شبكتا الإنترنت العامة والخاصة
ينبغي للمعلومات أن تكون مجانية؛ كما ينبغي للمعلومات أن تكون بمقابل مكلِّف … وهذان الموقفان المتعارضان لن ينتهيا.
- (١)
«المواقع المجانية التي تسد الإعلانات نفقاتها»، والتي توجِّه انتباهَ المستخدم إلى المعلِنين الساعين إلى تسويق المنتجات لهذا الجمهور (وهذا نموذج اقتصادي تقليدي في البث الإذاعي والتليفزيوني).
- (٢)
«نموذج العضوية المتميزة»، حيث يدفع المستخدم مبلغًا شهريًّا أو سنويًّا مقابل الدخول على المواقع «المجانية» مع إلغاء الإعلانات.
- (٣)
«نموذج الدفع مقابل الاطلاع»، وفيه لا يدفع المستخدِمُ سوى مقابل ما ينفذ إليه.
ستزداد وتيرةُ فرْضِ رسومٍ في المستقبل مقابلَ النفاذ إلى المعلومات الفريدة من نوعها على الإنترنت التي تحمل أهميةً للقارئ. إلى جانب الموضوع الأساسي المتمثِّل في الدفع مقابل النفاذ إلى محتوى الوسائط على الإنترنت، ثمة مسألةٌ أخرى مهمة تتعلَّق بالكيان الذي يسيطر على النفاذ إلى الإنترنت، مع انتقال جميع أشكال الوسائط إليه. ربما ينبغي للمعلومات أن تكون مجانيةً، لكن الدول ومؤسسات الإعلام لها مصالح شتَّى في تقييد النفاذ إليها على أساس أجندات سياسية وطنية، وسعيًّا لتحقيق أرباح مؤسسية.
إدارة الإنترنت وحوكمته
إحدى أكثر قضايا الإنترنت إثارةً للنزاع على مدار العقود الثلاثة المنصرمة تتعلَّق بالسيطرة؛ أيْ مَنْ يتخذ القرارات بشأن القضايا الجوهرية مثل تخصيص أسماء النطاقات والسيطرة على الجذر؛ ونعني بهذا الخوادم الرئيسية الرفيعة المستوى الثلاثة عشر التي تحكم حركة مرور البيانات على الشبكة؟ ما الدور الذي ينبغي أن تؤديه الحكومات في تقرير محتوى الإنترنت الذي بوسع مواطنيها النفاذ إليه؟ هل ينبغي للدول تقييد النفاذ إلى المواقع التي تنشرها مجموعاتُ بثِّ الكراهية والمنظمات الإرهابية والجماعات الدينية مثل فالون جونج في الصين؟ ما الدور الذي ينبغي لشركات الاتصالات عن بُعْد تقلُّده بوصفها المتحكمة في إمكانية نفاذ عملائها إلى الإنترنت؟ لا تزال المعاركُ الدولية تدور حول السيطرة على الإنترنت حتى يومنا هذا مع احتدام الصراع بين حكومة الولايات المتحدة (التي لا تزال تُشرِف على الجذر)، والطلبات المتزايدة من الحكومات والمنظمات والأفراد خارج الولايات المتحدة بقدرٍ أكبر من السيطرة الدولية على الإنترنت. أما داخل الولايات المتحدة، فيدور حاليًّا نقاشٌ بالكونجرس حول قدرة مؤسسات الاتصالات عن بُعْد على التحكُّم في إمكانية النفاذ عريض النطاق لمستهلكيها إلى الشبكة؛ وهذا هو الخلاف حول حيادية محتوى الإنترنت. ومع انتقال السيطرة على الإنترنت من وزارة الدفاع الأمريكية إلى مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، ثم إلى وزارة التجارة الأمريكية (حيث السيطرة المطلقة على الجذر اليومَ)، ثمة ضغوطٌ متزايدة من أجل خصخصة عملياتها وكذلك تدويل حوكمتها. ودعمت الحكومةُ الأمريكية الاتجاهَ الأول، لا الثاني. ويتحرَّى الفصلُ هذا التطوُّرَ وما اتصل به من صراعاتٍ حول الحوكمة لا تزال مستمرةً حتى الوقت الراهن.
