الفصل الأول
المنظر الأول
[غرفة بكوخ المطحنة بإحدى قرى برنستابل على نهر التو]
(مائدة حولها ثلاثة مقاعد. ليرا جالسة وفى يدها كتاب. تضعه)
ليرا
:
ما أهنأ هذه الحياة. وما أسعدنى بين هذين الشيخين الجليلين:
والد كرس حياته لتهذيب ابنته التى انقطع من أجلها عن العالم، وخادم أمين ما
ترك لحظة من ثمين وقته إلا نفحها فيها بغوالى نصائحه. فليباركمهما الله كما
سهرا على نعيمى. (تقف) أماه! أماه! أين أنت الآن؟ كيف تتركيننى فى الربيع
الأول من زهرة شبابى؟ يا ترى أين أجدك يا من أسأل الله لك الرحمة؟ أمي! أو
ما علمت أن ابنتك تحن إليك كما لو كانت بين ذراعيك. إلهي؟ أين
أجدها؟
آدون تشستر
(يدخل)
:
تجدينها فى شخصي يا عزيزتي. أنا أمك وأبوك، يا زهرة الربيع.
فهل تشكين ألمًا؟
ليرا
(تطوق أباها بذراعيها)
:
كلا يا أبتي. إنما أراني أحن كثيرًا إليها. وما خلوت بنفسي
لحظة إلا رأيت خيالها الطاهر يبسم لى عن ثغر لعبت به يد البلى. وكثيرًا ما
شعرت بيمينها تمسح على شعري، كأنها تسألني الصبر على فراقها. فأشعر إذ ذاك
براحة. وما هي إلا هنيهة حتى أفيق من خيالي، فأندب سوء حظي.
تشستر
(يسقط على الكرسى)
:
يا لها من ذكرى مؤلمة. ليرا! (يمسح شعرها) تناسي تلك
الشواغل. واطردي تلك الخيالات.
جرفث
(يدخل)
:
ها قد أحضرت الحطب يا مولاي. فهل من حاجة قبل أن أبدأ فى
تجهيز الطعام.
تشستر
:
نعم. (ينظر إلى ليرا)
نسيت نظارتي بجانب الكتاب الذي كنت أطالع فيه على المائدة. فهل لك أن
تحضريها يا ليرا (ليرا تخرج).
جرفث! ما أصعب الدين. الدين هم بالليل ومذلة بالنهار.
جرفث! ما أصعب الدين. الدين هم بالليل ومذلة بالنهار.
جرفث
:
هون عليك سيدى. فربما ارتفعت الأسهم التي لك فى الشركة،
فتنتظم لنا أسباب الحياة.
تشستر
:
هذا كل ما بقى لى من أمل. جرفث! إننى أريد الجريدة. فاذهب
إلى پترال وسل جرپلى أن تعطيكها، وبلغها تحيتى. (لنفسه) عسى أن يكون فيها تفريج كربتي.
جرفث
:
سأذهب حالا.
ليرا
(تدخل)
:
ها هي النظارة يا أبت.
تشستر
:
شكرًا لك يا ابنتي (يقبلها ثم
يقف) هيا بنا إلى الحديقة يا عزيزتي. (إلى جرفث) إنى منتظر.
ليرا
(تبقى ويخرج تشستر)
:
إلى أين يا جرفث؟
جرفث
:
إلى پترال.
ليرا
:
ولماذا؟
جرفث
:
لأحضر شيئًا لأبيك، يا عزيزتي.
ليرا
:
دعني أذهب بدلك، فأنت تعب كما يلوح لى..
جرفث
:
لا يا مس ليرا. فأنا لا أزال أشعر بقوة شبابي تتضاعف. ذلك
لأني أوقفتها على رعايتك.
ليرا
:
أنت تثق بحبي إياك. ولو كان فى وسعى أن أقوم بكل شئون
المنزل ما توقفت عن ذلك لحظة.
جرفث
:
شكرًا لعواطفك.
ليرا
:
وتعلم أيضًا أن سعادتي فى ركوبى القارب. فلماذا تمنعنى عن
الذهاب إلى پترال حيث أعبر النهر، فأتسلى.
جرفث
:
ولكن …
ليرا
(تطوقه بذراعيها)
:
لا تعاند من أحبتك.
جرفث
:
بارك الله فيك يا عزيزتى. سأذهب حالا لأعد لك القارب.
(يخرج).
تشستر
(يدخل وفى يده كتاب)
:
هل ذهب جرفث يا عزيزتي؟
ليرا
:
نعم. ذهب ليعد لي القارب يا أبتاه.
تشستر
:
لك أنت، ولماذا؟
ليرا
:
لأنى سأذهب بنفسي لإحضار حاجتك من پترال.
تشستر
:
وهل تعلمينها؟
ليرا
:
لا. وهل عندي علم الغيب؟
تشستر
(بوداعة)
:
وكيف تحضرين ما لا تعرفين؟
ليرا
:
سأسأل جرفث متى ركبت القارب.
