ظواهر غريبة
كان البحر الذي كنا نجتازه مختلفًا للغاية حتى بدا دومًا أن هناك شيئًا جديدًا ومذهلًا يجب دراسته. وفي إحدى الليالي كنت في الصالون أدرس أنواع السمك في الأرخبيل. دخل القبطان نيمو الغرفة، لم يلحظ وجودي، بدا أنه غارق داخل عالمه الصغير، لم أقاطعه، وأخذت أتجول وأشاهد أسماك القوبيون التي صادفتها الغواصة الآن. ساعدت هذه الأسماك الصغيرة في إجراء دراسة رائعة وفي قضائي وقتًا ممتعًا.
في منتصف عملي ظهر رجل في المياه، كان غواصًا يحمل حافظة جلدية بحزامه، في البداية اعتقدت أنه قد يكون جثة بحار تائه، لعله رجل مسكين سقط من فوق المركب أو لعله ضحية أسماك القرش، لكنه كان حيًّا، كان يسبح بقوة، يصعد إلى السطح بين الحين والآخر ليلتقط أنفاسه.
التفتُّ إلى القبطان نيمو وصحت: «هناك رجل غارق! علينا إنقاذه!»
لم يجيبني القبطان، بل جاء وانحنى فوق النافذة، لامس الرجل الغواصة بيده ووضع وجهه فوق الزجاج، كان ينظر داخل الغواصة إلينا.
ومن دواعي دهشتي، أشار القبطان نيمو له، أجابه الغواص بيده، وسبح مباشرة نحو سطح المياه، ولم يظهر مجددًا.
قال القبطان نيمو: «لا تقلق، هذا بيسكا، إنه غواص جريء، فهو معتاد للغاية على البحار، يقضي في البحر وقتًا أطول مما يقضيه على اليابسة، وهو دائم التنقل بين جزيرة وأخرى.»
تجاهل القبطان وجودي مجددًا، ومر نحو خزانة لها أقفال حديدية، غطاؤها من النحاس، ويوجد بداخلها سبائك ذهبية، من أين حصل على هذا الذهب؟ كم تبلغ قيمته؟ ما الذي ينوي فعله بهذا الذهب؟
لم أنطق كلمة واحدة، شاهدت القبطان نيمو يأخذ السبائك الذهبية واحدة تلو الأخرى وينظمها داخل الخزانة. خمنت أن داخل الخزانة على الأقل أربعة آلاف باوند من الذهب.
أغلق القبطان الصندوق وكتب عنوانًا على الغطاء. وبعد أن أنهى ذلك ضغط على ذر لاستدعاء أربعة رجال. وبكل ما أوتي هؤلاء الرجال من قوة قاموا بدفع الصندوق خارج الصالون، وفي تلك اللحظة، استدار القبطان نيمو إليّ.
قال: «ماذا كنت تقول يا سيدي؟»
«لم أقل شيئًا يا قبطان.»
«إذن، طابت ليلتك.»
استدار القبطان وغادر الصالون.
عدت إلى حجرتي لأفكر في الأمر، لم أستطع النوم، بعد ما شاهدته للتو. كنت أستلقي على السرير عندما شعرت بالغواصة تصعد إلى السطح. تمكنت من سماع مركب صغير ينطلق عبر الأمواج. وبعد مرور ساعتين، سمعت الضجيج نفسه مرة أخرى. عاد المركب ونزلت الغواصة مرة أخرى إلى عمق البحر. إذن، تم تسليم هذه الملايين.
في اليوم التالي تحدثت إلى نيد وكونسيل عن الذهب، شعرا بالدهشة مثلي تمامًا، لم نستطع التوصل إلى إجابة ممكنة.
عدت إلى الصالون استغرقت في العمل ومراجعة الملحوظات حتى الساعة الخامسة مساءًا، وعند نهاية اليوم، شعرت بازدياد حرارة الغواصة، بدا ذلك الأمر غريبًا للغاية، وسرعان ما زادت الحرارة بالفعل، حتى إنني فكرت في وجود حريق بالغواصة.
كنت في طريقي لمغادرة الصالون حين دخل القبطان نيمو، اتجه نحو الترمومتر، وتفحصه، ثم استدار إليّ.
تحدثت قبل أن يتحدث هو: «إذا ارتفعت الحرارة أكثر من ذلك، فلن نستطع تحملها.»
قال القبطان: «أوه، لن ترتفع الحرارة أكثر ما لم نرد ذلك.»
سألت في لهفة: «هل بإمكانك خفض الحرارة؟»
قال: «كلا، لكن يمكننا الابتعاد أكثر عن المكان الذي بدأت فيه الحرارة في الارتفاع، نحن نطوف في تيار مياه تغلي.»
قلت في دهشة: «أهذا ممكن؟»
«انظر!»
فُتحت الأبواب حول النافذة ورأيت البحر أبيض اللون تمامًا، كان هناك دخان خفيف يلتف حول الأمواج، التي كانت في حالة غليان وكأنها مياه فوق موقد. وضعت يدي على إحدى النوافذ، كانت شديدة السخونة حتى إنني أبعدتها سريعًا.
فسر القبطان نيمو: «هذا هو الجزء البركاني في البحار، هذه ظواهر غريبة، فالجزر تهبط تحت الأمواج لتطفو مرة أخرى بعد ذلك.»
مع مرور الوقت، تحول البحر، الذي كان أبيض اللون، إلى اللون الأحمر. كنت أشعر بالاختناق وألهث لتنفس الهواء.
أصدر القبطان أمرًا، غادرت الغواصة نوتيلوس البقعة الساخنة، وبعد مرور خمسة عشر دقيقة، كنا نتنفس الهواء النقي في سطح المحيط. وعندما نظرت إلى الأمواج، خطرت ببالي فكرة، إذا اختار نيد هذا الجزء من البحر لهروبنا، فلن ننجح في اجتياز البحر أحياء.