الجِنْرَالَات
انْتَشَرَتِ الْأَنْبَاءُ بَيْنَ الْجُنُودِ بِأَنَّ أَفْرَادَ الْكَتِيبَةِ نُعِتُوا بِالْفَشَلِ. أَكَّدَتْ كُلُّ الْكَتَائِبِ الْأُخْرَى أَنَّ الجِنْرَالَ قَدِ ارْتَكَبَ خَطَأً فَادِحًا. لَاحَظَ هنري أَنَّ أَصْدِقَاءَهُ بَدَوْا كَالْحَيَوَانَاتِ الْمُنْهَزِمَةِ. نَظَرَ ويلسون إِلَيْهِ، وَقَالَ: «أَتَسَاءَلُ مَاذَا يُرِيدُ مِنَّا. لَا بُدَّ أَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّنَا ذَهَبْنَا هُنَاكَ نَلْعَبُ!»
وَمَعَ أَنَّ هنري كَانَ غَاضِبًا، فَإِنَّهُ قَرَّرَ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى هُدُوئِهِ.
قَالَ: «عَلَى الْأَرْجَحِ لَمْ يَرَ الجِنْرَالُ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرَكَةِ. الْأَرْجَحُ أَنَّهُ شَعَرَ بِالْغَضَبِ، وَقَرَّرَ أَنَّنَا كُنَّا قَطِيعًا مِنَ الْغَنَمِ لِأَنَّنَا لَمْ نَفْعَلْ مَا أَرَادَهُ تَحْدِيدًا. إِنَّهُ سُوءُ حَظٍّ لَا أَكْثَرَ!»
رَدَّ صَدِيقَهُ وَقَدْ بَدَا أَنَّهُ يَشْعُرُ بِإِهَانَةٍ بَالِغَةٍ: «عَلَيَّ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ؛ لَا جَدْوَى مِنْ أَنْ تُحَارِبَ مِنْ أَجْلِ الْآخَرِينَ عِنْدَمَا يَكُونُ كُلُّ مَا تَفْعَلُهُ خَاطِئًا. أَكَادُ أَتَمَنَّى أَلَّا أُشَارِكَ فِي الْقِتَالِ الْمَرَّةَ الْقَادِمَةَ. دَعْهُمْ يَتَحَمَّلُوا الْمَسْئُولِيَّةَ وَيُقَابِلُوا الْعَدُوَّ وَحْدَهُمْ.»
عِنْدَهَا جَاءَ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ الْجُنُودِ مُسْرِعِينَ.
صَاحَ أَحَدُهُمْ: «عَلَيْكَ أَنْ تَسْمَعَ هَذَا يَا فليمنج!»
سَأَلَ هنري: «أَسْمَعُ مَاذَا؟»
رَدَّ الْجُنْدِيُّ: «الْتَقَى قَائِدُ الْكَتِيبَةِ بِمُلَازِمِكَ فِي مَكَانٍ قَرِيبٍ مِنَّا، وَقَالَ: «مَنْ ذَلِكَ الْجُنْدِيُّ الَّذِي كَانَ يَحْمِلُ الرَّايَةَ؟» فَأَجَابَهُ الْمُلَازِمُ: «إِنَّهُ هنري فليمنج. إِنَّهُ فَتًى قَوِيٌّ»، هَكَذَا قَالَ بِالْحَرْفِ. ثُمَّ قَالَ الْقَائِدُ: «إِنَّهُ حَقًّا كَذَلِكَ. إِنَّهُ مُحَارِبٌ جَيِّدٌ. لَقَدْ ظَلَّ رَافِعًا الرَّايَةَ عَالِيًا عِنْدَ الْجَبْهَةِ. لَقَدْ رَأَيْتُهُ بِنَفْسِي. إِنَّهُ جُنْدِيٌّ شُجَاعٌ.» ثُمَّ قَالَ الْمُلَازِمُ: «مَعَكَ حَقٌّ. هُوَ وَصَدِيقُهُ ويلسون كَانَا فِي الْمُقَدِّمَةِ طِيلَةَ الْوَقْتِ.» ثُمَّ قَالَ الْقَائِدُ: «كِلَاهُمَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ جِنْرَالًا فِي الْجَيْشِ».»
تَوَرَّدَ وَجْهَا هنري وويلسون خَجَلًا لِسَمَاعِ تِلْكَ الْأَخْبَارِ، وَسُرْعَانَ مَا نَسِيَا الْكَثِيرَ مِنَ الْأُمُورِ. لَمْ يَعُودَا يَشْعُرَانِ بِالْإِحْبَاطِ، بَلْ كَانَا سَعِيدَيْنِ لِلْغَايَةِ. امْتَلَأَ قَلْبَاهُمَا بِمَشَاعِرِ الِامْتِنَانِ وَالْعِرْفَانِ لِلقَائِدِ وَالْمُلَازِمِ.