تشستر
:
ولم اخترت الذهاب بنفسك ومنعت جرفث؟
ليرا
:
لأنه تعب جدًا يا أبى. وأحب أن أساعده ليستريح
قليلا.
تشستر
:
وهل يسعدك أن تخدميني يا ليرا؟
ليرا
:
هذا كل مناي يا أبي. هل تثق بخدمتي بعد ذلك؟
تشستر
:
حسنًا يا ليرا. إني أريد الجريدة، فقد كانت مسز جرپلى
تعيرني إياها كلما أردت.
ليرا
(تبتسم)
:
نعم. (تشستر يجلس
ويقرأ).
أتسمح لي أن ارتدي معطفي وقبعتي؟
أتسمح لي أن ارتدي معطفي وقبعتي؟
تشستر
:
لك ما أردت (تخرج). ما
أشد حبي إياها إنها لا تعرف شيئًا عن الدَّين. حسنًا فلتذهب.
ليرا
(تدخل بالقبعة والمعطف على يدها)
:
ها أنا ذي.
تشستر
:
إليَّ كي أقبلك (يقبلها. تخرج.
لنفسه) إن ذكرى الماضى تؤلم الشيخ. ثروة زالت، وزوجة طاهرة
ماتت. يالهول كل ذلك! أو لم تكفني تلك المصائب، حتى أرزح تحت عبء لم أتعوده
من قبل! الدين! الدين! ما أصعب احتمال هذه الكلمة! بل ما أشد وقعها على
سمعي! رحماك يا إلهي! (يدخل جرفث) هل
ذهبت ليرا؟
جرفث
:
نعم.
تشستر
:
وهل علمت شيئًا عن سبب إحضاري الجريدة؟
جرفث
:
كلا. إنها لا تعلم عن العالم سوى شيئين.
تشستر
:
وما هما؟
جرفث
:
أولهما أنك أبوها. وثانيهما أنني خادمها الأمين.
تشستر
:
ما أسعدها، وما أشقاني!
جرفث
:
هون عليك يا سيدي.
تشستر
:
لتكن مشيئة الله إمض، أنت إلى عملك. وسأحضر إلى غرفة
المائدة بعد أن تعود ليرا.
(يخرج جرفث. تشستر يعود إلى القراءة. بعد قليل ينظر فى ساعته).
تشستر
:
عجبًا لقد انقضت ساعتان ولم تحضر ليرا. كيف تأخرت إلى هذا
الحد والمسافه لا تحتاج إلى أكثر من نصف ساعة. (يقف ويسير نحو الباب) جرفث! جرفث!
جرفث
(يدخل)
:
بماذا يأمر مولاي؟
تشستر
:
لقد تأخرت ليرا. أليس كذلك؟
جرفث
:
لعل مسز جرپلى …
تشستر
:
دعتها لتناول الغداء؟
جرفث
:
ولم لا؟
تشستر
:
ليس ذلك من عادتها. وقلبي يحدثني بأن هناك سببًا
آخر.
جرفث
:
لا أظن. فأنا أعرف قلب الطائر الذي أربيه.
تشستر
:
لقد داخلني الشك فى تأخرها. إذهب أنت إلى عملك. وسأستريح
قليلا في مخدعي حتى تحضر. (يخرج).
لورد أمتاريدج
(يدخل مبلل الثياب وليرا معه تمسح الماء عنه بمنديلها،
وفى يسراها الجريدة)
:
أظنني لم أفهم قوانين هذه اللعبة الغريبة.
ليرا
:
أية لعبة تعني؟
داين
:
لا أعني شيئًا وأسأل الله أن تكوني سالمة من كل أذى.
ليرا
:
نعم. إِنى سالمة. ولكن ما الذي حملك أنت على الاستحمام
بملابسك؟
داين
:
استحمام! (بدهشة) إِنك
سليمة النية يا حسناء.
ليرا
(بوداعة)
:
لست أفهم معنى ما تقصد.
داين
(يعصر كُمَّ قميصه)
:
إِنك تعرفين ما يجول بخاطري، يا سيدتي. لقد ظهر لي أنك لم
تكوني فى خطر، ولكنك كنت تستغيثين.
ليرا
:
أنا؟ أواثق أنت مما تقول؟ إني كنت أغرد لأداعب طيور الماء …
أهذه في عرفك إستغاثة؟
داين
:
تغردين، (بعجب) ما أشد
وهمي!. لقد حسبتك تغرقين … لذلك بادرت إلى إنقاذك بأن قذفت بنفسي في الماء
قبل أن أفكر في خلع ملابسي.
ليرا
:
لقد أخطأ ظنك يا سيدي.
داين
:
مصادفة عجيبة.
ليرا
(مبتسمة)
:
أما أنا فكنت أظنك تغرق … ولذا أسرعت لنجدتك بقاربي. وكنت
أنت تحسبني أغرق فقذفت بنفسك لإنقاذي. فكلانا فعل الواجب عليه.
داين
:
لقد أصبحت مدينًا لك بحياتي يا سيدتي.
