مملكة السامرة الكنعانية ٨٨٠–٧٢١ق.م.
لقد أوصلَنا القسم الأول من هذه الدراسة إلى أن الحديث عن إسرائيل ككيان سياسي أو إثني، خلال عصر الحديد الأول ومطلع عصر الحديد الثاني في القرن العاشر، قد غدا من ماضي البحث الأكاديمي الرصين، فالاسم إسرائيل لا يمكن إطلاقه على أي إقليم في فلسطين قبل حلول القرن التاسع قبل الميلاد. وحتى هنا، فإن الاسم لا يدل إلا على الدولة الإقليمية المعروفة بمملكة السامرة، والتي أسسها الملك عُمري باني عاصمتها المدعوة بالسامرة حوالي عام ٨٨٠ق.م.، قرب مدينة نابلس الحالية. إلى جانب الاسم السامرة، فقد دُعيت هذه المملكة في النصوص الحربية الآشورية ببلاد عُمري أو أرض عُمري؛ نسبةً إلى المؤسس الأول للمملكة. أما الاسم إسرائيل فلم يرِدْ بتاتًا في النصوص الآشورية، رغم أن أحد ملوكها، وهو آخاب ابن الملك عُمري، قد وُصِف بالإسرائيلي في نص للملك شلمنصر الثالث عام ٨٥٤ق.م. بينما ورد الاسم مرة واحدة في نص عُثر عليه في منطقة مؤاب بشرقي الأردن، يعود بتاريخه إلى القرن التاسع. وقد دون عليه ملك مؤاب، المدعو ميشع، أخبار احتلال عُمري، الذي وصفه بملك إسرائيل، لبلاد مؤاب، وكيف استطاع ميشع أخيرًا تحرير بلاده في عهد ابن عُمري، الذي لا يذكره النص بالاسم.
عاشت مملكة السامرة أقل من قرنين من الزمان، ولعبت خلال حياتها دورًا في سياسة العالم السوري خلال فترة المد الآشوري، إلى أن انتهت ككيان إثني وسياسي عندما دمر الآشوريون عاصمتها السامرة عام ٧٢١ق.م. وسبَوْا أهلها إلى آشور، وَفق سياسة التهجير الآشورية التي كانت تمارَس ضد الشعوب الثائرة المغلوبة. وخلال كل تلك الأحداث الجسام التي مرت بها هذه المملكة، لا يتوفر لدينا دليل واحد على أن جارتها الجنوبية يهوذا كانت تتمتع بأي نوع من الوحدة السياسية، أو أن أورشليم قد لعبت دورًا يُذكَر في السياسة الفلسطينية أو السورية، رغم أنها كانت خلال ذلك الوقت تزدهر وتعمل تدريجيًّا على السيطرة على مناطق يهوذا الواقعة إلى جنوبها. ولسوف نقدم فيما يلي من هذا الفصل عرضًا تاريخيًّا مكثفًا لمسار حياة هذه المملكة، التي جعلت من نفسها خلال فترة وجيزة أقوى دويلةٍ فلسطينية قامت خلال النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد. وهي الفترة التي تعتبر من أكثر فترات التاريخ السوري امتلاءً بالأحداث والصراعات وصعود الممالك وزوالها السريع.
عندما تلاشت آخر آثار الجفاف الميسيني حوالي عام ١٠٥٠ق.م.، لم يكن الوضع الديمغرافي يسمح بقيام كيان سياسي ناضج وموحد في الهضاب المركزية، فمدينة شكيم، وهي المدينة الوحيدة الحقيقية في المنطقة (بالمعيار الفلسطيني)، كانت مدمَّرة منذ مطلع عصر الحديد وخالية من السكان (كينيون ١٩٨٥م، ص٣٤٢). أما حفنة البلدات الصغيرة التي كانت قائمة في عصر البرونز الأخير، مثل بيت إيل وجيعة وشيلوة، فلم تكن خلال عصر الحديد الأول إلا مواقع هزيلة إلى أبعد الحدود، ولا يبلغ عدد السكان في كلٍّ منها أكثر من بضع مئات (كينيون ١٩٨٥م، ص١٣٠-١٣١). ورغم أن الاستيطان كان يسير بشكل متسارع، إلا أن المنطقة في أواخر القرن الحادي عشر لم تحتوِ إلا على حوالي ٢٠٠ قرية صغيرة، لم يبلغ عدد سكانها مجتمعةً سوى بضعة آلاف.
