الْقَلْبُ أَعْلَمُ يَا عَذُولُ بِدَائِهِ
وَأَحَقُّ مِنْكَ بِجَفْنِهِ وَبِمَائِهِ
٢
فَوَمَنْ أُحِبُّ لَأَعْصِيَنَّكَ فِي الْهَوَى
قَسَمًا بِهِ وَبِحُسْنِهِ وَبَهَائِهِ
٣
أَأُحِبُّهُ وَأُحِبُّ فِيهِ مَلَامَةً
إِنَّ الْمَلَامَةَ فِيهِ مِنْ أَعْدَائِهِ
٤
عَجِبَ الْوُشَاةُ مِنَ اللُّحَاةِ وَقَوْلِهِمْ
دَعْ مَا بَرَاكَ ضَعُفْتَ عَنْ إِخْفَائِهِ
٥
مَا الْخِلُّ إِلَّا مَنْ أَوَدُّ بِقَلْبِهِ
وَأَرَى بِطَرْفٍ لَا يَرَى بِسِوَائِهِ
٦
إِنَّ الْمُعِينَ عَلَى الصَّبَابَةِ بِالْأَسَى
أَوْلَى بِرَحْمَةِ رَبِّهَا وَإِخَائِهِ
٧
مَهْلًا فَإِنَّ الْعَذْلَ مِنْ أَسْقَامِهِ
وَتَرَفُّقًا فَالسَّمْعُ مِنْ أَعْضَائِهِ
٨
وَهَبِ الْمَلَامَةَ فِي اللَّذَاذَةِ كَالْكَرَى
مَطْرُودَةً بِسُهَادِهِ وَبُكَائِهِ
٩
لَا تَعْذُلِ الْمُشْتَاقَ فِي أَشْوَاقِهِ
حَتَّى يَكُونَ حَشَاكَ فِي أَحْشَائِهِ
١٠
إِنَّ الْقَتِيلَ مُضَرَّجًا بِدُمُوعِهِ
مِثْلُ الْقَتِيلِ مُضَرَّجًا بِدِمَائِهِ
١١
وَالْعِشْقُ كَالْمَعْشُوقِ يَعْذُبُ قُرْبُهُ
لِلْمُبْتَلَى وَيَنَالُ مِنْ حَوْبَائِهِ
١٢
لَوْ قُلْتَ لِلدَّنِفِ الْحَزِينِ فَدَيْتُهُ
مِمَّا بِهِ لَأَغَرْتَهُ بِفِدَائِهِ
١٣
وُقِيَ الْأَمِيرُ هَوَى الْعُيُونِ فَإِنَّهُ
مَا لَا يَزُولُ بِبَأْسِهِ وَسَخَائِهِ
١٤
يَسْتَاسِرُ الْبَطَلُ الْكَمِيَّ بِنَظْرَةٍ
وَيَحُولُ بَيْنَ فُؤَادِهِ وَعَزَائِهِ
١٥
إِنِّي دَعَوْتُكَ لِلنَّوَائِبِ دَعْوَةً
لَمْ يُدْعَ سَامِعُهَا إِلَى أَكْفَائِهِ
١٦
فَأَتَيْتَ مِنْ فَوْقِ الزَّمَانِ وَتَحْتِهِ
مُتَصَلْصِلًا وَأَمَامِهِ وَوَرَائِهِ
١٧
مَنْ لِلسُّيُوفِ بِأَنْ تَكُونَ سَمِيَّهَا
فِي أَصْلِهِ وَفِرِنْدِهِ وَوَفَائِهِ
١٨
وَعَلِيٌّ الْمَطْبُوعُ مِنْ آبَائِهِ
١٩
عَذْلُ الْعَوَاذِلِ حَوْلَ قَلْبِ التَّائِهِ
وَهَوَى الْأَحِبَّةِ مِنْهُ فِي سَوْدَائِهِ
٢٠
يَشْكُو الْمَلَامُ إِلَى اللَّوَائِمِ حَرَّهُ
وَيَصُدُّ حِينَ يَلُمْنَ عَنْ بُرَحَائِهِ
٢١
وَبِمُهْجَتِي يَا عَاذِلِي الْمَلِكُ الَّذِي
