قصة لقاء
دارِي العيونَ اللواتي حيرت نَظَرِي
عن مقلتيَّ فقلبِي باتَ في خَطَرِ
فتَّاكُ لَحْظكِ سَهْمٌ قد فَرَى كَبِدِي
ولم يفِدْ فيهِ ما أجهدتُ مِنْ حَذَرِ
يا طلعةَ البدرِ نورُ الحُسْن منكِ بَدَا
كأنه فَرْقَدٌ يَسْمُو له بَصَرِي
صاغ الجمالَ جَبينًا منكِ فازْدَهَرَتْ
بالحُسْنِ آياتُهُ في وجهكِ النَّضِرِ
فَرَوْضُ وَجْهِكِ بالأزهار مُبْتَسِمٌ
ولؤلؤُ الثَّغْرِ منظومٌ من الدررِ
وَحُسْنُ قدِّكِ فَتَّانٌ لِنَاظِرِهِ
يَسْبِي العُيُونَ وَيدعو القلْبَ لِلسَّمَرِ
أين الليالي اللواتي كنتُ أحْسَبُهَا
تدوم يا ليلةً قد سَبَّبَتْ سَهَرِي
لما اجتمعنا وزَهْرُ الرَّوضِ أَنعَشَنَا
تَحْتَ الدَّوَالِي وبَيْنَ السِّحْرِ والْحَوَرِ
غاب الحواسِدُ والعُذَّالُ وَانْصَرَفَتْ
عنا الرواصِدُ إلا مُقْلَةَ القَمَرِ
وقد خَلَوْنَا وَجَوُّ الحبِّ رَاقَ لَنَا
وراح عنا شَديدُ الخوفِ والحَذَرِ
وبيننا دارَ كأسُ الحبِّ تمْلؤُها
يَدُ الطَّهَارَةِ في وَشْيٍ مِن الزَّهَرِ
يُهْدِي إلى العين أنوارَ المُنَى أَمَلًا
وللفؤادِ كؤوسَ المَنْهَلِ الْعَطِرِ
تبادلتْ شفتانا بيننا غَزَلًا
أَرَقَّ في لَفْظِهِ من نَسْمَةِ السَّحَرِ
حَتَّى إذا اشْتَدَّ بي وَجْدُ الهُيَامِ بَدَا
طيفُ العفافِ بنُصْحٍ غيرِ مُنْتَظَرِ
لا تَقْرَبَنَّ حَبِيبًا قد خلوتَ بِهِ
واقْنَع بحَظِّكَ بَيْنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ
فارتاح قلبي لِنُصْحِ الطُّهْرِ وَانْبَسَطَتْ
مِنِّي لِمَنْ فَتَنَتنِي كَفُّ مُعْتَذِرِ
دَنَا الْوَدَاعُ فَلَا تَنْسَي مَحَبَّتَنَا
إني على العهدِ حتَّى رحمةَ القَدَرِ
ودَّعْتُهَا وَدُمُوعُ العَيْنِ مانِعَتي
عن الكلامِ وشَوْقِي جدُّ مُسْتَعِرِ
قالت ودرُّ اللآلى فوق وَجْنَتِهَا
جَفَّتْ دُمُوعِي فلَا تَعْزِمْ على السَّفَرِ
ما لي سواكَ حبيبٌ قد تملكَنِي
غرامُه في دمِي يجري مِنَ الصِّغَرِ
فكنْ على البُعْدِ رَمْزًا للوفاء عَسَى
يُقَرِّبُ الله جَمْعَ الشَّمل واصْطَبِر
دَقَّاتِ قلبى الهُوَيْنَا كي أُشَاطِرَهَا
مُرَّ الْوَدَاعِ ويَا طَيْفِ النَّوَى اسْتَتِرِ
رَنَتْ إِلَيَّ وَوَرْدُ الخدِّ أَمْطَرَهُ
سَيْلُ المَدامِعِ وانسابَتْ عَلَى الأثرِ
وخلَّفَتني عليلًا أستغيث بهَا
من نار قلبي ودمع العيْنِ والسَّهَرِ
حَتَّى غَدَوْتُ خيالا لا يُفارِقُني
طيفُ الحبيبةِ حَتَّى يَنْجَلِي قَمَرِي