إلا أن عودة معدلات الأمطار إلى حالتها الطبيعية في القرن العاشر، قد رفع من وتيرة الاستيطان، مثلما ساعد أيضًا على الزيادة المحلية في عدد السكان. وكان لتوفر الأدوات الحديدية دور في رفع كفاءة وفعاليات هذه التجمعات القروية؛ لأنها مكَّنتها من حفر خزانات لحفظ مياه الأمطار، وحفر آبار تصل إلى مصادر المياه التحتية في أراضٍ كانت المعاول البرونزية عاجزة عن نَقْبها، فازداد الإنتاج الزراعي وتنوَّع تبعًا للبيئة، حيث قامت بعض القرى بزراعة محاصيل الكفاف كالقمح والشعير وغيرها من أنواع الحبوب القابلة للخزن والاستهلاك المحلي، وقام البعض الآخر بالرعي وتربية الماشية، وبعضها باستصلاح المنحدرات الهضبية وتجهيز مصاطب تصلح للزراعات المتوسطية، مثل الكرمة والزيتون واللوزيات والفاكهة.
هذا الاقتصاد المتنوع قد شجع على التبادل التجاري بين البيئات. غير أن الزراعات المتوسطية تتطلب على الدوام سوقًا أوسع فأوسع؛ لأنها بطبيعتها منتجاتُ تبادلٍ نقدي. فمع ازدياد عدد القرى وارتفاع عدد سكانها ونمو محاصيلها، صار مصيرها رهنًا بتنظيم وترشيد تجارتها، وربط هذه التجارة بالأسواق الأبعد والأوسع، لقد غدت البنى السياسية البدائية غير مؤهلة للتصرف في الأوضاع الجديدة، وصارت عملية تصريف المنتجات المحلية بحاجة إلى إدارة مركزية قادرة على ربط شبكة التجارة المحلية المحدودة بشبكة التجارة الدولية، وخصوصًا بعد أن عاد التبادل التجاري الدولي إلى سابق عهده بين أقطار غرب آسيا الرئيسية، وراحت مدن فينيقيا تفتح أسواقًا جديدة عبر البحار (تومبسون ١٩٩٩م، ص١٦٤-١٦٥).
في هذا السياق التاريخي ظهرت إلى الوجود مملكة السامرة. ويبدو أن المقر الإداري للبنية السياسية، التي كانت في طريقها للتحول إلى مملكة، كان في مدينة شكيم التي أعيد بناؤها حوالي عام ١٠٥٠ق.م.، بعد فترة انقطاع سكني دام قرابة قرن ونصف (كينيون ١٩٨٥م، ص٣٤٢). عندما آلت السلطة إلى قائد عسكري يدعى عُمري، وهو مؤسس أول أسرة ملكية في الهضاب المركزية، عمد إلى بناء مدينة السامرة ونقل مقره الملكي إليها، ملبِّيًا بذلك حاجة ذلك الإقليم المتزايدة إلى تنظيم شئونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي دخلت طور النضج. تم اكتشاف مدينة السامرة في الشمال من منطقة الهضاب، تحت تل الفرح الحالي الذي يشرف على المنحدرات الهابطة تدريجيًّا نحو وادي يزرعيل الاستراتيجي. ويبدو أن الملك عُمري قد اختار هذا الموقع لعاصمته بعناية؛ لأنه يؤمِّن له الاتصال عبر وادي يزرعيل بثقافتين راقيتين متجاورتين، هما الثقافة الفينيقية والثقافة الآرامية، كما يؤمِّن له إمكانية سهلة لتصريف منتجاته الزراعية الفائضة. وقد باشر عُمري ببناء عاصمته على النمط الفينيقي السوري الفخم، ولكن ابنه آخاب الذي كان معجبًا بالثقافة السورية الشمالية وبالثقافة الفينيقية المجاورة، والذي تزوج من أميرة فينيقية، هو من أعطى المدينة اللمسات الأخيرة كآية من آيات العمارة والتنظيم في فلسطين (كينيون ١٩٧١م، ص٧٢ وما بعدها).
مع نشوء مملكة السامرة في مطلع القرن التاسع، كانت الفترة نفسها تشهد ازدهارًا كبيرًا للمدن الفلسطينية؛ سواء في وادي يزرعيل (مجدو، بيت شان، تعنك، يزرعيل)، أو في سهل شفلح (لخيش، جرار، بيت شميش)، أو في السهل الفلستي (أشدود، أشقلون، غزة، عقرون، جرار). إلا أن أيًّا من هذه المدن لم يحقق دولة إقليمية تعادل في قوتها ومساحتها دولة السامرة، وإنما بقيت على ما كانت عليه في عصر البرونز، كمدن تحكمها أُسر ملكية متنفذة، تسيطر على مساحة صغيرة تحيط بها. ومن ناحية أخرى، فقد شهدت هذه الفترةُ أيضًا نشوء ممالك صغيرة في شرقي الأردن، مثل عمون ومؤاب وإدوم، أفادت من عودة النشاط التجاري على طريق الملوك الدولي. وإلى الشمال، كانت مملكة دمشق الآرامية (أو آرام دمشق، كما يدعوها النص التوراتي) قد تحولت إلى أقوى قوة في وسط وجنوب سورية، وامتدت سيطرتها شرقًا نحو البقاع اللبناني، وغربًا نحو الفرات، وجنوبًا إلى ما وراء الجولان، وشمالًا حتى حدود مملكة حماة. أما المدن الفينيقية الساحلية، من أرواد شمالًا إلى يافا جنوبًا، فقد تحولت إلى قوًى تجارية مهمة في شرقي المتوسط، وراكمت ثروات طائلة من تجارتها البحرية غربًا. وكانت صور أهم هذه العواصم البحرية، وقد ساعد على دعم مركزها كونُها مقرًّا لملوك صيدون الذين كانوا يحكمون من بلاطهم فيها أهم قوتين بحريتين على شواطئ المتوسط في ذلك الوقت.
