وذكر سيف الدولة جَدَّ أبي العشائر وأباه فقال:
وأجمل سيف الدولة ذكره وهو يسايره فقال:
وقال يمدح أبا العشائر ويودعه، وقد أراد سفرًا:
النَّاسُ مَا لَمْ يَرَوْكَ أَشْبَاهُ
وَالدَّهْرُ لَفْظٌ وَأَنْتَ مَعْنَاهُ
٥
وَالْجُودُ عَيْنٌ وَأَنْتَ نَاظِرُهَا
وَالْبَأْسُ بَاعٌ وَأَنْتَ يُمْنَاهُ
٦
أَفْدِي الَّذِي كُلُّ مَأْزِقٍ حَرِجٍ
أَغْبَرَ فُرْسَانُهُ تَحَامَاهُ
٧
أَعْلَى قَنَاةِ الْحُسَيْنِ أَوْسَطُهَا
فِيهِ وَأَعْلَى الْكَمِيِّ رِجْلَاهُ
٨
تُنْشِدُ أَثُوابُنَا مَدَائِحَهُ
بِأَلْسُنٍ مَا لَهُنَّ أَفْوَاهُ
٩
إِذَا مَرَرْنَا عَلَى الْأَصَمِّ بِهَا
أَغْنَتْهُ عَنْ مِسْمَعَيْهِ عَيْنَاهُ
١٠
سُبْحَانَ مَنْ خَارَ لِلْكَوَاكِبِ بِالـْ
ـبُعْدِ ولَوْ نِلْنَ كُنَّ جَدْوَاهُ
١١
لَوْ كَانَ ضَوْءُ الشُّمُوسِ فِي يَدِهِ
لَصَاعَهُ جُودُهُ وَأفْنَاهُ
١٢
يَا رَاحِلًا كُلُّ مَنْ يُوَدِّعُهُ
مُوَدِّعٌ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ
١٣
إِنْ كَانَ فِيمَا نَرَاهُ مِنْ كَرَمٍ
فِيكَ مَزِيدٌ فَزَادَكَ اللهُ
١٤
وقال قوم: لم يكنك أبو الطيب يا أبا العشائر، وأنت تعرف بكنيتك، فقال:
وكان الأسود قد عمر دارًا، وانتقل إليها فمات له فيها خمسون غلامًا، ففزع من ذلك وخرج
منها إلى دار أخرى، فقال وأنشده إياها في شهر المحرم سنة سبع وأربعين وثلاثمائة:
ونزل أبو الطيب في أرض حِسْمَى برجل يقال له: وردان بن ربيعة الطائي، فاستغوى وردان
عبيد
أبي الطيب؛ فجعلوا يسرقون له من أمتعته، فلما شعر أبو الطيب بذلك ضرب أحد عبيده بالسيف
فأصاب وجهه، وأمر الغلمان فأجهزوا عليه كما تقدم — وقال يهجو وردان:
وقال يمدح عضد الدولة أبا شجاع فَنَّاخُسْرَوْ سنة أربع وخمسين وثلاثمائة:
أَوْهِ بَدِيلٌ مِنْ قَوْلَتِي: وَاهَا
لِمَنْ نَأَتْ وَالْبَدِيلُ ذِكْرَاهَا
٢٨
أَوْهِ لِمَنْ لَا أَرَى مَحَاسِنَهَا
وَأَصْلُ وَاهًا وَأَوْهِ مَرْآهَا
٢٩
شَامِيَّةٌ طَالَمَا خَلَوْتُ بِهَا
تُبْصِرُ فِي نَاظِرِي مُحَيَّاهَا
٣٠
فَقَبَّلَتْ نَاظِرِي تُغَالِطُنِي
وَإِنَّمَا قَبَّلَتْ بِهِ فَاهَا
٣١
فَلَيْتَهَا لَا تَزَالُ آوِيَةً
وَلَيْتَهُ لَا يَزَالُ مَأْوَاهَا
٣٢
كُلُّ جَرِيحٍ تُرْجَى سَلَامَتُهُ
إِلَّا فُؤَادًا دَهَتْهُ عَيْنَاهَا
٣٣
تَبُلُّ خَدَّيَّ كُلَّمَا ابْتَسَمَتْ
مِنْ مَطَرٍ بَرْقُهُ ثَنَايَاهَا
٣٤
مَا نَفَضَتْ فِي يَدِي غَدَائِرُهَا
جَعَلْتُهُ فِي الْمُدَامِ أَفْوَاهَا
٣٥
فِي بَلَدٍ تُضْرَبُ الْحِجَالُ بِهِ
عَلَى حِسَانٍ وَلَسْنَ أَشْبَاهَا
٣٦
لَقِينَنَا وَالْحُمُولُ سَائِرَةٌ
وَهُنَّ دُرٌّ فَذُبْنَ أَمْوَاهَا
٣٧
كُلُّ مَهَاةٍ كَأَنَّ مُقْلَتَهَا
تَقُولُ: إِيَّاكُمُ وَإِيَّاهَا!