أَسْخَطْتُ كُلَّ النَّاسِ فِي إِرْضَائِهِ
٢٢
إِنْ كَانَ قَدْ مَلَكَ الْقُلُوبَ فَإِنَّهُ
مَلَكَ الزَّمَانَ بِأَرْضِهِ وَسَمَائِهِ
٢٣
الشَّمْسُ مِنْ حُسَّادِهِ وَالنَّصْرُ مِنْ
قُرَنَائِهِ وَالسَّيْفُ مِنْ أَسْمَائِهِ
٢٤
أَيْنَ الثَّلَاثَةُ مِنْ ثَلَاثِ خِلَالِهِ
مِنْ حُسْنِهِ وَإِبَائِهِ وَمَضَائِهِ
٢٥
مَضَتِ الدُّهُورُ وَمَا أَتَيْنَ بِمِثْلِهِ
وَلَقَدْ أَتَى فَعَجَزْنَ عَنْ نُظَرَائِهِ
٢٦
وقال يمدح الحسين بن إسحاق التنوخي، وكان قوم قد هَجَوْه، وعزوا الهجاء إلى أبي الطيب
فكتب إليه يعاتبه، فكتب أبو الطيب إليه:
أَتُنْكِرُ يَا ابْنَ إِسْحَاقٍ إِخَائِي
وَتَحْسَبُ مَاءَ غَيْرِي مِنْ إِنَائِي
٢٧
أَأَنْطِقُ فِيكَ هُجْرًا بَعْدَ عِلْمِي
بِأَنَّكَ خَيْرُ مَنْ تَحْتَ السَّمَاءِ
٢٨
وَأَكْرَهُ مِنْ ذُبَابِ السَّيْفِ طَعْمًا
وَأَمْضَى فِي الْأُمُورِ مِنَ الْقَضَاءِ
٢٩
وَمَا أَرْبَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ سِنِّي
فَكَيْفَ مَلِلْتُ مِنْ طُولِ الْبَقَاءِ
٣٠
وَمَا اسْتَغْرَقْتُ وَصْفَكَ فِي مَدِيحِي
فَأَنْقُصَ مِنْهُ شَيْئًا بِالْهِجَاءِ
٣١
وَهَبْنِي قُلْتُ هَذَا الصُّبْحُ لَيْلٌ
أَيَعْمَى الْعَالِمُونَ عَنِ الضِّيَاءِ
٣٢
تُطِيعُ الْحَاسِدِينَ وَأَنْتَ مَرْءٌ
جُعِلْتُ فِدَاءَهُ وَهُمُ فِدَائِي
٣٣
وَهَاجِي نَفْسِهِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ
كَلَامِي مِنْ كَلَامِهِمِ الْهُرَاءِ
٣٤
وَإِنَّ مِنَ الْعَجَائِبِ أَنْ تَرَانِي
فَتَعْدِلَ بِي أَقَلَّ مِنَ الْهَبَاءِ
٣٥
وَتُنْكِرَ مَوْتَهُمُ وَأَنَا سُهَيْلٌ
طَلَعْتُ بِمَوْتِ أَوْلَادِ الزِّنَاءِ
٣٦
أَمِنَ ازْدِيَاركِ فِي الدُّجَى الرُّقَبَاءُ
إِذْ حَيْثُ أَنْتِ مِنَ الظَّلَامِ ضِيَاءُ
٣٨
قَلَقُ الْمَلِيحَةِ وَهْيِ مِسْكٌ هَتْكُهَا
وَمَسِيرُهَا فِي اللَّيْلِ وَهْيَ ذُكَاءُ
٣٩
أَسَفِي عَلَى أَسَفِي الَّذِي دَلَّهْتِنِي
عَنْ عِلْمِهِ فَبِهِ عَلَيَّ خَفَاءُ
٤٠
وَشَكِيَّتِي فَقْدُ السَّقَامِ لِأَنَّهُ
قَدْ كَانَ لَمَّا كَانَ لِي أَعْضَاءُ
٤١