يقول لنا محرر سفر الملوك الأول في كتاب التوراة، بأن الملك عمري كان قائدًا للجيش في مدينة ترصة التي انتقل إليها مقر السلطة بعد شكيم، وأنه استولى على الحكم في انقلاب عسكري، ونصب نفسه ملكًا في ترصة مدة سنتين، قبل أن يبني مدينة السامرة وينقل مقره الملكي إليها (الملوك الأول: ١٦). وفي الحقيقة، فإن عُمري هو أول شخصية في قصة بني إسرائيل التوراتية، يتقاطع عندها النص التوراتي مع المصادر النصية الخارجية. وبدءًا من عصر عُمري تبدأ بعض أحداث وشخصيات الرواية التوراتية بالتقاطع مع الأخبار التاريخية. ويعود السبب في ذلك إلى قرب القرن التاسع نسبيًّا من فترة تدوين التوراة، وبقاء بعض الأحداث حية في الذاكرة الشعبية وفي الأدب الفولكلوري. يضاف إلى ذلك أن بيروقراطية البلاط الملكي في السامرة (وبعدها في أورشليم) قد بدأت بتقليد بيروقراطية القصور الملكية في عواصم الشرق الكبرى، وراحت تدوِّن أخبار البلاط في حوليات تشبه ما نعرفه عن حوليات ملوك فينيقيا المذكورة في المصادر التاريخية، وأشهرها حوليات ملوك صور التي ترد في كتابات فيلو الجبيلي وميناندر الإفسوسي من العصر الكلاسيكي المتأخر. ويبدو أن نُتَفًا من حوليات ملوك إسرائيل وحوليات ملوك يهوذا (التي يذكرها المحرر التوراتي تحت عنوان أخبار الأيام لملوك يهوذا، وأخبار الأيام لملوك إسرائيل) قد وصلت إلى محرري التوراة، ولكن ليس بنصها الأصلي، بل من خلال مراجع ثانوية هي أقرب إلى مدونات الأدب الشعبي منها إلى السجلات الدقيقة. يدلنا على ذلك مدى ابتعاد الأخبار التوراتية، التي تغطي فترة مملكة إسرائيل ومملكة يهوذا، عما صرنا نعرفه الآن عن تاريخ تلك الفترة، وامتلائها بالفجوات والأحداث الخيالية التي يفرضها المنظور الأيديولوجي للقائمين على التدوين. فالمحرر التوراتي لم يكن يهدف إلى تقديم مسردٍ تاريخي محقق ومدقق، بقدر ما كان يسعى إلى تقديم قصة لاهوتية عن أصول بقية يهوذا العائدة من السبي البابلي.
عندما شعر ملوك السامرة بالقوة بدءوا بالتطلع إلى وادي يزرعيل، المنفَذ الوحيد لتجارة السامرة، سواءٌ باتجاه فينيقيا أم باتجاه آرام. ورغم أنه لا يوجد لدينا من الدلائل ما يشير إلى أن وادي يزرعيل قد وقع تحت السيطرة المباشرة لبلاط السامرة، إلا أننا نرجح أن مدنه قد ارتبطت بمعاهدات تبعية مع السامرة منذ عهد الملك عُمري، وكذلك الأمر فيما يتعلق بمدن الجليل. بعد ذلك تطلعت السامرة نحو مناطق شرقي الأردن التي يعبُرها طريق الملوك الدولي، وبدأت بإحكام نفوذها على عمون ومؤاب من خلال معاهدات حماية وتبعية. ولدينا من سفر الملوك الثاني الإصحاح الثالث ما يؤيد ذلك؛ لأن محرر السفر يخبرنا بأن ميشع ملك مؤاب كان يؤدي جزية إلى ملك إسرائيل قوامها آلاف من الماشية كلَّ سنة.