٣٨
فِيهِنَّ مَنْ تَقْطُرُ السُّيُوفُ دَمًا
إِذَا لِسَانُ الْمُحِبِّ سَمَّاهَا
٣٩
أُحِبُّ حِمْصًا إِلَى خُنَاصِرَةٍ
وَكُلُّ نَفْسٍ تُحِبُّ مَحْيَاهَا
٤٠
حَيْثُ الْتَقَى خَدُّهَا وَتُفَّاحُ لُبـْ
ـنَانَ وَثَغْرِي عَلَى حُمَيَّاهَا
٤١
وَصِفْتُ فِيهَا مَصِيفَ بَادِيَةٍ
شَتَوْتُ بِالصَّحْصَحَانِ مَشْتَاهَا
٤٢
إِنْ أَعْشَبَتْ رَوْضَةٌ رَعَيْنَاهَا
أَوْ ذُكِرَتْ حِلَّةٌ غَزَوْنَاهَا
٤٣
أَوْ عَرَضَتْ عَانَةٌ مُقَزَّعَةٌ
صِدْنَا بِأُخْرَى الْجِيَادِ أُوْلَاهَا
٤٤
أَوْ عَبَرَتْ هَجْمَةٌ بِنَا تُرِكَتْ
تَكُوسُ بَيْنَ الشُّرُوبِ عَقْرَاهَا
٤٥
وَالْخَيْلُ مَطْرُودَةٌ وَطَارِدَةٌ
تَجُرُّ طُولَى الْقَنَا وَقُصْرَاهَا
٤٦
يُعْجِبُهَا قَتْلُهَا الْكُمَاةَ وَلَا
يُنْظِرُهَا الدَّهْرُ بَعْدَ قَتْلَاهَا
٤٧
وَقَدْ رَأَيْتُ الْمُلُوكَ قَاطِبَةً
وَسِرْتُ حَتَّى رَأَيْتُ مَوْلَاهَا
٤٨
وَمَنْ مَنَايَاهُمُ بِرَاحَتِهِ
يَأْمُرُهَا فِيهِمِ وَيَنْهَاهَا
٤٩
أَبَا شُجَاعٍ بِفَارِسٍ عَضُدَ الدَّ
وْلَةِ فَنَّاخُسْرُوْ شَهَنْشَاهَا
٥٠
أَسَامِيًا لَمْ تَزِدْهُ مَعْرِفَةً
وَإِنَّمَا لَذَّةً ذَكَرْنَاهَا
٥١
تَقُودُ مُسْتَحْسَنَ الْكَلَامِ لَنَا
كَمَا تَقُودُ السَّحَابَ عُظْمَاهَا
٥٢
هُوَ النَّفِيسُ الَّذِي مَوَاهِبُهُ
أَنْفَسُ أَمْوَالِهِ وَأَسْنَاهَا
٥٣
لَوْ فَطِنَتْ خَيْلُهُ لِنَائِلِهِ
لَمْ يُرْضِهَا أَنْ تَرَاهُ يَرْضَاهَا
٥٤
لَا تَجِدُ الْخَمْرُ فِي مَكَارِمِهِ
إِذَا انْتَشَى خَلَّةً تَلَافَاهَا
٥٥
تُصَاحِبُ الرَّاحُ أَرْيَحِيَّتَهُ
فَتَسْقُطُ الرَّاحُ دُونَ أَدْنَاهَا
٥٦
تَسُرُّ طَرْبَاتُهُ كَرَائِنَهُ
ثُمَّ تُزِيلُ السُّرُورَ عُقْبَاهَا
٥٧
