مَا لَمْ يَطَأْ فَرَسٌ
غَيْرَ السَّنَوَّرِ وَالْأَشْلَاءِ وَالْقُلَلِ
٢٩٤
وَرَدَّ بَعْضُ الْقَنَا بَعْضًا مُقَارَعَةً
كَأَنَّهُ مِنْ نُفُوسِ الْقَوْمِ فِي جَدَلِ
٢٩٥
لَا زِلْتَ تَضْرِبُ مَنْ عَادَاكَ عَنْ عُرُضٍ
بِعَاجِلِ النَّصْرِ فِي مُسْتَأْخِرِ الْأَجَلِ
٢٩٦
ولما أنشد أقل أنل رآهم يعدون ألفاظه، فقال وزاد فيه:
أَقِلْ أَنِلْ أُنْ صُنِ احْمِلْ عَلِّ سَلِّ أَعِدْ
زِدْ هَشَّ بَشَّ هَبِ اغْفِرْ أَدْنِ سُرَّ صِلِ
٢٩٧
فرآهم يستكثرون الحروف، فقال:
عِشِ ابْقَ اسْمُ سُدْ قُدْ جُدْ مُرِ انْهَ رِ فِ اسْرِ نَلْ
غِظِ ارْمِ صِبِ احْمِ اغْزُ اسْبِ رُعْ زَعْ دِلِ اثْنِ نُلْ
٢٩٨
وَهَذَا دُعَاءٌ لَوْ سَكَتُّ كُفِيتَهُ
لِأَنِّي سَأَلْتُ اللهَ فِيكَ وَقَدْ فَعَلْ
٢٩٩
وقال وقد حضر مجلس سيف الدولة وبين يديه أتْرُجٌّ وطَلْعٌ وهو يمتحن الفرسان، فقال
ابن
حبيش شيخ المصيصة: لا تتوهم هذا للشرب، فقال أبو الطيب:
شَدِيدُ الْبُعْدِ مِنْ شُرْبِ الشَّمُولِ
تُرُنْجُ الْهِنْدِ أَوْ طَلْعُ النَّخِيلِ
٣٠٠
وَلَكِنْ كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ طِيبٌ
لَدَيْكَ مِنَ الدَّقِيقِ إِلَى الْجَلِيلِ
٣٠١
وَمَيْدَانُ الْفَصَاحَةِ وَالْقَوَافِي
وَمُمْتَحَنُ الْفَوَارِسِ وَالْخُيُولِ
٣٠٢
وأنكر عليه بعض الحاضرين قوله: شديد … إلخ، فقال:
أَتَيْتُ بِمَنْطِقِ الْعَرَبِ الْأَصِيلِ
وَكَانَ بِقَدْرِ مَا عَايَنْتُ قِيلِي
٣٠٣
فَعَارَضَهُ كَلَامٌ كَانَ مِنْهُ
بِمَنْزِلَةِ النِّسَاءِ مِنَ الْبُعُولِ
٣٠٤
وَهَذَا الدُّرُّ مَأْمُونُ التَّشَظِّي
وَأَنْتَ السَّيْفُ مَأْمُونُ الْفُلُولِ
٣٠٥
وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي الْأَفْهَامِ شَيْءٌ
إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيلِ
٣٠٦
ودخل عليه في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وعنده رسول ملك الروم وقد جاء
يلتمس
الفداء، وركب الغلمان بالتجافيف وأحضروا لبؤة مقتولة ومعها ثلاثة أشبال بالحياة وألقوها
بين
يديه. فقال أبو الطيب مرتجلًا:
لَقِيتَ الْعُفَاةَ بِآمَالِهَا
وَزُرْتَ الْعُدَاةَ بِآجَالِهَا
٣٠٧
وَأَقْبَلَتِ الرُّومُ تَمْشِي إِلَيْكَ
بَيْنَ اللُّيُوثِ وَأَشْبَالِهَا
٣٠٨
إِذَا رَأَتِ الْأُسْدَ مَسْبِيَّةً
فَأَيْنَ تَفِرُّ بِأَطْفَالِهَا؟!
٣٠٩
ودخل عليه ليلًا وهو يصف سلاحًا كان بين يديه ورُفع، فقال ارتجالًا:
وَصَفْتَ لَنَا — وَلَمْ نَرَهُ — سِلَاحًا
كَأَنَّكَ وَاصِفٌ وَقْتَ النِّزَالِ
٣١٠
وَأَنَّ الْبَيْضَ صُفَّ عَلَى دُرُوعٍ
فَشَوَّقَ مَنْ رَآهُ إِلَى الْقِتَالِ
٣١١
فَلَوْ أَطْفَأْتَ نَارَكَ تَا لَدَيْهِ
قَرَأْتَ الْخَطَّ فِي سُودِ اللَّيَالِي
٣١٢
إِنِ اسْتَحْسَنْتَ وَهْوَ عَلَى بِسَاطٍ
فَأَحْسَنُ مَا يَكُونُ عَلَى الرِّجَالِ
٣١٣
وَإِنَّ بِهَا، وَإِنَّ بِهِ لَنَقْصًا
وَأَنْتَ لَهَا النِّهَايَةُ فِي الْكَمَالِ
٣١٤
وَلَوْ لَحَظَ الدُّمُسْتُقُ جَانِبَيْهِ
لَقَلَّبَ رَأْيَهُ حَالًا لِحَالِ
٣١٥
وقال يمدحه، وأنشدها في جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة:
٣١٦
لَيَالِيَّ بَعْدَ الظَّاعِنِينَ شُكُولُ
طِوَالٌ وَلَيْلُ الْعَاشِقِينَ طَوِيلُ
٣١٧
يُبِنَّ لِيَ الْبَدْرَ الَّذِي لَا أُرِيدُهُ
وَيُخْفِينَ بَدْرًا مَا إِلَيْهِ سَبِيلُ
٣١٨
وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعْدِ الْأَحِبَّةِ سَلْوَةً
وَلَكِنَّنِي لِلنَّائِبَاتِ حَمُولُ
٣١٩
وَإِنَّ رَحِيلًا وَاحِدًا حَالَ بَيْنَنَا
وَفِي الْمَوْتِ مِنْ بَعْدِ الرَّحِيلِ رَحِيلُ
٣٢٠
إِذَا كَانَ شَمُّ الرَّوْحِ أَدْنَى إِلَيْكُمُ
فَلَا بَرِحَتْنِي رَوْضَةٌ وَقَبُولُ
٣٢١
وَمَا شَرَقِي بِالْمَاءِ إِلَّا تَذَكُّرًا
لِمَاءٍ بِهِ أَهْلُ الْحَبِيبِ نُزُولُ
٣٢٢
يُحَرِّمُهُ لَمْعُ الْأَسِنَّةِ فَوْقَهُ
فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إِلَيْهِ وُصُولُ
٣٢٣
أَمَا فِي النُّجُومِ السَّائِرَاتِ وَغَيْرِهَا
لِعَيْنِي عَلَى ضَوْءِ الصَّبَاحِ دَلِيلُ؟
٣٢٤
أَلَمْ يَرَ هَذَا اللَّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤْيَتِي
فَتَظْهَرَ فِيهِ رِقَّةٌ وَنُحُولُ؟!
٣٢٥
لَقِيتُ بِدَرْبِ الْقُلَّةِ الْفَجْرَ لَقْيَةً
شَفَتْ كَمَدِي وَاللَّيْلُ فِيهِ قَتِيلُ
٣٢٦
وَيَوْمًا كَأَنَّ الْحُسْنَ فِيهِ عَلَامَةٌ
بَعَثْتِ بِهَا وَالشَّمْسُ مِنْكِ رَسُولُ
٣٢٧
وَمَا قَبْلَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ اثَّارَ عَاشِقٌ
وَلَا طُلِبَتْ عِنْدَ الظَّلَامِ ذُحُولُ
٣٢٨
وَلَكِنَّهُ يَأْتِي بِكُلِّ غَرِيبَةٍ
تَرُوقُ عَلَى اسْتِغْرَابِهَا وَتَهُولُ
٣٢٩
رَمَى الدَّرْبَ بِالْجُرْدِ الْجِيَادِ إِلَى الْعِدَا
وَمَا عَلِمُوا أَنَّ السِّهَامَ خُيُولُ
٣٣٠
شَوَائِلَ تَشْوَالَ الْعَقَارِبِ بِالْقَنَا
لَهَا مَرَحٌ مِنْ تَحْتِهِ وَصَهِيلُ
٣٣١
وَمَا هِيَ إِلَّا خَطْرَةٌ عَرَضَتْ لَهُ
بِحَرَّانَ لَبَّتْهَا قَنًا وَنُصُولُ
٣٣٢
هُمَامٌ إِذَا مَا هَمَّ أَمْضَى هُمُومَهُ
بِأَرْعَنَ وَطْءُ الْمَوْتِ فِيهِ ثَقِيلُ
٣٣٣
وَخَيْلٍ بَرَاهَا الرَّكْضُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ
إِذَا عَرَّسَتْ فِيَها فَلَيْسَ تَقِيلُ
٣٣٤
فَلَمَّا تَجَلَّى مِنْ دَلُوكٍ وَصَنْجَةٍ
عَلَتْ كُلَّ طَوْدٍ رَايَةٌ وَرَعِيلُ
٣٣٥
عَلَى طُرُقٍ فِيهَا عَلَى الطُّرْقِ رِفْعَةٌ
وَفِي ذِكْرِهَا عِنْدَ الْأَنِيسِ خُمُولُ
٣٣٦
فَمَا شَعَرُوا حَتَّى رَأَوْهَا مُغِيرَةً
قِبَاحًا وَأَمَّا خَلْقُهَا فَجَمِيلُ
٣٣٧
سَحَائِبُ يُمْطِرْنَ الْحَدِيدَ عَلَيْهِم
فَكُلُّ مَكَانٍ بِالسُّيُوفِ غَسِيلُ
٣٣٨
وَأَمْسَى السَّبَايَا يَنْتَحِبْنَ بِعَرْقَةٍ
كَأَنَّ جُيُوبَ الثَّاكِلَاتِ ذُيُولُ
٣٣٩
وَعَادَتْ فَظَنُّوهَا بِمَوْزَارَ قُفَّلًا
وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا الدُّخُولَ قُفُولُ
٣٤٠
فَخَاضَتْ نَجِيعَ الْجَمْعِ خَوْضًا كَأَنَّهُ
بِكُلِّ نَجِيعٍ لَمْ تَخُضْهُ كَفِيلُ
٣٤١
تُسَايِرُهَا النِّيرَانُ فِي كُلِّ مَسْلَكٍ
بِهِ الْقَوْمُ صَرْعَى وَالدِّيَارُ طُلُولُ
٣٤٢
وَكَرَّتْ فَمَرَّتْ فِي دِمَاءِ مَلَطْيَةٍ
مَلَطْيَةُ أُمٌّ لِلْبَنِينِ ثَكُولُ
٣٤٣
وَأَضْعَفْنَ مَا كُلِّفْنَهُ مِنْ قُبَاقِبٍ
فَأَضْحَى كَأَنَّ الْمَاءَ فِيهِ عَلِيلُ
٣٤٤
وَرُعْنَ بِنَا قَلْبَ الْفُرَاتِ كَأَنَّمَا
تَخِرُّ عَلَيْهِ بِالرِّجَالِ سُيُولُ
٣٤٥
يُطَارِدُ فِيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سَابِحٍ
سَوَاءٌ عَلَيْهِ غَمْرَةٌ وَمَسِيلُ
٣٤٦
تَرَاهُ كَأَنَّ الْمَاءَ مَرَّ بِجِسْمِهِ
وَأَقْبَلَ رَأْسٌ وَحْدَهُ وَتَلِيلُ
٣٤٧
وَفِي بَطْنِ هِنْزِيطٍ وَسِمْنِينَ لِلظُّبَا
وَصُمَّ الْقَنَا مِمَّنْ أَبْدَنَ بَدِيلُ
٣٤٨
طَلَعْنَ عَلَيْهِمْ طَلْعَةً يَعْرِفُونَهَا
لَهَا غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وَحُجُولُ
٣٤٩
تَمَلُّ الْحُصُونُ الشُّمُّ طُولَ نِزَالِنَا
فَتُلْقِي إِلَيْنَا أَهْلَهَا وَتَزُولُ
٣٥٠
وَبِتْنَ بِحِصْنِ الرَّانِ رَزْحَى مِنَ الْوَجَى
وَكُلُّ عَزِيزٍ لِلْأَمِيرِ ذَلِيلُ
٣٥١
وَفِي كُلِّ نَفْسٍ مَا خَلَاهُ مَلَالَةٌ
وَفِي كُلِّ سَيْفٍ مَا خَلَاهُ فُلُولُ
٣٥٢
وَدُونَ سُمَيْسَاطَ الْمَطَامِيرُ وَالْمَلَا
وَأَوْدِيَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهُجُولُ
٣٥٣
لَبِسْنَ الدُّجَى فِيهَا إِلَى أَرْضِ مَرْعَشٍ
وَلِلرُّومِ خَطْبٌ فِي الْبِلَادِ جَلِيلُ
٣٥٤
فَلَمَّا رَأَوْهُ وَحْدَهُ قَبْلَ جَيْشِهِ
دَرَوْا أَنَّ كُلَّ الْعَالَمِينَ فُضُولُ
٣٥٥
وَأَنَّ رِمَاحَ الْخَطِّ عَنْهُ قَصِيرَةٌ
وَأَنَّ حَدِيدَ الْهِنْدِ عَنْهُ كَلِيلُ
٣٥٦
فَأَوْرَدَهُمْ صَدْرَ الْحِصَانِ وَسَيْفَهُ
فَتًى بَأْسُهُ مِثْلُ الْعَطَاءِ جَزِيلُ
٣٥٧
جَوَادٌ عَلَى الْعِلَّاتِ بِالْمَالِ كُلِّهِ
وَلَكِنَّهُ بِالدَّارِعِينَ بَخِيلُ
٣٥٨
فَوَدَّعَ قَتْلَاهُمْ وَشَيَّعَ فَلَّهُمْ
بِضَرْبٍ حُزُونُ الْبَيْضِ فِيهِ سُهُولُ
٣٥٩
عَلَى قَلْبِ قُسْطَنْطِينَ مِنْهُ تَعَجُّبٌ
وَإِنْ كَانَ فِي سَاقَيْهِ مِنْهُ كُبُولُ
٣٦٠
لَعَلَّكَ يَومًا يَا دُمُسْتُقُ عَائِدٌ
فَكَمْ هَارِبٍ مِمَّا إِلَيْهِ يَئُولُ
٣٦١
نَجَوْتَ بِإِحْدَى مُهْجَتَيْكَ جَرِيحَةً
وَخَلَّفْتَ إِحْدَى مُهْجَتَيْكَ تَسِيلُ
٣٦٢
أَتُسْلِمُ لِلْخَطِّيَّةِ ابْنَكَ هَارِبًا
وَيَسْكُنَ فِي الدُّنْيَا إِلَيْكَ خَلِيلُ؟!
٣٦٣
بِوَجْهِكَ مَا أَنْسَاكَهُ مِنْ مُرِشَّةٍ
نَصِيرُكَ مِنْهَا رَنَّةٌ وَعَوِيلُ
٣٦٤
أَغَرَّكُمُ طُولُ الْجُيُوشِ وَعَرْضُهَا؟!
عَلِيٌّ شَرُوبٌ لِلْجُيُوشِ أَكُولُ
٣٦٥
إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلَّيْثِ إِلَّا فَرِيسَةً
غَذَاهُ وَلَمْ يَنْفَعْكَ أَنَّكَ فِيلُ
٣٦٦
إِذَا الطَّعْنُ لَمْ تُدْخِلْكَ فِيهِ شَجَاعَةٌ
هِيَ الطَّعْنُ لَمْ يُدْخِلْكَ فِيهِ عَذُولُ
٣٦٧
فَإِنْ تَكُنِ الْأَيَّامُ أَبْصَرْنَ صَوْلَهُ
فَقَدْ عَلَّمَ الْأَيَّامَ كَيْفَ تَصُولُ
٣٦٨
فَدَتْكَ مُلُوكٌ لَمْ تُسَمَّ مَوَاضِيًا
فَإِنَّكَ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ صَقِيلُ
٣٦٩
إِذَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ سَيْفًا لِدَوْلَةٍ
فَفِي النَّاسِ بُوقَاتٌ لَهَا وَطُبُولُ
٣٧٠
أَنَا السَّابِقُ الْهَادِي إِلَى مَا أَقُولُهُ
إِذِ الْقَوْلُ قَبْلَ الْقَائِلِينَ مَقُولُ
٣٧١
وَمَا لِكَلَامِ النَّاسِ فِيمَا يُرِيبُنِي
أُصُولٌ وَلَا لِلْقَائِلِيهِ أُصُولُ
٣٧٢
أُعَادَى عَلَى مَا يُوجِبُ الْحُبَّ لِلْفَتَى
وَأَهْدَأُ وَالْأَفْكَارُ فِيَّ تَجُولُ
٣٧٣
سِوَى وَجَعِ الْحُسَّادِ دَاوِ فَإِنَّهُ
إِذَا حَلَّ فِي قَلْبٍ فَلَيْسَ يَحُولُ
٣٧٤
وَلَا تَطْمَعَنْ مِنْ حَاسِدٍ فِي مَوَدَّةٍ
وَإِنْ كُنْتَ تُبْدِيهَا لَهُ وَتُنِيلُ
٣٧٥
وَإِنَّا لَنَلْقَى الْحَادِثَاتِ بِأَنْفُسٍ
كَثِيرُ الرَّزَايَا عِنْدَهُنَّ قَلِيلُ
٣٧٦
يَهُونُ عَلَيْنَا أَنْ تُصَابَ جُسُومُنَا
وَتَسْلَمَ أَعْرَاضٌ لَنَا وَعُقُولُ
٣٧٧
فَتِيهًا وفَخْرًا تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلٍ
فَأَنْتَ لِخَيْرِ الْفَاخِرِينَ قَبِيلُ
٣٧٨
يَغُمُّ عَلِيًّا أَنْ يَمُوتَ عَدُوُّهُ
إِذَا لَمْ تَغُلْهُ بِالْأَسِنَّةِ غُولُ
٣٧٩
شَرِيكُ الْمَنَايَا وَالنُّفُوسِ غَنِيمَةٌ
فَكُلُّ مَمَاتٍ لَمْ يُمِتْهُ غُلُولُ
٣٨٠
فَإِنْ تَكُنِ الدَّوْلَاتُ قِسْمًا فَإِنَّهَا
لِمَنْ وَرَدَ الْمَوْتَ الزُّؤَامَ تَدُولُ
٣٨١
لِمَنْ هَوَّنَ الدُّنْيَا عَلَى النَّفْسِ سَاعَةً
وَلِلْبِيضِ فِي هَامِ الْكُمَاةِ صَلِيلُ
٣٨٢
وقد جرى ذكر ما بين العرب والأكراد من الفضل، فقال له سيف الدولة: ما تقول في هذا
وما
تحكم يا أبا الطيب؟ فقال:
إِنْ كُنْتَ عَنْ خَيْرِ الْأَنَامِ سَائِلَا
فَخَيْرُهُمْ أَكْثَرُهُمْ فَضَائِلَا
مَنْ أَنْتَ مِنْهُمْ يَا هُمَامَ وَائِلَا
الطَّاعِنِينَ فِي الْوَغَى أَوَائِلَا
٣٨٣
وَالْعَاذِلِينَ فِي النَّدَى الْعَوَاذِلَا
قَدْ فَضَلُوا بِفَضْلِكَ الْقَبَائِلَا
٣٨٤
وقال يمدحه عند دخول رسول الروم عليه في صفر سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة:
دُرُوعٌ لِمَلْكِ الرُّومِ هَذِي الرَّسَائِلُ
يَرُدُّ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَيُشَاغِلُ
٣٨٥
هِيَ الزَّرَدُ الضَّافِي عَلَيْهِ وَلَفْظُهَا
عَلَيْكَ ثَنَاءٌ سَابِغٌ وَفَضَائِلُ
٣٨٦
وَأَنَّى اهْتَدَى هَذَا الرَّسُولُ بِأَرْضِهِ
وَمَا سَكَنَتْ مُذْ سِرْتَ فِيهَا الْقَسَاطِلُ؟!
٣٨٧
وَمِنْ أَيِّ مَاءٍ كَانَ يَسْقِي جِيَادَهُ
وَلَمْ تَصْفُ مِنْ مَزْجِ الدِّمَاءِ الْمَنَاهِلُ؟!