مَثَّلْتِ عَيْنَكِ فِي حَشَايَ جِرَاحَةً
فَتَشَابَهَا كِلْتَاهُمَا نَجْلَاءُ
٤٢
نَفَذَتْ عَلَيَّ السَّابِرِيَّ وَرُبَّمَا
تَنْدَقُّ فِيهِ الصَّعْدَةُ السَّمْرَاءُ
٤٣
أَنَا صَخْرَةُ الْوَادِي إذِاَ مَا زُوحِمَتْ
وَإِذَا نَطَقْتُ فَإِنَّنِي الْجَوْزَاءُ
٤٤
وَإِذَا خَفِيتُ عَلَى الْغَبِيِّ فَعَاذِرٌ
أَنْ لَا تَرَانِي مُقْلَةٌ عَمْيَاءُ
٤٥
شِيَمُ اللَّيَالِي أَنْ تُشَكِّكَ نَاقَتِي
صَدْرِي بِهَا أَفْضَى أَمِ الْبَيْدَاءُ
٤٦
فَتَبِيتُ تُسْئِدُ مُسْئِدًا فِي نَيِّهَا
إِسْآدَهَا فِي الْمَهْمَهِ الْإِنضَاءُ
٤٧
أَنْسَاعُهَا مَمْغُوطَةٌ وَخِفَافُهَا
مَنْكُوحَةٌ وَطَرِيقُهَا عَذْرَاءُ
٤٨
يَتَلَوَّنُ الْخِرِّيتُ مِنْ خَوْفِ التَّوَى
فِيهَا كَمَا يَتَلَوَّنُ الْحِرْبَاءُ
٤٩
بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي عَلِيٍّ مِثْلُهُ
شُمُّ الْجِبَالِ وَمِثْلُهُنَّ رَجَاءُ
٥٠
وَعِقَابُ لُبْنَانٍ وَكَيْفَ بِقَطْعِهَا
وَهْوَ الشِّتَاءُ وَصَيْفُهُنَّ شِتَاءُ
٥١
لَبَسَ الثُّلُوجُ بِهَا عَلَيَّ مَسَالِكِي
فَكَأَنَّهَا بِبَيَاضِهَا سَوْدَاءُ
٥٢
وَكَذَا الْكَرِيمُ إِذَا أَقَامَ بِبَلْدَةٍ
سَالَ النُّضَارُ بِهَا وَقَامَ الْمَاءُ
٥٣
جَمَدَ الْقِطَارُ وَلَوْ رَأَتْهُ كَمَا تَرَى
بُهِتَتْ فَلَمْ تَتَبَجَّسِ الْأَنْوَاءُ
٥٤
فِي خَطِّهِ مِنْ كُلِّ قَلْبٍ شَهْوَةٌ
حَتَّى كَأَنَّ مِدَادَهُ الْأَهْوَاءُ
٥٥
وَلِكُلِّ عَيْنٍ قُرَّةٌ فِي قُرْبِه
حَتَّى كَأَنَّ مَغِيبَهُ الْأَقْذَاءُ
٥٦
مَنْ يَهْتَدِي فِي الْفِعْلِ مَا لَا تَهْتَدِي
فِي الْقَوْلِ حَتَّى يَفْعَلَ الشُّعَرَاءُ
٥٧
فِي كُلِّ يَوْمٍ لِلْقَوَافِي جَوْلَةٌ
فِي قَلْبِهِ وَلِأُذْنِهِ إِصْغَاءُ
٥٨
وَإِغَارَةٌ فِيمَا احْتَوَاهُ كَأَنَّمَا
فِي كُلِّ بَيْتٍ فَيْلَقٌ شَهْبَاءُ
٥٩
مَنْ يَظْلِمِ اللُّؤَمَاءَ فِي تَكْلِيفِهِمْ
أَنْ يُصْبِحُوا وَهُمُ لَهُ أَكْفَاءُ
٦٠
وَنَذِيمُهُمْ وَبِهِمْ عَرَفْنَا فَضْلَهُ
وَبِضِدِّهَا تَتَبَيَّنُ الْأَشْيَاءُ
٦١
مَنْ نَفْعُهُ فِي أَنْ يُهَاجَ وَضَرُّهُ
