المنصورة
قُلْ للغَرِيبَةِ عن أَهْلٍ وعَنْ بَلَدِ
وعن عزيزٍ وعن صَبْرٍ وعن جَلَدِ
هل تَذْكُرِينَ ليَالِينَا التى سَلَفَتْ
وليلةً لَسْتُ أَنْسَاهَا إِلَى الأَبَدِ
سرقت فيها من الواشين خَلْوتَنَا
ونلتُها منكِ عن وعْدٍ يدًا بيدِ
وبتُّ لا ريبةٌ أَخْشَى بَوَادِرَهَا
كلَّا ولا عَذَلٌ أَخْشَاهُ من أَحَدِ
والنورُ في مَعْزِلٍ عنَّا له لَهَبٌ
يَبْدُو وَيَخْفَى كفعل القَلْبِ ذي الْحَسَدِ
وأنتِ في ثَوْبِكِ النَّاقي البياض على
جِسْمٍ نَقيٍّ بِنُورِ الْحُبِّ متَّقِدِ
أَرَى عَلَيْهِ ضياءَ البَدْرِ مُنْعَكِسًا
يكادُ يَفْضَحُنَا في دَارَةِ البلَدِ
أَهوى إِلى رَشْفِ ثَغْرٍ فيه مُنْتَظِمٍ
يُهْدِي لي النَّارَ من صَفَّيْنِ من بَرَدِ
وبينَنَا غَزَلٌ رَقَّتْ مَوَارِدُهُ
كأنه نَغَمَاتُ الطائرِ الغَرِدِ
شَكْوَى تُقَطِّعُهَا ما بيننا قُبَلٌ
ولو أردنا سِوَى هٰذَيْنِ لم نَجِدِ!
يهفو الفؤادُ على آثارِهَا طَرِبًا
حَتَّى يُنَادِيهِ صَوْتٌ: قِفْ ولا تَزِدِ
صوتٌ هو الطُّهْرُ في لَفْظِ العفافِ بَدَا
والطُّهْرُ خيرُ صفاتِ النفسِ والْجَسَدِ
حَتَّى رَجَعْتُ بجسمٍ عنك مُبْتَعِدٍ
يَشْتَاقُ عِنْدَكَ قلبًا غيرَ مُبْتَعِدِ
يا منهلًا قد تَمَتَّعْنَا بِكَوْثَرِهِ
حينًا رَوِينَا به لو دام رِيُّ صَدِي
ما كنتُ أَرْضَى وِصَالًا منكَ عن كَثَبٍ
فصرتُ أَرْضَى خيالًا منك عن بُعْدِ!