٣٨٨
أَتَاكَ يَكَادُ الرَّأْسُ يَجْحَدُ عُنْقَهُ
وَتَنْقَدُّ تَحْتَ الذُّعْرِ مِنْهُ الْمَفَاصِلُ
٣٨٩
يُقَوِّمُ تَقْوِيمُ السَّمَاطَيْنِ مَشْيَهُ
إِلَيْكَ إِذَا مَا عَوَّجَتْهُ الْأَفَاكِلُ
٣٩٠
فَقَاسَمَكَ الْعَيْنَيْنِ مِنْهُ وَلَحْظَهُ
سَمِيُّكَ وَالْخِلُّ الَّذِي لَا يُزَايِلُ
٣٩١
وَأَبْصَرَ مِنْكَ الرِّزْقَ وَالرِّزْقُ مُطْمِعٌ
وَأَبْصَرَ مِنْهُ الْمَوْتَ وَالْمَوْتُ هَائِلُ
٣٩٢
وَقَبَّلَ كُمًّا قَبَّلَ التُّرْبَ قَبْلَهُ
وَكُلُّ كَمِيٍّ وَاقِفٌ مُتَضَائِلُ
٣٩٣
وَأَسْعَدُ مُشْتَاقٍ وَأَظْفَرُ طَالِبٍ
هُمَامٌ إِلَى تَقْبِيلِ كُمِّكَ وَاصِلُ
٣٩٤
مَكَانٌ تَمَنَّاهُ الشِّفَاهُ وَدُونَهُ
صُدُورُ الْمَذَاكِي وَالرِّمَاحُ الذَّوَابِلُ
٣٩٥
فَمَا بَلَّغَتْهُ مَا أَرَادَ كَرَامَةٌ
عَلَيْكَ وَلَكِنْ لَمْ يَخِبْ لَكَ سَائِلُ
٣٩٦
وَأَكْبَرَ مِنْهُ هِمَّةً بَعَثَتْ بِهِ
إِلَيْكَ الْعِدَا وَاسْتَنْظَرَتْهُ الْجَحَافِلُ
٣٩٧
فَأَقْبَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهْوَ مُرْسَلٌ
وَعَادَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهْوَ عَاذِلُ
٣٩٨
تَحَيَّرَ فِي سَيْفٍ رَبِيعَةُ أَصْلُهُ
وَطَابِعُهُ الرَّحْمَنُ وَالْمَجْدُ صَاقِلُ
٣٩٩
وَمَا لَوْنُهُ مِمَّا تُحَصِّلُ مُقْلَةٌ
وَلَا حَدُّهُ مِمَّا تَجُسُّ الْأَنَامِلُ
٤٠٠
إِذَا عايَنَتْكَ الرُّسْلُ هَانَتْ نُفُوسُهَا
عَلَيْهَا وَمَا جَاءَتْ بِهِ وَالْمُرَاسِلُ
٤٠١
رَجَا الرُّومُ مَنْ تُرْجَى النَّوَافِلُ كُلُّهَا
لَدَيْهِ وَلَا تُرْجَى لَدَيْهِ الطَّوَائِلُ
٤٠٢
فَإِنْ كَانَ خَوْفُ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ سَاقَهُمْ
فَقَدْ فَعَلُوا مَا الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ فَاعِلُ
٤٠٣
فَخَافُوكَ حَتَّى مَا لِقَتْلٍ زِيَادَةٌ
وَجَاءُوكَ حَتَّى مَا تُرَادُ السَّلَاسِلُ
٤٠٤
أَرَى كُلَّ ذِي مُلْكٍ إِلَيْكَ مَصِيرُهُ
كَأَنَّكَ بَحْرٌ وَالْمُلُوكُ جَدَاوِلُ
٤٠٥
إِذَا مَطَرَتْ مِنْهُمْ وَمِنْكَ سَحَائِبٌ
فَوَابِلُهُمْ طَلٌّ وَطَلُّكَ وَابِلُ
٤٠٦
كَرِيمٌ مَتَى اسْتَوْهَبْتَ مَا أَنْتَ رَاكِبٌ
وَقَدْ لَقِحَتْ حَرْبٌ فَإِنَّكَ بَاذِلُ
٤٠٧
أَذَا الْجُودِ أَعْطِ النَّاسِ مَا أَنْتَ مَالِكٌ
وَلَا تُعْطِيَنَّ النَّاسَ مَا أَنَا قَائِلُ
٤٠٨
أَفِي كُلِّ يَوْمٍ تَحْتَ ضِبْنِي شُوَيْعِرٌ
ضَعِيفٌ يُقَاوِينِي قَصِيرٌ يُطَاوِلُ؟!
٤٠٩
لِسَانِي بِنُطْقِي صَامِتٌ عَنْهُ عَادِلُ
وَقَلْبِي بِصَمْتِي ضَاحِكٌ مِنْهُ هَازِلُ
٤١٠
وَأَتْعَبُ مَنْ نَادَاكَ مَنْ لَا تُجِيبُهُ
وَأَغْيَظُ مَنْ عَادَاكَ مَنْ لَا تُشَاكِلُ
٤١١
وَمَا التِّيهُ طِبِّي فِيهِمُ غَيْرَ أَنَّنِي
بَغِيضٌ إِلَيَّ الْجَاهِلُ الْمُتَعَاقِلُ
٤١٢
وَأَكْبَرُ تِيهِي أَنَّنِي بِكَ وَاثِقٌ
وَأَكْثَرُ مَا لِي أَنَّنِي لَكَ آمِلُ
٤١٣
لَعَلَّ لِسَيْفِ الدَّوْلَةِ الْقَرْمِ هَبَّةً
يَعِيشُ بِهَا حَقٌّ وَيَهْلِكُ بَاطِلُ
٤١٤
رَمَيْتُ عِدَاهُ بِالْقَوَافِي وَفَضْلِهِ
وَهُنَّ الْغَوَازِي السَّالِمَاتُ الْقَوَاتِلُ
٤١٥
وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ النُّجُومَ خَوَالِدٌ
وَلَوَ حَارَبَتْهُ نَاحَ فِيهَا الثَّوَاكِلُ
٤١٦
وَمَا كَانَ أَدْنَاهَا لَهُ لَوْ أَرَادَهَا
وَأَلْطَفَهَا لَوْ أَنَّهُ الْمُتَنَاوِلُ
٤١٧
قَرِيبٌ عَلَيْهِ كُلُّ نَاءٍ عَلَى الْوَرَى
إِذَا لَثَّمَتْهُ بِالْغُبَارِ الْقَنَابِلُ
٤١٨
تُدَبِّرُ شَرْقَ الْأَرْضِ وَالْغَرْبِ كَفُّهُ
وَلَيْسَ لَهَا وَقْتًا عَنِ الْجُودِ شَاغِلُ
٤١٩
يُتَبِّعُ هُرَّابَ الرِّجَالِ مُرَادُهُ
فَمَنْ فَرَّ حَرْبًا عَارَضَتْهُ الْغَوَائِلُ
٤٢٠
وَمَنْ فَرَّ مِنْ إِحْسَانِهِ حَسَدًا لَهُ
تَلَقَّاهُ مِنْهُ حَيْثُمَا سَارَ نَائِلُ
٤٢١
فَتًى لَا يَرَى إِحْسَانَهُ وَهْوَ كَامِلٌ
لَهُ كَامِلًا حَتَّى يُرَى وَهْوَ شَامِلُ
٤٢٢
إِذَا الْعَرَبُ الْعَرْبَاءُ رَازَتْ نُفُوسَهَا
فَأَنْتَ فَتَاهَا وَالْمَلِيكُ الْحُلَاحِلُ
٤٢٣
أَطَاعَتْكَ فِي أَرْوَاحِهَا وَتَصَرَّفَتْ
بِأَمْرِكَ وَالْتَفَّتْ عَلَيْكَ الْقَبَائِلُ
٤٢٤
وَكُلُّ أَنَابِيبِ الْقَنَا مَدَدٌ لَهُ
وَمَا يَنْكُتُ الْفُرْسَانَ إِلَّا الْعَوَامِلُ
٤٢٥
رَأَيْتُكَ لَوْ لَمْ يَقْتَضِ الطَّعْنُ فِي الْوَغَى
إِلَيْكَ انْقِيَادًا لَاقْتَضَتْهُ الشَّمَائِلُ
٤٢٦
وَمَنْ لَمْ تُعَلِّمْهُ لَكَ الذُّلَّ نَفْسُهُ
مِنَ النَّاسِ طُرًّا عَلَّمَتْهُ الْمَنَاصِلُ
٤٢٧
وقال يعزيه بأخته الصغرى، ويسليه بالكبرى، وأنشدها في رمضان سنة أربع وأربعين
وثلاثمائة:
إِنْ يَكُنْ صَبْرُ ذِي الرَّزِيَّةِ فَضْلًا
تَكُنِ الْأَفْضَلَ الْأَعَزَّ الْأَجَلَّا
٤٢٨
أَنْتَ يَا فَوْقَ أَنْ تُعْزَّى عَنِ الْأَحـْ
ـبَابِ فَوْقَ الَّذِي يُعَزِّيكَ عَقْلَا
٤٢٩
وَبِأَلْفَاظِكَ اهْتَدَى فَإِذَا عَزْ
زَاكَ قَالَ الَّذِي لَهُ قُلْتَ قَبْلَا
٤٣٠
قَدْ بَلَوْتَ الْخُطُوبَ مُرًّا وَحُلْوًا
وَسَلَكْتَ الْأَيَّامَ حَزْنًا وَسَهْلَا
٤٣١
وَقَتَلْتَ الزَّمَانَ عِلْمًا فَمَا يُغـْ
ـرِبُ قَوْلًا وَلَا يُجَدِّدُ فِعْلَا
٤٣٢
أَجِدُ الْحُزْنَ فِيكَ حِفْظًا وَعَقْلَا
وَأَرَاهُ فِي الْخَلْقِ ذُعْرًا وَجَهْلَا
٤٣٣
لَكَ إِلْفٌ يَجُرُّهُ وَإِذَا مَا
كَرُمَ الْأَصْلُ كَانَ لِلْإِلْفِ أَصْلَا
٤٣٤
وَوَفَاءٌ نَبَتَّ فِيهِ وَلَكِنْ
لَمْ يَزَلْ لِلْوَفَاءِ أَهْلُكَ أَهْلَا
٤٣٥
إِنَّ خَيْرَ الدُّمُوعِ عَوْنًا لَدَمْعٌ
بَعَثَتْهُ رِعَايَةٌ فَاسْتَهَلَّا
٤٣٦
أَيْنَ ذِي الرِّقَّةِ الَّتِي لَكَ فِي الْحَرْ
بِ إِذَا اسْتُكْرِهَ الْحَدِيدُ وَصَلَّا؟!
٤٣٧
أَيْنَ خَلَّفْتَهَا غَدَاةَ لَقِيتَ الرُّ
ومَ وَالْهَامُ بِالصَّوَارِمِ تُفْلَى؟!
٤٣٨
قَاسَمَتْكَ الْمَنُونُ شَخْصَيْنِ جَوْرًا
جَعَلَ الْقِسْمُ نَفْسَهُ فِيكَ عَدْلا
٤٣٩
فَإِذَا قِسْتَ مَا أَخَذْنَ بِمَا أَغـْ
ـدَرْنَ سَرَّى عَنِ الْفُؤَادِ وَسَلَّى
٤٤٠
وَتَيَقَّنْتَ أَنَّ حَظَّكَ أَوْفَى
وَتَبَيَّنْتَ أَنَّ جَدَّكَ أَعْلَى
٤٤١
وَلَعَمْرِي لَقَدْ شَغَلْتَ الْمَنَايَا
بِالْأَعَادِي فَكَيْفَ يَطْلُبْنَ شُغْلَا؟!
٤٤٢
وَكَمِ انْتَشتَ بِالسُّيُوفِ مِنَ الدَّهـْ
ـرِ أَسِيرًا وَبِالنَّوَالِ مُقِلَّا!
٤٤٣
عَدَّهَا نُصْرَةً عَلَيْهِ فَلَمَّا
صَالَ خَتْلا رَآهُ أَدْرَكَ تَبْلَا
٤٤٤
كَذَبَتْهُ ظُنُونُهُ أَنْتَ تُبْلِيـ
ـهِ وَتَبْقَى فِي نِعْمَةٍ لَيْسَ تَبْلَى
٤٤٥
وَلَقَدْ رَامَكَ الْعُدَاةُ كَمَا رَا
مَ فَلَمْ يَجْرَحُوا لِشَخْصِكَ ظِلَّا
٤٤٦
وَلَقَدْ رُمْتَ بِالسَّعَادَةِ بَعْضًا
مِنْ نُفُوسِ الْعِدَا فَأَدْرَكْتَ كُلَّا
٤٤٧
قَارَعَتْ رُمْحَكَ الرِّمَاحُ وَلَكِنْ
تَرَكَ الرَّامِحِينَ رُمْحَكَ عُزْلَا
٤٤٨
لَوْ يَكُونُ الَّذِي وَرَدْتَ مِنَ الْفَجـْ
ـعَةِ طَعْنًا أَوْرَدْتَهُ الْخَيْلَ قُبْلَا
٤٤٩
وَلَكَشَفْتَ ذَا الْحَنِينَ بِضَرْبٍ
طَالَمَا كَشَّفَ الْكُرُوبَ وَجَلَّى
٤٥٠
خِطْبَةٌ لِلْحِمَامِ لَيْسَ لَهَا رَدٌّ
وَإِنْ كَانَتِ الْمُسَمَّاةَ ثُكْلَا
٤٥١
وَإِذَا لَمْ تَجِدْ مِنَ النَّاسِ كُفْوًا
ذَاتُ خِدْرٍ أَرَادَتِ الْمَوْتَ بَعْلَا
٤٥٢
وَلَذِيذُ الْحَيَاةِ أَنْفَسُ فِي النَّفـْ
ـسِ وَأَشْهَى مِنْ أَنْ يُمَلَّ وَأَحْلَى
٤٥٣
وَإِذَا الشَّيْخُ قَالَ: أُفٍّ، فَمَا مَلـْ
ـلَ حَيَاةً وَإِنَّمَا الضَّعْفَ مَلَّا
٤٥٤
آلَةُ الْعَيْشِ صِحَّةٌ وَشَبَابٌ
فَإِذَا وَلَّيَا عَنِ الْمَرْءِ وَلَّى
٤٥٥
أَبَدًا تَسْتَرِدُّ مَا تَهَبُ الدُّنـْ
ـيَا فَيَا لَيْتَ جُودَهَا كَانَ بُخْلَا!
٤٥٦
فَكَفَتْ كَوْنَ فَرْحَةٍ تُورِثُ الْغَمـْ
ـمَ وَخِلٍّ يُغَادِرُ الْوَجْدَ خَلَّا
٤٥٧
وَهْيَ مَعْشُوقَةٌ عَلَى الْغَدْرِ لَا تَحـْ
ـفَظُ عَهْدًا وَلَا تُتَمِّمُ وَصْلَا
٤٥٨
كُلُّ دَمْعٍ يَسِيلُ مِنْهَا عَلَيْهَا
وَبِفَكِّ الْيَدَيْنِ عَنْهَا تُخَلَّى
٤٥٩
شِيَمُ الْغَانِيَاتِ فِيهَا فَلَا أَدْ
رِي لِذَا أَنَّثَ اسْمَهَا النَّاسُ أَمْ لَا؟
٤٦٠
يَا مَلِيكَ الْوَرَى الْمُفَرِّقَ مَحْيًا
وَمَمَاتًا فِيهِمِ وَعِزًّا وَذُلَّا
٤٦١
قَلَّدَ اللَّهُ دَوْلَةً سَيْفُهَا أَنـْ
ـتَ حُسَامًا بِالْمَكْرُمَاتِ مُحَلَّى
٤٦٢
فَبِهِ أَغْنَتِ الْمَوَالِيَ بَذْلًا
وَبِهِ أَفْنَتِ الْأَعَادِيَ قَتْلَا
٤٦٣
وَإِذَا اهْتَزَّ لِلنَّدَى كَانَ بَحْرًا
وَإِذَا اهْتَزَّ لِلْوَغَى كَانَ نَصْلَا
٤٦٤
وَإِذَا الْأَرْضُ أَظْلَمَتْ كَانَ شَمْسًا
وَإِذَا الْأَرْضُ أَمْحَلَتْ كَانَ وَبْلَا
٤٦٥
وَهُوَ الضَّارِبُ الْكَتِيبَةِ وَالطَّعـْ
ـنَةُ تَغْلُو وَالضَّرْبُ أَغْلَى وَأَغْلَى
٤٦٦
أَيُّهَا الْبَاهِرُ الْعُقُولَ فَمَا تُدْ
رَكُ وَصْفًا أَتْعَبْتَ فِكْرِي فَمَهْلَا
٤٦٧
مَنْ تَعَاطَى تَشَبُّهًا بِكَ أَعْيَا
هُ وَمَنْ دَلَّ فِي طَرِيقِكَ ضَلَّا
٤٦٨
فَإِذَا مَا اشْتَهَى خُلُودَكَ دَاعٍ
قَالَ: لَا زُلْتَ أَوْ تَرَى لَكَ مِثْلَا
٤٦٩
وقال يمدحه ويذكر نهوضه إلى ثغر الحدث لما بلغه أن الروم أحاطت به، وذلك في جمادى
الأولى
سنة أربع وأربعين وثلاثمائة:
٤٧٠
ذِي الْمَعَالِي فَلْيَعْلُوَنْ مَنْ تَعَالَى
هَكَذَا هَكَذَا وَإِلَّا فَلَا لَا
٤٧١
شَرَفٌ يَنْطِحُ النُّجُومَ بِرَوْقَيـْ
ـهِ وَعِزٌّ يُقَلْقِلُ الْأَجْبَالَا
٤٧٢
حَالُ أَعْدَائِنَا عَظِيمٌ وَسَيْفُ الدْ
دَوْلَةِ ابْنُ السُّيُوفِ أَعْظَمُ حَالَا
٤٧٣
كُلَّمَا أَعْجَلُوا النَّذِيرَ مَسِيرًا
أَعْجَلَتْهُ جِيَادُهُ الْإِعْجَالَا
٤٧٤
فَأَتَتْهُمْ خَوَارِقَ الْأَرْضِ مَا تَحـْ
ـمِلُ إِلَّا الْحَدِيدَ وَالْأَبْطَالَا
٤٧٥
خَافِيَاتِ الْأَلْوَانِ قَدْ نَسَجَ النَّقـْ
ـعُ عَلَيْهَا بَرَاقِعًا وَجِلَالَا
٤٧٦
حَالَفَتْهُ صُدُورُهَا وَالْعَوَالِي
لَتَخُوضَنَّ دُونَهُ الْأَهْوَالَا
٤٧٧
وَلَتَمْضِنَّ حَيْثُ لَا يَجِدُ الرُّمـْ
ـحُ مَدَارًا وَلَا الْحِصَانُ مَجَالَا
٤٧٨
لَا أَلُومُ ابْنَ لَاوُنٍ مَلِكَ الرُّو
مِ وَإِنْ كَانَ مَا تَمَنَّى مُحَالَا
٤٧٩
أَقْلَقَتْهُ بَنِيَّةٌ بَيْنَ أُذْنَيـْ
ـهِ وَبَانٍ بَغَي السَّمَاءَ فَنَالَا
٤٨٠
كُلَّمَا رَامَ حَطَّهَا اتَّسَعَ الْبَنـْ
ـيُ فَغَطَّى جَبِينَهُ وَالْقَذَالَا
٤٨١
يَجْمَعُ الرُّومَ وَالصَّقَالِبَ وَالْبُلـْ
ـغَرَ فِيهَا وَتَجْمَعُ الْآجَالَا
٤٨٢
وَتُوَافِيهِمْ بِهَا فِي الْقَنَا السُّمـْ
ـرِ كَمَا وَافَتِ الْعِطَاشُ الصِّلَالَا
٤٨٣
قَصَدُوا هَدْمَ سُورِهَا فَبَنَوْهُ
وَأَتَوْا كَيْ يُقَصِّرُوهُ فَطَالَا
٤٨٤
وَاسْتَجَرُّوا مَكَايِدَ الْحَرْبِ حَتَّى
تَرَكُوهَا لَهَا عَلَيْهِمْ وَبَالَا
٤٨٥
رُبَّ أَمْرٍ أَتَاكَ لَا تَحْمَدُ الْفُعـْ
ـعَالَ فِيهِ وَتَحْمَدُ الْأَفْعَالَا
٤٨٦
وَقِسِيٍّ رُمِيَتْ عَنْهَا فَرَدَّتْ
فِي قُلُوِب الرُّمَاةِ عَنْكَ النِّصَالَا
٤٨٧
أَخَذُوا الطُّرْقَ يَقْطَعُونَ بِهَا الرُّسـْ
ـلَ فَكَانَ انْقِطَاعُهَا إِرْسَالَا
٤٨٨
وَهُمُ الْبَحْرُ ذُو الْغَوَارِبِ إِلَّا
أَنَّهُ صَارَ عِنْدَ بَحْرِكَ آلَا
٤٨٩
مَا مَضَوْا لَمْ يُقَاتِلُوكَ وَلَكِنَّ
الْقِتَالَ الَّذِي كَفَاكَ الْقِتَالَا
٤٩٠
وَالَّذِي قَطَّعَ الرِّقَابَ مِنَ الضَّرْ
بِ بِكَفَّيْكَ قَطَّعَ الْآمَالَا
٤٩١
وَالثَّبَاتُ الَّذِي أَجَادُوا قَدِيمًا
عَلَّمَ الثَّابِتِينَ ذَا الْإِجْفَالَا
٤٩٢
نَزَلُوا فِي مَصَارِعٍ عَرَفُوهَا
يَنْدُبُونَ الْأَعْمَامَ وَالْأَخْوَالَا
٤٩٣
تَحْمِلُ الرِّيحُ بَيْنَهُمْ شَعَرَ الْهَا
مِ وَتُذْرِي عَلَيْهِمِ الْأَوْصَالَا
٤٩٤
تُنْذِرُ الْجِسْمَ أَنْ يُقِيمَ لَدَيْهَا
وَتُرِيهِ لِكُلِّ عُضْوٍ مِثَالَا
٤٩٥
أَبْصَرُوا الطَّعْنَ فِي الْقُلُوبِ دِرَاكًا
قَبْلَ أَنْ يُبْصِرُوا الرِّمَاحَ خَيَالَا
٤٩٦
وَإِذَا حَاوَلَتْ طِعَانَكَ خَيْلٌ
أَبْصَرَتْ أَذْرُعَ الْقَنَا أَمْيَالَا
٤٩٧
بَسَطَ الرُّعْبُ فِي الْيَمِينِ يَمِينًا
فَتَوَلَّوْا، وَفِي الشِّمَالِ شِمَالَا
٤٩٨
يَنْفُضُ الرَّوْعَ أَيْدِيًا لَيْسَ تَدْرِي
أَسُيُوفًا حَمَلْنَ أَمْ أَغْلَالَا؟!
٤٩٩
وَوُجُوهًا أَخَافَهَا مِنْكَ وَجْهٌ
تَرَكَتْ حُسْنَهَا لَهُ وَالْجَمَالَا
٥٠٠
وَالْعِيَانُ الْجَلِيُّ يُحْدِثُ لِلظَّنِّ
زَوَالًا وَلِلْمُرَادِ انْتِقَالَا
٥٠١
وَإِذَا مَا خَلَا الْجَبَانُ بِأَرْضٍ
طَلَبَ الطَّعْنَ وَحْدَهُ وَالنِّزَالَا
٥٠٢
أَقْسَمُوا لَا رَأَوْكَ إِلَّا بِقَلْبٍ
طَالَمَا غَرَّتِ الْعُيُونُ الرِّجَالَا
٥٠٣
أَيُّ عَيْنٍ تَأَمَّلَتْكَ فَلَاقَتْكَ
وَطَرْفٍ رَنَا إِلَيْكَ فَآلَا
٥٠٤
وَمَا يَشُكُّ اللَّعِين فِي أَخْذِكَ الْجَيـْ
ـشَ فَهَلْ يَبْعَثُ الْجُيُوشَ نَوَالَا؟!
٥٠٥
مَا لِمَنْ يَنْصِبُ الْحَبَائِلَ فِي الْأَرْ
ضِ وَمَرْجَاهُ أَنْ يَصِيدَ الْهِلَالَا؟!
