مصطفى كامل باشا (١٨٧٤–١٩٠٨)
(١) اشتراك الشعب في حكم نفسه سبب الرقي
من الشعوب من يسلِّم زمام أموره إلى حكومته ويجري طوع إرادتها، ومنها من يجعل للحكومة حدًّا في السلطة والنفوذ ويُراقبها مراقبةً شديدةً إن أحسنَت كافأها وإن أساءت قضى عليها؛ فشعوب الشرق من النوع الأول، وشعوب الغرب من النوع الثاني؛ ولذلك كان الشرق في تأخُّرٍ وانحطاط، وكان الغرب في تقدُّم وارتقاء؛ لأن الشعب هو في الحقيقة صاحب البلاد وسيدها وحارس الوطن من كلِّ الأخطار، وما الحكومة إلا وكيلٌ عنه تُختار من نخبة أبنائه ومِن أشدِّهم حرصًا على مصالحهم.
(٢) إن الشعب هو القوة الوحيدة الحقيقية
على أننا لو تأمَّلنا قليلًا إلى ما أُقيم في هذه البلاد من عظائم الأعمال، لوجدنا أن الشعب هو المنشئ له والمُوجِد لكيانه؛ فهؤلاء الأفراد الصغار الذي لا يعبأ بهم الكبراء والعظماء هم في الحقيقة قِوام مصر ومَصدر نعمتها ولولاهم ما عرفنا العيش أبدًا. مَن المؤلِّف للجيش؟ أفراد الشعب. ومن المُكوِّن للشرطة وحفظ النظام؟ أفراد الشعب. ومَن المُوجِد لمحصولات مصر وخيراتها؟ أفراد الشعب. ومن يُعيِّش العظماء والكُبراء والأُمراء؟ أفراد الشعب؛ فهم دون غيرهم قِوام الوطن ومصدر خيره ومجده وسعادته، فكيف يُجحَف بحقوقهم؟ وكيف يُهانون؟ ألا ترى أن العظماء إنما هم كذلك لأن أفراد الشعب يَحمِلونهم فوق رءوسهم ويُطيعون أوامرهم؟ وإلا فلو تحوَّل الشعب ضدهم فماذا يفعلون؟ وهل يستطيعون مقاومته أو يقدرون على الوقوف أمامه؟ كلا ثم كلا! إن الشعب هو القوة الوحيدة الحقيقية، وهو السلطان الذي يخضع لإرادته أكبر العظماء وأعظم الأقوياء …
(٣) المساواة أمام الوطن
إن الناس سواءٌ أمام الوطن في الحقوق والواجبات.
(٤) المواطنون متكافلون متضامنون
إذا ظلَمتِ الحكومة أحدنا ولم نعمل لرد هذه المظلمة، كان ظلم الحكومة واقعًا لا محالة على الجميع …