هذه النشاطات التوسعية للملك عُمري، قد وضعته في مواجهة مباشرة مع كلٍّ من مملكة آرام دمشق ومملكة صور، فقد كانت دمشق في مطلع القرن التاسع أقوى دولةٍ سورية في مناطق غربي الفرات، ورغم أنها لم تَسْعَ إلى تكوين إمبراطورية سورية على الطريقة المصرية والرافدينية، إلا أنها استطاعت تشكيل نظام إقليمي في مناطق غربي الفرات، يجمع كلمة الممالك السورية تحت لواء ملك دمشق، الذي كان يرأس الأحلاف العسكرية، ويقاوم المد التوسعي لآشور التي كانت قد بدأت بتكوين إمبراطورتيها في آسيا الغربية. أما صور فكانت أقوى المدن الفينيقية، وعاصمة لإمبراطورية بحرية تزداد توسعًا في جزر البحر المتوسط وعلى شواطئه البعيدة، ولم تكن هاتان القوتان لتسكتا عن طموحات المملكة الجديدة الناشئة في الهضاب الفلسطينية. ولقد تعامل عُمري مع صور بالوسائل الديبلوماسية؛ لأن إرضاءها كان سهلًا بسبب انشغالها بنشاطات ما وراء البحار أكثر من انشغالها بالمسائل الداخلية للعالم السوري، فعمد بلاط السامرة إلى الوسيلة الملكية التقليدية في عالم الدبلوماسية القديمة، وزوَّج ابنه المدعو آخاب من ابنة ملك صور المدعوة إيزابيل (إيزا-بعل). وبذلك ضمِنت صور وجود قوة حليفة تحمي مداخلها التجارية البرية، وضمن عُمري سكوت صور عن توسعاته في وادي يزرعيل ومرتفعات الجليل. ومصدرنا عن هذا الزواج هو الخبر التوراتي في سفر الملوك الأول ١٦: ٣٠-٣١. ولكن المواجهة مع دمشق صارت مؤكدة بعد اجتياز قوات السامرة لنهر الأردن وسيطرتها على مؤاب.
نقرأ في الإصحاحين ٢٠–٢٢ من سفر الملوك الأول عن ثلاثة حروب بين دمشق والسامرة، ابتدأها ملك دمشق الذي يدعوه النص التوراتي ﺑ «بن هدد»، وذلك في عهد آخاب بن عُمري. في المرة الأولى يهاجم ملك دمشق السامرة، يعاونه اثنان وثلاثون ملكًا من أتباعه، ويحاصرها مدة طويلة. وعندما تشتد المجاعة في السامرة، يخرج ملك إسرائيل بقواته في إحدى الليالي من البوابة، ويفاجئ ملك دمشق الذي كان يشرب ويسكَر مع حلفائه في الخيام، فيتشتت شمل القوات المحاصِرة، ويعود بن هدد إلى عاصمته. وبعد مُضي عام يعاود ملك دمشق وحلفاؤه الكَرَّة، ولكنه ينهزم أمام آخاب ويضطر إلى توقيع معاهدة صلح تنصُّ على فتح أسواق دمشق أمام تجار مدينة السامرة. بعد ثلاثة أعوام يتنازع الفريقان على أرض راموت جلعات الواقعة في شمال مناطق شرقي الأردن، وتقع حرب ثالثة تنجلي عن هزيمة جيش السامرة وإصابة آخاب إصابةً بالغة أدت إلى وفاته.
رغم أن آشور قد ابتدأت منذ القرن العاشر قبل الميلاد بوضع الممالك الآرامية في منطقة الجزيرة السورية تحت نفوذها، مع إبقائها على الأسر الحاكمة فيها واكتفائها بتحصيل الجزية والإتاوات، إلا أن المشروع الإمبراطوري الآشوري لم يوضع موضع التنفيذ الفعلي إلا في عهد الملك شلمنصر الثالث (٨٥٨– ٨٢٤ق.م.). فبعد ثلاث حملات واسعة على الممالك الآرامية في حوض الفرات والخابور، استطاع شلمنصر ضم مملكة بيت عديني إلى التاج الآشوري، وهي أقوى ممالك تلك المنطقة، وضمِن ولاء بقية الممالك ودفْعَها المنتظم للجزية. بعد ذلك، وفي السنة السادسة من حكمه، شن أكبر حملة له على مناطق غربي الفرات، افتتحت عصر الصراع السوري الآشوري الذي دام قرابة قرنين من الزمان. فقد عبر شلمنصر الفرات ووصل إلى حلب بعد أن استعرض قوته مجددًا أمام ملوك آرام، وفي حلب جمع الإتاوات من أهل المدينة، وقدم قربانًا إلى الإله حدد في معبده على قمة الأكروبوليس (القلعة الحالية)، ثم توجه شرقًا نحو أراضي إرخوليني ملك حماة، التي كانت تمتد حتى المنعطف الكبير لنهر العاصي في الشمال. ولكن هدد عدر ملك دمشق كان بانتظاره مع اثني عشر ملكًا عند موقع قرقرة عند ضفة العاصي، حيث جرت معركة من أشهر معارك ذلك العصر.