ليرا
(بنظرة شفقة وحنو)
:
إنه ليسعدني أن أراك دائمًا. إن بيتنا هو هذا الكوخ الصغير.
أما أنا فأعيش بين شيخين: والد كريم، وخادم أمين..
تشستر
(يدخل)
:
لماذا تأخرت يا ليرا، وأين الجريدة؟ (دون أن يلتفت إلى اللورد).
ليرا
:
لقد أحضرتها يا أبي (مشيرة إلى
داين). وقد أوشك أن يغرق.
تشستر
(يتناول الجريدة.. إلى داين)
:
أراك مبتل الثياب.
داين
:
نعم يا سيدي. ولولا ابنتك لكنت الآن من سكان جوف
السمك.
تشستر
(بدون اكتراث)
:
أتحب أن تجفف ثيابك عندنا؟ (يتردد
اللورد بين الشيخ وليرا ولا يتكلم).
ليرا
(لداين)
:
لماذا لا تقبل دعوة أبي؟
داين
:
قبلت دعوتك يا سيدي.
تشستر
:
تفضل فاجلس. (يجلسون).
داين
:
أقدم لك نفسي. أنا من أسرة أرمتايدج، واسمي داين.
تشستر
:
وأنا من عائلة تشستر، واسمي آدون، وهذه ابنتي ليرا، وهذا
منزلي.
داين
:
إني أعرف بعض أفراد هذه الأسرة الكريمة.
تشستر
(بلهجة حزن)
:
أما أنا. فلم أرى أحدًا منهم منذ سنين، وكأني آلم من ذكر
الماضي (إلى اللورد) إني سعيد
بزيارتك.
ليرا
:
وأنا أيضًا أشارك أبي في هذه السعادة.
داين
:
شكرا، يا سيدي. وأنت يا منقذة حياتي.
تشستر
:
من أين أنت قادم، يا مستر داين؟
داين
:
من لندن للترويح عن النفس، ولقد صدق من قال: إن السفر قطعة
من العذاب..
تشستر
:
وأين كان السفر؟
داين
:
إني قضيت أكبر شطر من حياتي في السياحة: فجبت فيافي أيسلنده
وسهول الروسيا، وغابات الهند وسيلان وجزائر الهند الشرقية والهند الغربية.
وأواسط افريقية، وهضاب الكونغو والكمرون والحبشة، ومنابع النيل، والنيجر
والمزون، والمسيسبي وسانت لورنس؛ تلك المناظر التي تأخذ بمجامع القلوب،
وكذلك زرت أعظم مدن أمريكا، واستراليا حبا في الوقوف على أخلاق الناس وشغفا
بمناظر الطبيعة، ورغبة في الصيد والتسلية.
تشستر
(يتفرس فيه بعد أن يصلح نظارته)
:
وهل كنت تستطيع الوفاء بنفقات هذه السياحات الطويلة؟
داين
:
هذا سهل جدا، لأن والدي يدفع ما أحتاج إليه بسخاء.
تشستر
(بإعجاب)
:
إنه على ما يظهر واسع الثروة. وهل كنت سعيدا في سياحتك
الأخيرة.
داين
:
بدون شك.
تشستر
:
وهل أنفقت زمنا طويلا في رحلتك الأخيرة يا مستر
داين؟
داين
:
نعم يا سيدي، لقد قضيت فيها ثلاث سنين متواليات.
ليرا
:
وكيف كنت تصبر على فراق أبويك؟
داين
:
ليس لي غير والد شيخ، لا يترك القلم طرفة عين، وهو الذي حبب
إلي السفر رغبة في تهذيب أخلاقي، ونمو معلوماتي، كي أتمكن من احتلال مركزه
في المستقبل.
ليرا
(بحزن)
:
وأمك، هل فارقتك صغيرا كما فارقتني أمي؟
داين
:
نعم، تركتني في المهد.
ليرا
:
إنها… (يقاطعها الشيخ ليغير
الموضوع).
تشستر
:
ومتى عدت من هذه الرحلة يا ضيفنا العزيز؟
داين
:
منذ شهر.
تشستر
:
هل رأيت الصين، يامستر داين؟
داين
:
كلا، لقد كان في نيتي أن أقضي شطرا من حياتي في الصين،
واليابان، غير أن صديقا لي دعاني وأنا في كلكتا إلى سنغافورة احتفالا بعيد
ميلاده فلبيت الدعوة. وكان الجو في سنغافورة حار جدا، ومع أن البلدة آية في
الإبداع والرونق لم أتمكن من المكث بها سوى ثلاثة أيام، ولما عزمت على
العودة إلى برنامجي الأول، من زيارة بكين، ويوكوهاما، وطوكيو، حبب إلي
صديقي تغيير هذا البرنامج، والإستعاضة عنه بزيارة منحدرات نياجرا في
أميركا. ورأيت أن أوافقه إذا شاركني فيها فكان أنيسي في تلك الرحلة
الطويلة. وما مالت الشمس للمغيب إلا وكنا على ظهر الباخرة.