فِي تَرْكِهِ لَوْ تَفْطَنُ الْأَعْدَاءُ
٦٢
فَالسَّلْمُ يَكْسِرُ مِنْ جَنَاحَيْ مَالِهِ
بِنَوَالِهِ مَا تَجْبُرُ الْهَيْجَاءُ
٦٣
يُعْطِي فَتُعْطَى مِنْ لُهَى يَدِهِ اللُّهَى
وَتُرَى بِرُؤْيَةِ رَأْيِهِ الآرَاءُ
٦٤
مُتَفَرِّقُ الطَّعْمَيْنِ مُجْتَمِعُ الْقُوَى
فَكَأَنَّهُ السَّرَّاءُ وَالضَّرَّاءُ
٦٥
وَكَأَنَّهُ مَا لَا تَشَاءُ عدَاتُهُ
مُتَمَثِّلًا لِوُفُودِهِ مَا شَاءُوا
٦٦
يَا أَيُّهَا الْمُجْدَى عَلَيْهِ رُوحُهُ
إِذْ لَيْسَ يَأْتِيهِ لَهَا اسْتِجْدَاءُ
٦٧
احْمَدْ عُفَاتَكَ لَا فُجِعْتَ بِفَقْدِهِمْ
فَلَتَرْكُ مَا لَمْ يَأْخُذُوا إِعْطَاءُ
٦٨
لَا تَكْثُرُ الْأَمْوَاتُ كَثْرَةَ قِلَّةٍ
إِلَّا إِذَا شَقِيَتْ بِكَ الْأَحْيَاءُ
٦٩
وَالْقَلْبُ لَا يَنْشَقُّ عَمَّا تَحْتَهُ
حَتَّى تَحُلَّ بِهِ لَكَ الشَّحْنَاءُ
٧٠
لَمْ تُسْمَ يَا هَارُونُ إِلَّا بَعْدَمَا اقـْ
ـتَرَعَتْ وَنَازَعَتِ اسْمَكَ الْأَسْمَاءُ
٧١
فَغَدَوْتَ وَاسْمُكَ فِيكَ غَيْرُ مُشَارَكٍ
وَالنَّاسُ فِيمَا فِي يَدَيْكَ سَوَاءُ
٧٢
لَعَمَمْتَ حَتَّى الْمُدْنُ مِنْكَ مِلَاءُ
وَلَفُتَّ حَتَّى ذَا الثَّنَاءُ لَفَاءُ
٧٣
وَلَجُدْتَ حَتَّى كِدْتَ تَبْخَلُ حَائِلًا
لِلْمُنْتَهَى وَمِنَ السُّرُورِ بُكَاءُ
٧٤
أَبَدَأْتَ شَيْئًا مِنْكَ يُعْرَفُ بَدْؤُهُ
وَأَعَدْتَ حَتَّى أُنْكِرَ الْإِبْدَاءُ
٧٥
فَالْفَخْرُ عَنْ تَقْصِيرِهِ بِكَ نَاكِبٌ
وَالْمَجْدُ مِنْ أَنْ تُسْتَزَادُ بَرَاءُ
٧٦
فَإِذَا سُئِلْتَ فَلَا لِأَنَّكَ مُحْوَجٌ
وَإِذَا كُتِمْتَ وَشَتْ بِكَ الْآلَاءُ
٧٧
وَإِذَا مُدِحْتَ فَلَا لِتَكْسِبَ رِفْعَةً
لِلشَّاكِرِينَ عَلَى الْإِلَهِ ثَنَاءُ
٧٨
وَإِذَا مُطِرْتَ فَلَا لِأَنَّكَ مُجْدِبٌ
يُسْقَى الْخَصِيبُ وَتُمْطَرُ الدَّأْمَاءُ
٧٩
لَمْ تَحْكِ نَائِلَكَ السَّحَابُ وَإِنَّمَا
حُمَّتْ بِهِ فَصَبِيبُهَا الرُّحَضَاءُ
٨٠
لَمْ تَلْقَ هَذَا الْوَجْهَ شَمْسُ نَهَارِنَا
إِلَّا بِوَجْهٍ لَيْسَ فِيهِ حَيَاءُ
٨١
فَبِأَيِّمَا قَدَمٍ سَعَيْتَ إِلَى الْعُلَا
أُدُمُ الْهِلَالِ لِأَخْمَصَيْكَ حِذَاءُ