إلى جانب سياسته في الدعوة إلى الأحلاف المؤقتة، عمل حزائيل على عدم انحياز أيٍّ من الممالك السورية إلى الجانب الآشوري؛ لأن من شأن ذلك إضعاف موقف دمشق التي تحمل على عاتقها الجزء الأكبر من مسئولية التصدي للمد الآشوري. وعندما لم تكن تجدي الوسائل الدبلوماسية في توحيد كلمة الممالك، كان حزائيل يلجأ إلى التدخل العسكري ضد أية دولة تميل إلى مهادنة آشور وتدفع لها الجزية. وقد كانت إسرائيل أول دولة تطالها عقوبة حزائيل، فبعد وفاة هدد عدر مال يهورام (أو يورام) ابن آخاب وخليفته الثاني على عرش السامرة إلى مهادنة آشور، فانطلق حزائيل لمقاتلته وعسكر في راموت جلعاد، وهناك وقعت عدة معارك غير حاسمة بين الطرفين. ومصدرنا هنا هو الرواية التوراتية التي تقول، في سفر الملوك الثاني ٩: ٢٥–٢٩، بأن يهورام قد أصيبَ بجروح بليغة في هذه المعارك، فترك القيادة وانسحب إلى الداخل ليشفى من جروحه. ولكن أحد قادته، المدعو ياهو، تبعه إلى مكان نقاهته وقتله هناك وولي العرش بعده. أما حزائيل فقد وصلته أخبار عن عبور شلمنصر الثالث نهرَ الفرات في طريقه إلى وسط سورية والساحل الفينيني، فانسحب من راموت جلعاد وعاد إلى دمشق.
نلاحظ من قراءة النص الآشوري، أعلاه، عدم ذكر اسم ملك صور أو اسم ملك صيدون، بينما تم ذكر اسم ياهو ملك إسرائيل. ولعل السبب هو أن صور وصيدون قد أرسلتا الجزية إلى الملك الآشوري في معسكره، أما ياهو فقد حضر شخصيًّا للقاء شلمنصر الثالث مؤكدًا له ولاءه المطلق. وهذا ما يؤكده نحت بارز محفور على خلفية المسلة السوداء، ضمن مجموعة صور أخرى، يمثل رجلًا بلباس كنعاني ساجدًا عند قدمي شلمنصر الثالث، وقد كتب تحته: «جزية ياهو بن عمري، تلقيت منه فضة وذهبًا، و… إلخ.»
لا يذكر لنا محرر سفر الملوك الثاني شيئًا عن العلاقات الإسرائيلية الآشورية، ولا عن قيام عمري بالتوجه إلى مقر شلمنصر الثالث وتأديته الجزيةَ إليه؛ لأنه حتى هذه المرحلة من الرواية التوراتية عن أخبار السامرة، لم يكن قد سمع بقيام مملكة عظمى في وادي الرافدين اسمها آشور، ولم يكن يعرف بكل تلك الأحداث الجسام التي عصفت بالمنطقة السورية خلال القرن التاسع. لم تصله أخبار معركة قرقرة ولا مشاركة آخاب فيها، ولم يسمع بالملك العظيم هدد عدر ولا بكل تلك الأحلاف والحروب، ولا بدخول إسرائيل عالم السياسة الدولية منذ حلف قرقرة. ولكنه في مقابل جهله بكل ما كان يجري على الساحة السورية شمالًا وجنوبًا، فقد كانت في حوزته نُتَف متفرقة من أخبار حروب حزائيل ملك دمشق في فلسطين، وإخضاعه للسامرة أخيرًا، ولقسم واسع من فلسطين الكبرى.
كان حزائيل قد انسحب من راموت جلعاد عام ٨٤١ق.م. لمواجهة شلمنصر عند جبل الحرمون، ثم شغلته المعارك التالية مع آشور حتى عام ٨٣٧ق.م. وعندما تأكد لديه عدم نية الآشوريين شنَّ حملات جديدة على غرب الفرات، بدأ يضغط على مناطق التواجد الإسرائيلي في المناطق الشمالية من شرقي الأردن، حتى دفع بالقوات الإسرائيلية إلى ما وراء نهر الأردن. نقرأ في سفر الملوك الثاني: «ولكن ياهو لم يتحفظ للسلوك في شريعة الرب من كل قلبه. في تلك الأيام ابتدأ الرب يقص إسرائيل، فضربهم حزائيل في جميع تخوم إسرائيل، من الأردن لجهة مشرق الشمس، جميع أراضي جلعاد … إلخ.» (١٠: ٢١–٣٣).
