لبننة العالم؟
والواقع أن الأغلبية لا تجرؤ على التصريح علنًا بضرورة سلوك هذا السبيل، ولكنه بات الآن النزعة الخفية في مجتمعاتنا. فالكل متفق في أوروبا على ضرورة تحجيم هجرة الجنوب، بل وقف الهجرة الوافدة من هناك إن أمكن. ومع أننا لا أننا لا نعتبر ذلك موقفًا مبدئيًّا حتى الآن، إلا أننا أقل انغلاقًا إزاء هجرة جيراننا الوافدين من شرق أوروبا الأوروبيين والمسيحيين، بالمقارنة مع جيران «الجنوب» من عرب وأتراك وأفارقة وأغلبهم من المسلمين. وتستفيد السياسة من دروس علم الاجتماع، فأصبحت تقبل فكرة «حدود الاحتمال» أي النسبة المئوية القصوى من المهاجرين في مجتمعٍ ما. وسيتم غدًا القبول بمبدأ الموازنة بين مهاجري الشمال والجنوب. وهناك احتمال كبير، بألا تتم تلك الموازنة حسب معايير الكفاءة ومستوى التأهيل، بل على أساس الأصل العرقي والقومية، وبشكل ضمني على أساس العقيدة الدينية. فهل يعني استشهاد المجتمع المسلم في البوسنة والهرسك أنه لم يَعُد للمسلمين مكان في أوروبا؟ وهل سيكون التمسك بالهوية الطائفية بنفس دموية المصادمات بين الأمم في الماضي؟ إن الهجرة إلى الغرب الثري وتفجر الدول المتعددة القوميات في الشرق يثيران قضية تعريف الطائفة. ونحن لا نعرف إلى أي مدى سيصل العنف والتشتت في يوغسلافيا والاتحاد السوفييتي سابقًا، لكي تفرض نفسها من جديد ضروب تضامن جديدة. ولبنان ليس البلد البعيد في خريطة الشرق الأوسط، بل إنه أصبح قابعًا في دخيلة كل منا الآن.
وعليه ربما كان «قِدم» الشرق الأوسط المفترض أقرب إلى حداثتنا مما نود أن نعترف به. إنه يبين المخاطر التي تحفُّ بالعصر المتجرد والمتحرر من الحيز الذي نحن مقبلون عليه. فالسلطة لا تتحرر من الحيز بلا مغبة، والتفاهم بين الطائفة والأمة الذي كان دائمًا هشًّا قد تحطم. وحينما لا تكون هناك أمة، توجد الطائفة، وحينما لا تكون هناك حدود مرسومة، يجري البحث عن الأصول. وإذا لم تُعرِّف نفسك بالمكان الذي تعيش فيه فقل لي من أين أتيت؟
والحيز ليس نادرًا في الشرق الأوسط، بل المياه، وإعادة التجمع القومي لا معنى لها، فهي تتم عن طريق علاقات الانتساب الممتدة (العصبية، كما جاء في النص الفرنسي) أي العلاقات القبلية المرتبطة لا بأرض معينة، ولكن بزعماء يتحملون مهمة الحماية ويعبرون في الكثير من الأحوال عن التضامن الشخصي الممتزج بمفاهيم دينية. فالعربية السعودية ليست قومية. أما العراق الذي تبنَّى النموذج الشمولي فهو أقرب لأن يكون قومية؛ إذ إن بغداد نجحت في خلق بنيات دولة بالحرب والإرهاب البوليسي. ولكن ما قيمة التضامن المفروض. فالحرب الأهلية التي مزَّقت العراق تبين بوضوح أن مثل هذا البناء «القومي» قد لا يظل حيًّا بعد زوال الكيان الشمولي الذي أقامه.
ولكن بمجرد إفلاس النموذج الاقتصادي لأنصار حزب العمل الأولين ومثلهم الأعلى المتجسد في الكيبوتز، أصبح الخطر ماثلًا في ألا تعتمد الهوية اليهودية على مثل أعلى مشترك يطبق في أرض محددة، بل على علاقات الانتساب.