٥٠٦
إِنَّ دُونَ الَّتِي عَلَى الدَّرْبِ وَالْأَحـْ
ـدَبِ وَالنَّهْرِ مِخْلَطًا مِزْيَالَا
٥٠٧
غَصَبَ الدَّهْرَ وَالْمُلُوكَ عَلَيْهَا
فَبَنَاهَا فِي وَجْنَةِ الدَّهْرِ خَالَا
٥٠٨
فَهْيَ تَمْشِي مَشْيَ الْعَرُوسِ اخْتِيَالَا
وَتَثَنَّى عَلَى الزَّمَانِ دَلَالَا
٥٠٩
وَحَمَاهَا بِكُلِّ مُطَّرِدِ الْأَكـْ
ـعُبِ جَوْرَ الزَّمَانِ وَالْأَوْجَالَا
٥١٠
وَظُبًا تَعْرِفُ الْحَرَامَ مِنَ الْحِلِّ
فَقَدْ أَفْنَتِ الدِّمَاءَ حَلَالَا
٥١١
فِي خَمِيسٍ مِنَ الْأُسُودِ بَئِيسٍ
يَفْتَرِسْنَ النُّفُوسَ وَالْأَمْوَالَا
٥١٢
إِنَّمَا أَنْفُسُ الْأَنِيسِ سِبَاعٌ
يَتَفَارَسْنَ جَهْرَةً وَاغْتِيَالَا
٥١٣
مَنْ أَطَاقَ الْتِمَاسَ شَيْءٍ غِلَابًا
وَاغْتِصَابًا لَمْ يَلْتَمِسْهُ سُؤَالَا
٥١٤
كُلُّ غَادٍ لِحَاجَةٍ يَتَمَنَّى
أَنْ يَكُونَ الْغَضَنْفَرَ الرِّئْبَالَا
٥١٥
وأنفذ إليه سيف الدولة ابنه من حلب إلى الكوفة ومعه هدية، وكان ذلك بعد خروجه من مصر
ومفارقته كافورًا، فقال يمدحه، وكتب بها إليه من الكوفة سنة اثنتين وخمسين
وثلاثمائة:
مَا لَنَا كُلُّنَا جَوٍ يَا رَسُولُ
أَنَا أَهْوَى وَقَلْبُكَ الْمَتْبُولُ؟!
٥١٦
كُلَّمَا عَادَ مَنْ بَعَثْتُ إِلَيْهَا
غَارَ مِنِّي وَخَانَ فِيمَا يَقُولُ
٥١٧
أَفْسَدَتْ بَيْنَنَا الْأَمَانَاتِ عَيْنَا
هَا، وَخَانَتْ قُلُوبَهُنَّ الْعُقُولُ
٥١٨
تَشْتَكِي مَا اشْتَكَيْتُ مِنْ أَلَمِ الشَّوْ
قِ إِلَيْهَا وَالشَّوْقُ حَيْثُ النُّحُولُ
٥١٩
وَإِذَا خَامَرَ الْهَوَى قَلْبَ صَبٍّ
فَعَلَيْهِ لِكُلِّ عَيْنٍ دَلِيلُ
٥٢٠
زَوِّدِينَا مِنْ حُسْنِ وَجْهِكِ مَا دَا
مَ فَحُسْنُ الْوُجُوهِ حَالٌ تَحُولُ
٥٢١
وَصِلِينَا نَصِلْكِ فِي هَذِهِ الدُّنـْ
ـيَا فَإِنَّ الْمُقَامَ فِيهَا قَلِيلُ
٥٢٢
مَنْ رَآهَا بِعَيْنِهَا شَاقَهُ الْقُطَّا
نُ فِيهَا كَمَا تَشُوقُ الْحُمُولُ
٥٢٣
إِنْ تَرَيْنِي أَدِمْتُ بَعْدَ بَيَاضٍ
فَحَمِيدٌ مِنَ الْقَنَاةِ الذُّبُولُ
٥٢٤
صَحِبَتْنِي عَلَى الْفَلَاةِ فَتَاةٌ
عَادَةُ اللَّوْنِ عِنْدَهَا التَّبْدِيلُ
٥٢٥
سَتَرَتْكِ الْحِجَالُ عَنْهَا وَلَكِنْ
بِكِ مِنْهَا مِنَ اللَّمَى تَقْبِيلُ
٥٢٦
مِثْلُهَا أَنْتِ لَوَّحَتْنِي وَأَسْقَمـْ
ـتِ وَزَادَتْ أَبْهَاكمَا الْعُطْبُولُ
٥٢٧
نَحْنُ أَدْرَى وَقَدْ سَأَلْنَا بِنَجْدٍ
أَقَصِيرٌ طَرِيقُنَا أَمْ يَطُولُ؟
٥٢٨
وَكَثِيرٌ مِنَ السُّؤَالِ اشْتِيَاقٌ
وَكَثِيرٌ مِنْ رَدِّهِ تَعْلِيلُ
٥٢٩
لَا أَقَمْنَا عَلَى مَكَانٍ وَإِنْ طَا
بَ وَلَا يُمْكِنُ الْمَكَانَ الرَّحِيلُ
٥٣٠
كُلَّمَا رَحَّبَتْ بِنَا الرَّوْضُ قُلْنَا:
حَلَبٌ قَصْدُنَا وَأَنْتِ السَّبِيلُ
٥٣١
فِيكِ مَرْعَى جِيَادِنَا وَالْمَطَايَا
وَإِلَيْهَا وَجِيفُنَا وَالذَّمِيلُ
٥٣٢
وَالْمُسَمَّوْنَ بِالْأَمِيرِ كَثِيرٌ
وَالْأَمِيرُ الَّذِي بِهَا الْمَأْمُولُ
الَّذِي زُلْتُ عَنْهُ شَرْقًا وَغَرْبًا
وَنَدَاهُ مُقَابِلِي مَا يَزُولُ
٥٣٣
وَمَعِي أَيْنَمَا سَلَكْتُ كَأَنِّي
كُلُّ وَجْهٍ لَهُ بِوَجْهِي كَفِيلُ
٥٣٤
وَإِذَا الْعَذْلُ فِي النَّدَى زَارَ سَمْعًا
فَفِدَاهُ الْعَذُولُ وَالْمَعْذُولُ
٥٣٥
وَمَوَالٍ تُحْيِيهِمِ مِنْ يَدَيْهِ
نِعَمٌ غَيْرُهُمْ بِهَا مَقْتُولُ
٥٣٦
فَرَسٌ سَابِقٌ وَرُمْحٌ طَوِيلٌ
وَدِلَاصٌ زُغْفٌ وَسَيْفٌ صَقِيلُ
٥٣٧
كُلَّمَا صَبَّحَتْ دِيَارَ عَدُوٍّ
قَالَ تِلْكَ الْغُيُوثُ: هَذِي السُّيُولُ
٥٣٨
دَهِمَتْهُ تُطَايِرُ الزَّرَدَ الْمُحـْ
ـكَمَ عَنْهُ كَمَا يَطِيرُ النَّسِيلُ
٥٣٩
تَقْنِصُ الْخَيْلَ خَيْلُهُ قَنَصَ الْوَحـْ
ـشِ وَيَسْتَأْسِرُ الْخَمِيسَ الرَّعِيلُ
٥٤٠
وَإِذَا الْحَرْبُ أَعْرَضَتْ زَعَمَ الْهَوْ
لُ لِعَيْنَيْهِ أَنَّهُ تَهْوِيلُ
٥٤١
وَإِذَا صَحَّ فَالزَّمَانُ صَحِيحٌ
وَإِذَا اعْتَلَّ فَالزَّمَانُ عَلِيلُ
٥٤٢
وَإِذَا غَابَ وَجْهُهُ عَنْ مَكَانٍ
فَبِهِ مِنْ ثَنَاهُ وَجْهٌ جَمِيلُ
٥٤٣
لَيْسَ إِلَّاكَ يَا عَلِيُّ هُمَامٌ
سَيْفُهُ دُونَ عِرْضِهِ مَسْلُولُ
٥٤٤
كَيْفَ لَا يَأْمَنُ الْعِرَاقُ وَمِصْرٌ
وَسَرَايَاكَ دُوْنَهَا وَالْخُيُولُ؟!
٥٤٥
لَوْ تَحَرَّفْتَ عَنْ طَرِيقِ الْأَعَادِي
رَبَطَ السِّدْرَ خَيْلَهُمْ وَالنَّخِيلُ
٥٤٦
وَدَرَى مَن أَعَزَّهُ الدَّفْعُ عَنْهُ
فِيهِمَا أَنَّهُ الْحَقِيرُ الذَّلِيلُ
٥٤٧
أَنْتَ طُولَ الْحَيَاةِ لِلرُّومِ غَازٍ
فَمَتَى الْوَعْدُ أَنْ يَكُونَ الْقُفُولُ؟!
٥٤٨
وَسِوَى الرُّومِ خَلْفَ ظَهْرِكَ رُومٌ
فَعَلَى أَيِّ جَانِبَيْكَ تَمِيلُ؟
٥٤٩
قَعَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَنْ مَسَاعِيـ
ـكَ وَقَامَتْ بِهَا الْقَنَا وَالنُّصُولُ
٥٥٠
مَا الَّذِي عِنْدَهُ تُدَارُ الْمَنَايَا
كَالَّذِي عِنْدَهُ تُدَارُ الشَّمُولُ
٥٥١
لَسْتُ أَرْضَى بِأَنْ تَكُونَ جَوَادًا
وَزَمَانِي بِأَنْ أَرَاكَ بَخِيلُ
٥٥٢
نَغَّصَ الْبُعْدُ عَنْكَ قُرْبَ الْعَطَايَا
مَرْتَعِي مُخْصِبٌ وَجِسْمِي هَزِيلُ
٥٥٣
إِنْ تَبَوَّأْتُ غَيْرَ دُنْيَايَ دَارًا
وَأَتَانِي نَيْلٌ فَأَنْتَ الْمُنِيلُ
٥٥٤
مِنْ عَبِيدِي إِنْ عِشْتَ لِي أَلْفُ كَافُو
رٍ وَلِي مِنْ نَدَاكَ رِيفٌ وَنِيلُ
٥٥٥
مَا أُبَالِي إِذَا اتَّقَتْكَ الرَّزَايَا
مَنْ دَهَتْهُ حُبُولُهَا وَالْخُبُولُ
٥٥٦
وقال في صباه، وقد قيل له وهو في المكتب ما أحسن هذه الوفرة:
لَا تَحْسُنُ الْوَفْرَةُ حَتَّى تُرَى
مَنْشُورَةَ الضَّفْرَيْنِ يَوْمَ الْقِتَالْ
٥٥٧
عَلَى فَتًى مُعْتَقِلٍ صَعْدَةً
يَعُلُّهَا مِنْ كُلِّ وَافِي السِّبَالْ
٥٥٨
وقال في صباه:
مُحِبِّي قِيَامِيَ مَا لِذَالِكُمُ النَّصْلِ
بَرِيئًا مِنَ الْجَرْحَى سَلِيمًا مِنَ الْقَتْلِ؟
٥٥٩
أَرَى مِنْ فِرِنْدِي قِطْعَةً فِي فِرِنْدِهِ
وَجَوْدَةُ ضَرْبِ الْهَامِ فِي جَوْدَةِ الصَّقْلِ
٥٦٠
وَخُضْرَةُ ثَوْبِ الْعَيْشِ فِي الْخُضْرَةِ الَّتِي
أَرَتْكَ احْمِرَارَ الْمَوْتِ فِي مَدْرَجِ النَّمْلِ
٥٦١
أَمِطْ عَنْكَ تَشْبِيهِي بِمَا وَكَأَنَّهُ
فَمَا أَحَدٌ فَوْقِي وَلَا أَحَدٌ مِثْلِي
٥٦٢
وَذَرْنِي وَإِيَّاهُ وَطِرْفِي وَذَابِلِي
نَكُنْ وَاحِدًا يَلْقَى الْوَرَى وَانْظُرَنْ فِعْلِي
٥٦٣
وقال في صباه يمدح سعيد بن عبد الله بن الحسن الكلابي المنبجي:
أَحْيَا وَأَيْسَرُ مَا قَاسَيْتُ مَا قَتَلَا
وَالْبَيْنُ جَارَ عَلَى ضَعْفِي وَمَا عَدَلَا
٥٦٤
وَالْوَجْدُ يَقْوَى كَمَا تَقْوَى النَّوَى أَبَدًا
وَالصَّبْرُ يَنْحَلُ فِي جِسْمِي كَمَا نَحِلَا
٥٦٥
لَوْلَا مُفَارَقَةُ الْأَحْبَابِ مَا وَجَدَتْ
لَهَا الْمَنَايَا إِلَى أَرْوَاحِنَا سُبُلَا
٥٦٦
بِمَا بِجَفْنَيْكِ مِنْ سِحْرٍ صِلِي دَنِفًا
يَهْوَى الْحَيَاةَ وَأَمَّا إِنْ صَدَدْتِ فَلَا
٥٦٧
إِلَّا يَشِبْ فَلَقَدْ شَابَتْ لَهُ كَبِدٌ
شَيْبًا إِذَا خَضَّبَتْهُ سَلْوَةٌ نَصلَا
٥٦٨
يُجَنُّ شَوْقًا فَلَوْلَا أَنَّ رَائِحَةً
تَزُورُهُ فِي رِيَاحِ الشَّرْقِ مَا عَقَلَا
٥٦٩
هَا فَانْظُرِي أَوْ فَظُنِّي بِي تَرَيْ حُرَقًا
مَنْ لَمْ يَذُقْ طَرَفًا مِنْهَا فَقَدْ وَأَلَا
٥٧٠
عَلَّ الْأَمِيرَ يَرَى ذُلِّي فَيَشْفَعَ لِي
إِلَى الَّتِي تَرَكَتْنِي فِي الْهَوَى مَثَلَا
٥٧١
أَيْقَنْتُ أَنَّ سَعِيدًا طَالِبٌ بِدَمِي
لَمَّا بَصُرْتُ بِهِ بِالرُّمْحِ مُعْتَقِلَا
٥٧٢
وَأَنَّنِي غَيْرُ مُحْصٍ فَضْلَ وَالِدِهِ
وَنَائِلٌ دُونَ نَيْلِي وَصْفَهُ زُحَلَا
٥٧٣
قَيْلٌ بِمَنْبِجَ مَثْوَاهُ وَنَائِلُهُ
فِي الْأُفْقِ يَسْأَلُ عَمَّنْ غَيْرَهُ سَأَلَا
٥٧٤
يَلُوحُ بَدْرُ الدُّجَى فِي صَحْنِ غُرَّتِهِ
وَيَحْمِلُ الْمَوْتَ فِي الْهَيْجَاءِ إِنْ حَمَلَا
٥٧٥
تُرَابُهُ فِي كِلَابٍ كُحْلُ أَعْيُنِهَا
وَسَيْفُهُ فِي جَنَابٍ يَسْبِقُ الْعَذَلَا
٥٧٦
لِنُورِهِ فِي سَمَاءِ الْفَخْرِ مُخْتَرَقٌ
لَوْ صَاعَدَ الْفِكْرُ فِيهِ الدَّهْرَ مَا نَزَلَا
٥٧٧
هُوَ الْأَمِيرُ الَّذِي بَادَتْ تَمِيمُ بِهِ
قِدْمًا وَسَاقَ إِلَيْهَا حَيْنُهَا الْأَجَلَا
٥٧٨
لَمَّا رَأَتْهُ وَخَيْلُ النَّصْرِ مُقْبِلَةٌ
وَالْحَرْبُ غَيْرُ عَوَانٍ أَسْلَمُوا الْحِلَلَا
٥٧٩
وَضَاقَتِ الْأَرْضُ حَتَّى كَانَ هَارِبُهُمْ
إِذَا رَأَى غَيْرَ شَيْءٍ ظَنَّهُ رَجُلَا
٥٨٠
فَبَعْدَهُ وَإِلَى ذَا الْيَوْمِ لَوْ رَكَضَتْ
بِالْخَيْلِ فِي لَهَوَاتِ الطِّفْلِ مَا سَعَلَا
٥٨١
فَقَدْ تَرَكْتَ الْأُلَى لَاقَيْتُهُمْ جَزَرًا
وَقَدْ قَتَلْتَ الْأُلَى لَمْ تَلْقَهُمْ وَجَلَا
٥٨٢
كَمْ مَهْمَهٍ قَذَفٍ قَلْبُ الدَّلِيلِ بِهِ
قَلْبُ الْمُحِبِّ قَضَانِي بَعْدَمَا مَطَلَا
٥٨٣
عَقَدْتُ بِالنَّجْمِ طَرْفِي فِي مَفَاوِزِهِ
وَحُرَّ وَجْهِي بِحَرِّ الشَّمْسِ إِذْ أَفَلَا
٥٨٤
أَنْكَحْتُ صُمَّ حَصَاهَا خُفَّ يَعْمَلَةٍ
تَغَشْمَرَتْ بِي إِلَيْكَ السَّهْلَ وَالْجَبَلَا
٥٨٥
لَوْ كُنْتَ حَشْوَ قَمِيصِي فَوْقَ نُمْرُقِهَا
سَمِعْتَ لِلْجِنِّ فِي غِيطَانِهَا زَجَلَا
٥٨٦
حَتَّى وَصَلْتُ بِنَفْسٍ مَاتَ أَكْثَرُهَا
وَلَيْتَنِي عِشْتُ مِنْهَا بِالَّذِي فَضَلَا
٥٨٧
أَرْجُو نَدَاكَ وَلَا أَخْشَى الْمِطَالَ بِهِ
يَا مَنْ إِذَا وَهَبَ الدُّنْيَا فَقَدْ بَخِلَا
٥٨٨
وقال في صباه، وقد أهدى له عبيد الله بن خلكان من خراسان هدية فيها سمك من سكر ولوز
في
عسل:
قَدْ شَغَلَ النَّاسَ كَثْرَةُ الْأَمَلِ
وَأَنْتَ بِالْمَكْرُمَاتِ فِي شُغُلِ
٥٨٩
تَمَثَّلُوا حَاتِمًا وَلَوْ عَقَلُوا
لَكُنْتَ فِي الْجُودِ غَايَةَ الْمَثَلِ
٥٩٠
أَهْلًا وَسَهْلًا بِمَا بَعَثْتَ بِهِ
إِيهًا أَبَا قَاسِمٍ وَبِالرُّسُلِ
٥٩١
هَدِيَّةٌ مَا رَأَيْتُ مُهْدِيهَا
إِلَّا رَأَيْتُ الْعِبَادَ فِي رَجُلِ
٥٩٢
أَقَلُّ مَا فِي أَقَلِّهَا سَمَكٌ
يَلْعَبُ فِي بِرْكَةٍ مِنَ الْعَسَلِ
٥٩٣
كَيْفَ أُكَافِي عَلَى أَجَلِّ يَدٍ
مَنْ لَا يَرَى أَنَّهَا يَدٌ قِبَلِي
٥٩٤
وقال أيضًا في صباه:
قِفَا تَرَيَا وَدْقِي فَهَاتَا الْمَخَايِلُ
وَلَا تَخْشَيَا خُلْفًا لِمَا أَنَا قَائِلُ
٥٩٥
رَمَانِي خِسَاسُ النَّاسِ مِنْ صَائِبِ اسْتِهِ
وَآخَرُ قُطْنٌ مِنْ يَدَيْهِ الْجَنَادِلُ
٥٩٦
وَمِنْ جَاهِلٍ بِي وَهْوَ يَجْهَلُ جَهْلَهُ
وَيَجْهَلُ عِلْمِي أَنَّهُ بِي جَاهِلُ
٥٩٧
وَيَجْهَلُ أَنِّي مَالِكَ الْأَرْضِ مُعْسِرٌ
وَأَنِّي عَلَى ظَهْرِ السِّمَاكَيْنِ رَاجِلُ
٥٩٨
تُحَقِّرُ عِنْدِي هِمَّتِي كُلَّ مَطْلَبٍ
وَيَقْصُرُ فِي عَيْنِي الْمَدَى الْمُتَطَاوِلُ
٥٩٩
وَمَا زِلْتُ طَوْدًا لَا تَزُولُ مَنَاكِبِي
إِلَى أَنْ بَدَتْ لِلضَّيْمِ فِيَّ زَلَازِلُ
٦٠٠
فَقَلْقَلْتُ بِالْهَمِّ الَّذِي قَلْقَلَ الْحَشَا
قَلَاقِلَ عِيسٍ كُلُّهُنَّ قَلَاقِلُ
٦٠١
إِذَا اللَّيْلُ وَارَانَا أَرَتْنَا خِفَافَهَا
بِقَدْحِ الْحَصَى مَا لَا تُرِينَا الْمَشَاعِلُ
٦٠٢
كَأَنِّي مِنَ الْوَجْنَاءِ فِي ظَهْرِ مَوْجَةٍ
رَمَتْ بِي بِحَارًا مَا لَهُنَّ سَوَاحِلُ
٦٠٣
يُخَيَّلُ لِي أَنَّ الْبِلَادَ مَسَامِعِي
وَأَنِّيَ فِيهَا مَا تَقُولُ الْعَوَاذِلُ
٦٠٤
وَمَنْ يَبْغِ مَا أَبْغِي مِنَ الْمَجْدِ وَالْعُلَا
تَسَاوَى الْمَحَايِي عِنْدَهُ وَالْمَقَاتِلُ
٦٠٥
أَلَا لَيْسَتِ الْحَاجَاتُ إِلَّا نُفُوسَكُمْ
وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا السُّيُوفَ وَسَائِلُ
٦٠٦
فَمَا وَرَدَتْ رُوحَ امْرِئٍ رُوحُهُ لَهُ
وَلَا صَدَرَتْ عَنْ بَاخِلٍ وَهْوَ بَاخِلُ
٦٠٧
غَثَاثَةُ عَيْشِي أَنْ تَغِثَّ كَرَامَتِي
وَلَيْسَ بِغَثٍّ أَنْ تَغِثَّ الْمَآكِلُ
٦٠٨
وقال لصديق له في صباه:
أَحْبَبْتُ بِرَّكَ إِذْ أَرَدْتَ رَحِيلَا
فَوَجَدْتُ أَكْثَرَ مَا وَجَدْتُ قَلِيلَا
٦٠٩
وَعَلِمْتُ أَنَّكَ فِي الْمَكَارِمِ رَاغِبٌ
صَبٌّ إِلَيْهَا بُكْرَةً وَأَصِيلَا
٦١٠
فَجَعَلْتُ مَا تُهْدِي إِلَيَّ هَدِيَّةً
مِنِّي إِلَيْكَ وَظَرْفَهَا التَّأْمِيلَا
٦١١
بِرٌّ يَخِفُّ عَلَى يَدَيْكَ قُبُولُهُ
وَيَكُونُ مَحْمِلُهُ عَلَيَّ ثَقِيلَا
٦١٢
وقال يمدح شجاع بن محمد الطائي المنبجي:
عَزِيزُ أَسًى مَنْ دَاؤُهُ الْحَدَقُ النُّجْلُ
عَيَاءٌ بِهِ مَاتَ الْمُحِبُّونَ مِنْ قَبْلُ
٦١٣
فَمَنْ شَاءَ فَلْيَنْظُرْ إِلَيَّ فَمَنْظَرِي
نَذِيرٌ إِلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْهَوَى سَهْلُ
٦١٤
وَمَا هِيَ إِلَّا لَحْظَةٌ بَعْدَ لَحْظَةٍ
إِذَا نَزَلَتْ فِي قَلْبِهِ رَحَلَ الْعَقْلُ
٦١٥
جَرَى حُبُّهَا مَجْرَى دَمِي فِي مَفَاصِلِي
فَأَصْبَحَ لِي عَنْ كُلِّ شُغْلٍ بِهَا شُغْلُ
٦١٦
وَمِنْ جَسَدِي لَمْ يَتْرُكِ السُّقْمُ شَعْرَةً
فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا وَفِيهَا لَهُ فِعْلُ
٦١٧
إِذَا عَذَلُوا فِيهَا أَجَبْتُ بِأَنَّةٍ
حُبَيِّبَتَا قَلْبًا فُؤَادًا هَيَا جُمْلُ
٦١٨
كَأَنَّ رَقِيبًا مِنْكِ سَدَّ مَسَامِعِي
عَنِ الْعَذْلِ حَتَّى لَيْسَ يَدْخُلُهَا الْعَذْلُ
٦١٩
كَأَنَّ سُهَادَ اللَّيْلِ يَعْشَقُ مُقْلَتِي
فَبَيْنَهُمَا فِي كُلِّ هَجْرٍ لَنَا وَصْلُ
٦٢٠
أُحِبُّ الَّتِي فِي الْبَدْرِ مِنْهَا مَشَابِهٌ
وَأَشْكُو إِلَى مَنْ لَا يُصَابُ لَهُ شَكْلُ
٦٢١
إِلَى وَاحِدِ الدُّنْيَا إِلَى ابْنِ مُحَمَّدٍ
شُجَاعِ الذَّيِ للهِ ثُمَّ لَهُ الْفَضْلُ
٦٢٢
إِلَى الثَّمَرِ الْحُلْوِ الَّذِي طَيِّءٌ لَهُ
فُرُوعٌ وَقَحْطَانُ بْنُ هُودٍ لَهُ أَصْلُ
٦٢٣
إِلَى سَيِّدٍ لَوْ بَشَّرَ اللَّهُ أُمَّةً
بِغَيْرِ نَبِيٍّ بَشَّرَتْنَا بِهِ الرُّسْلُ
٦٢٤
إِلَى الْقَابِضِ الْأَرْوَاحِ وَالضَّيْغَمِ الَّذِي
تُحَدِّثُ عَنْ وَقْفَاتِهِ الْخَيْلُ وَالرَّجْلُ
٦٢٥
إِلَى رَبِّ مَالٍ كُلَّمَا شَتَّ شَمْلُهُ
تَجَمَّعَ فِي تَشْتِيتِهِ لِلْعُلَا شَمْلُ
٦٢٦
هُمَامٌ إِذَا مَا فَارَقَ الْغِمْدَ سَيْفُهُ
وَعَايَنْتَهُ لَمْ تَدْرِ أَيُّهُمَا النَّصْلُ
٦٢٧
رَأَيْتُ ابْنَ أُمِّ الْمَوْتِ لَوْ أَنَّ بَأْسَهُ
فَشَا بَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَانْقَطَعَ النَّسْلُ
٦٢٨
عَلَى سَابِحٍ مَوْجَ الْمَنَايَا بِنَحْرِهِ
غَدَاةَ كَأَنَّ النَّبْلَ فِي صَدْرِهِ وَبْلُ
٦٢٩
وَكَمْ عَيْنِ قِرْنٍ حَدَّقَتْ لِنِزَالِهِ
فَلَمْ تُغْضِ إِلَّا وَالسِّنَانُ لَهَا كُحْلُ!