بعد وفاة ياهو انتقل الصراع إلى أراضي إسرائيل ذاتها، فقد عبر حزائيل الأردن وهزم يهوآحاز بن ياهو في عدة معارك، ثم طارده إلى السامرة وأجبره على توقيع معاهدة مذلة. وهذا ما نستنتجه من الأخبار الغامضة في سفر الملوك الثاني، حيث نقرأ: «ثم مَلَكَ يهوآحاز بن ياهو على إسرائيل في السامرة سبع عشرة سنة، وعمل الشر في عيني الرب … فحميَ غضب الرب على إسرائيل فدفعهم ليدِ حزائيل ملك آرام، وليد ابن هدد بن حزائيل كل الأيام … لأنه لم يبق ليهوآحاز شعبًا إلا خمسين فارسًا، وعشر مركبات، وعشرة آلاف فارس؛ لأن ملك آرام أفناهم ووضعهم كالتراب للدوس» (١٣: ١–٢٣). بعد إخضاع إسرائيل بسط حزائيل سلطته الكاملة على وادي يزرعيل، ثم خرج من الوادي نحو السهل الساحلي فأخضع مدنه، وصولًا إلى الساحل الفلستي، حيث حطت قواته في مدينة جت. ثم انقلب نحو الداخل، فأخضع مدن سهل شفلح، صاعدًا التلال المنخفضة نحو أورشليم، التي كانت في هذا الوقت من أواخر القرن التاسع قد بدأت بالازدهار، قبل أن يُلقي حزائيل حصاره على أورشليم، أعلن ملكها يھوآش خضوعه، وأرسل الجزية إلى حزائيل. نقرأ في سفر الملوك الثاني «حينئذ صعد حزائيل ملك آرام وحارب جت وأخذها، ثم حوَّل وجهه ليصعد إلى أورشليم. فأخذ يهوآش ملك يهوذا كل الذهب الموجود في خزائن بيت الرب وبيت الملك، وأرسلها إلى حزائيل ملك آرام، فصعد حزائيل عن أورشليم.» (١٢: ١٧-١٨).
ارتقى ابن هدد بن حزائيل العرش حوالي عام ٨٠٠ق.م.، في وقت بدأت فيه بوادر عودة الآشوريين تلوح في الأفق. فقد ارتقى حدد نيراري الثالث عرش آشور عام ٨١٠ق.م.، وبعد أن رتب أمور بيته الداخلية أخذ يُعِد العُدة لاستئناف الحملات على غربي الفرات، وكان في غربي الفرات مملكتان على اتصال مع بلاد آشور ومستعدتان لرفض سلطة دمشق ودفع الجزية لآشور؛ هما مملكة حماة ومملكة إسرائيل. فمنذ حملة شلمنصر الثالث، المؤرخة بعام ٨٤٥ق.م.، لم تشارك حماة في حلف دمشق، ومن المرجح أنها فضلت دفع الجزية للآشوريين، في عهد خلفاء إرخوليني، على مواصلة القتال ضد القوة الآشورية الجبارة. أما إسرائيل التي أجبرها حزائيل على نقض العهد الذي قطعه ياهو مع آشور، فقد كانت تتحين الفرص للانتقام من ذل الهزيمة التي ألحقها بها حزائيل، وتفضل دفع الجزية لآشور على المواجهة معها إلى جانب عدو الأمس. من هنا، وسيرًا على سياسية أسلافه في الحيلولة دون انقسام موقف الممالك السورية، فقد عمد ابن هدد إلى قتال يوآش بن يهوآحاز، الذي كان قد وقَّع معاهدةَ تبعيةٍ مع دمشق. ومصدرنا عن هذه الحرب الجديدة هو الخبر التوراتي في سفر الملوك الثاني، الذي يدَّعي أن يوآش قد ضرب ابن هدد ثلاث مرات وانتصر عليه (الملوك الثاني ١٣: ٢٤-٢٥).
وفي الحقيقة، فإن خسارة ابن هدد أمام السامرة في ذلك الوقت، كان أمرًا مستبعدًا جدًّا؛ نظرًا لما نعرفه عن قوة ابن هدد العسكرية، ومدى نفوذه في بلاد الشام. فبعد محاربته لإسرائيل نجده يتجه لقتال زاكير ملك حماة على رأس حلف مؤلف من أقوى الممالك الآرامية، بينها مملكة شمأل، والعمق، وجوشي. ويكفي أن نذكر هنا أن مملكة جوشي التي قاتلت تحت إمرة ملك دمشق، كانت تبسط سيطرتها على كل الأراضي الممتدة من نهر الفرات شرقًا وحتى سهل العمق غربًا. من هنا، فإني أرجح أن الخبر التوراتي عن ربح السامرة لثلاث معارك ضد دمشق، في حال صحته، يشير إلى معارك وقعت بعد عصر ابن هدد، عندما بدأت قوة دمشق تضعُف نتيجةَ الضربات الآشورية المتلاحقة. ولعل مما يؤيد رأينا، هو أن المحرر التوراتي في هذا الخبر يناقض ما كان قد أورده في مطلع الإصحاح نفسه بأن إسرائيل قد وقعت تحت سيطرة دمشق كل أيام حزائيل وابنه ابن هدد.