ليرا
:
واعجبا! إني لم أسمع مثل هذا الحديث من قبل.
تشستر
:
وهل رأيت أن صديقك كان محقا في وصفه، أم أنه أسرف في
المبالغة.
داين
:
إن ما رأيته من جلال النظر كان أضعاف ما وصفه لي صديقي:
رأيت الجبال هناك يعلوها الجليد الناصع البياض ورأيت، الينابيع ينحدر ماؤها
من ارتفاعات هائلة، وشاهدت ماءها المتدفق وكأنه صيغ من سبائك الذهب، وقد
تناثرت حولها قصور عشاق المناظر الجميلة.
تشستر
:
أنت شاهدت، إذا، أجمل مناظر العالم.
داين
:
تقريبا..
ليرا
(لداين)
:
أما أنا فلم أر غير هذا المكان، يا سيدي؛ ولم أعرف مخلوقا
آخر غير أبي وجرفث ومسز جربلي جارتنا.
داين
:
ومن هو جرفث؟
ليرا
:
هو خادمنا الأمين.
تشستر
:
هل تسمح لي يا مستر داين أن أذهب إلى مخدعي لقضاء بعض
العمل؟ (يقف).
داين
(يقف وتقف ليرا)
:
كما تريد يا سيدي.
تشستر
:
شكرا لك (يخرج).
داين
(ينظر إلى ليرا بإعجاب)
:
أرى كوخكم هذا أشبه شيء بصومعة ناسك. لقد انفرد بالجمال في
هذه البقعة المنعزلة. مس ليرا! أتعيشين هكذا وحدك؟ إنها لعيشة جافة. ألا
تشعرين بذلك؟
ليرا
:
لم أفكر في ذلك قط. فقد ألفت هذه الحياة منذ طفولتي.
داين
:
أليس لكم أصدقاء؟
ليرا
:
ما أظن أن لنا صديقا. أراك تستغرب كلامي، فهل هو غريب
حقا؟
داين
:
لا داعي للغرابة، فيما أظن. ولكن أسعيدة أنت بهذه الحياة
المملة؟
ليرا
(ببساطة)
:
لم لا أكون سعيدة؟ وكيف تصف هذه الحياة بالملل؟ أأنت كثير
الأصدقاء؟
داين
:
إني كثير الأصدقاء. ذلك لأن أبي كثير الإختلاط بالناس. ألم
تسمعي عن آستار منستر؟
ليرا
:
لم يرد على سمعي هذا الإسم قط. وهل تسكن أنت وأبوك بيتا
واحدا؟
داين
:
أبي يسكن ستار منستر، أما أنا فدائم التنقل. إنه في عمل
مستمر، وأنا في فراغ دائم.
ليرا
:
وهل هو راض عن ذلك؟
داين
:
كلا.. إننا في نزاع دائم: هو يريد أن أكون معه في مجلس
النواب، أو على الأقل أن أخلفه فيه.
ليرا
:
ولماذا ترفض ذلك المركز العظيم الذي تتمناه النفوس؟
داين
:
لأنني لست من رجاله.
ليرا
:
وكيف اتفق ذلك وأنت في نضارة الشباب؟
داين
:
أميل بطبعي إلى الراحة والسكون. ولا أعشق في هذا العالم سوى
(يتوقف) …
ليرا
:
سوى ماذا؟ ما بالك تفكر؟
داين
:
سوى الرحلات والمناظر الجميلة.
ليرا
:
ولكن ألا تفضل ذلك المركز السامي على تلك الأماني التي لا
تلبث أن تزول؟
داين
:
ربما فكرت في ذلك فيما بعد.
ليرا
:
يظهر لي أن أباك من أركان هذا المجلس العظيم.
داين
:
كان عضوا في البرلمان قبل أن ينتقل إلى مجلس
اللوردات.
ليرا
:
نعم، فهمت. فهو إذن لورد.
داين
(يحني رأسه)
:
نعم. هو لورد آرل ستار منستر. ألم تطعي على شيء من أخباره؟
ذلك لأنه لاتخلو صحيفة في لندن من ذكر اسمه.
ليرا
:
لسوء حظي أني لم أتعود مطالعة الصحف. لكن لماذا يذكرون اسمه
دائما؟
داين
:
لأنه من الوزراء، ومركزه يقترن بجميع الحوادث العظيمة.
(يصمت) عفوا يا مس ليرا، فقد أتعبتك
بهذا الحديث الممل.
ليرا
(باحترام)
:
لا مستر داين. ولكن عفوا لجرأتي. بماذا يجب ان أدعوك منذ
الآن؟ نعم، لقد اهتديت. لورد داين. (تنحني).
داين
(يبتسم)
:
أنا لا أود أن أسمع من هاتين الشفتين الجميلتين سوى داين
فقط.
ليرا
(بخجل)
:
لك ما تشاء.