لقد ظل هذا المنطق الطائفي حيًّا طوال عدة قرون؛ لأنه لم يكن في تنافس مع المنطق القومي. فالأمر لم يكن مقتصرًا آنذاك على تعايش الطوائف كل منها مع الآخر، بل إنها كانت متداخلة بطرق عديدة. فقد كان اضطهاد اليهود أقل طوال مدد طويلة في العالم الإسلامي بالمقارنة مع العالم المسيحي. وكانت لكل طائفة قوانينها وممثليها ورئيسها، كما كانت تظل «محمية» ومتمتعة بقدر كبير من الاستقلال الذاتي طالما دانت بالولاء للسلطة الحاكمة. وكانت تشتري طمأنينتها بجزية تؤدَى بانتظام للسلطة؛ فكانت تلك العلاقة المحدودة تحل قضية السلطة.
وبقدرٍ ما كانت تطلعات الطرفين محدودة؛ كان ذلك التوازن أكثر استقرارًا. وكان ذلك العهد بعيدًا إلى حد كبير عن عصر الأمم الذي يقضي بأن «الجهل بالقانون لا ينهض عذرًا لأحد»، وحيث يشكل المواطنون والأمم كلًّا متجانسًا لا يقبل التجزئة؛ فلم يكن هناك إذَن شيء محسوم يفصل بين الطوائف بالرغم من الأسس الدينية لتلك الفواصل. وقد حدث أكثر من مرة، بالأخص في لبنان — حيث تختلط الطوائف فيما بينها أكثر مما يجري في أي مكان آخر — أن غيرت قبيلة بأسرها انتماءها اقتفاءً لأثر رئيسها؛ وذلك لاعتبارات سياسية. والواقع أن العلاقات بين الحضارات الكبرى المؤمنة بالوحدة الإلهية التي تتقاسم معًا الشرق الأوسط ظلت براجماتية في علاقاتها بالسلطة. وعندما كانت التسوية تبدو مستحيلة، كانت البداوة تقدم مخرجًا؛ إذ تتحرر القبيلة مؤقتًا من الوشائج التي تربطها بأرض معينة وترحل ساعية إلى التوازن الذي لم تَعُد تجده هنا.
وراح كل شيء يتعقد عندما اجتاحت الشرق بعضُ الأفكار البسيطة الواردة من أوروبا. فقد سعت السلطة إلى تأسيس شرعيتها على فكرة القومية مدفوعة في ذلك بتطلعها الجديد إلى محاولة رسم حدودها الإقليمية. وأرادت الدول الأوروبية الكبرى التي كانت تباشر وصايتها على الترِكة العثمانية، أن ترسم بدقة لم تكن لها سوابق الحدود، تلك «الخطوط الوهمية في صحراء لا حدود لها تتنقل في أرجائها القبائل باستمرار» كما عرَّفها ابن سعود، عاهل المملكة العربية. وسرعان ما انتشرت تلك الخطوط المنقطة على الخرائط واقتحم بذلك منطق أوروبا التجريدي جزءًا في عالم كانت العلاقات فيه بين الحكام والمحكومين قد احتفظت حتى ذلك الوقت بحيوية مصبوغة بمساومات الأسواق التجارية. فهذه العلاقات المعبرة عن حقيقة الأوضاع والتي لا تخلو من المكر لم تكن أبدًا ذات طابع نزاعي كامل، بين أناس يعرفون أنهم سيلتقون من جديد في هذا العالم المحاصر بصحارى ضارية.