٦٣٠
إِذَا قِيلَ: رِفْقًا قَالَ: لِلْحِلْمِ مَوْضِعٌ
وَحِلْمُ الْفَتَى فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ جَهْلُ
٦٣١
وَلَوْلَا تَوَلِّي نَفْسِهِ حَمْلَ حِلْمِهِ
عَنِ الْأَرْضِ لَانْهَدَّتْ وَنَاءَ بِهَا الْحِمْلُ
٦٣٢
تَبَاعَدَتِ الْآمَالُ عَنْ كُلِّ مَقْصِدٍ
وَضَاقَ بِهَا إِلَّا إِلَى بَابِكَ السُّبْلُ
٦٣٣
وَنَادَى النَّدَى بِالنَّائِمِينَ عَنِ السُّرَى
فَأَسْمَعَهُمْ: هُبُّوا فَقَدْ هَلَكَ الْبُخْلُ
٦٣٤
وَحَالَتْ عَطَايَا كَفِّهِ دُونَ وَعْدِهِ
فَلَيْسَ لَهُ إِنْجَازُ وَعْدٍ وَلَا مَطْلُ
٦٣٥
فَأَقْرَبُ مِنْ تَحْدِيدِهَا رَدُّ فَائِتٍ
وَأَيْسَرُ مِنْ إِحْصَائِهَا الْقَطْرُ وَالرَّمْلُ
٦٣٦
وَمَا تَنْقِمُ الْأَيَّامُ مِمَّنْ وُجُوهُهَا
لِأَخْمَصِهِ فِي كُلِّ نَائِبَةٍ نَعْلُ؟!
٦٣٧
وَمَا عَزَّهُ فِيهَا مُرَادٌ أَرَادَهُ
وَإِنْ عَزَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ
٦٣٨
كَفَى ثُعَلًا فَخْرًا بِأَنَّكَ مِنْهُمُ
وَدَهْرٌ لِأَنْ أَمْسَيْتَ مِنْ أَهْلِهِ أَهْلُ
٦٣٩
وَوَيْلٌ لِنَفْسٍ حَاوَلَتْ مِنْكَ غِرَّةً
وَطُوبَى لِعَيْنٍ سَاعَةً مِنْكَ لَا تَخْلُو
٦٤٠
فَمَا بِفَقِيرٍ شَامَ بَرْقَكَ فَاقَةٌ
وَلَا فِي بِلَادٍ أَنْتَ صَيِّبُهَا مَحْلُ
٦٤١
وقال يمدح عبد الرحمن بن المبارك الأنطاكي:
صِلَةُ الْهَجْرِ لِي وَهَجْرُ الْوِصَالِ
نَكَسَانِي في السُّقْمِ نُكْسَ الْهِلاَلِ
٦٤٢
فَغَدَا اَلْجِسْمُ نَاقِصًا، وَالَّذِي يَنـْ
ـقُصُ مِنْهُ يَزِيدُ في بَلْبَالِي
٦٤٣
قِفْ عَلَى الدِّمْنَتَيْنِ بِالَّدوِّ مِنْ رَيـْ
ـيَا كَخَالٍ فِي وَجْنَةٍ جَنْبَ خَالِ
٦٤٤
بِطُلُولٍ كَأَنَّهُنَّ نُجُومٌ
فِي عِرَاصٍ كَأَنَّهُنَّ لَيَالِي
٦٤٥
وَنُؤِيٍّ كَأَنَّهُنَّ عَلَيْهِنَّ
خِدَامٌ خُرْسٌ بِسُوقٍ خِدَالِ
٦٤٦
لاَ تَلُمْنِي فَإِنَّنِي أَعْشَقُ العُشـْ
ـشَاقِ فِيهَا يَا أَعْذَلَ الْعُذَّالِ
٦٤٧
مَا تُرِيدُ النَّوَى مِنَ الْحَيَّةِ الذَّوَّا
قِ حَرَّ الْفَلَا، وَبَرْدَ الظِّلَالِ
٦٤٨
فَهُوَ أَمْضَى فِي الرَّوْعِ مِنْ مَلَكِ الْمَوْ
تِ، وَأَسْرَى فِي ظُلْمَةٍ مِنْ خَيَالِ
٦٤٩
وَلِحَتْفٍ فِي الْعِزِّ يَدْنُو مُحِبٌّ
وَلِعُمْرٍ يَطُولُ فِي الذُّلِّ قَالِي
٦٥٠
نَحْنُ رَكْبٌ مِلْجِنِّ فِي زَيِّ نَاسٍ
فَوْقَ طَيْرٍ لَهَا شُخُوصُ الْجِمَالِ
٦٥١
مِنْ بَنَاتِ الْجَدِيلِ تَمْشِي بِنَا فِي الْبِيـ
ـدِ مَشْيَ الْأَيَّامِ فِي الْآجَالِ
٦٥٢
كُلُّ هَوْجَاءَ لِلدَّيَامِيمِ فِيهَا
أَثَرُ النَّارِ فِي سَلِيطِ الذُّبَالِ
٦٥٣
عَامِدَاتٍ لِلْبَدْرِ وَالْبَحْرِ وَالضِّرْ
غَامَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ الْمِفْضَالِ
٦٥٤
مَنْ يَزُرْهُ يَزُرْ سُلَيْمَانَ فِي الْمُلـْ
ـكِ جَلَالًا وَيُوسُفًا فِي الْجَمَالِ
وَرَبِيعًا يُضَاحِكُ الْغَيْثُ فِيهِ
زَهَرَ الشُّكْرِ مِنْ رِيَاضِ الْمَعَالِي
٦٥٥
نَفَحَتْنَا مِنْهُ الصَّبَا بِنَسِيمٍ
رَدَّ رُوحًا فِي مَيِّتِ الْآمَالِ
٦٥٦
هَمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَفْعُ الْمَوَالِي
وَبَوَارُ الْأَعْدَاءِ وَالْأَمْوَالِ
٦٥٧
أَكْبَرُ الْعَيْبِ عِنْدَهُ الْبُخْلُ وَالطَّعـْ
ـنُ عَلَيْهِ التَّشْبِيهُ بِالرِّئْبَالِ
٦٥٨
وَالْجِرَاحَاتُ عِنْدَهُ نَغَمَاتٌ
سَبَقَتْ قَبْلَ سَيْبِهِ بِسُؤَالِ
٦٥٩
ذَا السِّرَاجُ الْمُنِيرُ هَذَا النَّقِيُّ الـْ
ـجَيْبِ هَذَا بَقِيَّةُ الْأَبْدَالِ
٦٦٠
فَخُذَا مَاءَ رِجْلِهِ وَانْضَحَا فِي الـْ
ـمُدْنِ تَأْمَنْ بَوَائِقَ الزَّلْزَالِ
٦٦١
وَامْسَحَا ثَوْبَهُ الْبَقِيرَ عَلَى دَا
ئِكُمَا تُشْفَيَا مِنَ الْإِعْلَالِ
٦٦٢
مَالِئًا مِنْ نَوَالِهِ الشَّرْقَ وَالْغَرْ
بَ وَمِنْ خَوْفِهِ قُلُوبَ الرِّجَالِ
٦٦٣
قَابِضًا كَفَّهُ الْيَمِينَ عَلَى الدُّنـْ
ـيَا، وَلَوْ شَاءَ حَازَهَا بِالشِّمَالِ
٦٦٤
نَفْسُهُ جَيْشُهُ وَتَدْبِيرُهُ النَّصـْ
ـرُ، وَأَلْحَاظُهُ الظُّبَا وَالْعَوَالِي
٦٦٥
وَلَهُ فِي جَمَاجِمِ الْمَالِ ضَرْبٌ
وَقْعُهُ فِي جَمَاجِمِ الْأَبْطَالِ
٦٦٦
فَهُمُوا لِاتِّقَائِهِ الدَّهْرَ فِي يَوْ
مِ نِزَالٍ وَلَيْسَ يَوْمَ نِزَالِ
٦٦٧
رَجُلٌ طِينُهُ مِنَ الْعَنْبَرِ الْوَرْ
دِ وَطِينُ الْعِبَادِ مِنْ صَلْصَالِ
٦٦٨
فَبَقِيَّاتُ طِينِهِ لَاقَتِ الْمَا
ءَ فَصَارَتْ عُذُوبَةٌ فِي الزُّلَالِ
٦٦٩
وَبَقَايَا وَقَارِهِ عَافَتِ النَّا
سَ فَصَارَتْ رَكَانَةً فِي الْجِبَالِ
٦٧٠
لَسْتُ مِمَّنْ يَغُرُّهُ حُبُّكَ السِّلـْ
ـمَ وَأَنْ لَا تَرَى شُهُودَ الْقِتَالِ
٦٧١
ذَاكَ شَيْءٌ كَفَاكَهُ عَيْشُ شَانِيـ
ـكَ ذَلِيلًا وَقِلَّةُ الْأَشْكَالِ
٦٧٢
وَاغْتِفَارٌ لَوْ غَيَّرَ السُّخْطُ مِنْهُ
جُعِلَتْ هَامُهُمْ نِعَالَ النِّعَالِ
٦٧٣
لِجِيَادٍ يَدْخُلْنَ فِي الْحَرْبِ أَعْرَا
ءً وَيَخْرُجْنَ مِنْ دَمٍ فِي جِلَالِ
٦٧٤
وَاسْتَعَارَ الْحَدِيدُ لَوْنًا وَأَلْقَى
لَوْنَهُ فِي ذَوَائِبِ الْأَطْفَالِ
٦٧٥
أَنْتَ طَوْرًا أَمَرُّ مِنْ نَاقِعِ السُّمِّ
وَطَوْرًا أَحْلَى مِنَ السَّلْسَالِ
٦٧٦
إِنَّمَا النَّاسُ حَيْثُ أَنْتَ وَمَا النَّا
سُ بِنَاسٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْكَ خَالِي
٦٧٧
وقال وقد دخل على أبي علي الأوراجي يومًا فقال له: وددنا يا أبا الطيب لو كنت اليوم
معنا،
فقد ركبنا ومعنا كلب لابن ملك، فطردنا به ظبيًا، ولم يكن لنا صقر. فاستحسنت صيده، فقال:
أنا
قليل الرغبة في مثل هذا، فقال أبو علي: إنما اشتهيت أن تراه فتستحسنه، فتقول فيه شيئًا
من
الشعر، قال: أنا أفعل، أفتحب أن يكون الآن؟ قال: أيمكن مثل هذا؟ قال: نعم، وقد حكمتك
في
الوزن والقافية. قال: لا، بل الأمر فيهما إليك. فأخذ أبو الطيب درجًا، وأخذ أبو علي درجًا
آخر يكتب فيه كتابًا، فقطع عليه أبو الطيب الكتاب وقال:
وَمَنْزِلٍ لَيْسَ لَنَا بِمَنْزِلِ
وَلَا لِغَيْرِ الْغَادِيَاتِ الْهُطَّلِ
٦٧٨
نَدِي الْخُزَامَى ذَفِرِ الْقَرَنْفُلِ
مُحَلَّلٍ مِلْوَحْشِ لَمْ يُحَلَّلِ
٦٧٩
عَنَّ لَنَا فِيهِ مُرَاعِي مُغْزِلِ
مُحَيَّنُ النَّفْسِ بَعِيدُ الْمَوْئِلِ
٦٨٠
أَغْنَاهُ حُسْنُ الْجِيدِ عَنْ لُبْسِ الْحُلِي
وَعَادَةُ الْعُرْيِ عَنِ التَّفَضُّلِ
٦٨١
كَأَنَّهُ مُضَمَّخٌ بِصَنْدَلِ
مُعْتَرِضًا بِمِثْلِ قَرْنِ الْأَيِّلِ
٦٨٢
يَحُولُ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالتَّأَمُّلِ
فَحَلَّ كلَّابِي وَثَاقَ الْأَحْبُلِ
٦٨٣
عَنْ أَشْدَقٍ مُسَوْجَرٍ مُسَلْسَلِ
أقَبَّ سَاطٍ شَرِسٍ شَمَرْدَلِ
٦٨٤
مِنْهَا إِذَا يُثْغَ لَهُ لا يَغْزَلِ
مُوَجَّدِ الْفِقْرَةِ رِخْوِ الْمَفْصِلِ
٦٨٥
لَهُ إِذَا أَدْبَرَ لَحْظُ الْمُقْبِلِ
كَأَنَّمَا يَنْظُرُ مِنْ سَجَنْجَلِ
٦٨٦
يَعْدُو إِذَا أَحْزَنَ عَدْوَ الْمُسْهِلِ
إِذَا تَلَا جَاءَ الْمَدَى وَقَدْ تُلِي
٦٨٧
يُقْعِي جُلُوسَ الْبَدَوِيِّ الْمُصْطَلِي
بِأَرْبَعٍ مَجْدُولَةٍ لَمْ تُجْدَلِ
٦٨٨
فُتْلِ الْأَيَادِي رَبِذَاتِ الْأَرْجُلِ
آثَارُهَا أَمْثَالُهَا فِي الْجَنْدَلِ
٦٨٩
يَكَادُ فِي الْوَثْبِ مِنَ التَّفَتُّلِ
يَجْمَعُ بَيْنَ مَتْنِهِ وَالْكَلْكَلِ
٦٩٠
وَبَيْنَ أَعْلَاهُ وَبَيْنَ الْأَسْفَلِ
شَبِيهُ وَسْمِيِّ الْحِضَارِ بِالْوَلِي
٦٩١
كَأَنَّهُ مُضَبَّرٌ مِنْ جَرْوَلِ
مُوَثَّقٌ عَلَى رِمَاحٍ ذُبَّلِ
٦٩٢
ذِي ذَنَبٍ أَجْرَدَ غَيْرَ أَعْزَلِ
يَخُطُّ فِي الْأَرْضِ حِسَابَ الْجُمَّلِ
٦٩٣
كَأَنَّهُ مِنْ جِسْمِهِ بِمَعْزِلِ
لَوْ كَانَ يُبْلِي السَّوْطَ تَحْرِيكٌ بَلِي
٦٩٤
نَيْلُ الْمُنَى وَحُكْمُ نَفْسِ الْمُرْسِلِ
وَعُقْلَةُ الظَّبْيِ وَحَتْفُ التَّتْفُلِ
٦٩٥
فَانْبَرَيَا فَذَّيْنِ تَحْتَ الْقَسْطَلِ
قَدْ ضَمِنَ الْآخَرُ قَتْلَ الْأَوَّلِ
٦٩٦
فِي هَبْوَةٍ كِلَاهُمَا لَمْ يَذْهَلِ
لَا يَأْتَلِي فِي تَرْكِ أَنْ لَا يَأْتَلِي
٦٩٧
مُقْتَحِمًا عَلَى الْمَكَانِ الْأَهْوَلِ
يَخَالُ طُولَ الْبَحْرِ عَرْضَ الْجَدْوَلِ
٦٩٨
حَتَّى إِذَا قِيلَ لَهُ: نِلْتَ افْعَلِ
افْتَرَّ عَنْ مَذْرُوبَةٍ كَالْأَنْصُلِ
٦٩٩
لَا تَعْرِفُ الْعَهْدَ بِصَقْلِ الصَّيْقَلِ
مُرَكَّبَاتٍ فِي الْعَذَابِ الْمُنْزَلِ
٧٠٠
كَأَنَّهَا مِنْ سُرْعَةٍ فِي الشَّمْأَلِ
كَأَنَّهَا مِنْ ثِقَلٍ فِي يَذْبُلِ
٧٠١
كَأَنَّهَا مِنْ سَعَةٍ فِي هَوْجَلِ
كَأَنَّهُ مِنْ عِلْمِهِ بِالْمَقْتَلِ
عَلَّمَ بُقْرَاطَ فِصَادَ الْأَكْحَلِ
٧٠٢
فَحَالَ مَا لِلْقَفْزِ لِلتَّجَدُّلِ
وَصَارَ مَا فِي جِلْدِهِ فِي الْمِرْجَلِ
٧٠٣
فَلَمْ يَضِرْنَا مَعْهُ فَقْدُ الْأَجْدَلِ
إِذَا بَقِيتَ سَالِمًا أَبَا عَلِي
فَالْمُلْكُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ ثُمَّ لِي
٧٠٤
وقال يمدح بدر بن عمار، وقد فصد لعلة، فغاص المبضع فوق حقه، فأضر به ذلك:
أَبْعَدُ نَأْيِ الْمَلِيحَةِ الْبَخَلُ
فِي الْبُعْدِ مَا لَا تُكَلَّفُ الْإِبِلُ
٧٠٥
مَلُولَةٌ مَا يَدُومُ لَيْسَ لَهَا
مِنْ مَلَلٍ دَائِمٍ بِهَا مَلَلُ
٧٠٦
كَأَنَّمَا قَدُّهَا إِذَا انْفَتَلَتْ
سَكْرَانُ مِنْ خَمْرِ طَرْفِهَا ثَمِلُ
٧٠٧
يَجْذِبُهَا تَحْتَ خَصْرِهَا عَجُزٌ
كَأَنَّهُ مِنْ فِرَاقِهَا وَجِلُ
٧٠٨
بِي حَرُّ شَوْقٍ إِلَى تَرَشُّفِهَا
يَنْفَصِلُ الصَّبْرُ حِينَ يَتَّصِلُ
٧٠٩
الثَّغْرُ وَالنَّحْرُ وَالْمُخَلْخَلُ وَالـْ
ـمِعْصَمُ دَائِي وَالْفَاحِمُ الرَّجِلُ
٧١٠
وَمَهْمَهٍ جُبْتُهُ عَلَى قَدَمِي
تَعْجِزُ عَنْهُ الْعَرَامِسُ الذُّلُلُ
٧١١
بِصَارِمِي مُرْتَدٍ بِمَخْبَرَتِي
مُجْتَزِئٌ، بِالظَّلَامِ مُشْتَمِلُ
٧١٢
إِذَا صَدِيقٌ نَكِرْتُ جَانِبَهُ
لَمْ تُعْيِنِي فِي فِرَاقِهِ الْحِيَلُ
٧١٣
فِي سَعَةِ الْخَافِقَيْنِ مُضْطَرَبٌ
وَفِي بِلَادٍ مِنْ أُخْتِهَا بَدَلُ
٧١٤
وَفِي اعْتِمَارِ الْأَمِيرِ بَدْرِ بْنِ عَمَّا
رٍ عَنِ الشُّغْلِ بِالْوَرَى شُغُلُ
٧١٥
أَصْبَحَ مَالٌ كَمَالهِ لِذَوِي الـْ
ـحَاجَةِ لَا يُبْتَدَى وَلَا يُسَلُ