داين
:
هل تعلمت شيئا من الموسيقى؟
ليرا
(باستغراب)
:
وكيف أعرفها، وأنا بين شيخين لا يتكلمان إلا عند
اللزوم؟
داين
:
مسكينة أنت يا ليرا. والتصوير؟ وصيد السمك؟
ليرا
:
لا هذا ولا ذاك. وهل تصيد النساء السمك؟
داين
:
إنه من ألذ متعهن. ولو كانت هناك قصبة لعلمتك الصيد في ساعة
واحدة. فقد علمت ابنة عم لي (يتوقف)
فنبغت فيه، ولكنها لم تستمر.
ليرا
:
ألأنها ملت الصيد، أم ألهاها شيء آخر عنه؟
داين
:
لا، بل خطر لها أن الصيد خطيئة. إذ بسببه يقع الظلم على
الحيوان المسكين.
ليرا
:
وكيف خطر لها ذلك؟
داين
:
في العالم أناس كثيرون لا يأكلون ولا يشربون ولا يتحركون
قبل أن يتساءلوا عما إذا كان في ذلك خطيئة. وثيودوسيا … (يتوقف).
ليرا
(تقاطعه)
:
ثيودوسيا! ما أغرب هذا الإسم. لا شك أنه اسم ابنة
عمك.
داين
:
نعم (يدخل
تشستر).
تشستر
:
أرجو أن تعفوعن جرأتي لدخولي عليكما بغير استئذان.
داين
(يقف)
:
إن ذلك يضاعف سرورنا.
ليرا
:
إن سعادتي في أن أراك يا أبي. ألا توافقني على ذلك يا مستر
داين؟
داين
:
وهل في ذلك شك؟
تشستر
:
إنا نعتبرك صديقنا من اليوم. فلا تحرمنا من زيارتك كلما
سنحت لك الفرص. وأنا على يقين من أنك ستجد في كوخنا وما حوله من مناظر
الطبيعة خير تسلية لك. أليس كذلك يا ليرا؟
ليرا
:
هذا يحتاج إلى برهان. وأنا أضم صوتي إلى صوت أبي، عسى
صوتانا يجدان إلى قلبك سبيلا.
داين
:
إن لساني ليعجز عن وصف شكري لعواطفكما. وإني أهنئ نفسي بهذه
الصداقة وأسأل الله أن تكون سبب هنائي (ينظر إلى
ليرا) وتأكدي يا مس ليرا أني لا أنسى ما لك علي من جميل. وإني
أعدك ألا أترك فرصة تسمح لي بزيارتكما دون انتهازها (يقف) لقد مضى النهار، وأخاف أن يداهمني
الليل. والطريق وعر. فأستودعكما الله.
تشستر
(يقف)
:
ألا يمكن أن تقضي معنا هنا هذا المساء؟
ليرا
(باستعطاف)
:
نعم، ألا يمكن؟
داين
:
كان يسرني ذلك جدا، لو لم أكن مضطرا أن أصل برنستابل الليلة
لدواع مهمة، ويمكنني ان أراكما في صبيحة الغد.
تشستر
:
حسنا.
ليرا
:
أصحيح هذا؟ أيمكن أن أسعد بزيارتك غدا؟
داين
:
سأبذل قصارى جهدي. (يصافحهما) إلى الغد. وما الغد ببعيد.
تشستر
:
إلى الملتقى يا مستر داين، إنى على أهبة استقبالك غدا.
(إلى ليرا) أنا ذاهب إلى غرفتي،
وبعد أن تودعي ضيفنا العزيز … (يخرج
تشستر).
داين
(يمسك يدها بيديه)
:
أتظنين أن في صيد السمك خطيئة، كما تتوهم أترابك؟
ليرا
:
وما اخطيئة في ذلك؟
داين
:
إذا سأعود غدا لأعلمك الصيد، إلى الملتقي (يخرج).
ليرا
:
رعتك عين العناية. (لنفسها) ما أجمله! وما أرق حديثه وأعذبه! إنه لورد غني
شريف، نعم إنه الابن الأكبر لأيرل استار منستر، وكفاه ذلك فخرا. (تتنهد) أما أنا، أنا ابنة الشيخ تشستر،
ربيبة الكوخ. آه. أين هذا الكوخ الحقير من ذلك القصر الكبير؟ ولكن (بشمم) مالي وهذه الأحلام التي تسبح بي في
عالم الخيال؟ كيف للأرض أن تساوي القمر في رفعته؟ كفاني سعادة أن أهبط من
سماء منزلته العالية، وقبل أن يتدانى فيصادقني.. (تصمت) ثيودوسيا، ثيودوسيا. من هي. أه، إنها ابنة عمه، إنها
صاحبة قصر وخدم، غنية ونبيلة. إنهما متناسبان وميكافئان ثروة وجاها. ويلاه!
ماذا أصابني! أأحسد نعمة أسداها الله إلى غيري؟ إن هذا هو عين الحماقة. ما
أضعف قلب النساء! يجب أن ننتظر الغد … (تقف) وما الغد ببعيد. (تمشي إلى
الباب وتخرج).