وكانت الحدود الوحيدة متمثلة في تلك التي تفصل الإمبراطورية العثمانية عن تخومها الأوروبية، وتقتصر إلى حد كبير على خطوط دفاع مكونة من قلاع تقع على مسافات متباعدة دونما أي تحديد دقيق. وفي داخل الإمبراطورية نفسها لم تحدِّد الإدارات المحلية أي كيانات سياسية حقيقية بالمعنى الأوروبي. ولذا ما كان أحد يفكر في أن يجري حسابات لتوزيع الأراضي بين مختلف الطوائف. وكان لا يهم أن يكون السنيون أغلبية هنا والموارنة أغلبية هناك واليونانيون أغلبية في موقع ثالث. ولم تكن السلطة نابعة من الشعب كما لم تكن الشرعية قائمة على العدد، ولا تزال أغلبية دول المنطقة دكتاتوريات لا تمت بصلة إلى فكرة الديموقراطية على الطريقة الأوروبية. غير أن مبدأ السيادة الوطنية قد ترسَّخ ويتم العمل في كل مكان بمنطقه القوي. وفي البلدَين الأشد تأثرًا بالأفكار الأوروبية، وهما لبنان وإسرائيل، كانت عواقب ذلك متعارضة وإن صدرتا عن نفس الدينامية.
ونظرًا لأن لبنان لم يتوصل إلى الاندماج في مجتمع متجانس فقد اتجه شيئًا فشيئًا نحو الانتحار الجماعي؛ فالتوافق بين منطق التقسيم الطائفي للسلطة ومنطق سيادة الشعب لم يتمكن من الصمود أمام تطور علاقات القوى بين مختلف الطوائف؛ فتفجرت أركان البلاد وراحت كل مكوناته تلجأ إلى حلفاء من الخارج. وتسلحت الطوائف محاكية في ذلك الفلسطينيين الذين حصلوا من الحكومة اللبنانية في عام ١٩٦٩م على حق تشكيل ميليشيات مسلحة. وبغية تمويل صفقات شراء الأسلحة شكلت الطوائف تنظيمات مالية خاصة تغذيها كافة أنواع التجارة غير المشروعة التي تطورت بسهولة مع فقدان الدولة شيئًا فشيئًا قدرتها على التحكم في الأوضاع. وتحولت الطوائف إلى قلاع وسجون في آنٍ واحد. أما الخطوط المنقطة التي كان من المطلوب رسمها بين الدول فقد ظهرت داخل الدولة نفسها؛ فعزلت القرى بل وقسمت أحياء المدينة الواحدة. وفي المناطق التي كان التداخل فيها شديدًا ويحول دون التوصل إلى فصل واضح كان لا بد من اللجوء إلى الإرهاب لتحقيقه. ففي حرب الشوف أُبيد السنيون المعزولون في الجبل المسيحي وتعرض المسيحيون المعزولون في المناطق المسلمة لنفس المصير. وهكذا أصبحت خريطة التقسيم الطائفي مبسطة بالتدريج. ولم تنتهِ بعدُ هذه العملية. فعلاقات الدولة اللبنانية مع سوريا لا تزال غير محسومة وإن كان ليس من المؤكد أن تتمكن سوريا من السيطرة على لبنان دون أن تجازف هي أيضًا بتوازنها الطائفي القائم على تفوق مركز العلويين. وهكذا ستترتب على الآلة الجهنمية اللبنانية عواقب تتجاوز حدود لبنان إلى حد كبير من خلال سوريا من جانب ودور المسيحيين في الشرق من جانب آخر. وتُقدم مذابح لبنان صورة مأساوية للتقوقع الطائفي الذي تحمله في طياتها أزمة فكرة الأمة في أوروبا.
لقد توحدت صفوف الفلسطينيين في هوية سلبية في مرحلة أولى إزاء استحالة التوصل إلى توافق إقليمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي مرحلة ثانية، أدى لجوء إسرائيل إلى انتزاع الفلسطيني المولود من فلسطيني غير يهودي من أرضه، إلى بحثه عن معايير أخرى غير المعيار الإقليمي، وهنا تبدو الهوية الدينية الإسلامية أسهل رد متوفر؛ فلا غرابة إذَن في تزايد نفوذ حماس التي يساندها الإخوان المسلمون. وفي مرحلة ثالثة أثِيرت قضية المسيحي الفلسطيني. وهكذا يحمل المنطق الطائفي في طياته تفجُّر الهُوية الفلسطينية. وعندئذٍ، ستطرح على غرار ما يجري في لبنان، قضية مسيحيي الشرق بطريقة مأساوية لو راح الفلسطينيون المسيحيون والمسلمون يتقاتلون هم أيضًا بدورهم.