هدد عدر | ٨٦٠–٨٤٢ق.م. |
حزائيل | ٨٤٤–٨٠٠ق.م. |
ابن هدد | ٨٠٠–٧٧٣ق.م. |
حديانو | ٧٧٣–٧٥٠ق.م. |
رحيانو | ٧٥٠–٧٣٢ق.م. |
أما ثبْتُ ملوك إسرائيل فيعطينا لائحة أطول من هذه بكثير، وذلك ابتداءً من الملك عمري الذي عاصر خلال النصف الثاني من فترة حكمه هدد عدر. ويرجع طول لائحة ملوك إسرائيل إلى كثرة الانقلابات السياسية وقِصَر فترات حكم الأسر المتعاقبة. وإليكم ثبْت ملوك إسرائيل وَفق المعلومات المستمدة من سفر الملوك الأول وسفر الملوك الثاني في النص التوراتي:
أسرة عُمري:
عُمري | ٨٨٥–٨٧٤ق.م. |
آخاب | ٨٧٤–٨٥٣ ق.م. |
أحزيا | ٨٥٣-٨٥٢ق.م. |
يورام | ٨٥٢–٨٤١ق.م. |
أسرة ياهو:
ياهو | ٨٤١–٨١٤ق.م. |
يهوآحاز | ٨١٤–٧٩٨ق.م. |
يربعام | ٧٩٨–٧٥٣ق.م. |
زكريا | ٧٥٣-٧٥٢ق.م. |
عهد شالوم:
شالوم | ٧٥٢ق.م. |
أسرة مناحيم:
مناحيم | ٧٥٢–٧٤٢ق.م. |
فقحيا | ٧٤٢–٧٤٠ق.م. |
عهد فَقِح:
فَقِح | ٧٤٠–٧٣٢ق.م. |
عهد هوشع:
هوشع | ٧٣٢–٧٢١ق.م. |
ونهاية مملكة إسرائيل
نأتي الآن إلى خاتمة هذه الفترة الحافلة، وهي الخاتمة التي شهدت نهاية كلٍّ من دمشق وإسرائيل، حيث تم إلحاق دمشق بالتاج الآشوري، وتدمير السامرة وسبْي أهلها إلى آشور.
في عام ٧٤٥ق.م. ارتقى عرش آشور الملك تغلات فلاصر الثالث (٧٤٥–٧٢٧ق.م.)، الذي وطد دعائم إمبراطورية مترامية الأطراف دامت بعده قرابة قرن كامل، وامتدت من إيران ضمنًا في الشرق إلى مصر ضمنًا في الغرب، ومن آسيا الصغرى ضمنًا في الشمال إلى أواسط شبه الجزيرة العربية في الجنوب. فبعد أن كانت سياسة ضم الأراضي المقهورة وحكمها بواسطة ولاة آشوريين، تمارَس على نطاق ضيق منذ عهد شلمنصر، فقد جعلها تغلات فلاصر ركيزة من ركائز حكمه وبسط سلطانه. كما أنه أسس لسياسة الترحيل المنظم للشعوب المغلوبة، وإحلال جماعات محلها يتم اختيارها من شعوب مغلوبة أخرى. وبذلك تمكنت آشور أخيرًا من حكم المناطق الثائرة بعد أن أفقدتها تكوينها السياسي وتجانسها الإثني. وقد غيرت سياسة الترحيل الآشورية الخارطة الديمغرافية للشرق القديم بكامله، بعد أن طالت أكثر من ١٠٠ شعب وَفق معلومات السجلات الآشورية ذاتها.
هذا ويتقاطع النص التوراتي هنا مع نصوص تغلات فلاصر الثالث في عدد من النقاط، ويختلف عنها في نقاط أخرى؛ فمناحيم قد استولى على السلطة في السامرة عام ٧٥٢ق.م.، بعد قتله شالوم الذي كان قد قتل زكريا آخر ملوك أسرة ياهو، وحكم مدة شهر واحد فقط، نقرأ في سفر الملوك الثاني ١٥: «… وصعِد مناحيم بن جادي من ترصة، وجاء إلى السامرة، وضرب شلوم بن يابيش، فقتله وملك عوضًا عنه … ملك مناحيم بن جادي على إسرائيل في السامرة عشر سنين، وعمل الشر في عيني الرب، فجاء فول ملك آشور على الأرض، فأعطى مناحيم لفول ألف وزنة من الفضة … فرجع ملك آشور ولم يُقِم في الأرض» (١٥: ١٤–٣٠). نلاحظ من هذا الخبر التوراتي أن المحرر قد أغفل هروب مناحيم ثم عودته، وأنه قد دعا ملك آشور بالاسم فول، وهذا الاسم غير معروف في ثبْت ملوك آشور، لا في هذه المرحلة التاريخية ولا فيما سواها من المراحل السابقة واللاحقة.