(تطفأ الأنوار. يتغير المنظر بغاية السرعة)
المنظر الثاني
(غرفة فاخرة بفندق برنستابل. جاك خادم الفندق يرتبها. الوقت ليلا)
جاك
:
ما أشد هوس هذا السيد! إن انتسابه إلى أسرة ارمتايدج لفلتة
من فلتات الطبيعة! (يضحك) شاعر! (يضحك) شاعر مختل الشعور! لا يعي ما يكتب
ولا يفهم معنى ما يقول، يسطو على قصائد جونس وبرونتج فيسرق ما يروق له منها
وما أسرع ما يغير الغرض ثم ينسب ذلك الجهل إلى نفسه. (يضحك) ومن أقبح ما سمعت أنه يغني! (يضحك ثم يجلس) مسكين شاب، قوي غني غير أنه
مرتبك العقل، ضعيف الإرادة، بليد الذاكرة. والأدهى من ذلك أنه جبان، سلبه
الجبن كل علائم الشرف.. وهو فوق هذا وذاك رسام و … (يضحك) يدعي انه فنان يصور حقائق الأشكال.
والحقيقة أنه يقلب المرئيات كما تفعل عدسة الآلة الراسمة.. (يضحك) فينقش بذلك صورا لا يفقه ما ترمي
إليه إلا هو وحده. (يضحك) ولكن مالي
وجهله؟ الدينار هو هدفي. فما دام يحب الألقاب، ويعشق الظهور الكاذب، فسأملأ
منه جيوبي ذهبا، وليس له إلا أن أقول: حضر السيد تشاندس. تفضل يا مولاي.
الجميلة سألت عن اللورد. ما أجمل هذه الصورة! ما أبدع هذا الخيال! ما أطرب
هذا اللحن! ما أمتن هذا النظم! إني أسمع وقع أقدام، فمن الزائر يا ترى؟
لعله هو المعتوه. (يجري إلى
الباب).
داين أرمتايدج
(يدخل داين ومعه أدوات الصيد)
:
أأنت هنا يا جاك؟
جاك
(ينحني)
:
في خدمة مولاي.
داين
:
حسنا، خذ هذا إلى غرفتي الخاصة، وأعد المائدة.
جاك
(يأخذ الأدوات)
:
هل سيدي اللورد ضيفنا الليلة؟
داين
:
نعم. (يجلس، يخرج جاك. داين
لنفسه) لقد وعدتها بأن أعود في الغد، وما أشد سرورها بذلك.
مسكينة، ما أضيعها في ذلك المكان المنفرد! إنها تعيش كراهبة. تصبح وتمسي
بين شيخين يمثلان الفناء بأجلى معانيه. فما أقسى الدهر، وما أعجب أطواره.
يجب أن ترى لندن. يجب أن ترى السعادة وترفل في لباس النعمة والهناء.
تشاندس
(يدخل وفي يده ورقة وقلم)
:
آه. ابن العم. هل أنت هنا يا لورد؟
داين
(بازدراء)
:
أي شيطان حملك إلى هذا المكان؟
تشاندس
:
شيطان! (يضحك) والله،
يابن العم، إن من يسمعك الآن يحسبك غير راض عن قدومي.
داين
:
أو في ذلك شك! ألم تعهد في الصراحة؟
تشاندس
:
إذن فأنت لاتمزح؟
داين
:
ومن أدراك أني أمزح مع المتهوس؟
تشاندس
:
أمتهوس أنا؟
داين
:
هذا ما لا يختلف فيه اثنان.
تشاندس
(بحدة وهو يجلس)
:
هذه بلاد حرة يا عزيزي، وهذا فندق عام. فما معنى احتقارك لي
ونحن متساويان في الضيافة؟ بل يلوح لي أنني أكثر منك مالا.
داين
:
أنت يلوح لك كل شيء؛ لأن مكروب الخيلاء الذي يملأ فراغ
رأسك، وإن كان بطئ العمل، إلا أنه دائم الحركة.
تشاندس
:
أنا أعتقد أنك تمزح. ولولا ذلك …
داين
(يقاطعه)
:
لهاجت عواطفك (يضحك)
أليس كذلك؟
تشاندس
:
دعنا من الجدال، فنحن يجب أن نكون أصدقاء، لأننا من عائلة
عريقة ومن دم واحد فلا داعي إلى التفضيل.
داين
:
إن هذا لغريب، لقد تركتك في لندن أمس، فما معنى قدومك
برنستابل اليوم؟
تشاندس
:
أتجول باحثا عن الجمال.
داين
(بهزء)
:
الجمال! ما أخف عقلك! وأية جميلة تعشقك؟
تشاندس
:
حقا إنك لا تعرف قدري يا ابن العم. ألم تسمع بقصائدي التي
يتغنى الناس بها في جميع المنتديات؟ إن بعض الفاتنات الجميلات شهدن لي منذ
شهر بأنني فقت مشاهير الشعراء.
داين
(يضحك)
:
إنك واهم..