وقد تحرز إسرائيل مكسبًا أمنيًّا مؤقتًا في مثل هذا الحال. فتقسيم صفوف العدو هدف تقليدي في الاستراتيجية. غير أن إسرائيل ستتجه بذلك نحو التقوقع في مثلٍ أعلى طائفي يخيب التطلعات القومية لمؤسسيها. ولو حدث ذلك لما بدت أزمة الديموقراطية في إسرائيل حالة خاصة، بل نذيرًا بأزمة أعم للنظم الديموقراطية العاجزة عن مقاومة المنطق الطائفي. فهل نحن بصدد افتراض في أقصى مدًى له يسري فقط على حوافِّ أوروبا، أي البلقان التي غدت فريسة للعنة العنف؟
ربما حدث ذلك لو أننا حصرنا التحليل في حدود العوامل التاريخية. ففي البلقان وكذلك في جزء كبير في العالم الشيوعي السابق، توجد «طوائف» يمكن أن تتبلور بسرعة، خاصة وأن الدول القومية التي تعيش فيها تلك الطوائف يتعين عليها أن تقيم شرعيتها الجديدة في نفس الوقت الذي تعاني فيه فكرة الدولة القومية من أزمتها. غير أن المنطق الطائفي الذي راح يمزق أوصال أوروبا الوسطى والشرقية ليس فقط مجرد انطلاق الشياطين التاريخية من القمقم الذي حبستهم فيه الشمولية الشيوعية لفترة من الزمن. ولن يتوقف بالضرورة هذا المنطق عند أطرافنا؛ إذ يمكن أن ينتشر في الديموقراطيات الأكثر تقدمًا لأنه يتفق مع التطور التكنولوجي في الاقتصاديات الحديثة للغاية.
ما هي المراحل التي يمكن أن يمر بها ذلك التطور؟ تتوفر أصلًا الأسس الذهنية لذلك الموقف. إنهم سيردون على الأزمة الأمريكية بالنجاح الياباني، وعلى فشل الاختلاط بانتصار التجانس. ولن يعدموا حججًا لمساندة وجهة النظر هذه.
فتطور الاقتصاديات يتطلب في الواقع «اندماجًا» بشريًّا يتزايد باستمرار، ويستبعد كل ما لا يتفق مع «المعايير»، والتوسع في القواعد المنظمة لعلاقات العمل باعتباره أمرًا لا غنى عنه في التنظيمات المعقدة التي تقوم المعلوماتية فيها بدور هام، يستبعد القادمين الجدد من زاويتَين؛ إذ يتعين على هؤلاء الانصياع من جهة لقواعد انضباط غير مألوفة لديهم، كما أن التوسع، من جهة أخرى، في تحديد قواعد البنية الرسمية يجعل بنية السلطة اللاشكلية غير شفافة بشكل متزايد، بينما تتم التطورات من خلالها، مما يوليها دورًا استراتيجيًّا. وتتزايد دقة قواعد اللعبة الاجتماعية ومن المهم أن يحتفظ الفرد بمكانه، كما أن الارتجال يكون محفوفًا دائمًا بالمخاطر. ويخطئ من يعتقد أنه سيعثر على مفتاح كافة الإجراءات في طيات الكتب. فالمبادرة تتحقق عن طريق التشرب البسيط الذي لا يفترض فقط التمكن من اللغة بل وأيضًا استيعاب مجموعة من «المصطلحات الاجتماعية» التي تحدد الهوية. ومع أن العديد من القواعد بات معروفًا ضمنيًّا إلا أنه لا توجد لدى القبلية الحديثة طقوس تُتَّبع عند الاعتراف بالدخول في زمرتها.