٧١٦
هَانَ عَلَى قَلْبِهِ الزَّمَانُ فَمَا
يَبِينُ فِيهِ غَمٌّ وَلَا جَذَلُ
٧١٧
يَكَادُ مِنْ طَاعَةِ الْحِمَامِ لَهُ
يَقْتُلُ مَنْ مَا دَنَا لَهُ أَجَلُ
٧١٨
يَكَادُ مِنْ صِحَّةِ الْعَزِيمَةِ مَا
يَفْعَلُ قَبْلَ الْفِعَالِ يَنْفَعِلُ
٧١٩
تُعْرَفُ فِي عَيْنِهِ حَقَائِقُهُ
كَأَنَّهُ بِالذَّكَاءِ مُكْتَحِلُ
٧٢٠
أُشْفِقُ عِنْدَ اتِّقَادِ فِكْرَتِهِ
عَلَيْهِ مِنْهَا أَخَافُ يَشْتَعِلُ
٧٢١
أَغَرُّ أَعْدَاؤُهُ إِذَا سَلِمُوا
بِالْهَرَبِ اسْتَكْبَرُوا الَّذِي فَعَلُوا
٧٢٢
يُقْبِلُهُمْ وَجْهَ كُلِّ سَابِحَةٍ
أَرْبَعُهَا قَبْلَ طَرْفِهَا تَصِلُ
٧٢٣
جَرْدَاءَ مِلْءِ الْحِزَامِ مُجْفَرَةٍ
تَكُونُ مِثْلَيْ عَسِيبِهَا الْخُصَلُ
٧٢٤
إِنْ أَدْبَرَتْ قُلْتَ لَا تَلِيلَ لَهَا
أَوْ أَقْبَلَتْ قُلْتَ مَا لَهَا كَفَلُ
٧٢٥
وَالطَّعْنُ شَزْرٌ وَالْأَرْضُ وَاجِفَةٌ
كَأَنَّمَا فِي فُؤَادِهَا وَهَلُ
٧٢٦
قَدْ صَبَغَتْ خَدَّهَا الدِّمَاءُ كَمَا
يَصْبُغُ خَدَّ الْخَرِيدَةِ الْخَجَلُ
٧٢٧
وَالْخَيْلُ تَبْكِي جُلُودُهَا عَرَقًا
بِأَدْمُعٍ مَا تَسُحُّهَا مُقَلُ
٧٢٨
سَارَ وَلَا قَفْرَ مِنْ مَوَاكِبِهِ
كَأَنَّمَا كُلُّ سَبْسَبٍ جَبَلُ
٧٢٩
يَمْنَعُهَا أَنْ يُصِيبَهَا مَطَرٌ
شِدَّةُ مَا قَدْ تَضَايَقَ الْأَسَلُ
٧٣٠
يَا بَدْرُ يَا بَحْرُ يَا عَمَامَةُ يَا
لَيْثُ الشَّرَى يَا حِمَامُ يَا رَجُلُ
٧٣١
إِنَّ الْبَنَانَ الَّذِي تُقَلِّبُهُ
عِنْدَكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَثَلُ
٧٣٢
إِنَّكَ مِنْ مَعْشَرٍ إِذَا وَهَبُوا
مَا دُونَ أَعْمَارِهِمْ فَقَدْ بَخِلُوا
٧٣٣
قُلُوبُهُمْ فِي مَضَاءِ مَا امْتَشَقُوا
قَامَاتُهُمْ فِي تَمَامِ مَا اعْتَقَلُوا
٧٣٤
أَنْتَ نَقِيضُ اسْمِهِ إِذَا اخْتَلَفَتْ
قَوَاضِبُ الْهِنْدِ وَالْقَنَا الذُّبُلُ
أَنْتَ لَعَمْرِي الْبَدْرُ الْمُنِيرُ وَلـَ
ـكِنَّكَ فِي حَوْمَةِ الْوَغَى زُحَلُ
٧٣٥
كَتِيبَةٌ لَسْتَ رَبَّهَا نَفَلٌ
وَبَلْدَةٌ لَسْتَ حَلْيَهَا عُطُلُ
٧٣٦
قُصِدْتَ مِنْ شَرْقِهَا وَمَغْرِبِهَا
حَتَّى اشْتَكَتْكَ الرِّكَابُ وَالسُّبُلُ
٧٣٧
لَمْ تُبْقِ إِلَّا قَلِيلَ عَافِيَةٍ
قَدْ وَفَدَتْ تَجْتَدِيكَهَا الْعِلَلُ
٧٣٨
عُذْرُ الْمَلُوْمَيْنِ فِيكَ أَنَّهُمَا
آسٍ جَبَانٌ وَمِبْضَعٌ بَطَلُ
٧٣٩
مَدَدْتَ فِي رَاحَةِ الطَّبِيبِ يَدًا
وَمَا دَرَى كَيْفَ يُقْطَعُ الْأَمَلُ
٧٤٠
إِنْ يَكُنِ الْبَضْعُ ضَرَّ بَاطِنَهَا
فَرُبَّمَا ضَرَّ ظَهْرَهَا الْقُبَلُ
٧٤١
يَشُقُّ فِي عِرْقِهَا الْفِصَادُ وَلَا
يَشُقُّ فِي عِرْقِ جُودِهَا الْعَذَلُ
٧٤٢
خَامَرَهُ إِذْ مَدَدْتَهَا جَزَعٌ
كَأَنَّهُ مِنْ حَذَافَةٍ عَجِلُ
٧٤٣
جَازَ حُدُودَ اجْتِهَادِهِ فَأَتَى
غَيْرَ اجْتِهَادٍ لِأُمِّهِ الْهَبَلُ
٧٤٤
أَبْلَغُ مَا يُطْلَبُ النَّجَاحُ بِهِ
الطَّبْعُ وَعِنْدَ التَّعَمُّقِ الزَّلَلُ
٧٤٥
ارْثِ لَهَا إِنَّهَا بِمَا مَلَكَتْ
وَبِالَّذِي قَدْ أَسَلْتَ تَنْهَمِلُ
٧٤٦
مِثْلُكَ يَا بَدْرُ لَا يَكُونُ وَلَا
تَصْلُحُ إِلَّا لِمِثْلِكَ الدُّوَلُ
٧٤٧
وقال أيضًا يمدحه:
بَقَائِي شَاءَ لَيْسَ هُمُ ارْتِحَالَا
وَحُسْنَ الصَّبْرِ زَمُّوا لَا الْجِمَالَا
٧٤٨
تَوَلَّوْا بَغْتَةً فَكَأَنَّ بَيْنًا
تَهَيَّبَنِي فَفَاجَأَنِي اغْتِيَالَا
٧٤٩
فَكَانَ مَسِيرُ عِيسِهِمِ ذَمِيلَا
وَسَيْرُ الدَّمْعِ إِثْرَهُمُ انْهِمَالَا
٧٥٠
كَأَنَّ الْعِيسَ كَانَتْ فَوْقَ جَفْنِي
مُنَاخَاةٍ فَلَمَّا ثُرْنَ سَالَا
٧٥١
وَحَجَّبَتِ النَّوَى الظَّبْيَاتِ عَنِّي
فَسَاعَدَتِ الْبَرَاقِعَ وَالْحِجَالَا
٧٥٢
لَبِسْنَ الْوَشَى لَا مُتَجَمِّلَاتٍ
وَلَكِنْ كَيْ يَصُنَّ بِهِ الْجَمَالَا
٧٥٣
وَضَفَّرْنَ الْغَدَائِرَ لَا لِحُسْنٍ
وَلَكِنْ خِفْنَ فِي الشَّعَرِ الضَّلَالَا
٧٥٤
بِجِسْمِي مَنْ بَرَتْهُ فَلَوْ أَصَارَتْ
وِشَاحِي ثَقْبَ لُؤْلُؤَةٍ لَجَالَا
٧٥٥
وَلَوْلَا أَنَّنِي فِي غَيْرِ نَوْمٍ
لَكُنْتُ أَظُنُّنِي مِنِّي خَيَالَا
٧٥٦
بَدَتْ قَمَرًا وَمَالَتْ خُوطَ بَانٍ
وَفَاحَتْ عَنْبَرًا وَرَنَتْ غَزَالَا
٧٥٧
وَجَارَتْ فِي الْحُكُومَةِ ثُمَّ أَبْدَتْ
لَنَا مِنْ حُسْنِ قَامَتِهَا اعْتِدَالَا
٧٥٨
كَأَنَّ الْحُزْنَ مَشْغُوفٌ بِقَلْبِي
فَسَاعَةَ هَجْرِهَا يَجِدُ الْوِصَالَا
٧٥٩
كَذَا الدُّنْيَا عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلِي
صُرُوفٌ لَمْ يُدِمْنَ عَلَيْهِ حَالَا
٧٦٠
أَشَدُّ الْغَمِّ عِنْدِي فِي سُرُورٍ
تَيَقَّنَ عَنْهُ صَاحِبُهُ انْتِقَالَا
٧٦١
أَلِفْتُ تَرَحُّلِي وَجَعَلْتُ أَرْضِي
قُتُودِي وَالْغُرَيْرِيَّ الْجُلَالَا
٧٦٢
فَمَا حَاوَلْتُ فِي أَرْضٍ مُقَامًا
وَلَا أَزْمَعْتُ عَنْ أَرْضٍ زَوَالَا
٧٦٣
عَلَى قَلَقٍ كَأَنَّ الرِّيحَ تَحْتِي
أُوَجِّهُهَا جَنُوبًا أَوْ شَمَالًا
٧٦٤
إِلَى الْبَدْرِ بْنِ عَمَّارِ الَّذِي لَمْ
يَكُنْ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ الْهِلَالَا
٧٦٥
وَلَمْ يَعْظُمْ لِنَقْصٍ كَانَ فِيهِ
وَلَمْ يَزَلِ الْأَمِيرَ وَلَنْ يَزَالَا
بِلَا مِثْلٍ وَإِنْ أَبْصَرْتَ فِيهِ
لِكُلِّ مُغَيَّبٍ حَسَنٍ مِثَالَا
٧٦٦
حُسَامٌ لِابْنِ رائِقٍ الْمُرَجَّى
حُسَامِ الْمُتَّقِي أَيَّامَ صَالَا
٧٦٧
سِنَانٌ فِي قَنَاةِ بَنِي مَعَدٍّ
بَنِي أَسَدٍ إِذَا دَعَوُا النِّزَالَا
٧٦٨
أَعَزُّ مَغَالِبٍ كَفًّا وَسَيْفًا
وَمَقْدِرَةً وَمَحْمِيَةً وَآلَا
٧٦٩
وَأَشْرَفُ فَاخِرٍ نَفْسًا وَقَوْمًا
وَأَكْرَمُ مُنْتَمٍ عَمًّا وَخَالَا
٧٧٠
يَكُونُ أَحَقُّ إِثْنَاءٍ عَلَيْهِ
عَلَى الدُّنْيَا وَأَهْلِيهَا مُحَالَا
٧٧١
وَيَبْقَى ضِعْفُ مَا قَدْ قِيلَ فِيهِ
إِذَا لَمْ يَتَّرِكْ أَحَدٌ مَقَالَا
٧٧٢
فَيَا ابْنَ الطَّاعِنِينَ بِكُلِّ لَدْنٍ
مَوَاضِعَ يَشْتَكِي الْبَطَلُ السُّمَالَا
٧٧٣
وَيَا ابْنَ الضَّارِبينَ بِكُلِّ عَضْبٍ
مِنَ الْعَرَبِ الْأَسَافِلِ وَالْقِلَالَا
٧٧٤
أَرَى الْمُتَشَاعِرِينَ غَرُوا بِذَمِّي
وَمَنْ ذَا يَحْمَدُ الدَّاءَ الْعُضَالَا
٧٧٥
وَمَنْ يَكُ ذَا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ
يَجِدْ مُرًّا بِهِ الْمَاءَ الزُّلَالَا
٧٧٦
وَقَالُوا: هَلْ يُبَلِّغُكَ الثُّرَيَّا؟
فَقُلْتُ: نَعَمْ إِذَا شِئْتُ اسْتِفَالَا
٧٧٧
هُوَ الْمُفْنِي الْمَذَاكِيَ وَالْأَعَادِي
وَبِيضَ الْهِنْدِ وَالسُّمْرَ الطِّوَالَا
٧٧٨
وَقائِدُهَا مُسَوَّمَةً خِفَافًا
عَلَى حَيٍّ تُصَبِّحُهُ ثِقَالَا
٧٧٩
جَوَائِلَ بِالْقُنِيِّ مُثَقَّفَاتٍ
كَأَنَّ عَلَى عَوَامِلِهَا الذُّبَالَا
٧٨٠
إِذَا وَطِئَتْ بِأَيْدِيهَا صُخُورًا
يَفِئْنَ لِوَطْءِ أَرْجُلِهَا رِمَالَا
٧٨١
جَوَابُ مُسَائِلِي: أَلَهُ نَظِيرٌ؟
وَلا لَكَ فِي سُؤَالِكَ لَا أَلَا لَا
٧٨٢
لَقَدْ أَمِنْتَ بِكَ الْإِعْدَامَ نَفْسٌ
تَعُدُّ رَجَاءَهَا إِيَّاكَ مَالَا
٧٨٣
وَقَدْ وَجِلَتْ قُلُوبٌ مِنْكَ حَتَّى
غَدَتْ أَوْجَالُهَا فِيهَا وِجَالَا
٧٨٤
سُرُورُكَ أَنْ تَسُرُّ النَّاسَ طُرًّا
تُعَلِّمُهُمْ عَلَيْكَ بِهِ الدَّلَالَا
٧٨٥
إِذَا سَأَلُوا شَكَرْتَهُمُ عَلَيْهِ
وَإِنْ سَكَتُوا سَأَلْتَهُمُ السُّؤَالَا
٧٨٦
وَأَسْعَدُ مَنْ رَأَيْنَا مُسْتَمِيحٌ
يُنِيلُ الْمُسْتَمَاحَ بِأَنْ يَنَالَا
٧٨٧
يُفَارِقُ سَهْمُكَ الرَّجُلَ الْمُلَاقَى
فِرَاقَ الْقَوْسِ مَا لَاقَى الرِّجَالَا
٧٨٨
فَمَا تَقِفُ السِّهَامُ عَلَى قَرَارٍ
كَأَنَّ الرِّيشَ يَطَّلِبُ النِّصَالَا
٧٨٩
سَبَقْتَ السَّابِقِينَ فَمَا تُجَارَى
وَجَاوَزْتَ الْعُلُوَّ فَمَا تُعَالَى
٧٩٠
وَأُقْسِمُ لَوْ صَلَحْتَ يَمِينَ شَيْءٍ
لَمَا صَلَحَ الْعِبَادُ لَهُ شِمَالَا
٧٩١
أُقَلِّبُ مِنْكَ طَرْفِي فِي سَمَاءٍ
وَإِنْ طَلَعَتْ كَوَاكِبُهَا خِصَالَا
٧٩٢
وَأَعْجَبُ مِنْكَ كَيْفَ قَدَرْتَ تَنْشَا
وَقَدْ أُعْطِيتَ فِي الْمَهْدِ الْكَمَالَا؟!
٧٩٣
وخرج بدر بن عمار إلى أسد، فهرب الأسد منه، وكان قد خرج قبله إلى أسد آخر، فهاجه عن
بقرة
افترسها بعد أن شبع وثقل، فوثب إلى كفل فرسه، فأعجله عن استلال سيفه، فضربه بالسوط، ودار
به
الجيش، فقال أبو الطيب:
فِي الْخَدِّ أَنْ عَزَمَ الْخَلِيطُ رَحِيلَا
مَطَرٌ تَزِيدُ بِهِ الْخُدُودُ مُحُولَا
٧٩٤
يَا نَظْرَةً نَفَتِ الرُّقَادَ وَغَادَرَتْ
فِي حَدِّ قَلْبِي مَا حَيِيتُ فُلُولَا
٧٩٥
كَانَتْ مِنَ الْكَحْلَاءِ سُؤْلِي إِنَّمَا
أَجَلِي تَمَثَّلَ فِي فُؤَادِيَ سُولَا
٧٩٦
أَجِدُ الْجَفَاءَ عَلَى سِوَاكِ مُرُوءَةً
وَالصَّبْرَ إِلَّا فِي نَوَاكِ جَمِيلَا
٧٩٧
وَأَرَى تَدَلُّلَكِ الْكَثِيرَ مُحَبَّبًا
وَأَرَى قَلِيلَ تَدَلُّلٍ مَمْلُولَا
٧٩٨
تَشْكُو رَوَادِفَكِ الْمَطِيَّةُ فَوْقَهَا
شَكْوَى الَّتِي وَجَدَتْ هَوَاكِ دَخِيلَا
٧٩٩
وَيُغِيرُنِي جَذْبُ الزِّمَامِ لِقَلْبِهَا
فَمَهَا إِلَيْكِ كَطَالِبٍ تَقْبِيلَا
٨٠٠
حَدَقُ الْحِسَانِ مِنَ الْغَوَانِي هِجْنَ لِي
يَوْمَ الْفِرَاقِ صَبَابَةً وَغَلِيلَا
٨٠١
حَدَقٌ يُذِمُّ مِنَ الْقَوَاتِلِ غَيْرَهَا
بَدْرُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ إِسْمَاعِيلَا
٨٠٢
الْفَارِجُ الْكُرَبَ الْعِظَامَ بِمِثْلِهَا
وَالتَّارِكُ الْمَلِكَ الْعَزِيزَ ذَلِيلَا
٨٠٣
مَحِكٌ إِذَا مَطَلَ الْغَرِيمُ بِدَيْنِهِ
جَعَلَ الْحُسَامَ بِمَا أَرَادَ كَفِيلَا
٨٠٤
نَطِقٌ إِذَا حَطَّ الْكَلَامُ لِثَامَهُ
أَعْطَى بِمَنْطِقِهِ الْقُلُوبَ عُقُولَا
٨٠٥
أَعْدَى الزَّمَانَ سَخَاؤُهُ فَسَخَا بِهِ
وَلَقَدْ يَكُونُ بِهِ الزَّمَانُ بَخِيلَا
٨٠٦
وَكَأَنَّ بَرْقًا فِي مُتُونِ غَمَامَةٍ
هِنْدِيُّهُ فِي كَفِّهِ مَسْلُولَا
٨٠٧
وَمَحَلُّ قَائِمِهِ يَسِيلُ مَوَاهِبًا
لَوْ كُنَّ سَيْلًا مَا وَجَدْنَ مَسِيلَا
٨٠٨
رَقَّتْ مَضَارِبُهُ فَهُنَّ كَأَنَّمَا
يُبْدِينَ مِنْ عِشْقِ الرِّقَابِ نُحُولَا
٨٠٩
أَمُعَفِّرَ اللَّيْثِ الْهِزَبْرِ بِسَوْطِهِ
لِمَنِ ادَّخَرْتَ الصَّارِمَ الْمَصْقُولَا؟!
