نزعة تحت المطر
في صباح اليوم التالي، التاسع عشر من فبراير/شباط، دخل نيد غرفتي، توقعت هذه الزيارة، بدا محبطًا للغاية.
قال: «حسنًا، سيدي؟»
قلت: «حسنا يا نيد، لقد فقدنا فرصتنا ثانية.» حاولت التظاهر بالإحباط من أجله.
قال نيد: «أجل، قرر القبطان التوقف في الوقت الذي خططنا فيه لمغادرة الغواصة بالضبط.»
«أعلم، كان عليه تسوية بعض الأمور مع صاحب البنك.»
تعجب نيد: «صاحب البنك؟»
«حسنًا، أعتقد أنه يمكنني قول «بقعته الخاصة»، وبها أقصد قاع المحيط، فثرواته هنا في مكان أكثر أمنًا من الخزائن باليابسة.»
أخبرت نيد بعد ذلك عما حدث أمس، كنت أتمنى أن يغير رأيه حيال الرحيل، بدلًا من ذلك أبدى شعوره بالإحباط أنه لم يتمكن من التنزه في بقعة معركة فيجو.
قال نيد: «حسنًا، لا تهتم بما حدث أمس، ما زال أمامنا الليلة.»
سألت: «أي اتجاه ستسلك الغواصة نوتيلوس؟»
أجاب نيد: «لا أدري، سنكتشف عند الظهيرة.»
عاد نيد إلى كونسيل، ارتديت ملابسي وذهبت إلى الصالون، لن يسعد نيد بالاتجاه الموجود بالبوصلة، فكنا نغادر أوروبا.
لم أشعر بالأسف حقًّا، فسأتمكن من العودة إلى عملي بقدر من الشعور بالهدوء.
في تلك الليلة حوالي الساعة الحادية عشرة، فوجئت بزيارة القبطان نيمو، سألني هل أريد رؤية العالم السفلي بالمحيط ليلًا.
«أحذرك أن الطريق سيكون شاقًّا، سنسير طويلًا، وسنضطر إلى تسلق جبل، أيضًا الطرق وعرة.»
لم أضطر إلى التفكير طويلًا.
«أنا مستعد!»
ارتدينا ملابس الغطس بمساعدة أفراد الطاقم، لاحظت أنني والقبطان فقط من سيقوم بهذه المغامرة، فكرت قليلًا في شعور نيد بالغضب لأنه لم تتم دعوته مرة أخرى لمغامرة. لكن لم يكن لدي متسع من الوقت للقلق حيال ذلك، في غضون بضع لحظات، كنا مستعدين.
سألت: «أين المصابيح الكهربية؟»
أجاب القبطان: «ستكون عديمة الجدوى.»
لا أعتقد أنني أخطأت السمع لكنني لم أشك فيما يقول. اختفت رأس القبطان داخل صندوق معدني، ومع بضع طرقات وسحبات، كنا نسير معًا في قاع المحيط الأطلنطي.
كان منتصف الليل تقريبًا والمياه مظلمة للغاية، لكن القبطان أشار إلى بقعة حمراء على بعد ميلين من الغواصة نوتيلوس. لم يكن لدي أي فكرة عن ماهية هذه البقعة أو لماذا كانت هناك، أدركت فقط أننا كنا نتجه نحوها.
أثناء سيرنا تمكنت من سماع صوت طقطقة، استغرقت دقيقة للتوصل إلى الصوت، أمطار! كانت الأمطار ترتطم بالأمواج بقوة في منتصف العاصفة! لم أستطع كبح الضحك لهذه الفكرة الغريبة!
واصلنا سيرنا، لاحظت أن التربة أصبحت مغطاة بالحجارة أكثر وأكثر، وأصبح الضوء الأحمر البعيد أكثر لمعانًا، حاولت تأليف قصص في ذهني عن المكان الذي نتجه إليه، أدركت أن القبطان نيمو مر بهذه الطريق من قبل، تبعته مدركًا أننا سنصل هناك في أمان.