عادةً ما تتأرجح درجةُ تنظيمِ قطاعٍ من القطاعات على المستوى الفيدرالي في الولايات المتحدة كالبندول بين تخفيف التنظيم وتشديد التنظيم، بحسب الحزب السياسي المتولي المقاليد. عندما تولَّى الجمهوريون المحافظون مقاليدَ السلطة إبَّان إدارة الرئيس رونالد ريجان بين عامَيْ ١٩٨١ و١٩٨٩، كان هناك تركيز عظيم على رفع التنظيم؛ فإبَّان إدارته (وبعدها في ظلِّ إدارةِ خَلَفِه جورج بوش الأب من ١٩٨٩ إلى ١٩٩٣)، خُفِّض التنظيمُ الحكومي الفيدرالي لقطاعاتٍ كبرى مثل النقل والتمويل والاتصالات عن بُعْد. والتحوُّلُ التدريجي في إدارة شبكة الإنترنت المزدهرة من الحكومة الفيدرالية إلى القطاع الخاص بين عامَيْ ١٩٨٧ و١٩٩٥، يجب أن نتأمَّله داخل هذا السياق السياسي في ظل إدارة رئيسين جمهوريين محافظين.
خصخصة الإنترنت الأمريكي في تسعينيات القرن العشرين
الصراع الدولي حول حوكمة الإنترنت
وعلى الرغم من أن المسئول لم يصرِّح بأن الحكومة الأمريكية عارضت الخسارة الممكنة لسيطرتها على الجذر، كان ذلك أحد الأسباب الكُبرى وراء معارضتها. كان المزمع انتقال السيطرة لتكون في يد اتحاد دولي بقيادة مجتمع الإنترنت في ١ يناير من عام ١٩٩٨، لكن ذلك لم يتم. وفي وثيقة خضراء (وثيقة تُصْدِرها الحكومة تضمُّ مقترحاتٍ سياساتيةً تُطرَح للنقاش بالبرلمان لسنِّ قانون، وتختلف عن الوثيقة البيضاء التي تضم المقترحات النهائية المفضية إلى سنِّ مشروعِ القانون) صدرَتْ في ٢٨ يناير كإشعارٍ بسنِّ قانون مقترح لطلب تعليقات من الأطراف المعنية، اعترضَتِ الوكالة الوطنية للاتصالات عن بُعْد والمعلومات على الفقدان المحتمل للسيطرة على الجذر، واقترحت نقل إدارة أرقام الإنترنت المخصصة إلى منظمة خاصة. كان ذلك رفضًا مباشرًا لمذكرة تفاهُم النطاقات العامة الرفيعة المستوى، ونقل السيطرة المقترح إلى جمعية الإنترنت والمجلس الدولي لأمناء التسجيل. وهنَتْ عزيمةُ مؤيدي المذكرة في الولايات المتحدة، لا سيما جون بوستل، أحد مهندسي المشروع البارزين، بهذا الرفض لجهودهم لتدويل حوكمة الإنترنت.
