إلى زوجة راحلة
حول رمسٍ تظلُّه الأَوْفياءُ
وعليه ترفرف ﭐلوَرْقَاءُ
وغصونُ الاراك منحنِيَاتٌ
كالبواكي والأدمعُ الأَنْدَاءُ
ونجومُ السماءِ تَحْجُبُهَا السحـ
ـبُ وتبدو كَأَنَّها رُقَبَاءُ
وقفت غادةٌ سماويةُ الوجـ
ـهِ عَلَيها مِنَ الضياءِ رداءُ
يَسْتَبي الناظرينَ مِنْهَا جَمَالٌ
لَمْ تَصِفْ بَعْضَ حسنهِ الشعراءُ
إِنْ بَدَا الوَجْهُ فالمساءُ صباحٌ
أو بَدَا الشَّعْرُ فالصباحُ مساءُ!
يَحْسَبُ القَلْبُ حِيْنَ تَرْنُو بعينٍ
أَنَّ مَا في عُيُونِهَا كَهْرَبَاءُ
ولَهَا مِنْ شجونها زَفَرَاتٌ
محرقاتٌ مِنْ دُونها الرَّمْضَاء
تلطم الْجِيدَ تارةً وتَدُقَ الـ
ـصدرَ طورًا كَأَنَّها الْخَنْسَاء
وتُريقُ الدموع جمرًا عَلَى الأرض
فتروَى أعشابُهَا الخضراء
وشَكَتْ حالَها الطبيعةُ حَتَّى
رَكَدَ الماءُ وﭐسْتَكَنَّ الهواء
وعَلَا ذلك المكانَ وقارٌ
أَنْزَلَتْهُ عَلَى الضَّرِيحِ السماء
لَهْفَ قلبي عَلَى شريكةِ عُمْري
ذَهَبَ الْعِزُّ بعدها والوفاء
لَيْسَ لِي بَعْدَ نَأْيِهَا مِنْ حبيبٍ
أَرْتَجِيهِ وَلَيْسَ إلا العزاء
كنتِ لي في الْوَرَى أَعَزَّ مقامٍ
دونه الْفَرْقَدَانِ والجوزاء
كنتِ لِلْغِيدِ خيرَ من عَفَّ طُهْرًا
ولها جِلَّةُ الْوَرَى أصفياء
يا زمانَ الشقاءِ لو عاتبَ اللهُ
زمانًا لكنتَ أنتَ الشقاء
لا يُرَى في بَنِيكَ وَافٍ بِعَهْدٍ
أو صديقٌ إِن حَقَّت الأصدقاء
ذاك يسعى في قَلْبِهِ أَرْقَمُ الْحِقْـ
ـدِ وهذا تَهُزُّهُ الْكِبْرِيَاء
حَسَدٌ زائدٌ وخُبْثٌ شديدٌ
وخِدَاعٌ وعَيْبَةٌ ورِيَاء
يتوارون في النزاهةِ والصد
قِ كما يستر الإناءَ الطِّلَاء
ويشيرون بالدواءِ عَلَى مَنْ
حاز فضلًا، كأنما الفضلُ داء
بِكِ ضاع الجميلُ واشتهر النكـ
ـثُ كثيرًا وعَمَّت الْبَلْوَاء
والمُرَاءُونَ فيك حَطَّهم الْوُ
دُّ مِنَ النَّاس أحسنوا أَمْ أَسَاءُوا
وَإِذَا كَانَ مِنْكَ بعضَ كرامٍ
(كان أهلَ الحبيبةِ الأوفياء)
يا حياتي قَدْ عِيلَ بعدك صبري
وَدَهَتْنِي المصائبُ الدهماء
أَبْتَغِي الموتَ وهو غاية ما يُرْ
جَى دَوَاءً وَلَيْسَ فيه الدواء
أنتَ يا قبرُ قد حويتَ جمالًا
وملاكًا قَدْ احتوته السماء
فُتِحَ الرمسُ فيه «زينبُ» غابتْ
كيف يا رمسُ منك يبدو الضِّيَاء؟
ودوَى منه في المَسَامِعِ صَوْتٌ
رَجَّعَتْهُ الْجِبَالُ والأدواء
إِنَّ هذي هي الأمانةُ ضُمَّتْ
في ضَرِيحٍ به أخوها الوفاء
إِنَّ صبري حِيَالَ هذا يُنَادِي
يا إلۤهَ السماء أين العزاء؟