٨١٠
وَقَعَتْ عَلَى الْأُرْدُنِّ مِنْهُ بَلِيَّةٌ
نُضِدَتْ بِهَا هَامُ الرِّفَاقِ تَلُولَا
٨١١
وَرْدٌ إِذَا وَرَدَ الْبُحَيْرَةَ شَارِبًا
وَرَدَ الْفُرَاتَ زَئِيرُهُ وَالنِّيلَا
٨١٢
مُتَخَضِّبٌ بِدَمِ الْفَوَارِسِ لَابِسٌ
فِي غِيلِهِ مِنْ لِبْدَتَيْهِ غِيلَا
٨١٣
مَا قُوبِلَتْ عَيْنَاهُ إِلَّا ظَنَّتَا
تَحْتَ الدُّجَى نَارَ الْفَرِيقِ حُلُولَا
٨١٤
فِي وَحْدَةِ الرُّهْبَانِ إِلَّا أَنَّهُ
لَا يَعْرِفُ التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَا
٨١٥
يَطَأُ الثَّرَى مُتَرَفِّقًا مِنْ تِيهِهِ
فَكَأَنَّهُ آسٍ يَجُسُّ عَلِيلَا
٨١٦
وَيَرُدُّ عُفْرَتَهُ إِلَى يَافُوخِهِ
حَتَّى تَصِيرَ لِرَأْسِهِ إِكْلِيلَا
٨١٧
وَتَظُنُّهُ مِمَّا يُزَمْجِرُ نَفْسُهُ
عَنْهَا لِشِدَّةِ غَيْظِهِ مَشْغُولَا
٨١٨
قَصَرَتْ مَخَافَتُهُ الْخُطَا فَكَأَنَّمَا
رَكِبَ الْكَمِيُّ جَوَادَهُ مَشْكُولَا
٨١٩
أَلْقَى فَرِيسَتَهُ وَبَرْبَرَ دُونَهَا
وَقَرُبْتَ قُرْبًا خَالَهُ تَطْفِيلَا
٨٢٠
فَتَشَابَهَ الْخُلُقَانِ فِي إِقْدَامِهِ
وَتَخَالَفَا فِي بَذْلِكَ الْمَأْكُولَا
٨٢١
أَسَدٌ يَرَى عُضْوَيْهِ فِيكَ كِلَيْهِمَا
مَتْنًا أَزَلَّ وَسَاعِدًا مَفْتُولَا
٨٢٢
فِي سَرْجِ ظَامِئَةِ الْفُصُوصِ طِمِرَّةٍ
يَأْبَى تَفَرُّدُهَا لَهَا التَّمْثِيلَا
٨٢٣
نَيَّالَةِ الطَّلِبَاتِ لَوْلَا أَنَّهَا
تُعْطِي مَكَانَ لِجَامِهَا مَا نِيلَا
٨٢٤
تَنْدَى سَوَالِفُهَا إِذَا اسْتَحْضَرْتَهَا
وَيُظَنُّ عَقْدُ عِنَانِهَا مَحْلُولَا
٨٢٥
مَا زَالَ يَجْمَعُ نَفْسَهُ فِي زَوْرِهِ
حَتَّى حَسِبْتَ الْعَرْضَ مِنْهُ الطُّولَا
٨٢٦
وَيَدُقُّ بِالصَّدْرِ الْحِجَارَ كَأَنَّهُ
يَبْغِي إِلَى مَا فِي الْحَضِيضِ سَبِيلَا
٨٢٧
وَكَأَنَّهُ غَرَّتْهُ عَيْنٌ فَادَّنَى
لَا يُبْصِرُ الْخَطْبَ الْجَلِيلَ جَلِيلَا
٨٢٨
أَنَفُ الْكَرِيمِ مِنَ الدَّنِيَّةِ تَارِكٌ
فِي عَيْنِهِ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ قَلِيلَا
٨٢٩
وَالْعَارُ مَضَّاضٌ وَلَيْسَ بِخَائِفٍ
مِنْ حَتْفِهِ مَنْ خَافَ مِمَّا قِيلَا
٨٣٠
سَبَقَ الْتِقَاءَكَهُ بِوَثْبَةِ هَاجِمٍ
لَوْ لَمْ تُصَادِمْهُ لَجَازَكَ مِيلَا
٨٣١
خَذَلَتْهُ قُوَّتُهُ وَقَدْ كَافَحْتَهُ
فَاسْتَنْصَرَ التَّسْلِيمَ وَالتَّجْدِيلَا
٨٣٢
قَبَضَتْ مَنِيَّتُهُ يَدَيْهِ وَعُنْقَهُ
فَكَأَنَّمَا صَادَفَتْهُ مَغْلُولَا
٨٣٣
سَمِعَ ابْنَ عَمَّتِهِ بِهِ وَبِحَالِهِ
فَنَجَا يُهَرْوِلُ مِنْكَ أَمْسِ مَهُولَا
٨٣٤
وَأَمَرُّ مِمَّا فَرَّ مِنْهُ فِرَارُهُ
وَكَقَتْلِهِ أَنْ لَا يَمُوتَ قَتِيلَا
٨٣٥
تَلَفُ الَّذِي اتَّخَذَ الْجَرَاءَةَ خُلَّةً
وَعَظَ الَّذِي اتَّخَذَ الْفِرَارَ خَلِيلَا
٨٣٦
لَوْ كَانَ عِلْمُكَ بِالْإِلَهِ مُقَسَّمًا
فِي النَّاسِ مَا بَعَثَ الْإِلَهُ رَسُولَا
٨٣٧
لَوْ كَانَ لَفْظُكَ فِيهِمِ مَا أَنْزَلَ الـْ
ـقُرْآنَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَا
لَوْ كَانَ مَا تُعْطِيهِمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تُعْطِيهِمِ لَمْ يَعْرِفُوا التَّأْمِيلَا
٨٣٨
فَلَقَدْ عُرِفْتَ، وَمَا عُرِفْتَ حَقِيقَةً
وَلَقَدْ جُهِلْتَ وَمَا جُهِلْتَ خُمُولَا
٨٣٩
نَطَقَتْ بِسُؤْدُدِكَ الْحَمَامُ تَغَنِّيًا
وَبِمَا تُجَشِّمُهَا الْجِيَادُ صَهِيلَا
٨٤٠
مَا كُلُّ مَنْ طَلَبَ الْمَعَالِيَ نَافِذًا
فِيهَا وَلَا كُلُّ الرِّجَالِ فُحُولَا
٨٤١
وقال وقد نظر إلى جانبه خلعة مطوية فسأل عنها فقيل: هي خلع الولاية، وكان أبو الطيب
عند
وصولها عليلًا:
أَرَى حُلَلًا مَطَوَّاةً حِسَانًا
عَدَانِي أَنْ أَرَاكَ بِهَا اعْتِلَالِي
٨٤٢
وَهَبْكَ طَوَيْتَهَا وَخَرَجَتْ عَنْهَا
أَتَطْوِي مَا عَلَيْكَ مِنَ الْجَمَالِ؟!
٨٤٣
لَقَدْ ظَلَّتْ أَوَاخِرُهَا الْأَعَالِي
مَعَ الْأُولَى بِجِسْمِكَ فِي قِتَالِ
٨٤٤
تُلَاحِظُكَ الْعُيُونُ وَأَنْتَ فِيهَا
كَأَنَّ عَلَيْكَ أَفْئِدَةَ الرِّجَالِ
٨٤٥
مَتَى أَحْصَيْتُ فَضْلَكَ فِي كَلَامٍ
فَقَدْ أَحْصَيْتُ حَبَّاتِ الرِّمَالِ
٨٤٦
وَإِنَّ بِهَا، وَإِنَّ بِهِ لَنَقْصًا
وَأَنْتَ لَهَا النِّهَايَةُ فِي الْكَمَالِ
٨٤٧
وقال فيه أيضًا:
عَذَلَتْ مُنَادَمَةُ الْأَمِيرِ عَوَاذِلِي
فِي شُرْبِهَا وَكَفَتْ جَوابَ السَّائِلِ
٨٤٨
مَطَرَتْ سَحَابُ يَدَيْكَ رِيَّ جَوَانِحِي
وَحَمَلْتُ شُكْرَكَ وَاصْطِنَاعُكَ حَامِلِي
٨٤٩
فَمَتَى أَقُومُ بِشُكْرِ مَا أَوْلَيْتَنِي
وَالْقَوْلُ فِيكَ عُلُوُّ قَدْرِ الْقَائِلِ؟!
٨٥٠
وقال يمدحه:
بَدْرٌ فَتًى لَوْ كَانَ مِنْ سُؤَّالِهِ
يَوْمًا تَوَفَّرَ حَظُّهُ مِنْ مَالِهِ
٨٥١
تَتَحَيَّرُ الْأَفْعَالُ فِي أَفْعَالِهِ
وَيَقِلُّ مَا يَأْتِيهِ فِي إِقْبَالِهِ
٨٥٢
قَمَرًا نَرَى وَسَحَابَتَيْنِ بِمَوْضِعٍ
مِنْ وَجْهِهِ وَيَمِينِهِ وَشِمَالِهِ
٨٥٣
سَفَكَ الدِّمَاءَ بِجُودِهِ لَا بَأْسِهِ
كَرَمًا لِأَنَّ الطَّيْرَ بَعْضُ عِيَالِهِ
٨٥٤
إِنْ يُفْنِ مَا يَحْوِي فَقَدْ أَبْقَى بِهِ
ذِكْرًا يَزُولُ الدَّهْرُ قَبْلَ زَوَالِهِ
٨٥٥
وسأله حاجة فقضاها له، فنهض فقال:
قَدْ أُبْتُ بِالْحَاجَةِ مَقْضِيَّةً
وَعِفْتُ فِي الْجَلْسَةِ تَطْوِيلَهَا
٨٥٦
أَنْتَ الَّذِي طُولُ بَقَاءٍ لَهُ
خَيْرٌ لِنَفْسِي مِنْ بَقَائِي لَهَا
وقال يمدح القاضي أبا الفضل أحمد بن عبد الله الأنطاكي:
لَكِ يَا مَنَازِلُ فِي الْقُلُوبِ مَنَازِلُ
أَقْفَرْتِ أَنْتِ وَهُنَّ مِنْكِ أَوَاهِلُ
٨٥٧
يَعْلَمْنَ ذَاكَ وَمَا عَلِمْتِ وَإِنَّمَا
أَوْلَاكُمَا بِبُكًى عَلَيْهِ الْعَاقِلُ
٨٥٨
وَأَنَا الَّذِي اجْتَلَبَ الْمَنِيَّةَ طَرْفُهُ
فَمَنِ الْمُطَالَبُ وَالْقَتِيلُ الْقَاتِلُ؟!
٨٥٩
تَخْلُو الدِّيَارُ مِنَ الظِّبَاءِ وَعِنْدَهُ
مِنْ كُلِّ تَابِعَةٍ خَيَالٌ خَاذِلُ
٨٦٠
اللَّاءِ أَفْتَكُهَا الْجَبَانُ بِمُهْجَتِي
وَأَحَبُّهَا قُرْبًا إِلَيَّ الْبَاخِلُ
٨٦١
الرَّامِيَاتُ لَنَا وَهُنَّ نَوَافِرٌ
وَالْخَاتِلَاتُ لَنَا وَهُنَّ غَوَافِلُ
٨٦٢
كَافَأْنَنَا عَنْ شِبْهِهِنَّ مِنَ الْمَهَا
فَلَهُنَّ فِي غَيْرِ التُّرَابِ حَبَائِلُ
٨٦٣
مِنْ طَاعِنِي ثُغْرِ الرِّجَالِ جَآذِرٌ
وَمِنَ الرِّمَاحِ دَمَالِجٌ وَخَلَاخِلُ
٨٦٤
وَلِذَا اسْمُ أَغْطِيَةِ الْعُيُونِ جُفُونُهَا
مِنْ أَنَّهَا عَمَلَ السُّيُوفِ عَوَامِلُ
٨٦٥
كَمْ وَقْفَةٍ سَجَرَتْكَ شَوْقًا بَعْدَمَا
غَرِيَ الرَّقِيبُ بِنَا وَلَجَّ الْعَاذِلُ!
٨٦٦
دُونَ التَّعَانُقِ نَاحِلَيْنِ كَشَكْلَتَيْ
نَصْبٍ أَدَقَّهُمَا وَصَمَّ الشَّاكِلُ
٨٦٧
انْعَمْ وَلَذَّ فَلِلْأُمُورِ أَوَاخِرٌ
أَبَدًا إِذَا كَانَتْ لَهُنَّ أَوَائِلُ
٨٦٨
مَا دُمْتَ مِنْ أَرَبِ الْحِسَانِ فَإِنَّمَا
رَوْقُ الشَّبَابِ عَلَيْكَ ظِلٌّ زَائِلُ
٨٦٩
لِلَّهْوِ آوِنَةٌ تَمُرُّ كَأَنَّهَا
قُبَلٌ يُزَوِّدُهَا حَبِيبٌ رَاحِلُ
٨٧٠
جَمَحَ الزَّمَانُ فَمَا لَذِيذٌ خَالِصٌ
مِمَّا يَشُوبُ وَلَا سُرُورٌ كَامِلُ
حَتَّى أَبُو الْفَضْلِ بْنُ عَبْدِ اللهِ رُؤْ
يَتُهُ الْمُنَى وَهْيَ الْمَقَامُ الْهَائِلُ
٨٧١
مَمْطُورَةٌ طُرُقِي إِلَيْهَا دُونَهَا
مِنْ جُودِهِ فِي كُلِّ فَجٍّ وَابِلُ
٨٧٢
مَحْجُوبَةٌ بِسُرَادِقٍ مِنْ هَيْبَةٍ
تُثْنِي الْأَزِمَّةَ وَالْمَطِيُّ ذَوَامِلُ
٨٧٣
لِلشَّمْسِ فِيهِ وَلِلرِّيَاحِ وَلِلسَّحَا
بِ وَلِلْبِحَارِ وَلِلْأُسُودِ شَمَائِلُ
٨٧٤
وَلَدَيْهِ مِلْعِقْيَانِ وَالْأَدَبِ الْمُفَا
دِ وَمِلْحَيَاةِ وَمِلْمَمَاتِ مَنَاهِلُ
٨٧٥
لَوْ لَمْ يُهَبْ لَجَبُ الْوُفُودِ حَوَالَهُ
لَسَرَى إِلَيْهِ قَطَا الْفَلَاةِ النَّاهِلُ
٨٧٦
يَدْرِي بِمَا بِكَ قَبْلَ تُظْهِرُهُ لَهُ
مِنْ ذِهْنِهِ وَيُجِيبُ قَبْلَ تُسَائِلُ
٨٧٧
وَتَرَاهُ مُعْتَرِضًا لَهَا وَمُوَلِّيًا
أَحْدَاقُنَا وَتَحَارُ حِينَ يُقَابِلُ
٨٧٨
كَلِمَاتُهُ قُضُبٌ وَهُنَّ فَوَاصِلٌ
كُلُّ الضَّرَائِبِ تَحْتَهُنَّ مَفَاصِلُ
٨٧٩
هَزَمَتْ مَكَارِمُهُ الْمَكَارِمَ كُلَّهَا
حَتَّى كَأَنَّ الْمَكْرُمَاتِ قَنَابِلُ
٨٨٠
وَقَتَلْنَ دَفْرًا وَالدُّهَيْمَ فَمَا تُرَى
أُمُّ الدُّهَيْمِ وَأُمُّ دَفْرٍ هَابِلُ
٨٨١
عَلَّامَةُ الْعُلَمَاءِ وَاللُّجُّ الَّذِي
لَا يَنْتَهِي وَلِكُلِّ لُجٍّ سَاحِلُ
٨٨٢
لَوْ طَابَ مَوْلِدُ كُلِّ حَيٍّ مِثْلَهُ
وَلَد النِّسَاءُ وَمَا لَهُنَّ قَوَابِلُ
٨٨٣
لَوْ بَانَ بِالْكَرَمِ الْجَنِينُ بَيَانَهُ
لَدَرَتْ بِهِ ذَكَرٌ أَمُ انْثَى الْحَامِلُ
٨٨٤
لِيَزِدْ بَنُو الْحَسَنِ الشِّرَافُ تَوَاضُعًا
هَيْهَاتَ تُكْتَمُ فِي الظَّلَامِ مَشَاعِلُ
٨٨٥
سَتَرُوا النَّدَى سَتْرَ الْغُرَابِ سِفَادَهُ
فَبَدَا وَهَلْ يَخْفَى الرَّبَابُ الْهَاطِلُ
٨٨٦
جَفَخَتْ وَهُمْ لَا يَجْفُخُونَ بِهَابِهِمْ
شِيَمٌ عَلَى الْحَسَبِ الْأَغَرِّ دَلَائِلُ
٨٨٧
مُتَشَابِهِي وَرَعِ النُّفُوسِ كَبِيرُهُمْ
وَصَغِيرُهُمْ عَفُّ الْإِزَارِ حُلَاحِلُ
٨٨٨
يَا افْخَرْ فَإِنَّ النَّاسَ فِيكَ ثَلَاثَةٌ
مُسْتَعْظِمٌ أَوْ حَاسِدٌ أَوْ جَاهِلُ
٨٨٩
وَلَقَدْ عَلَوْتَ فَمَا تُبَالِي بَعْدَمَا
عَرَفُوا، أَيَحْمَدُ أَمْ يَذُمُّ الْقَائِلُ؟
٨٩٠
أُثْنِي عَلَيْكَ وَلَوْ تَشَاءُ لَقُلْتَ لِي:
قَصَّرْتَ فَالْإِمْسَاكُ عَنِّي نَائِلُ
٨٩١
لَا تَجْسُرُ الْفُصَحَاءُ تُنْشِدُ هَا هُنَا
بَيْتًا وَلَكِنِّي الْهِزْبَرُ الْبَاسِلُ
٨٩٢
مَا نَالَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كُلُّهُمْ
شِعْرِي وَلَا سَمِعَتْ بِسِحْرِيَ بَابِلُ
٨٩٣
وَإِذَا أَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ
فَهْيَ الشَّهَادَةُ لِي بِأَنِّيَ كَامِلُ
٨٩٤
مَنْ لِي بِفَهْمِ أُهَيْلِ عَصْرٍ يَدَّعِي
أَنْ يَحْسُبَ الْهِنْدِيَّ فِيهِمْ بَاقِلُ؟!
٨٩٥
وَأَمَا وَحَقِّكَ وَهْوَ غَايَةُ مُقْسِمٍ
لَلْحَقُّ أَنْتَ وَمَا سِوَاكَ الْبَاطِلُ
٨٩٦
الطِّيبُ أَنْتَ إِذَا أَصَابَكَ طِيبُهُ
وَالْمَاءُ أَنْتَ إِذَا اغْتَسَلْتَ الْغَاسِلُ
٨٩٧
مَا دَارَ فِي الْحَنَكِ اللِّسَانُ وَقلَّبَتْ
قَلَمًا بِأَحْسَنَ مِنْ نَثَاكَ أَنَامِلُ
٨٩٨
وقال يهجو قومًا توعدوه:
أَمَاتَكُمُ مِنْ قَبْلِ مَوْتِكُمُ الْجَهْلُ
وَجَرَّكُمُ مِنْ خِفَّةٍ بِكُمُ النَّمْلُ
٨٩٩
وُلَيْدَ أُبَيِّ الطَّيِّبِ الْكَلْبِ مَا لَكُمُ
فَطِنْتُمْ إِلَى الدَّعْوَى وَمَا لَكُمُ عَقْلُ؟!
٩٠٠
وَلَوْ ضَرَبَتْكُمْ مَنْجَنِيقِي وَأَصْلُكُمْ
قَوِيٌّ لَهَدَّتْكُمُ فَكَيْفَ وَلَا أَصْلُ؟!
٩٠١
وَلَوْ كُنْتُمُ مِمَّنْ يُدَبِّرُ أَمْرَهُ
لَمَا كُنْتُمُ نَسْلَ الَّذِي مَا لَهُ نَسْلُ
٩٠٢
وقال: وقد جعل أبو محمد بن طغج يضرب بكمه البخور، ويقول: سَوْقًا إلى أبي الطيب:
يَا أَكْرَمَ النَّاسِ فِي الْفَعَالِ
وَأَفْصَحَ النَّاسِ فِي الْمَقَالِ!
٩٠٣
إِنْ قُلْتَ فِي ذَا الْبَخُورِ: سَوْقًا
فَهَكَذَا قُلْتَ فِي النَّوَالِ
٩٠٤
وقال، وقد بلغه أن إسحاق بن كيغلغ يتهدده وهو ببلاد الروم، وكان أبو الطيب
بدمشق:
٩٠٥
أَتَانِي كَلَامُ الْجَاهِلِ ابْنِ كَيَغْلَغٍ
يَجُوبُ حُزُونًا بَيْنَنَا وَسُهُولَا
٩٠٦
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ ابْنِ صَفْرَاءَ حَائِلٌ
وَبَيْنِي سِوَى رُمْحِي لَكَانَ طَوِيلَا
٩٠٧
وَإِسِحَقُ مَأْمُونٌ عَلَى مَنْ أَهَانَهُ
وَلَكِنْ تَسَلَّى بِالْبُكَاءِ قَلِيلَا
٩٠٨
وَلَيْسَ جَمِيلًا عِرْضُهُ فَيَصُونَهُ
وَلَيْسَ جَمِيلًا أَنْ يَكُونَ جَمِيلَا
٩٠٩
وَيَكْذِبُ مَا أَذْلَلْتُهُ بِهِجَائِهِ
لَقَدْ كَانَ مِنْ قَبْلِ الْهِجَاءِ ذَلِيلَا
٩١٠
وقال يمدح أبا العشائر:
لَا تَحْسَبُوا رَبْعَكُمْ وَلَا طَلَلَهْ
أَوَّلَ حَيٍّ فِرَاقُكُمْ قَتَلَهْ
٩١١
قَدْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ النُّفُوسُ بِكُمْ
وَأَكْثَرَتْ فِي هَوَاكُمُ الْعَذَلَهْ
٩١٢
خَلَا وَفِيهِ أَهْلٌ وَأَوْحَشَنَا
وَفِيهِ صِرْمٌ مُرَوِّحٌ إِبِلَهْ
٩١٣
لَوْ سَارَ ذَاكَ الْحَبِيبُ عَنْ فَلَكٍ
مَا رَضِيَ الشَّمْسَ بُرْجُهُ بَدَلَهْ
٩١٤
أُحِبُّهُ وَالْهَوَى وَأَدْؤُرَهُ
وَكُلُّ حُبٍّ صَبَابَةٌ وَوَلَهْ
٩١٥
يَنْصُرُهَا الْغَيْثُ وَهْيَ ظَامِئَةٌ
إِلَى سِوَاهُ وَسُحْبُهَا هَطِلَهْ
٩١٦
وَاحَرَبَا مِنْكِ يَا جَدَايَتَهَا
مُقِيمَةً فَاعْلَمِي وَمُرْتَحِلَهْ
٩١٧
لَوْ خُلِطَ الْمِسْكُ وَالْعَبِيرُ بِهَا
وَلَسْتِ فِيهَا لَخِلْتُهَا تَفِلَهْ
٩١٨
أَنَا ابْنُ مَنْ بَعْضُهُ يَفُوقُ أَبَا الْبَا
حِثِ وَالنَّجْلُ بَعْضُ مَنْ نَجَلَهْ
٩١٩
وَإِنَّمَا يَذْكُرُ الْجُدُودَ لَهُمْ
مَنْ نَفَرُوهُ وَأَنْفَدُوا حِيَلَهْ
٩٢٠
فَخْرًا لِعَضْبٍ أَرُوحُ مُشْتَمِلَهْ
وَسَمْهَرِيٍّ أَرُوحُ مُعْتَقِلَهْ
٩٢١
وَلْيَفْخَرِ الْفَخْرُ إِذْ غَدَوْتُ بِهِ
مُرْتَدِيًا خَيْرَهُ وَمُنْتَعِلَهْ
٩٢٢
أَنَا الَّذِي بَيَّنَ الْإِلَهُ بِهِ الـْ
أَقْدَارَ وَالْمَرْءُ حَيْثُمَا جَعَلَهْ
٩٢٣
جَوْهَرَةٌ يَفْرَحُ الْكِرَامُ بِهَا
وَغُصَّةٌ لَا تُسِيغُهَا السَّفِلَهْ
٩٢٤
إِنَّ الْكِذَابَ الَّذِي أُكَادُ بِهِ
أَهْوَنُ عِنْدِي مِنَ الَّذِي نَقَلَهْ
٩٢٥
فَلَا مُبَالٍ وَلَا مُدَاجٍ وَلَا
وَانٍ وَلَا عَاجِزٌ وَلَا تُكَلَهْ
٩٢٦
وَدَارِعٍ سِفْتُهُ فَخَرَّ لَقًى
فِي الْمُلْتَقَى وَالْعَجَاجِ وَالْعَجَلَهْ
٩٢٧
وَسَامِعٍ رُعْتُهُ بِقَافِيَةٍ
يَحَارُ فِيهَا الْمُنَقِّحُ الْقُوَلَهْ
٩٢٨
وَرُبَّمَا أُشْهِدُ الطَّعَامَ مَعِي
مَنْ لَا يُسَاوِي الْخُبْزَ الَّذِي أَكَلَهْ
٩٢٩
وَيُظْهِرُ الْجَهْلَ بِي وَأَعْرِفُهُ
وَالدُّرُّ دُرٌّ بِرَغْمِ مَنْ جَهِلَهْ
٩٣٠
مُسْتَحْيِيًا مِنْ أَبِي الْعَشَائِرِ أَنْ
أَسْحَبَ فِي غَيْرِ أَرْضِهِ حُلَلَهْ
٩٣١
أَسْحَبُهَا عِنْدَهُ لَدَى مَلِكٍ
ثِيَابُهُ مِنْ جَلِيسِهِ وَجِلَهْ
٩٣٢
وَبِيضُ غِلْمَانِهِ كَنَائِلِهِ
أَوَّلُ مَحْمُولِ سَيْبِهِ الْحَمَلَهْ
٩٣٣
مَا لِي لَا أَمْدَحُ الْحُسَيْنَ وَلا
أَبْذُلُ مِثْلَ الْوُدِّ الَّذِي بَذَلَهْ
٩٣٤
أَأَخْفَتِ الْعَيْنُ عِنْدَهُ خَبَرًا
أَمْ بَلَغَ الْكَيْذُبَانُ مَا أَمَلَهْ؟!