٨٢
وَلَكَ الزَّمَانُ مِنَ الزَّمَانِ وِقَايَةٌ
وَلَكَ الْحِمَامُ مِنَ الْحِمَامِ فِدَاءُ
٨٣
لَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَا الْوَرَى اللَّذْ مِنْكَ هُو
عَقِمَتْ بِمَوْلِدِ نَسْلِهَا حَوَّاءُ
٨٤
وغنى المغني في دار الأمير أبي محمد الحسن بن عبيد الله بن طغج فأحسن فقال:
وبنى كافور دارًا بإزاء الجامع الأعلى على البركة، وطالب أبا الطيب بذكرها فقال:
إِنَّمَا التَّهْنِئَاتُ لِلْأَكْفَاءِ
وَلِمَنْ يَدَّنِي مِنَ الْبُعَدَاءِ
٨٧
وَأَنا مِنْكَ لَا يُهَنِّئُ عُضْوٌ
بِالْمَسَرَّاتِ سِائِرَ الْأَعْضَاءِ
٨٨
مُسْتَقِلٌّ لَكَ الدِّيَارُ وَلَوْ كَا
نَ نُجُومًا آجُرُّ هَذَا الْبِنَاءِ
٨٩
وَلَوَ انَّ الَّذِي يَخِرُّ مِنَ الْأَمـْ
ـوَاهِ فِيهَا مِنْ فِضَّةٍ بَيْضَاءِ
٩٠
أَنْتَ أَعْلَى مَحَلَّةً أَنْ تُهَنَّى
بِمَكَانٍ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاءِ
٩١
وَلَكَ النَّاسُ وَالْبِلَادُ وَمَا يَسـْ
ـرَحُ بَيْنَ الْغَبْرَاءِ وَالْخَضْرَاءِ
٩٢
وَبَسَاتِينُكَ الْجِيَادُ وَمَا تَحـْ
ـمِلُ مِنْ سَمْهَرِيَّةٍ سَمْرَاءِ
٩٣
إِنَّمَا يَفْخَرُ الْكَرِيمُ أَبُو الْمِسـْ
ـكِ بِمَا يَبْتَنِي مِنَ الْعَلْيَاءِ
٩٤
وَبِأَيَّامِهِ الَّتِي انْسَلَخَتْ عَنـْ
ـهُ وَمَا دَارُهُ سِوَى الْهَيْجَاءِ
٩٥
وَبِمَا أَثَّرَتْ صَوَارِمُهُ الْبِيـ
ـضُ لَهُ فِي جَمَاجِمِ الْأَعْدَاءِ
٩٦
وَبِمِسْكٍ يُكْنَى بِهِ لَيْسَ بِالْمِسـْ
ـكِ وَلَكِنَّهُ أَرِيجُ الثَّنَاءِ
٩٧
لَا بِمَا يَبْتَنِي الْحَوَاضِرُ فِي الرِّيـ
ـفِ وَمَا يَطَّبِي قُلُوبَ النِّسَاءِ
٩٨
نَزَلَتْ إِذْ نَزَلْتَهَا الدَّارُ فِي أَحـْ
ـسَنَ مِنْهَا مِنَ السَّنَا وَالسَّنَاءِ
٩٩
حَلَّ فِي مَنْبِتِ الرَّيَاحِينِ مِنْهَا
مَنْبِتُ الْمَكْرُمَاتِ وَالْآلَاءِ
١٠٠
تَفْضَحُ الشَّمْسَ كُلَّمَا ذَرَّتِ الشَّمـْ
ـسُ بِشَمْسٍ مُنِيرَةٍ سَوْدَاءِ
١٠١
إِنَّ فِي ثَوبِكَ الَّذِي الْمَجْدُ فِيهِ
لَضِيَاءً يُزْرِي بِكُلِّ ضِيَاءِ
١٠٢
إِنَّمَا الْجِلْدُ مَلْبَسٌ وَابْيِضَاضُ النـْ