التاريخ | الحدث | الفاعلون الرئيسيون |
---|---|---|
١٩٨٤ | طرح نظام أسماء النطاقات الرفيعة المستوى .edu .com .gov | جون بوستل، وجامعة جنوب كاليفورنيا، وشبكة أربانت، وشبكة إم آي إل نت، وشبكة سي إس نت، وبول موكابتريس، ومضيِّفات ومستخدمو شبكة يو إس إي نت. |
١٩٨٥ | وكالة اتصالات الدفاع تعهد بمسئولية إدارة جذر نظام أسماء النطاقات إلى معهد علوم المعلومات بجامعة جنوب كاليفورنيا، والمدير الدكتور جون بوستل. | معهد علوم المعلومات، ووكالة اتصالات الدفاع، وجامعة جنوب كاليفورنيا، وجون بوستل. |
١٩٨٦ | تشكيل فرقة العمل المعنية بهندسة الإنترنت. كان للفرقة تأثير نافذ على صياغة سياسة الإنترنت والتكنولوجيا عن طريق الإجماع والتآزُر. | تشكَّلَتِ الفرقة على يد مجلس أنشطة الإنترنت، الذي تشكَّل بدوره على يد مجلس الرقابة على تشكيل الإنترنت. |
١٩٨٧ | مجموعة المعلومات البحثية التعليمية في ميشيجان (ميريت) تفوز بعقدٍ للشراكة في إدارة شبكة إن إس إف نت. | مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، واتحاد ميريت. |
ديسمبر ١٩٨٨ | إنشاء هيئة أرقام الإنترنت المخصصة بجامعة جنوب كاليفورنيا. تعيين جون بوستل مديرًا لها. | معهد علوم المعلومات بجامعة جنوب كاليفورنيا، ومعهد ستانفورد للأبحاث. |
١٩٨٩ | مقدِّمو خدمة الإنترنت الأوروبيون يُنشِئون مجتمعَ شبكات مقدِّمِي الإنترنت الأوروبيين لتنسيق شبكتهم من مقدِّمِي الإنترنت. | مجتمع شبكات مقدِّمِي الإنترنت الأوروبيين. |
مايو ١٩٩٠ | فوز شركة نِتوورك سوليوشنز بالحق في تخصيص أسماء الإنترنت وأرقام بروتوكولات الإنترنت كمتعهِّد من الباطن لشركة جوفرنمنت سيستمز صاحبة العطاء الفائز. | شركة نِتوورك سوليوشنز، وشركة جوفرنمنت سيستمز، ومؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية. |
يوليو ١٩٩٠ | تشكيل مؤسسة الحدود الإلكترونية. | جون بيري بارلو، وجون جيلمور، وميتش كابور. |
يوليو ١٩٩١ | إنشاء نقطة التبادل التجاري على الإنترنت لإتاحة إمكانية استخدام الإنترنت للمستخدمين التجاريين. | شبكة بي إس آي نت، وسي إي آر إف نت، وألنترنت. |
٣٠ أبريل ١٩٩٥ | شركة ميريت نِتووركس تُوقِف العمودَ الفقري لشبكة إن إس إف نت؛ «ما أنهى عمليًّا ملكيةَ حكومة الولايات المتحدة للبنية التحتية للإنترنت.»* | ميريت نِتووركس، ومؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية. |
١٤ سبتمبر ١٩٩٥ | فرض ٥٠ دولارًا كرسمٍ سنويٍّ مقابلَ تسجيلِ أسماء النطاقات التي كانت مجانيةً فيما سبق. مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية تفوز بعقد لتسجيل الأسماء. | مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية. |
٨ فبراير ١٩٩٦ | إصدار قانون الاتصالات عن بُعْد، الذي تضمَّنَ في قسمه الخامس قانونَ آداب وسائل الاتصال. | الرئيس ويليام جيه كلينتون، والكونجرس الأمريكي. |
٩ فبراير ١٩٩٦ | نشر إعلان استقلال الفضاء السيبراني على الإنترنت. | جون بيري بارلو، ومؤسسة الحدود الإلكترونية. |
١ مايو ١٩٩٧ | توقيع مذكرة تفاهُم النطاقات العامة الرفيعة المستوى في جينيف بسويسرا، التي اقترحَتْ منظومةَ حوكمةٍ دولية لإدارة الإنترنت. | اللجنة الدولية المخصصة، وجمعية الإنترنت، والاتحاد الدولي للاتصالات عن بُعْد. |
٢ مايو ١٩٩٧ | صرَّحَ مسئولو الحكومة الأمريكية أنهم لن يدعموا مذكرةَ تفاهُمِ النطاقات العامة الرفيعة المستوى. | إيرا ماجازينر، وفرقة العمل الفيدرالية المشكَّلة من أجهزة حكومية. |
٢٦ يونيو ١٩٩٧ | قضَتِ المحكمةُ العليا الأمريكية بأغلبية ٧ قضاة مقابلَ اثنين في قضية رينو ضد الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية بأن قانون آداب وسائل الاتصال غير دستوري. | المحكمة العليا الأمريكية، ووزارة العدل، والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، ومؤسسة الحدود الإلكترونية. |