٩٣٥
أَمْ لَيْسَ ضَرَّابَ كُلِّ جُمْجُمَةٍ
مَنْخُوَّةٍ سَاعَةَ الْوَغَى زَعِلَهْ؟!
٩٣٦
وَصَاحِبَ الْجُودِ مَا يُفَارِقُهُ
لَوْ كَانَ لِلْجُودِ مَنْطِقٌ عَذَلَهْ
٩٣٧
وَرَاكِبَ الْهَوْلِ لَا يُفَتِّرُهُ
لَوْ كَانَ لِلْهَوْلِ مَحْزِمٌ هَزَلَهْ
٩٣٨
وَفَارِسَ الْأَحْمَرِ الْمُكَلِّلَ فِي
طَيِّئِ الْمُشْرَعَ الْقَنَا قِبَلَهْ
٩٣٩
لَمَّا رَأَتْ وَجْهَهُ خُيُولُهُمُ
أَقْسَمَ بِاللهِ لَا رَأَتْ كَفَلَهْ
٩٤٠
فَأَكْبَرُوا فِعْلَهُ وَأَصْغَرَهُ
أَكْبَرُ مِنْ فِعْلِهِ الَّذِي فَعَلَهْ
٩٤١
الْقَاطِعُ الْوَاصِلُ الْكَمِيلُ فَلَا
بَعْضُ جَمِيلٍ عَنْ بَعْضِهِ شَغَلَهْ
٩٤٢
فَوَاهِبٌ وَالرِّمَاحُ تَشْجُرُهُ
وَطَاعِنٌ وَالْهِبَاتُ مُتَّصِلَهْ
٩٤٣
وَكُلَّمَا آمَنَ الْبِلادَ سَرَى
وَكُلَّمَا خِيفَ مَنْزِلٌ نَزَلَهْ
٩٤٤
وَكُلَّمَا جَاهَرَ الْعَدُوَّ ضُحًى
أَمْكَنَ حَتَّى كَأَنَّهُ خَتَلَهْ
٩٤٥
يَحْتَقِرُ الْبِيضَ وَاللِّدَانَ إِذَا
سَنَّ عَلَيْهِ الدِّلَاصَ أَوْ نَثَلَهْ
٩٤٦
قَدْ هَذَّبَتْ فَهْمَهُ الْفَقاهَةُ لِي
وَهَذَّبَتْ شِعْرِيَ الْفَصَاحَةَ لَهْ
٩٤٧
فَصِرْتُ كَالسَّيْفِ حَامِدًا يَدَهُ
لَا يَحْمَدُ السَّيْفُ كُلَّ مَنْ حَمَلَهْ
٩٤٨
واستأذن كافورًا في المسير إلى الرملة ليخلص مالًا كتب له به، وإنما أراد أن يعرف
ما عند
كافور في مسيره. فقال: لا والله لا نكلفك المسير، نحن نبعث في خلاصه ونكفيك، فقال أبو
الطيب:
أَتَحْلِفُ لَا تُكَلِّفُنِي مَسِيرًا
إِلَى بَلَدٍ أُحَاوِلُ فِيهِ مَالَا
وَأَنْتَ مُكَلِّفِي أَنْبَى مَكَانًا
وَأَبْعَدَ شُقَّةً وَأَشَدَّ حَالَا
٩٤٩
إِذَا سِرْنَا عَلَى الْفُسْطَاطِ يَوْمًا
فَلَقِّنِيَ الْفَوَارِسَ وَالرِّجَالَا
٩٥٠
لِتَعْلَمَ قَدْرَ مَنْ فَارَقْتَ مِنِّي
وَأَنَّكَ رُمْتَ مِنْ ضَيْمِي مُحَالَا
٩٥١
وقال يمدح أبا شجاع فاتكًا
٩٥٢ وكان قد قدم من الفيوم إلى مصر فوصل أبا الطيب وحمل إليه هدية قيمتها ألف
دينار:
لَا خَيْلَ عِنْدَكَ تُهْدِيهَا وَلَا مَالُ
فَلْيُسْعِدِ النُّطْقُ إِنْ لَمْ تُسْعِدِ الْحَالُ
٩٥٣
وَاجْزِ الْأَمِيرَ الَّذِي نُعْمَاهُ فَاجِئَةٌ
بِغَيْرِ قَوْلٍ وَنُعْمَى النَّاسِ أَقْوَالُ
٩٥٤
فَرُبَّمَا جَزِيَ الْإِحْسَانَ مُولِيَهُ
خَرِيدَةٌ مِنْ عَذَارَى الْحَيِّ مِكْسَالُ
٩٥٥
وَإِنْ تَكُنْ مُحْكَماتُ الشُّكْلِ تَمْنَعُنِي
ظُهُورَ جَرْيٍ فَلِي فِيهِنَّ تَصْهَالُ
٩٥٦
وَمَا شَكَرْتُ لِأَنَّ الْمَالَ فَرَّحَنِي
سِيَّانِ عِنْدِيَ إِكْثَارٌ وَإِقْلَالُ
٩٥٧
لَكِنْ رَأَيْتُ قَبِيحًا أَنْ يُجَادَ لَنَا
وَأَنَّنَا بِقَضَاءِ الْحَقِّ بُخَّالُ
٩٥٨
فَكُنْتُ مَنْبِتَ رَوْضِ الْحَزْنِ بَاكَرَهُ
غَيْثٌ بِغَيْرِ سِبَاخِ الْأَرْضِ هَطَّالُ
٩٥٩
غَيْثٌ يُبَيِّنُ لِلنُّظَّارِ مَوْقِعُهُ
أَنَّ الْغُيُوثَ بِمَا تَأْتِيهِ جُهَّالُ
٩٦٠
لَا يُدْرِكُ الْمَجْدَ إِلَّا سَيِّدٌ فَطِنٌ
لِمَا يَشُقُّ عَلَى السَّادَاتِ فَعَّالُ
٩٦١
لَا وَارِثٌ جَهِلَتْ يُمْنَاهُ مَا وَهَبَتْ
وَلَا كَسُوبٌ بِغَيْرِ السَّيْفِ سَئَّالُ
٩٦٢
قَالَ الزَّمَانُ لَهُ قَوْلًا فَأَفْهَمَهُ
إِنَّ الزَّمَانَ عَلَى الْإِمْسَاكِ عَذَّالُ
٩٦٣
تَدْرِي الْقَنَاةُ إِذَا اهْتَزَّتْ بِرَاحَتِهِ
أَنَّ الشَّقِيَّ بِهَا خَيْلٌ وَأَبْطَالُ
٩٦٤
كَفَاتِكٍ وَدُخُولُ الْكَافِ مَنْقَصَةٌ
كَالشَّمْسِ قُلْتُ وَمَا للشَّمْسِ أَمْثَالُ
٩٦٥
أَلْقَائِدِ الْأُسْدَ غَذَّتْهَا بَرَاثِنُهُ
بِمِثْلِهَا مِنْ عِدَاهُ وَهْيَ أَشْبَالُ
٩٦٦
أَلْقَاتِلِ السَّيْفَ فِي جِسْمِ الْقَتِيلِ بِهِ
وَلِلسُّيُوفِ كَمَا لِلنَّاسِ آجَالُ
٩٦٧
تُغِيرُ عَنْهُ عَلَى الْغَارَاتِ هَيْبَتُهُ
وَمَالُهُ بِأَقَاصِي الْأَرْضِ أَهْمَالُ
٩٦٨
لَهُ مِنَ الْوَحْشِ مَا اخْتَارَتْ أَسِنَّتُهُ
عَيْرٌ وَهَيْقٌ وَخَنْسَاءٌ وَذَيَّالُ
٩٦٩
تُمْسِي الضُّيُوفُ مُشَهَّاةً بِعَقْوَتِهِ
كَأَنَّ أَوْقَاتَهَا فِي الطِّيبِ آصَالُ
٩٧٠
لَوِ اشْتَهَتْ لَحْمَ قَارِيهَا لَبَادَرَهَا
خَرَادِلٌ مِنْهُ فِي الشِّيزَى وَأَوْصَالُ
٩٧١
لَا يَعْرِفُ الرُّزْءَ فِي مَالٍ وَلَا وَلَدٍ
إِلَّا إِذَا حَفَزَ الْأَضْيَافَ تَرْحَالُ
٩٧٢
يُرْوِي صَدَى الْأَرْضِ مِنْ فَضْلَاتِ مَا شَرِبُوا
مَحْضُ اللِّقَاحِ وَصَافِي اللَّوْنِ سَلْسَالُ
٩٧٣
تَقْرِي صَوَارِمُهُ السَّاعَاتِ عَبْطَ دَمٍ
كَأَنَّمَا السَّاعُ نُزَّالٌ وَقُفَّالُ
٩٧٤
تَجْرِي النُّفُوسُ حَوَالَيْهِ مُخَلَّطَةً
مِنْهَا عُدَاةٌ وَأَغْنَامٌ وَآبَالُ
٩٧٥
لَا يَحْرِمُ الْبُعْدُ أَهْلَ الْبُعْدِ نَائِلَهُ
وَغَيْرُ عَاجِزَةٍ عَنْهُ الْأُطَيْفَالُ
٩٧٦
أَمْضَى الْفَرِيقَيْنِ فِي أَقْرَانِهِ ظُبَةً
وَالْبِيضُ هَادِيَةٌ وَالسُّمْرُ ضُلَّالُ
٩٧٧
يُرِيكَ مَخْبَرُهُ أَضْعَافَ مَنْظَرِهِ
بَيْنَ الرِّجَالِ وَفِيهَا الْمَاءُ وَالْآلُ
٩٧٨
وَقَدْ يُلَقِّبُهُ الْمَجْنُونَ حَاسِدُهُ
إِذَا اخْتَلَطْنَ وَبَعْضُ الْعَقْلِ عُقَّالُ
٩٧٩
يَرْمِي بِهَا الْجَيْشَ لَا بُدٌّ لَهُ وَلَها
مِنْ شَقِّهِ وَلَوَ انَّ الْجَيْشَ أَجْبَالُ
٩٨٠
إِذَا الْعِدَى نَشِبَتْ فِيهِمْ مَخَالِبُهُ
لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُمُ حِلْمٌ وَرِئْبَالِ
٩٨١
يَرُوعُهُمْ مِنْهُ دَهْرٌ صَرْفُهُ أَبَدًا
مُجَاهِرٌ وَصُرُوفُ الدَّهْرِ تَغْتَالُ
٩٨٢
أَنَالَهُ الشَّرَفَ الْأَعْلَى تَقَدُّمُهُ
فَمَا الَّذِي بِتَوَقِّي مَا أَتَى نَالُوا؟!
٩٨٣
إِذَا الْمُلُوكُ تَحَلَّتْ كَانَ حِلْيَتَهُ
مُهَنَّدٌ وَأضَمُّ الْكَعْبِ عَسَّالُ
٩٨٤
أَبُو شُجَاعٍ أَبُو الشُّجْعَانِ قَاطِبَةً
هَوْلٌ نَمَتْهُ مِنَ الْهَيْجَاءِ أَهْوَالُ
٩٨٥
تَمَلَّكَ الْحَمْدَ حَتَّى مَا لِمُفْتَخِرٍ
فِي الْحَمْدِ حَاءٌ وَلا مِيمٌ وَلَا دَالُ
٩٨٦
عَلَيْهِ مِنْهُ سَرَابِيلٌ مُضَاعَفَةٌ
وَقَدْ كَفَاهُ مِنَ الْمَاذِيِّ سِرْبَالُ
٩٨٧
وَكَيْفَ أَسْتُرُ مَاْ أَوْلَيْتَ مِنْ حَسَنٍ
وَقَدْ غَمَرْتَ نَوَالًا أَيُّهَا النَّالُ
٩٨٨
لَطَّفْتَ رَأْيَكَ فِي بِرِّي وَتَكْرِمَتِي
إِنَّ الْكَرِيمَ عَلَى الْعَلْيَاءِ يَحْتَالُ
٩٨٩
حَتَّى غَدَوْتَ وَلِلْأَخْبَارِ تَجْوَالُ
وَلِلْكَوَاكِبِ فِي كَفَّيْكَ آمَالُ
٩٩٠
وَقَدْ أَطَالَ ثَنَائِي طُولُ لَابِسِهِ
إِنَّ الثَّنَاءَ عَلَى التِّنْبَالِ تِنْبَالُ
٩٩١
إِنْ كُنْتَ تَكْبُرُ أَنْ تَخْتَالَ فِي بَشَرٍ
فَإِنَّ قَدْرَكَ فِي الْأَقْدَارِ يَخْتَالُ
٩٩٢
كَأَنَّ نَفْسَكَ لَا تَرْضَاكَ صَاحِبَهَا
إِلَّا وَأَنْتَ عَلَى الْمِفْضَالِ مِفْضَالُ
٩٩٣
وَلا تَعُدُّكَ صَوَّانًا لِمُهْجَتِهَا
إِلَّا وَأَنْتَ لَهَا فِي الرَّوْعِ بَذَّالُ
٩٩٤
لَوْلَا الْمَشَقَّةُ سَادَ النَّاسُ كُلُّهُمُ
الْجُودُ يُفْقِرُ وَالْإِقْدَامُ قَتَّالُ
٩٩٥
وَإِنَّمَا يَبْلُغُ الْإِنْسَانُ طَاقَتَهُ
مَا كُلُّ مَاشِيَةٍ بِالرَّحْلِ شِمْلَالُ
٩٩٦
إِنَّا لَفِي زَمَنٍ تَرْكُ الْقَبِيحِ به
مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ إِحْسَانٌ وَإِجْمَالُ
٩٩٧
ذِكْرُ الْفَتَى عُمْرُهُ الثَّانِي وَحَاجَتُهُ
مَا قَاتَهُ وَفُضُولُ الْعَيْشِ أَشْغَالُ
٩٩٨
وقال يمدح أبا الفوارس دلير بن لشكروز سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، وكان قد جاء إلى
الكوفة
لقتال الخارجي الذي نجم بها من بني كلاب، وانصرف الخارجي عن الكوفة قبل وصول دلير
إليها:
كَدَعْوَاكِ كُلٌّ يَدَّعِي صِحَّةَ الْعَقْلِ
وَمَنْ ذا الَّذِي يَدْرِي بمَا فِيهِ مِنْ جَهْلِ؟
٩٩٩
لِهَنَّكِ أَوْلَى لَائِمٍ بِمَلَامَةٍ
وَأَحْوَجُ مِمَّنْ تَعْذُلِينَ إلى الْعَذْلِ
١٠٠٠
تَقُولِينَ: مَا في النَّاسِ مِثْلَكَ عَاشِقٌ
جِدِي مِثْلَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ تَجِدِي مِثْلِي
١٠٠١
مُحِبٌّ كَنَى بِالْبِيضِ عَنْ مُرْهَفَاتِهِ
وَبِالْحُسْنِ في أَجْسَامِهِنَّ عَنِ الصَّقْلِ
١٠٠٢
وَبِالسُّمْرِ عَنْ سُمْرِ الْقَنَا غَيْرَ أَنَّنِي
جَنَاهَا أَحِبَّائِي وَأَطْرَافُهَا رُسْلِي
١٠٠٣
عَدِمْتُ فُؤَادًا لَمْ تَبِتْ فيهِ فَضْلَةٌ
لِغَيْرِ الثَّنَايَا الْغُرِّ وَالْحَدَقِ النُّجْلِ
١٠٠٤
فَمَا حَرَمَتْ حَسْنَاءُ بِالْهَجْرِ غِبْطَةً
وَلَا بَلَغَتْهَا مَنْ شَكَى الْهَجْرَ بالْوَصْلِ
١٠٠٥
ذَرِينِي أَنَلْ مَا لَا يُنَالُ مِنَ الْعُلَا
فَصَعْبَ الْعُلَا في الصَّعْبِ وَالسَّهْلُ في السَّهْلِ
١٠٠٦
تُرِيدِينَ لُقْيَانَ الْمَعَالِي رَخِيصَةً
وَلَا بُدَّ دُونَ الشَّهْدِ مِنْ إِبَرِ النَّحْلِ
١٠٠٧
حَذِرْتِ عَلَيْنَا الْمَوْتَ وَالْخَيْلُ تَلْتَقِي
وَلَمْ تَعْلَمِي عَنْ أَيِّ عَاقِبَةٍ تُجْلَى
١٠٠٨
فَلَسْتُ غَبِينًا لَوْ شَرَيْتُ مَنِيَّتِي
بِإِكْرَامِ دِلَّيْرَ بْنِ لَشْكَرَوَزٍّ لِي
١٠٠٩
تُمِرُّ الْأنَابِيبُ الْخَوَاطِرُ بَيْنَنَا
وَنَذْكُرُ إقْبَالَ الأمِيرِ فَتَحْلَوْ لِي
١٠١٠
وَلَوْ كُنْتُ أَدْرِي أَنَّهَا سَببٌ لَهُ
لَزَادَ سُرُورِي بِالزِّيَادَةِ في الْقَتْلِ
١٠١١
فَلَا عَدِمَتْ أَرْضُ الْعِرَاقَيْنِ فِتْنَةً
دَعَتْكَ إليْهَا كَاشِفَ الْخَوْفِ وَالمَحْلِ
١٠١٢
ظَلِلْنَا إذَا أَنْبَى الْحَدِيدُ نُصُولَنَا
نُجَرِّدُ ذِكْرًا مِنْكَ أَمْضَى مِنَ النَّصْلِ
١٠١٣
وَنَرْمِي نَوَاصِيهَا مِنِ اسْمِكَ في الْوَغَى
بِأَنْفذَ مِنْ نُشَّابِنَا وَمِنَ النَّبْلِ
١٠١٤
فَإِنْ تَكُ مِنْ بَعْدِ الْقِتَالِ أَتَيْتَنَا
فَقَدْ هَزَمَ الْأَعْدَاءَ ذِكْرُكَ مِنْ قَبْلِ
١٠١٥
وَمَا زِلْتُ أَطْوِي الْقَلْبَ قَبْلَ اجْتِمَاعِنَا
عَلَى حَاجَةٍ بَيْنَ السَّنَابِكِ وَالسُّبْلِ
١٠١٦
وَلوْ لَمْ تَسِرْ سِرْنَا إِلَيْكَ بِأَنْفُسٍ
غَرَائِبَ يُؤْثِرْنَ الْجِيَادَ عَلَى الْأَهْلِ
١٠١٧
وَخَيْلٍ إذَا مَرَّتْ بِوَحْشٍ وَرَوْضَةٍ
أَبَتْ رَعْيَهَا إلَّا وَمِرْجَلُنَا يَغْلِي
١٠١٨
وَلكِنْ رَأَيْتَ الْقَصْدَ فِي الْفَضْلِ شِرْكَةً
فَكَانَ لَكَ الْفَضْلَانِ بِالْقَصْدِ وَالْفَضْلِ
١٠١٩
وَلَيْسَ الَّذِي يَتَّبِّعُ الْوَبْلَ رَائِدًا
كَمَنْ جَاءَهُ فِي دَارِهِ رَائِدُ الْوَبْلِ
١٠٢٠
وَمَا أَنَا مِمَّنْ يَدَّعِي الشَّوْقَ قَلْبُهُ
وَيَحْتَجُّ فِي تَرْكِ الزِّيَارَةِ بالشُّغْلِ
١٠٢١
أَرَادَتْ كِلَابٌ أَنْ تَفُوزَ بِدَوْلَةٍ
لِمَنْ تَرَكَتْ رَعْيَ الشُّوَيْهَاتِ وَالِإبْلِ
١٠٢٢
أبى رَبُّهَا أَنْ يَتْرُكَ الوحْشَ وَحْدَهَا
وَأَنْ يُؤْمِنَ الضَّبَّ الْخَبِيثَ مِنَ الْأَكْلِ
١٠٢٣
وَقَادَ لَهَا دِلَّيْرُ كُلَّ طِمِرَّةٍ
تُنِيفُ بِخَدَّيْهَا سَحُوقٌ مِنَ النَّخْلِ
١٠٢٤
وَكُلَّ جَوَادٍ تَلْطِمُ الأرْضَ كَفُّهُ
بِأَغْنَى عَنِ النَّعْلِ الْحَدِيدِ مِنَ النَّعْلِ
١٠٢٥
فَوَلَّتْ تُرِيغُ الْغَيْثَ وَالْغَيْثَ خَلَّفتْ
وَتَطْلُبُ مَا قَدْ كَانَ فِي الْيَدِ بِالرِّجْل
١٠٢٦
تُحاذِرُ هَزْلَ المَالِ وَهْيَ ذَلِيلَةٌ
وَأَشْهَدُ أنَّ الذُّلَّ شَرٌّ مِنَ الْهَزْلِ
١٠٢٧
وَأَهْدَتْ إلَيْنَا غَيْرَ قَاصِدَةٍ بِهِ
كَرِيمَ السَّجَايَا يَسْبِقُ الْقَوْلَ بِالْفِعْلِ
١٠٢٨
تَتَبَّعَ آثَارَ الرَّزَايا بِجودِهِ
تَتَبُّعَ آثَارِ الأسِنَّةِ بِالْفُتْلِ
١٠٢٩
شَفَى كُلَّ شَاكٍ سَيْفُهُ وَنَوَالُهُ
مِنَ الدَّاءِ حَتَّى الثَّاكِلَاتِ مِنَ الثُّكْلِ
١٠٣٠
عَفِيفٌ تَرُوقُ الشَّمْسَ صُورَةُ وَجْهِهِ
وَلَوْ نَزَلت شَوْقًا لَحَادَ إلَى الظِّلِّ
١٠٣١
شُجَاعٌ كَأَنَّ الْحَرْبَ عَاشِقَةٌ لَهُ
إذَا زَارَهَا فَدَّتْهُ بِالْخَيْلِ وَالرَّجْلِ
١٠٣٢
وَرَيَّانُ لَا تَصْدَى إلَى الْخَمْرِ نَفْسُهُ
وَعَطْشَانُ لَا تَرْوَى يَدَاهُ مِنَ الْبَذْلِ
١٠٣٣
فَتَمْلِيكُ دِلَّيْرٍ وَتَعْظِيمُ قَدْرِهِ
