إمدادات الهواء
أحاط بالغواصة نوتيلوس، من أسفلها وأعلاها، جدار سميك من الثلج، كنا محتجزون بين الجليد، راقبت القبطان، بدا عليه شيء من القلق.
قال في هدوء: «يا سادة، أنتم تشعرون بالقلق حيال أشياء لا داعي للقلق حيالها.» كانت النظرات الحائرة التي علت وجوهنا تسأله الاستمرار في الحديث.
«أولًا، لن نجوع حتى الموت على متن هذه الغواصة، فهناك ما يكفي من إمدادات الطعام بهذه الغواصة للصمود في أي محنة.»
لم أفكر في هذا الأمر، لذا لم أشعر بأي راحة لدى سماعي هذه النقطة.
«ثانيًا، أدري أنكم فكرتم جميعًا في احتمالات نفاد الأكسجين، يجب ألا تخشوا من هذا الأمر، لدينا إمدادات من الهواء على متن الغواصة تكفينا مدة ثمانية وأربعين ساعة.»
سألته: «لكن يا قبطان، ماذا سيحدث بعد ذلك؟»
«أعتقد يا سيد آروناكس أننا سنكون اخترقنا هذا الجدار بحلول ذلك الوقت.»
سألته: «من أي جانب؟»
«سأستخدم أجهزتي للعثور على أقل الجوانب سمكًا، وسوف يخترق رجالي ذلك الجانب.»
أدركت الخيار الثالث الذي ينبغي أن نخشاه، لطالما لازمتني فكرة تحطمنا أسفل هذا التل الجليدي، فلم أكن بحاجة أن يذكرني القبطان بهذا الخيار.
خرج القبطان نيمو، شعرت بهبوط الغواصة ببطء وارتكازها على الجليد في عمق يبلغ ثلاثمائة وخمسين ياردة.
قلت: «يا صديقيّ، إن وضعنا خطير، لكنني أدري أنكم ستظهرون شجاعةً.»
كان كل فرد على متن الغواصة على استعداد لإظهار شجاعته، فقد استعددنا بارتداء سترات النجاة، خرج اثنا عشر فردًا من طاقم السفينة نحو حافة الجليد وهم يحملون الفئوس، وبعد مرور ساعتين من الحفر الشاق، جاء نيد والآخرون وهم يشعرون بالإنهاك، وحل محلهم طاقم آخر من العمال، كنت أنا وكونسيل ضمنه. بدت المياه شديدة البرودة، لكنني شعرت بالدفء سريعًا مع تحريك الفأس. عندما عدت إلى النوتيلوس لتناول الطعام والاستراحة، وجدت اختلافًا كبيرًا في الهواء، كان من الصعب التنفس داخل الغواصة، لم يُجدد الهواء مدة يومين، شعرت بالاختلاف بالفعل، ارتجفت وأنا أفكر في الساعات القادمة، فبعد اثنتي عشرة ساعة من العمل، لم نحطم سوى ياردة واحدة من الثلج! وبهذا المعدل سوف نستغرق خمس ليال وأربعة أيام لاختراق الجليد تمامًا. لكن لا نملك سوى هواء يكفينا مدة يومين بالغواصة! سوف ينفد الهواء قبل أن تتمكن النوتيلوس من الصعود إلى السطح بفترة طويلة.
واصلنا جميعًا العمل دونما شكوى أو التفكير في الأشياء المريعة التي قد تنتظرنا. على الأقل أثناء العمل بالفأس تشعر كأنك تسهم بشيء، كما تشعر بأنك على قيد الحياة، حيث تستنشق هواء جديدًا. فهؤلاء هم الرجال الأكثر احتياجًا للهواء النقي، عندما أذهب إلى الغواصة للاستراحة من العمل، أتمكن من التنفس بصعوبة شديدة، فالزفير قد ملأ الغواصة، فكنا نتنفس ببساطة الزفير، لا بد من وجود هواء نقي لضخه في الغواصة، لكن لا يمكن هذا.
على مدى أيام، تعايشنا مع حقيقة أن الهواء ينفد منا، استمر الرجال في الحفر على نوبات لاختراق الجدار الجليدي. لا شك أننا أبطأنا، كانت أجسادنا ضعيفة ولا نفكر إلا في الهواء، مما أجبر القبطان نيمو على التفكير فيما وراء خطته الأصلية، حتى في ظل حالته المؤسفة، فكر الرجل بسرعة وتوصل إلى أفكار ذكية.
إحدى حيله، استخدام خراطيم مياه مغلية لرفع درجة الحرارة في ذلك الجزء من البحر. وحيلة أخرى، التي أدت في النهاية إلى إنقاذنا على الأرجح، كانت تخفيف وزن الغواصة، ثم ملء منطقة التخزين بالغواصة بالمياه، بلغ وزن النوتيلوس الآن ألفًا وثمانمائة طن، تصدع الجليد أسفلنا، وهبطت الغواصة، سرعان ما بدأت المضخات في طرد المياه خارج الغواصة، ومع خفة وزن الغواصة بدأت في التحرك بسرعة كبيرة، اخترقت المياه وانطلقت للأمام كالرصاصة داخل منطقة ثلجية، واخترقنا إلى سطح المياه وتذوقنا الهواء البحري المالح الذي كنا نحلم به على مدى أيام، كانت هذه الحادثة من أكثر الحوادث التي اقتربت فيها من الموت.