ـنَفْسِ خَيْرٌ مِنَ ابْيِضَاضِ الْقَبَاءِ
١٠٣
كَرَمٌ فِي شَجَاعَةٍ وَذَكَاءٌ
فِي بَهَاءٍ وَقُدْرَةٌ فِي وَفَاءِ
١٠٤
مَنْ لِبِيضِ الْمُلُوكِ أَنْ تُبْدِلَ اللَّوْ
نَ بِلَوْنِ الْأُسْتَاذِ وَالسَّحْنَاءِ
١٠٥
فَتَرَاهَا بَنُو الْحُرُوبِ بِأَعْيَا
نٍ تَرَاهُ بِهَا غَدَاةَ اللِّقَاءِ
١٠٦
يَا رَجَاءَ الْعُيُونِ فِي كُلِّ أَرْضٍ
لَمْ يَكُنْ غَيْرَ أَنْ أَرَاكَ رَجَائِي
وَلَقَدْ أَفْنَتِ الْمَفَاوِزُ خَيْلِي
قَبْلَ أَنْ نَلْتَقِي وَزَادِي وَمَائِي
١٠٧
فَارْمِ بِي مَا أَرَدْتَ مِنِّي فَإِنِّي
أَسَدُ الْقَلْبِ آدَمِيُّ الرُّوَاءِ
١٠٨
وَفُؤَادِي مِنَ الْمُلُوكِ وَإِنْ كَا
نَ لِسَانِي يُرَى مِنَ الشُّعَرَاءِ
١٠٩
وقال يذكر خروجه من مصر وما لقي في طريقه، ويهجو كافورًا:
أَلَا كُلُّ مَاشِيَةِ الْخَيْزَلَى
فِدَا كُلِّ مَاشِيَةِ الْهَيْذَبَى
١١٠
وَكُلُّ نَجَاةٍ بِجَاوِيَّةٍ
خَنُوفٍ وَمَا بِي حُسْنُ الْمِشَى
١١١
وَلَكِنَّهُنَّ حِبَالُ الْحَيَاةِ
وَكَيْدُ الْعُدَاةِ وَمَيْطُ الْأَذَى
١١٢
ضَرَبْتُ بِهَا التِّيهَ ضَرْبَ الْقِمَا
رِ إِمَّا لِهَذَا وَإِمَّا لِذَا
١١٣
إِذَا فَزِعَتْ قَدَّمَتْهَا الْجِيَادُ
وَبِيضُ السُّيُوفِ وَسُمْرُ الْقَنَا
١١٤
فَمَرَّتْ بِنَخْلٍ وَفِي رَكْبِهَا
عَنِ الْعَالَمِينَ وَعَنْهُ غِنَى
١١٥
وَأَمْسَتْ تُخَيِّرُنَا بِالنِّقَا
بِ وَادِي الْمِيَاهِ وَوَادِي الْقُرَى
١١٦
وَقُلْنَا لَهَا أَيْنَ أَرْضُ الْعِرَاقِ
فَقَالَتْ وَنَحْنُ بِتُرْبَانَ هَا
١١٧
وَهَبَّتْ بِحِسْمَى هُبُوبَ الدَّبُو
رِ مُسْتَقْبِلَاتٍ مَهَبَّ الصَّبَا
١١٨
رَوَامِي الْكِفَافِ وَكِبْدِ الْوِهَادِ
وَجَارِ الْبُوَيْرَةِ وَادِي الْغَضَى
١١٩
وَجَابَتْ بُسَيْطَةَ جَوْبَ الرِّدَا
ءِ بَيْنَ النَّعَامِ وَبَيْنَ الْمَهَا
١٢٠
إِلَى عُقْدَةِ الْجَوْفِ حَتَّى شَفَتْ
بِمَاءِ الْجَرَاوِيِّ بَعْضَ الصَّدَى
١٢١
وَلَاحَ لَهَا صَوَرٌ وَالصَّبَاحَ
وَلَاحَ الشَّغُورُ لَهَا وَالضُّحَى
١٢٢
وَمَسَّى الْجُمَيْعِيَّ دِئْدَاؤُهَا
وَغَادَى الْأَضَارِعَ ثُمَّ الدَّنَا