تشاندس
:
أراك تتهكم، ذلك لأنك لم تتعلم الشعر، وإذا سمعته، فكيف
يتأتى لك أن تصل إلى المعنى الذي يرمي إليه الشاعر؟ وإن وصلت إلى قشور
المعاني، فهناك بون شاسع بين ما تفهمه أنت وما نتشبع به نحن
الشعراء.
داين
:
شعراء! (يضحك) إنك لشديد
التمسك بالفن.
تشاندس
:
لتترك الشعر لمن يفقه معناه، وما قولك في فن التصوير؟ ألست
الآن من أمهر المصورين؟ والموسيقى؟ ألم أبلغ في الموسيقى منزلة لم يبلغها
إنسان؟ صرح بأفكارك! تكلم!
داين
(بتهكم)
:
أهنئك بهذا النبوغ. وأسأل الله ألا يجعل شعرك وألحانك
وتصويرك سببا في سقوط هذه الفنون الجميلة.
تشاندس
:
الفنون الجميلة! (ببله) ما أحسن هذا الوصف، وما أقدرك على
حسن التعبير! إنك تنجح، إذا علمتك الشعر يا عزيزتي.
داين
:
كفى، يامعتوه. أتحسب أنك الآن محاط بلفيف من خفيفات العقول
اللواتي يحسبن كل كلمة تقولها منزلة.
تشاندس
(بسرور)
:
كل كلمة أقولها منزلة. بارك الله فيك يا عزيزي. لقد أنعشتني
بهذا الوصف الجميل.
داين
(بحدة وغضب)
:
أترك السفسطة يا أحمق، وأخبرني لماذا حضرت إلى هذا
الفندق.
تشاندس
:
حضرت صباح اليوم لأرى مناظر الطبيعة حول ضفاف التو. ولقد
شاهدت الغروب ونظمت فيه قصيدة، يا لها من قصيدة ترقص الطير لها في كبد
السماء! أتحب أن أسمعك إياها! (يحاول
القراءة) اسمع يا لورد.
داين
:
ما أنحس هذه الليلة، وما ألعن هذه المصادفة!
تشاندس
(يطوي الورقة بغضب)
:
إنك شديد التمسك بخرافاتك يا عزيزي داين. ولئن سألتني بعد
ذلك أو توسلت إلي أن أسمعك شيئا فسأرفض بتاتا ضاربا بتوسلاتك عرض الحائط!
أفهمت الآن يا لورد؟
داين
:
لا بأس عليك (يضحك)..
أنا أعرف أنك عند نفسك نابغة في كل شيء.. تشاندس: ولماذا تهينني، وأنت تعلم
أن نبوغي هذا هو الذي جعلني كثير الكلام؟
داين
:
هون عليك.
تشاندس
(بسرور)
:
شكرا لك إني أحبك وأحترمك، يا لورد.
داين
:
دعنا من هذا، وأخبرني متى حضرت من لندن.
تشاندس
:
أمس، في القطار الأخير — وقد مررت بكاسل تروز.
داين
:
حسنا، أتعلم ماذا حدث لي ليلة أمس؟
تشاندس
:
لا أعلم شيئا.
داين
(بغضب)
:
دخل علىَّ خادمي ولفرد، وأخبرني أن امرأة تريد أن
تراني.
تشاندس
:
امرأة! إنك لا شك لم تقابلها. فالمرأة الشريفة لا تزور
الأشراف في مخادعهم ليلا.
داين
:
بل قابلتها رغم ذلك. فإذا بها فاتنة خلابة المحاسن، وهي فوق
ذلك في مقتبل الشباب.
تشاندس
:
سامحك الله يا عزيزي. وماذا يقول الناس عنك إذا ظهر الأمر؟
إن خادمك ولفرد..
داين
(يقاطعه)
:
لا. إني أثق بخادمي.
تشاندس
:
هذا صحيح. وماذا كانت ترجو هذه الحسناء من مقابلتك على
إنفراد؟
داين
:
حالما أبصرتني تقهقرت مذعورة. وعندما قمت لأقدم لها مقعدا
تستريح عليه، جعلت ترسل إلى أشعة محرقة من نظرها الملتهب وكأن وجهها قد
غيرته المفاجأة. فبينما هي عندمية اللون، إذ بالصفرة تضرب على وجهها نقابا
تنكمش للونه القلوب. ولما خرجت من الشك إلى اليقين اضطربت إضطرابا شديدا
هائلا مريعا، ثم وضعت يديها على وجهها لتستر الخجل الذى تولاها، وهي تقول
بصوت خافت ضعيف. أخطأت يا سيدي فاعف عني لجرأتي، ودعني أنصرف. ثم تمتمت
قائلة: إنه ليس هو. وكأنها كانت تنتظر أمري لها بالإنصراف. بيد أني عوضا من
أن أستسلم للدهشة، فهمت أن لها أمرا خطيرا، فدفعني الفضول إلى الإستمرار،
عسى أن أقف على آلام تلك العذراء المسكينة. وأظنك لا تجهل نوادر الفتيات
التعيسات اللواتي يلعب بهن طيش الشباب.
