الضاحك الباكي
ولمَّا الْتَقَيْنَا والعواذلُ والنَّوَى
تَبَاعَدْنَ عَنَّا كنت أبكي وتَضْحَكُ
فلم أَرَ رَوْضًا ضاحكا مِثْلَ وَجْهِهَا
ولم تَرَ مِثْلِي مَيِّتًا يتحركُ
بِنَفْسِيَ من مَلَكَتْ زِمامَ صبابتي
ولاح لها في رفعة النجم مسلك
كَعَابٌ لها في دَوْلَةِ الْحُسْنِ نظرةٌ
بمجهة أبطال الضياغم تَفْتكُ
قوامٌ حَوَى كلَّ الجمالِ وطلعةٌ
إذا ما تَبَدَّتْ حُسْنُهَا يَتَمَلَّكُ
أسائلها: هلْ تضحكين وَمَدْمَعِي
يسيلُ دَمًا من لَوْعَةِ الْوَجْدِ يُسْفَكُ؟
فقالت وقد مالت بها نَشْوَةُ الصِّبَى
: خشيتُ إذا جادت عيوني تهلكُ
فأحببت أن يُهْدِي ابتسامي تحيةً
ليهدأَ قلبٌ عاشِقٌ مُتَوَعِّكُ
وفضلتُ أن ألقاكِ بالطَّلْعَةِ التي
بها كلُّ قلبٍ مُغْرَمٍ يتبارك
فقلتُ: تعالَيْ نَسْتَرِقْ خُلْوَةَ الهوَى
على غفلةٍ من عاذلٍ يتَشَكَّكُ
وقُمْنَا وقامَ الطُّهْرُ يَحْرُسُ ذَيْلَنَا
من الرِّجْسِ حاشانا نميل ونُشْرِكُ
هي العِفَّةُ العصماءُ بيني وبينها
وما عاشقٌ مَنْ ليس للنَّفْسِ يَمْلِكُ