كانت الواحدة صباحًا عندما وصلنا إلى المنحدرات الأولى للجبل، لكن للوصول إليها، اضطررنا إلى عبور منطقة الأشجار الميتة، هذه الأشجار، التي ليس بها أوراق أو عصارة، قد سقطت، كانت ممتزجة بالطحالب والأعشاب البحرية وغير ذلك من النباتات والحيوانات، بدا من المستحيل اجتيازها، اتبعت مرشدي الذي لا يصاب بالإنهاك أبدًا على ما يبدو. تسلقنا الصخور واستخدمنا عصا للقفز فوق الشقوق والحفر.
بعد مرور ساعتين من مغادرتنا الغواصة نوتيلوس، عبرنا خط الأشجار ورأينا قمة الجبل ترتفع مائة قدم فوقنا، تجمد الدم في عروقي من رؤية علامات الحياة البحرية حولي، كان هناك استاكوزا ضخمة الحجم تحرك مخالبها تجاهنا، وسرطان البحر يصوب براثنه نحونا كالبنادق، قرون استشعار ضخمة سدت طريقنا، مما جعلني أشعر بأنني موجود في غير محلي.
عندما شققنا طريقنا خلالها وصلنا إلى أرض مرتفعة، كان المشهد أمامي مدهشًا، كل شيء من صنع الإنسان وليس من صنع الطبيعة، كان هناك كومات شاهقة من الحجارة، على هيئة قصور ومعابد. وبدلًا من اللبلاب البحري، كان هناك نباتات لخضراوات، لكن ماذا كان هذا المكان؟ مَن وضع هذه الأحجار هنا؟ أين أحضرني القبطان نيمو؟
واصلنا سيرنا حتى القمة، نظرت أسفل الجانب الذي تسلقته الآن، وقعت عيني على مساحة شاسعة مضيئة. في واقع الأمر، كان الجبل بركانًا.
كانت هذه القمة تقذف بحمم ملتهبة في صورة حجارة ومواد سائلة. كانت المنطقة مضاءة كالمصباح الكهربي، تتبعت بعيني كتل الحمم الحمراء أشاهدها وهي تسقط في الأسفل. ما رأيته جعلني أهز رأسي. هناك تمتد مدينة، مدمرة ومنهارة، كانت أسقفها ممتدة في مواجهة السماء وانهارت معابدها. كانت هناك جدران غارقة، شوارع فارغة وموانئ كانت في السابق ترسو المراكب عند حوافها.
لم أستطع تصديق ما قرأت! جزيرة أتلانتس، القارة القديمة بالمحيط الأطلنطي، هل هذا معقول؟ قيل إن هذه القارة غرقت تحت البحر نتيجة بركان ضخم ولم يعثر عليها أحد قط، في واقع الأمر صدق العديد من الناس أنها لم تكن موجودة من الأساس، لكن إذا كانت موجودة، وربما هي موجودة، عرفت أن القبطان نيمو سيكون الشخص الذي عثر عليها. في كلتا الحالتين، أدركت أنني أنظر إلى مدينة عتيقة للغاية.
تجولت في المكان، تحسست بيدي أنقاضًا عمرها آلاف السنين، حاولت أن أرسخ في ذهني كافة تفاصيل هذا المنظر البديع، نظرت تجاه القبطان نيمو، كان ينحني فوق حجر مغطى بالطحالب، ويقف ثابتًا بلا حراك. هل كان يحلم بهؤلاء الرجال اللذين اختفوا منذ عهد بعيد؟ تمنيت بشدة أن أعرف ما يجول في خاطره في تلك اللحظة.
مكثنا في هذا المكان مدة ساعة، حفظت عن ظهر قلب الأرض أسفل الحمم اللامعة والاهتزازات أسفل قدمي. حتى إن الصوت سوف يظل معي إلى الأبد. لن أنس أبدًا ما أراني إياه القبطان.