بِكُلِّ مَوْهُوبَةٍ مُوَلْوَلَةٍ
قَاطِعَةٍ زِيرَهَا وَمَثْنَاهَا
٥٨
تَعُومُ عَوْمَ القَذَاةِ فِي زَبَدٍ
مِنْ جُودِ كَفِّ الْأَمِيرِ يَغْشَاهَا
٥٩
تُشْرِقُ تِيجَانُهُ بِغُرَّتِهِ
إِشْرَاقَ أَلْفَاظِهِ بِمَعْنَاهَا
٦٠
دَانَ لَهُ شَرْقُهَا وَمَغْرِبُهَا
وَنَفْسُهُ تَسْتَقِلُّ دُنْيَاهَا
٦١
تَجَمَّعَتْ فِي فُؤَادِهِ هِمَمٌ
مِلْءُ فُؤَادِ الزَّمَانِ إِحْدَاهَا
٦٢
فَإِنْ أَتَى حَظُّهَا بِأَزْمِنَةٍ
أَوْسَعَ مِنْ ذَا الزَّمَانِ أَبْدَاهَا
٦٣
وَصَارَتِ الْفَيْلَقَانِ وَاحِدَةً
تَعْثُرُ أَحْيَاؤهَا بِمَوْتَاهَا
٦٤
وَدَارَتِ النَّيِّرَاتُ فِي فَلَكٍ
تَسْجُدُ أَقْمَارُهَا لِأَبْهَاهَا
٦٥
الْفَارِسُ المُتَّقَى السِّلَاحُ بِهِ الـْ
ـمُثْنِي عَلَيْهِ الْوَغَى وَخَيْلَاهَا
٦٦
لَوْ أَنْكَرَتْ مِنْ حَيَائِهَا يَدُهُ
فِي الْحَرْبِ آثَارَهَا عَرَفْنَاهَا
٦٧
وَكَيْفَ تَخْفَى الَّتي زِيَادَتُهَا
وَنَاقِعُ الْمَوْتِ بَعْضُ سِيمَاهَا؟!
٦٨
أَلْوَاسِعُ الْعُذْرِ أَنْ يَتِيهَ عَلَى الدُّ
نْيَا وَأَبْنَائِهَا وَمَا تَاهَا
٦٩
لَوْ كَفَرَ الْعَالَمُونَ نِعْمَتَهُ
لَمَا عَدَتْ نَفْسُهُ سَجَايَاهَا
٧٠
كَالشَّمْسِ لَا تَبْتَغِي بِمَا صَنَعَتْ
مَنْفَعَةً عِنْدَهُمْ وَلَا جَاهَا
٧١
وَلِّ السَّلَاطِينَ مَنْ تَوَلَّاهَا
وَالْجَأْ إِلَيْهِ تَكُنْ حُدَيَّاهَا
٧٢
وَلَا تَغُرَّنَّكَ الْإِمَارَةُ فِي
غَيْرِ أَمِيرٍ وَإِنْ بِهَا بَاهَى
٧٣
فَإِنَّمَا الْمَلْكُ رَبُّ مَمْلَكَةٍ
قَدْ فَغَمَ الْخَافِقَيْنِ سَرَيَّاهَا
٧٤
مُبْتَسِمٌ وَالْوُجُوهُ عَابِسَةٌ
سِلْمُ الْعِدَا عِنْدَهُ كَهَيْجَاهَا
٧٥
أَلنَّاسُ كَالْعَابِدِينَ آلِهَةً
وَعَبْدُهُ كَالْمُوَحِّدِ اللهَ
٧٦