الفصل السابع عشر
قيامُ الرِّجال الأحرار بالخدمة العسكرية
كان يقوم بالخدمة العسكرية صنفان من الناس: اللُّودات الفَسَّالات أو الفسلات
التابعون الذين كانوا مُلزَمين نتيجةً لإقطاعاتهم، والرجالُ الأحرار من الفرنج والرومان
والغوليين الذين كانوا يقومون بالخدمة تحت إمرة الكونت، والذين كان يقودهم هو
وضباطه.
وكان اسم الرجال الأحار يطلق — من ناحية — على من لم يكن لهم عوائد أو إقطاعات،
ويُطلق — من ناحية أخرى — على من لم يخضعوا للفدَّادية الأرضية، فكانت الأرضون التي
يتصرفون فيها تسمى الأرَضين الإقطاعية المُعفاة.
وكان الكونتات يجمعون الرجال الأحرار ويجلُبونهم إلى الحرب،
١ وكان يوجد تحت إمرتهم موظفون يسمونهم وكلاء،
٢ وبما أن جميع الرجال الأحرار كانوا مقسومين إلى مئات يتألف منها ما يسمَّى
قَصَبَة فإنه كان يوجد تحت إمرة الكونتات، أيضًا، ضباط يسمَّوْن قواد مائةٍ فيجلبون
رجال القصبة الأحرار أو مئاتهم إلى الحرب.
٣
ووقع هذا التقسيم إلى مئات بعد استقرار الفرنج ببلاد الغول، ووضع هذا التقسيم كلوتيرُ
وشلدبرت حملًا لكل كُورة على ردِّ السرقات التي تحدث هنالك، ويُرَى هذا في مراسيم هؤلاء
الأمراء،
٤ وضابطة مثل هذه لا تزال تشاهَد في إنكلترة.
وكما أن الكونتات كانوا يجلُبون الرجال الأحرار إلى الحرب كان اللودات يجلبون إليها
ﭬﺴَّﺎلاتهم أو من يجيء بعد ﭬﺴَّﺎلاتهم، وكان الأساقفة أو الشَّمَامسة أو
قوَّامو
٥ الكنائس يجلبون إليها أتباعهم.
٦
وكان الأساقفة على شيء من الارتباك، وكانوا غير راضين عن أعمال أنفسهم،
٧ فسألوا شارلمان ألا يكرههم على الذهاب إلى الحرب، فلما نالوا ذلك توجَّعوا
من تخسيرهم الإكرام العام، وهنالك اضطُرَّ هذا الأمير إلى تسويغ مقاصده، ومهما يكن من
أمر فإنني لا أرى أن ﭬﺴَّﺎلاتهم كانوا يساقون إلى الحرب من قبل الكونتات في الأوقات
التي عادوا لا يذهبون إليها، وعلى العكس يُرَى أن الملوك أو الأساقفة كانوا يختارون أحد
أتباعهم ليقودوهم
٨ إليها.
وفي مرسوم للويس الحليمِ
٩ يَمِيز الملك ثلاثة أصناف من اﻟﭭﺴَّﺎلات: ﭬﺴَّﺎلات الملك، وﭬﺴَّﺎلات
الأساقفة، وﭬﺴَّﺎلات الكونت.
وأما ﭬﺴَّﺎلات اللود،
١٠ أو السنيور، فلم يكونوا ليُجْلَبُوا إلى الحرب من قبل الكونت إلا حينما
يحول بعض الأشغال في بيت الملك دون جلبهم إليها من قبل اللودات أنفسهم.
ولكن من ذا الذي كان يجلب اللودات إلى الحرب؟ لا يمكن أن يُشَكَّ في أن الملك يكون
على رأس أتباعه في كل حين، ولذا يُرَى في مراسيم الملوك دائمًا، اختلاف بين ﭬﺴَّﺎلات
الملك وﭬﺴَّﺎلات الأساقفة،
١١ ولم يكن ملوكنا الشجعان الشُّمَّخ السُّراة في الجيش ليكونوا على رأس هذه
المليشيا الإكليريكية مطلقًا، ولم يكن هؤلاء الناس هم الذين يختارونهم ليغلِبوا أو
يموتوا معهم مطلقًا.
بيد أن هؤلاء اللودات كانوا يجلُبون ﭬﺴَّﺎلاتهم وتابعي ﭬﺴَّﺎلاتهم، ويظهر هذا جيدًا
من هذا المرسوم
١٢ الذي يأمر شارلمانُ فيه بأن يذهب لملاقاة العدو أو أن يتَّبع سنيوره كلُّ
رجل حر صاحب لأربعة منازل حقلية، سواء عن مِلْك له أو عن عوائد لدى آخر، فمن الواضح أن
شارلمان أراد أن يقول إن الذي لم يكن له غير أرض خاصة يدخل مليشيا الكونت وإن الذي يقبض
على عائدة من السنيور يذهب معه.
ومع ذلك فإن الشماس دوبوس
١٣ يزعم أنه إذا ما تُكُلِّم في المراسيم القديمة عن رجال تابعين لسنيور خاص
لم يكن غير الفدَّادين موضوعًا للبحث، ويستند في ذلك إلى قانون الفِزِيغوت ومنهاج هذا
الشعب، وكان الأصلح أن يستند إلى المراسيم القديمة نفسها، وما ذكرتُه هو عكس ذلك
تمامًا، وكذلك المعاهدة بين شارل الأصلع وإخوته تتكلم عن رجال أحرار يُمكنهم أن يختاروا
الملك أو أحد السنيورات، ويلائم هذا الحكم أحكامًا كثيرة أخرى.
إذن، يمكن أن يقال إنه كان يوجد للمليشيا ثلاثة أنواع: مليشيا لودات الملك أو
نُصَرائه الذين يوجد نصراء آخرون تابعون لهم، ومليشيا الأساقفة، وغيرهم من الإكليروس،
وﭬﺴَّﺎلاتهم، ثم مليشيا الكونت الذي كان يجلُب الرجال الأحرار.
ولا أقول، مطلقًا، إن اﻟﭭﺴَّﺎلات لم يمكن أن يكونوا خاضعين للكونت، وذلك كاتِّباع
من
لهم قيادة خاصة صاحبَ قيادة أعمَّ منها.
حتى إنه كان يُرَى أن الكونت ومبعوثي الملك قادرون على إلزامهم بدفع البان؛ أي بدفع
غرامة، عندما لا يقومون بالتزامات إقطاعتهم.
وكذلك كان ﭬﺴَّﺎلات الملك، إذا ما نالوا نِهابًا،
١٤ يخضعون لتأديب الكونت عندما يرغبون عن الخضوع لتأديب الملك.
هوامش