تشاندس
:
مسكينة تلك المنكودة وهل كانت حكايتها مؤثرة؟
داين
:
ومدهشة
تشاندس
:
وأية صدفة عجيبة قادتها إليك؟
داين
:
إسمع. سأتم لك الحديث قلت لك إنها خجلت وأرادت الإنصراف.
غير أني منعتها، مدفوعا بعامل الشوق إلى معرفة مصابها، عساي أن أجد سبيلا
لمد يد المساعدة إليها. فامتقع لونها ونظرت إلي نظرة كاد يجمد لها الدم في
عروقي، وأنت أنين الملسوع قائلة، والدمع يملأ محاجرها: إن شابا سطا على
طهارتها ولكنه أخفي عنها اسمه، وبعد أن وعدها بالزواج أخلف وعده وجد في
الهرب.
تشاندس
:
يا إله السماء إنه لدنئ سافل.
داين
:
نعم. دنئ سافل: وستدهشك جدا معرفته.
تشاندس
:
معرفته؟ أو أعرف أنا مثل هذا الوحش السفاك!
داين
:
لاتتعجل. فهو صديقك الذي لا ينفصل عنك طرفة عين، وأكثر
بلاغة من هذا الذي يرافقك كظلك فلا يفارقك حتى في مخدع نومك.
تشاندس
:
لا يفارقني حتى في مخدع نومي؟ أظنك واهم يا لورد. إذ أنه
ليس لي صديق له عندي هذه الميزة.
داين
:
لقد خانتك ملكة الشعر هذه المرة ياأحمق. (لنفسه) ليس لهذا المعتوه الذكاء الكافي
وآاسفاه!
تشاندس
:
خانتني ملكة الشعر؟ إن هذه ألغاز لا أفهمها.
داين
:
لا تفهمها؟ شيء عجيب!
تشاندس
:
يظهر أني لم أعر كلماتك تمام الإصغاء. لذلك فاتني
فهمها.
داين
:
ما دمت ضعيف الذاكرة، بليد الفكرة، سأفصح لك عن الأمر
بكلمات أجلى..
إسمع: إن ذلك النذل السافل ترك عند الفتاة المسكينة منديلا مطرزا باسم عائلته.
إسمع: إن ذلك النذل السافل ترك عند الفتاة المسكينة منديلا مطرزا باسم عائلته.
تشاندس
:
يا له من أحمق. ولكن ما الذي قادها إليك؟ أبلغها أنك أحد
القضاة فأتتك هالعة لتنتصر لها؟
داين
:
لقد قادها إلي تشابه الاسم، أفهمت؟
تشاندس
:
أو كان هذا الوحش يدعى داين؟
داين
:
خسئت أيها النذل! (يقف)
آرمتايدج يا جبان. اسم عائلتي الشريفة. إنك أهنتها بدناءتك.
تشاندس
(بخوف)
:
وهل قالت تلك المحتالة أن السالب لشرفها هو أنا؟
داين
:
أيجسر لسانك على الإنكار، وقد وصفتك من قمة رأسك إلى أخمص
قدمك، ولم تترك برهانا أقوى من دموعها؟
تشاندس
(يثب من مكانه)
:
ماذا تقول؟ أنا! ووصفتني أيضا!
داين
:
مكانك يا أحمق، ولا تزد على فظاعة الجرم دناءة الكذب. فأنا
أعرفك كما أعرف نفسي أيها القديس المتنكر.
تشاندس
(بحدة)
:
إنك تهينني يا لورد. ومن يدريك أن لهذا الموضوع شأنا
آخر؟
داين
:
إن مثل هذه الحوادث لا تخلو من المبالغة. ولكني أرى هذه
الحادثة خالية من المبالغات. (يقف) أنا
داين أرمتايدج وريث أسرة أرمتايدج أتكلم الآن بالإنابة عن رأس هذه الأسرة:
لورد أرل أستار منستر آمرك بما يأتي: يجب أن تجعل لهذه الفتاة قدرا شهريا
تتقاضاه منك.. من خزينتك الخاصة، ما دمت في عالم الأحياء.. بذلك وحده يمكن
أن تصلح ما أفسدت، فتشتري شرف عائلتك بالمال.
تشاندس
(يرتجف)
:
ولكن.
داين
(بغضب)
:
لا أريد أن أسمع شيئا غير القبول.
تشاندس
:
هدئ من روعك، يا لورد، ولكن.
داين
(يضرب الأرض بقدمه)
:
لا تتردد، وإلا..
تشاندس
:
وإلا ماذا؟
داين
(يهجم عليه)
:
وإلا قذفت بك من هذه النافذة. أجب: أتقبل أم ترفض؟ لا بد من
أحد الأمرين.
تشاندس
(بخضوع)
:
قبلت.
داين
(مشيرا بأصبعه إلى الباب)
:
اخرج (يخرج تشاندس متثاقلا) إلى الشيطان!