نقرأ في سفر إشعيا ٧: «وحدث في أيام آحاز بن يوثام ملك يهوذا، أن رصين ملك آرام صعد مع فَقِح ملك إسرائيل إلى أورشليم لمحاربتها، فلم يقدر على محاربتها. وأُخبِر بيت داود (أي ملك أورشليم) وقيل له: قد حلت آرام في أفرايم (أي إسرائيل)، فرجف قلبه وقلوب شعبه كرجفان شجر الوعر قدَّام الريح. فقال الرب لإشعيا: «اخرج لملاقاة آحاز وقل له … لأن آرام تآمرت عليك بشرٍّ مع أفرايم قائلة: نصعد على يهوذا ونقوِّضها ونستفتحها ونُملك في وسطها ملكًا هو ابن طبئيل. هكذا يقول السيد الرب … إلخ» (٧: ١–٧). ونقرأ في سفر الملوك الثاني (١٦): «كان آحاز ابن عشرين سنة حين ملك، وملك ست عشرة سنة في أورشليم، ولم يعمل المستقيم في عيني الرب إلهه، بل سار في طريق ملوك إسرائيل، حتى إنه عبر ابنه في النار حسب أرجاس الأمم، وذبح وأوقد على المرتفعات وتحت كل شجرة خضراء. حينئذ صعد رصين ملك آرام وفَقِح بن رمليا ملك إسرائيل إلى أورشليم للمحاربة، فحاصروا آحاز ولم يقدروا أن يغلبوه … وأرسل آحاز رسلًا إلى تغلات فلاصر ملك آشور قائلًا: أنا عبدك وابنك، اصعد خلِّصني من يد ملك آرام ومِن يد ملك إسرائيل القائمين عليَّ. فأخذ آحاز الفضة والذهب الموجود في بيت الرب وفي خزائن بيت الملك، وأرسلها إلى ملك آشور هدية، فسمع له ملك آشور وصعaد إلى دمشق وأخذها وسباها إلى قير، وقتل رصين. وسار الملك آحاز إلى دمشق للقاء تغلت فلاصر ملك آشور» (١٦: ١–١٠).
بصرف النظر عن سذاجة هذه الفقرة من سفر الملوك الثاني، التي تجعل ملك آشور يقبل الرشوة من آحاز ملك يهوذا فيأتي لمساعدته، فإن سجلات تغلات فلاصر تعطينا فكرة تقريبية عن الأحداث التي أدت إلى نهاية دمشق وتحجيم السامرة استعدادًا لإنهائها بعد ذلك بفترة قصيرة. فبعد تمرد دمشق والسامرة وامتناعهما عن دفع الجزية، استعد تغلات فلاصر لشن حملات جديدة على سورية الجنوبية. ولربما ساعده على التبكير في هذه الحملة ما وصله من أخبار عن حصار أورشليم من قِبَل المملكتين المتمردتين، فخشي من انتشار التمرد إذا سقطت أورشليم؛ باعتبارها العميل الرئيسي لآشور في سورية الجنوبية.
إن خلاصة ما يمكن قوله بخصوص مملكة إسرائيل هو أنها نشأت كمملكة فلسطينية كنعانية في سياق عصر الحديد الثاني، وأن سكانها هم فلسطينيون محليون لا علاقة لهم بالأسباط المدعوة بأسباط بني إسرائيل. أما الأراضي التي شغلتها هذه المملكة فهي منطقة الهضاب المركزية تحديدًا، ولكنها توسعت على شكل مد استعماري نحو الشمال والشرق، كان يزداد أو يتقلص تبعًا لقوة ملوكها وعلاقاتهم مع الممالك المجاورة، وخصوصًا مملكة آرام دمشق التي تنازعت معها النفوذ على مناطق شرقي الأردن ووادي يزرعيل. عاشت هذه المملكة قرابة قرن ونصف القرن، ثم تحولت إلى مقاطعة آشورية، ثم إلى مقاطعة بابلية، ففارسية فهيلينستية، على ما سنراه في الفصول القادمة.
وبما أنني أشكِّك في رواية سفر الملوك الأول ٢٠ و٢٢ (بعد أن تبين لنا الجهل المطبق لمحرر السفر بالأحداث التي كانت تجري في تلك الفترة)، وأقبل بحذرٍ خبر سفر الملوك الأول ١٥: ٦–٢٠، عن وجود ملك دمشق اسمه ابن هدد بن طبريمون، معاصر للملك عُمري، فإني أقول بوجود ملكين حملا اسم ابن هدد، هما ابن هدد بن طبريمون، وابن هدد بن حزائيل، بينما لا يوجد في سلسلة ملوك دمشقَ واحدٌ اسمه ابن هدد معاصر للملك آخاب.