١٢٣
فَيَا لَكَ لَيْلًا عَلَى أَعْكُشٍ
أَحَمَّ الْبِلَادِ خَفِيَّ الصُّوَى
١٢٤
وَرَدْنَا الرُّهَيْمَةَ فِي جَوْزِهِ
وَبَاقِيهِ أَكْثَرُ مِمَّا مَضَى
١٢٥
فَلَمَّا أَنَخْنَا رَكَزْنَا الرِّمَا
حَ فَوْقَ مَكَارِمِنَا وَالْعُلَا
١٢٦
وَبِتْنَا نُقَبِّلُ أَسْيَافَنَا
وَنَمْسَحُهَا مِنْ دِمَاءِ الْعِدَا
١٢٧
لِتَعْلَمَ مِصْرُ وَمَنْ بِالْعِرَاقِ
وَمَنْ بِالْعَوَاصِمِ أَنِّي الْفَتَى
١٢٨
وَأَنِّي وَفَيْتُ وَأَنِّي أَبَيْتُ
وَأَنِّي عَتَوْتُ عَلَى مَنْ عَتَا
١٢٩
وَمَا كُلُّ مَنْ قَالَ قَوْلًا وَفَى
وَلَا كُلُّ مَنْ سِيمَ خَسْفًا أَبَى
١٣٠
وَلَا بُدَّ لِلْقَلْبِ مِنْ آلَةٍ
وَرَأْيٍ يُصَدِّعُ صُمَّ الصَّفَا
١٣١
وَمَنْ يَكُ قَلْبٌ كَقَلْبِي لَهُ
يَشُقُّ إِلَى الْعِزِّ قَلْبَ التَّوَى
١٣٢
وَكُلُّ طَرِيقٍ أَتَاهُ الْفَتَى
عَلَى قَدَرِ الرِّجْلِ فِيهِ الْخُطَا
١٣٣
وَنَامَ الْخُوَيْدِمُ عَنْ لَيْلِنَا
وَقَدْ نَامَ قَبْلُ عَمًى لَا كَرَى
١٣٤
وَكَان عَلَى قُرْبِنَا بَيْنَنَا
مَهَامِهُ مِنْ جَهْلِهِ وَالْعَمَى
١٣٥
لَقَدْ كُنْتُ أَحْسِبُ قَبْلَ الْخَصِيـْ
ـيِ أَنَّ الرُّءُوسَ مَقَرُّ النُّهَى
١٣٦
فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَى عَقْلِهِ
رَأَيْتُ النُّهَى كُلَّهَا فِي الْخُصَى
١٣٧
وَمَاذَا بِمِصْرَ مِنَ الْمُضْحِكَاتِ
وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالْبُكَا
١٣٨
بِهَا نَبَطِيٌّ مِنَ اهْلِ السَّوَادِ
يُدَرِّسُ أَنْسَابَ أَهْلِ الْفَلَا
١٣٩
وَأَسْوَدُ مِشْفَرُهُ نِصْفُهُ
يُقَالُ لَهُ أَنْتَ بَدْرُ الدُّجَى
١٤٠
وَشِعْرٍ مَدَحْتُ بِهِ الْكَرْكَدَنَّ
بَيْنَ الْقَرِيضِ وَبَيْنَ الرُّقَى
١٤١
فَمَا كَانَ ذَلِكَ مَدْحًا لَهُ
وَلَكِنَّهُ كَانَ هَجْوَ الْوَرَى
١٤٢
وَقَدْ ضَلَّ قَوْمٌ بِأَصْنَامِهِمْ
فَأَمَّا بِزِقِّ رِيَاحٍ فَلَا
١٤٣
وَتِلْكَ صُمُوتٌ وَذَا نَاطِقٌ
إِذَا حَرَّكُوهُ فَسَا أَوْ هَذَى
١٤٤
وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ
رَأَى غَيْرُهُ مِنْهُ مَا لَا يَرَى
١٤٥