شَهِيدٌ بِوَحْدَانِيَّةِ اللهِ وَالْعَدْلِ
١٠٣٤
وَمَا دَامَ دِلَّيْرٌ يَهُزُّ حُسَامَهُ
فَلَا نَابَ فِي الدُّنْيا لِلَيْثٍ وَلَا شِبْلِ
١٠٣٥
وَمَا دَامَ دِلَّيْرٌ يُقَلِّبُ كَفَّهُ
فَلَا خَلْقَ مِنْ دَعْوَى الْمَكَارِمِ فِي حِلِّ
١٠٣٦
فَتًى لَا يُرَجِّي أَنْ تَتِمَّ طَهَارَةٌ
لِمَنْ لَمْ يُطَهِّرْ رَاحَتَيْهِ مِنَ الْبُخْلِ
١٠٣٧
فَلَا قَطَعَ الرَّحْمنُ أَصْلًا أَتَى بِهِ
فَإِنِّي رَأَيتُ الطَّيِّبَ الطَّيِّبَ الْأَصْلِ
١٠٣٨
وقال يمدح عضد الدولة، ويذكر وقعة وَهْشُوذَان بن محمد الكردي بالطرم، وكان والده
ركن
الدولة أنفذ إليه جيشًا من الري فهزمه وأخذ بلده:
اثْلِثْ فَإنَّا أَيُّها الطَّلَلُ
نَبْكِي وَتُرْزِمُ تَحْتَنَا الْإِبِلُ
١٠٣٩
أوْلَا فَلَا عَتْبٌ عَلَى طَلَلٍ
إنَّ الطُّلُولَ لِمِثْلِهَا فُعُلُ
١٠٤٠
لَوْ كُنْتَ تَنْطِقُ قُلْتَ مُعْتَذِرًا:
بِي غَيْرُ مَا بِكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ
١٠٤١
أَبْكَاكَ أنَّكَ بَعْضُ مَنْ شَغَفُوا
لَمْ أَبْكِ أَنِّي بَعْضُ مَنْ قَتَلُوا
١٠٤٢
إنَّ الَّذِينَ أقَمْتَ وَاحْتَمَلُوا
أيَّامُهُمْ لِدِيَارِهِمْ دُوَلُ
١٠٤٣
الْحُسْنُ يَرْحَلُ كُلَّمَا رَحَلُوا
مَعَهُمْ وَيَنْزِلُ حَيْثُمَا نَزَلُوا
١٠٤٤
فِي مُقْلَتَي رَشَأٍ تُدِيرُهُمَا
بَدَوِيَّةٌ فُتِنَتْ بِهَا الْحِلَلُ
١٠٤٥
تَشْكُو الْمَطَاعِمُ طُولَ هِجْرَتِهَا
وَصُدُودِهَا وَمَنِ الَّذِي تَصِلُ
١٠٤٦
مَا أَسْأَرَتْ فِي الْقَعْبِ مِنْ لَبَنٍ
تَرَكَتْهُ وَهْوَ المِسْكُ وَالْعَسَلُ
١٠٤٧
قَالَتْ: ألَا تَصْحُو فَقُلتُ لَهَا:
أعْلَمْتِنِي أَنَّ الْهَوَى ثَمَلُ
١٠٤٨
لَوْ أنَّ فَنَّاخُسْرَ صَبَّحَكُمْ
وَبَرَزْتِ وَحْدَكِ عَاقَهُ الْغَزَلُ
١٠٤٩
وَتَفَرَّقَتْ عَنْكُمْ كَتَائِبُهُ
إنَّ المِلَاحَ خَوَادِعٌ قُتُلُ
١٠٥٠
مَا كُنْتِ فَاعِلَةً وَضَيْفُكُمُ
مَلِكُ الْمُلُوكِ وَشَأْنُكِ الْبَخَلُ
١٠٥١
أتُمَنِّعِينَ قِرًى فَتَفْتَضِحِي
أمْ تَبْذُلِينَ لَهُ الَّذِي يَسَلُ؟
١٠٥٢
بَلْ لا يَحُلُّ بِحَيْثُ حَلَّ بِهِ
بُخْلٌ وَلَا جَوْرٌ وَلَا وَجَلُ
١٠٥٣
مَلِكٌ إذَا مَا الرُّمْحُ أدْرَكَهُ
طَنَبٌ ذَكَرْنَاهُ فَيَعْتَدِلُ
١٠٥٤
إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ قَبْلَهُ عَجَزُوا
عَمَّا يَسُوسُ بِهِ فَقَدْ غَفَلُوا
١٠٥٥
حتَّى أتَى الدُّنْيَا ابْنُ بَجْدَتِهَا
فَشَكَا إلَيْهِ السَّهْلُ وَالْجَبَلُ
١٠٥٦
شَكْوَى الْعَليلِ إلَى الْكَفِيلِ لَهُ
أنْ لَا تَمُرَّ بِجِسْمِهِ الْعِلَلُ
١٠٥٧
قَالَتْ — فَلَا كَذَبَتْ — شَجَاعَتُهُ:
أَقْدِمْ فنَفْسُكَ مَا لَهَا أَجَلُ
١٠٥٨
فَهْوَ النِّهَايَةُ إنْ جَرَى مَثَلٌ
أَوْ قِيلَ يَوْمَ وَغًى مَنِ الْبَطَلُ
١٠٥٩
عُدَدُ الْوُفُودِ الْعَامِدِينَ لَهُ
دُونَ السِّلَاحِ الشُّكْلُ وَالْعقُلُ
١٠٦٠
فَلِشُكْلِهِمْ في خَيْلِهِ عَمَلٌ
وَلِعُقْلِهِمْ في بُخْتِهِ شُغُلُ
١٠٦١
تُمْسِي عَلَى أَيْدِي مَوَاهِبِهِ
هِيَ أَوْ بَقِيَّتُهَا أوِ الْبَدَلُ
١٠٦٢
يَشْتَاقُ مِنْ يَدِهِ إلَى سَبَلٍ
شَوْقًا إلَيْهِ يَنْبُتُ الْأَسَلُ
١٠٦٣
سَبَلٌ تَطُولُ الْمَكْرُمَاتُ بِهِ
وَالْمَجْدُ لَا الْحَوْذَانُ وَالنَّفَلُ
١٠٦٤
وَإلَى حَصَى أَرْضٍ أقَامَ بِهَا
بِالنَّاسِ مِنْ تَقْبِيلِهَا يَلَلُ
١٠٦٥
إنْ لَمْ تُخَالِطْهُ ضَوَاحِكُهُمْ
فَلِمَنْ تُصَانُ وَتُذخَرُ القُبَلُ؟
١٠٦٦
في وَجْهِهِ مِنْ نُورِ خَالِقِهِ
قُدَرٌ هِيَ الآيَاتُ وَالرُّسُلُ
١٠٦٧
وَإذَا القُلُوبُ أبَتْ حُكُومَتَهُ
رَضِيَتْ بِحُكْمِ سُيُوفِهِ الْقُلَلُ
١٠٦٨
وَإذَا الْخَمِيسُ أَبَى السُّجُودَ لَهُ
سَجَدَتْ لَهُ فِيهِ الْقَنَا الذُّبُلُ
١٠٦٩
أرَضِيتَ وَهْشُوَذَانُ مَا حَكَمَتْ
أَمْ تَسْتَزِيدَ لِأُمِّكَ الْهَبَلُ؟
١٠٧٠
وَرَدَتْ بِلَادَكَ غَيْرَ مُعْمَدَةٍ
وَكَأنَّهَا بَيْنَ الْقَنَا شُعَلُ
١٠٧١
وَالْقَوْمُ في أَعْيَانِهِمْ خَزَرٌ
وَالْخَيْلُ في أَعْيَانِهَا قَبَلُ
١٠٧٢
فَأتَوْكَ لَيْسَ بِمَنْ أتَوْا قِبَلٌ
بِهِمُ وَلَيْسَ بِمَنْ نَأَوْا خَلَلُ
١٠٧٣
لَمْ يَدْرِ مَنْ بالرَّيِّ أَنَّهُمُ
فَصَلُوا وَلَا يَدْرِي إذَا قَفَلوا
١٠٧٤
فَأتَيْتَ مُعْتَزِمًا وَلَا أسَدٌ
وَمَضَيْتَ مُنْهَزِمًا وَلَا وَعِلُ
١٠٧٥
تُعْطِي سِلَاحَهُمُ وَرَاحَهُمُ
مَا لَمْ تَكُنْ لِتَنَالَهُ المُقَلُ
١٠٧٦
أَسْخَى الْمُلوكِ بِنَقْلِ مَمْلَكَةٍ
مَنْ كَادَ عَنْهُ الرَّأْسُ يَنْتَقِلُ
١٠٧٧
لَوْلَا الْجَهَالَةُ مَا دَلَفْتَ إلَى
قَوْمٍ غَرِقْتَ وَإنَّمَا تَفَلُوا
١٠٧٨
لَا أقْبَلُوا سِرًّا وَلَا ظَفِرُوا
غَدْرًا وَلَا نَصَرَتْهُمُ الْغِيَلُ
١٠٧٩
لَا تَلْقَ أَفْرَسَ مِنْكَ تَعْرِفُهُ
إلَّا إذَا ضَاقَتْ بِكَ الْحِيَلُ
١٠٨٠
لَا يَسْتَحِي أَحَدٌ يُقَالُ لَهُ
نَضَلُوكَ آلُ بُوَيْهِ أوْ فَضَلُوا
١٠٨١
قَدَرُوا عَفَوْا وَعَدُوا وَفَوْا سُئِلُوا
أَغْنَوْا عَلَوْا أَعْلَوْا وَلَوْا عَدَلُوا
١٠٨٢
فَوْقَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ مَا طَلَبُوا
فَإِذَا أَرَادُوا غَايَةً نَزَلُوا
١٠٨٣
قَطَعَتْ مَكَارِمُهُمْ صَوَارِمَهُمْ
فَإذَا تَعَذَّرَ كَاذِبٌ قَبِلُوا
١٠٨٤
لَا يَشْهَرُونَ عَلَى مُخَالِفِهِمْ
سَيْفًا يَقُومُ مَقَامَهُ الْعَذَلُ
١٠٨٥
فَأَبُو عَلِيٍّ مَنْ بِهِ قَهَرُوا
وَأَبُو شُجَاعٍ مَنْ بِهِ كَمَلوا
١٠٨٦
حَلَفَتْ لِذَا بَرَكَاتُ غُرَّةِ ذَا
فِي الْمَهْدِ أَنْ لَا فَاتَهُمْ أَمَلُ
١٠٨٧
وخرج أبو شجاع يتصيد ومعه آلة الصيد، وكان يسير قدام الجيش يَمنة ويَسرة، فلا يرى
صيدًا
إلا صاده، حتى وصل إلى دشت الأرزن؛ وهو موضع حسن على عشرة فراسخ من شيراز، تحف به الجبال،
وفيه غاب ومياه ومروج، فكانت الوحوش تصاد، وإذا اعتصمت بالجبال أخذت الرجال عليها المضايق،
فإذا أثخنها النشاب هربت من رءوس الجبال إلى الدشت فتسقط بين يديه؛ فأقام بذلك المكان
أيامًا على عين ماء حسنة ومعه أبو الطيب، فوصف الحال وأنشده في رجب سنة أربع وخمسين
وثلاثمائة، وفي هذه السنة قتل أبو الطيب، قال:
مَا أَجْدَرَ الأيَّامَ وَاللَّيَالِي
بِأَنْ تَقُولَ: مَا لَهُ وَمَا لِي؟
١٠٨٨
لَا أَنْ يَكُونَ هَكَذَا مَقَالِي
فَتًى بِنِيرَانِ الْحُرُوبِ صَالِ
١٠٨٩
مِنْهَا شَرَابي وَبِهَا اغْتِسَالِي
لَا تَخْطُرُ الْفَحْشَاءُ لِي بِبَالِ
١٠٩٠
لَوْ جَذَبَ الزَّرَّادُ مِنْ أَذْيَالِي
مُخَيَّرًا لِي صَنْعَتَيْ سِرْبَالِ
١٠٩١
مَا سُمْتُهُ سَرْدَ سِوَى سِرْوَالِ
وَكَيْفَ لَا وَإنَّمَا إدْلَالِي
١٠٩٢
بِفَارِسِ الْمَجْرُوحِ وَالشَّمَالِ
أَبي شُجَاعٍ قَاتِلِ الأبْطَالِ
١٠٩٣
سَاقِي كُئُوسِ الْمَوْتِ وَالْجِرْيَالِ
١٠٩٤
لَمَّا أَصَارَ الْقُفْصَ أَمْسِ الْخَالِي
١٠٩٥
وَقَتَّلَ الْكُرْدَ عَنِ الْقِتَالِ
حَتَّى اتَّقَتْ بِالْفَرِّ وَالْإجْفَالِ
١٠٩٦
فَهَالِكٌ وَطَائِعٌ وَجَالِي
وَاقْتَنَصَ الْفُرْسَانَ بالْعَوَالِي
١٠٩٧
وَالْعُتُقِ المُحْدَثَةِ الصِّقَالِ
سَارَ لِصَيْدِ الْوَحْشِ فِي الْجِبَالِ
١٠٩٨
وَفِي رِقَاقِ الْأَرْضِ وَالرِّمَالِ
عَلَى دِمَاءِ الإنْسِ وَالأوْصَالِ
١٠٩٩
مُنْفَرِدَ الْمُهْرِ عَنِ الرِّعَالِ
مِنْ عِظَمِ الهِمَّةِ لَا المَلَالِ
١١٠٠
وَشِدَّةِ الضَّنِّ لَا الِاسْتِبْدَالِ
مَا يَتَحَرَّكْنَ سِوَى انْسِلَالِ
١١٠١
فَهُنَّ يُضْرَبْنَ عَلَى التَّصْهَالِ
كُلُّ عَلِيلٍ فَوْقَهَا مُخْتَالِ
١١٠٢
يُمْسِكُ فَاهُ خَشْيَةَ السُّعَالِ
مِنْ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إِلَى الزَّوَالِ
١١٠٣
فَلَمْ يَئِلْ مَا طَارَ غَيْرَ آلِ
وَمَا عَدَا فَانْغَلَّ فِي الْأَدْغَالِ
١١٠٤
وَمَا احْتَمَى بِالْمَاءِ وَالدِّحَالِ
مِنَ الْحَرَامِ اللَّحْمِ وَالْحَلَالِ
١١٠٥
إِنَّ النُّفُوسَ عَدَدُ الآجَالِ
سَقْيًا لِدَشْتِ الأرْزُنِ الطُّوَالِ
١١٠٦
بَيْنَ المُرُوجِ الْفِيحِ وَالْأَغْيَالِ
مُجَاوِرِ الخِنْزِيرِ لِلرِّئْبَالِ
١١٠٧
دَانِي الْخَنَانِيصِ مِنَ الأشْبَالِ
مُشْتَرِفِ الدُّبِّ عَلَى الْغَزَالِ
١١٠٨
مُجْتَمِعِ الأضْدَادِ وَالْأَشْكَالِ
١١٠٩
كَأنَّ فَنَّاخُسْرَ ذَا الإفْضَالِ
خَافَ عَلَيْهَا عَوَزَ الكَمَالِ
فَجَاءَهَا بِالْفِيلِ وَالفَيَّالِ
١١١٠
فَقِيدَتِ الأُيَّلُ فِي الْحِبَالِ
طَوْعَ وُهُوقِ الْخَيْلِ وَالرِّجَالِ
١١١١
تَسِيرُ سَيْرَ النَّعَمِ الأرْسَالِ
مُعْتَمَّةً بيَبِسِ الأَجْذَالِ
١١١٢
وُلِدْنَ تَحْتَ أثْقَلِ الأَحْمَالِ
قَدْ مَنَعَتْهُنَّ مِنَ التَّفَالِي
١١١٣
لا تَشْرَكُ الأجْسَامَ فِي الْهُزالِ
١١١٤
إذا تَلَفَّتْنَ إلى الأظْلَالِ
١١١٥
أَرَيْنَهُنَّ أشْنَعَ الأمْثَالِ
كَأنَّمَا خُلِقْنَ لِلإذْلَالِ
١١١٦
زِيادَةً فِي سُبَّةَ الْجُهَّالِ
١١١٧
وَالعُضْوُ لَيْسَ نَافِعًا فِي حَالِ
لِسَائِرِ الْجِسْمِ مِنَ الخَبَالِ
١١١٨
وَأوْفَتِ الْفُدْرُ مِنَ الأوْعَالِ
مُرْتَدِيَاتٍ بِقِسِيِّ الضَّالِ
١١١٩
نَوَاخِسَ الْأطْرَافِ لِلَاكْفَالِ
يَكَدْنَ يَنْفُذْنَ مِنَ الآطَالِ
١١٢٠
لَهَا لِحًى سُودٌ بِلَا سِبَالِ
يَصْلُحْنَ لِلْإضْحَاكِ لَا الإجْلَالِ
١١٢١
كُلُّ أَثِيثٍ نَبْتُهَا مُتْفَالِ
لَمْ تُغْذَ بالْمِسْكِ وَلَا الْغَوَالِي
تَرْضَى مِنَ الأدْهَانِ بِالْأبْوَالِ
وَمِنْ ذَكِيِّ المِسْكِ بِالدِّمَالِ
١١٢٢
لَوْ سُرِّحَتْ فِي عَارِضَيْ مُحْتَالِ
لَعَدَّهَا مِنْ شَبَكَاتِ المَالِ
١١٢٣
بَيْنَ قُضَاةِ السَّوْءِ وَالأطْفَالِ
١١٢٤
شَبِيهَةِ الْإدْبَارِ بِالإقْبَالِ
لا تُؤْثِرُ الْوَجْهَ عَلَى الْقَذَالِ
١١٢٥
فاخْتَلَفَتْ في وَابِلَيْ نِبَالِ
مِنْ أسْفَلِ الطَّوْدِ وَمِنْ مُعَالِ
١١٢٦
قَدْ أوْدَعَتْهَا عَتَلُ الرِّجَالِ
في كُلِّ كِبْدٍ كَبِدَيْ نِصَالِ
١١٢٧
فَهُنَّ يَهْوِينَ مِنَ الْقِلَالِ
مَقْلُوبَةَ الْأَظْلَافِ وَالْإِرْقَالِ
١١٢٨
يُرْقِلْنَ في الْجَوِّ عَلَى المَحَالِ
فِي طُرُقٍ سَرِيعَةِ الْإِيصَالِ
١١٢٩
يَنَمْنَ فِيهَا نِيمَةَ المِكْسَالِ
عَلَى الْقُفِيِّ أَعْجَلَ الْعِجَالِ
١١٣٠
لَا يَتَشَكَّيْنَ مِنَ الْكَلَالِ
وَلَا يُحَاذِرْنَ مِنَ الضَّلَالِ
١١٣١
فكَانَ عَنْهَا سَبَبَ التَّرْحَالِ
تَشْوِيقُ إِكْثَارٍ إِلَى إِقْلَالِ
١١٣٢
فَوَحْشُ نَجْدٍ مِنْهُ في بَلْبَالِ
يَخَفْنَ فِي سَلْمَى وَفِي قِيَالِ
١١٣٣
نَوَافِرَ الضِّبَابِ وَالْأَوْرَالِ
وَالْخَاضِبَاتِ الرُّبْدِ وَالرِّئَالِ
١١٣٤
وَالظَّبْيِ وَالْخَنْسَاءِ وَالذَّيَّالِ
يَسْمَعْنَ مِنْ أَخْبَارِهِ الْأَزْوَالِ
مَا يَبْعَثُ الْخُرْسَ عَلَى السُّؤَالِ
١١٣٥
فُحُولُهَا وَالْعُوذُ وَالْمَتَالِي
تَوَدُّ لَوْ يُتْحِفُهَا بِوَالِي
١١٣٦
يَرْكَبُهَا بالْخُطْمِ وَالرِّحَالِ
يُؤْمِنُهَا مِنْ هَذِهِ الْأَهْوَالِ
١١٣٧
وَيَخْمُسُ الْعُشْبَ وَلَا تُبَالِي
وَمَاءَ كُلِّ مُسْبِلٍ هَطَّالِ
١١٣٨
يَا أقْدَرَ السُّفَّارِ وَالقُفَّالِ
لَوْ شِئْتَ صِدْتَ الْأُسْدَ بالثَّعَالِي
١١٣٩
أَوْ شِئْتَ غَرَّقْتَ الْعِدَا بِالْآلِ
وَلَوْ جَعَلْتَ مَوْضِعَ الْإِلَالِ
لَآلِئًا قَتَلْتَ بِاللَّآلِي
١١٤٠
لَمْ يَبْقَ إِلا طَرَدُ السَّعَالِي
في الظُّلَمِ الْغَائِبَةِ الْهِلَالِ
عَلَى ظُهُورِ الْإِبِلِ الْأُبَّالِ
فَقَدْ بَلَغْتَ غَايَةَ الْآمَالِ
١١٤١
فَلَمْ تَدَعْ مِنْهَا سِوَى الْمُحَالِ
فِي لَا مَكَانٍ عِنْدَ لَا مَنَالِ
١١٤٢
يَا عَضُدَ الدَّوْلَةِ وَالْمَعَالِي
النَّسَبُ الْحَلْيُ وَأَنْتَ الْحَالِي
بِالْأَبِ لَا بِالشَّنْفِ وَالْخَلْخَالِ
حَلْيًا تَحَلَّى مِنْكَ بِالْجَمَالِ
١١٤٣
وَرُبَّ قُبْحٍ وَحُلًى ثِقَالِ
أَحْسَنُ مِنْهَا الْحُسْنُ فِي المِعْطَالِ
١١٤٤
فَخْرُ الْفَتَى بِالنَّفْسِ وَالْأفْعَالِ
مِنْ قَبْلِهِ بِالْعَمِّ وَالْأَخْوَالِ
١١٤٥
هوامش