وتترتب نتائج مماثلة على التطور التكنولوجي. فالتسلسل القديم في المراتب في مختلف المهن بتدرجاته المتعددة التي تخلق التواصل من العامل حتى المهندس تصبح أبسط عن طريق إلغاء المراتب الوسطية. فهناك من جهة أولئك الذين يخترعون المعرفة ويحددون الإجراءات، ومن جهة أخرى المنفذون الذين باتوا يراقبون، في عدد متزايد من الحالات، التنفيذ الذي تتولى مهمته الآلات. ويهدد هذا التقسيم إلى كتلتَين اجتماعيتَين وضع الطبقات المتوسطة التي ظلت عماد الجمهورية المعتدلة خلال العقود الأخيرة دون أن يعيدنا ذلك التقسيم إلى القرن التاسع عشر وصراع الطبقات؛ فالأفراد في المنشآت المعاصرة مشتتون للغاية حتى إن روابط التضامن بينهم تتلاشى كما أن جذورهم المنتزعة لا تتيح لهم إمكانية التوصل إلى مفهوم الطبقة الاجتماعية للوفاء بحاجتهم إلى الانتماء. فهم مندمجون في المنشأة التي يعرفون نظامها جيدًا، ولكن النيل منهم سهل، كما أنهم في عزلة ومبعدون عن المنتج الملموس ويتعين عليهم أن يكونوا «مطابقين» للمطلوب منهم دون أن يوفر لهم ذلك هوية محددة.
وما القول بخصوص كل أولئك الذين يتزايد عددهم باستمرار ولا يندرجون في الإطار المتزايد الإحكام الذي يفرضه المجتمع المنضبط، أي أولئك «الخارجون على الإطار المرسوم»: الزنوج الأمريكيون والمغتربون المغاربة الملفوظون والذين يتم التخلص منهم مثل المنتجات المعيبة التي تُستبعد عن طريق «الفحص الفني» الدقيق على غرار ما يجري في المصانع القديمة. فهذا الفحص لا يتم إلا في نهاية خط الإنتاج، أي بعد التخرج من المدرسة وفوات الأوان. ولا يضخم هؤلاء صفوف الطبقة المتوسطة بل يهددونها، خاصة وأنها باتت غير متأكدة من هويتها. وربما كان ذلك المقابل الذي لا يمكن تفاديه في عالم أصبح التجانس فيه مفتاح الفعالية. ولذا فهم يحاصرون بأشباحهم المثيرة للقلق هؤلاء البيض الضعفاء والقليلي الشأن الذين يتعثرون في ذلك السباق اللاهث من أجل التطابق ويلوذون بالفرار من الظلمات التي لا تلبث أن تدركهم.
وعندئذٍ يكون الدفء اللطيف وسط المجتمع، ببساطته الأحادية البعد إغراءً طبيعيًّا تمامًا. فالذين يرون أن الفكرة القومية تصبح تجريدية أكثر فأكثر، والذين لا يشاركون في الاندماج داخل المنشأة والذين تعزلهم المنشأة بدلًا من أن تجمعهم معًا، قد يبدو لهم أن الطائفة هي الإطار الطبيعي الذي يتعرَّف فيه كل فرد على هويته. فالإنسان الحديث الذي لا يرتبط بأرض والهائم على وجهه رغم أنه «سجين» في وظيفته دون أن تكون لديه وجهة نظر تكسب عمله معنى عبارة عن «عُقلة اجتماعية» تتكاثر إلى ما لا نهاية وإن ظلت معزولة. وهذا الإنسان محكوم عليه بالبحث عن أصوله عن طريق التمايز الذي يحتاج إليه لكي يشاركه الآخرون المتباينون مثله، في الإحساس بانتماء مشترك يجمع بينهم.
وأين هذا من قول جولدا مائير لا يوجد شيء اسمه الفلسطينيين؟ أو قول بن جوريون بعد حرب ٥٦ لقد حررنا سيناء؟ والقول الذي تبنته الصهيونية أرض إسرائيل من الفرات إلى النيل، وعشرات الأقوال التي تساندها الأفعال!