١ يناير ١٩٩٨ | التاريخ المرتب لنقل السيطرة على الإنترنت إلى جمعية الإنترنت والمجلس الدولي لأمناء التسجيل في جينيف. حكومة الولايات المتحدة تعترض على هذا النقل؛ ما ترتَّبَ عليه عدم حدوثه. | جمعية الإنترنت، والمجلس الدولي لأمناء التسجيل، وحكومة الولايات المتحدة، والاتحاد الدولي للاتصالات عن بُعْد. |
٢٨ يناير ١٩٩٨ | جون بوستل يعيد توجيه أقسام من ملف نطاقات الجذر من مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية إلى هيئة أرقام الإنترنت المخصصة بجامعة جنوب كاليفورنيا. | جون بوستل، ومسئولو الجذر عن ٨ مناطق بالولايات المتحدة. |
٣٠ يناير ١٩٩٨ | الوكالة الوطنية للاتصالات عن بُعد والمعلومات تُصْدِر إشعارًا بسنِّ قانون مقترح مشفوعًا بوثيقة خضراء للتوكيد على استمرار سيطرة الولايات المتحدة على الجذر. | الوكالة الوطنية للاتصالات عن بُعد والمعلومات التابعة لوزارة التجارة الأمريكية. |
٤ فبراير ١٩٩٨ | بوستل يعيد مقاليد السيطرة على دليل الجذر إلى مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، بعدَ تسويةِ الخلافات مع إيرا ماجازينر ومسئولي جامعة جنوب كاليفورنيا. | جون بوستل، وإيرا ماجازينر، وإدارة جامعة جنوب كاليفورنيا، ومؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية. |
يوليو ١٩٩٨ | مؤتمر لبحْثِ وثيقةٍ بيضاء يقترح تطبيق حوكمة دولية على الإنترنت من خلال إنشاء «مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة». | جمعية الإنترنت، وهيئة أرقام الإنترنت المخصصة، والحكومة الأمريكية، ونقطة التبادل التجاري على الإنترنت، وجمعية إيديوكوز، وآي بي إم، ومايكروويف كوميونيكيشنز، وسيسكو. |
١٩ سبتمبر ١٩٩٨ | إنشاء مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة والتزامها بعقدٍ مع وزارة التجارة الأمريكية. | مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة، ووزارة التجارة الأمريكية. |
١ يناير ١٩٩٩ | انتقال دور هيئة أرقام الإنترنت المخصصة كقيِّم على النطاقات العامة الرفيعة المستوى إلى مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة. | مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة، وهيئة أرقام الإنترنت المخصصة، ومعهد علوم المعلومات، وجامعة جنوب كاليفورنيا. |
يوم سيطر جون بوستل على النطاقات الرفيعة المستوى
بعد انتهاء إدارة مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية لشبكة إن إس إف نت في عام ١٩٨٧، واختيار اتحاد ميريت كمقدم للخدمة، كانت هيئة أرقام الإنترنت المخصصة لا تزال تتمتع بالسيطرة على الجذر وتخصيصات عناوين بروتوكولات الإنترنت. إلا أنه عندما فازت شركة جوفرنمنت سيستمز بعقد إدارة الشبكة في عام ١٩٩٠، أوكلت من الباطن حقوقَ أسماء النطاقات إلى شركة نِتوورك سوليوشنز. تهكَّمَ بوستل على ما اعتبره موقفًا استعلائيًّا منهم؛ إذ شكَّلوا كيانًا احتكاريًّا بموافَقة الحكومة. من المؤكد أنه استشاط غضبًا بوصفه في طليعة مؤيدي الحوكمة المشتركة حيالَ كونهم يجنون ملايين الدولارات من عمليات تسجيل النطاقات كلَّ عام مُحتكِرين إياها. حين كان يتقلد منصبَ مدير هيئة أرقام الإنترنت المخصصة، كان يتولَّى إدارةَ عملية شفافة جرى بمقتضاها تخصيص عناوين بروتوكولات الإنترنت، إلا أن ريع التسجيل كله آل إلى شركة نِتوورك سوليوشنز. أصبح بوستل (إلى جانب فينتون سيرف، زميله بالمدرسة الثانوية والجامعة) واحدًا من كبار مؤيدي جمعية الإنترنت وشاركها في صياغة مذكرة تفاهم النطاقات العامة الرفيعة المستوى في عام ١٩٩٧، بمشاركة ٥٧ شركة وجهازًا حكوميًّا دوليًّا.
مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة كمسارٍ وسيط
بعد محاولة بوستل وشركائه المُحبَطة للسيطرة على خوادم الإنترنت الجذرية الثانوية في بداية عام ١٩٩٨، اقترحَتْ إدارةُ كلينتون (بقيادة إيرا ماجازينر، خبير سياسات الاتصالات عن بُعْد) إنشاءَ منظمةٍ دولية لإدارة منح أسماء النطاقات. طُرِحت هذه الفكرة بمؤتمرٍ لنقاشِ وثيقةٍ بيضاء أُقِيم في ضاحية رِستون بواشنطن، فيرجينيا في يوليو من عام ١٩٩٨. ومع أن الإدارة اقترحَتْ إنشاءَ «مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة»، وأن يرأسها مجلسَ مديرِين مُشكَّلًا دوليًّا، لم ترغب الولايات المتحدة في التخلِّي عن قبضتها على الجذر إلى المؤسسة.
الإنترنت كوسيلة لنشر الديمقراطية
طرح حجب مصر للإنترنت سؤالًا على كثيرٍ من المدونات بالولايات المتحدة: «هل تملك حكومة الولايات المتحدة زرَّ إيقافٍ عمومي؟» لكن الخبراء طمأنوهم أن شبكة الإنترنت في الولايات المتحدة بدرجةٍ من التشعُّب لا تسمح لمستبدٍّ أو نظام قمعي بحجبها بسهولة. فلا توجد نقطة مرور مركزية لمنع المعلومات المتدفقة إلى الولايات المتحدة أو منها، وهي تتحرك عبر مئات الكابلات البحرية. إلا أن الكيان المتحكم في جذر الإنترنت، كما بيَّن جون بوستل في ٢٨ يناير من عام ١٩٩٨، له سلطة السماح بالنفاذ إلى الشبكة أو حجبه؛ وربما يكون هذا هو السبب وراء اعتراض الحكومة الأمريكية على التنازل عن السيطرة على الجذر ومؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المُخصصة.
الرسوخ الاجتماعي للإنترنت
يعرِّف البعض الإنترنت على أنه شبكة عالمية غير مرئية في معظمها من خطوط الألياف البصرية وأجهزة الراوتر الرقمية وملايين أجهزة الكمبيوتر المتصلة. في حين أن وجهة النظر هذه صحيحة على المستوى الوقائعي؛ فإن النظر إلى المسألة من هذا المنطلق الحرفي فيه مغالاةٌ في التبسيط بشكل واضح؛ فكما يبيِّن هذا الفصل، أصبح الإنترنت ساحةَ معركةٍ على مَن يتولَّى السيطرة على هيكله وتشغيله وحوكمته. وقد أكَّدت الحكومة الأمريكية على أنه ما دامَتْ هي مَن موَّلت إنشاء الإنترنت ومراحل تطوير الشبكة الأولى؛ فإنه ينبغي أن تكون لها الأولوية في اتخاذ القرارات الأساسية بشأن حوكمتها. وتُلقِي المعارك حول حوكمة الإنترنت بالضوء على الرسوخ الاجتماعي للإنترنت كشبكةِ اتصالٍ عالمية جامعة تتخطى الثقافات والحدود الوطنية، كما تُظهِر الجهودَ ذات الصلة التي تبذلها بعضُ الحكومات لفرض حدودٍ وطنية على التدفُّق الحر للمعلومات. ينبغي للمعلومات أن تكون حرةً، وهذه الفلسفة تقضُّ مضاجعَ بعض الأنظمة الاستبدادية.