الفصل الخامس والعشرون
السبب المهم في ضعف الجيل الثاني
تغيير في التراثات
قضى شارلمان في التقسيم الذي تكلمت عنه في الفصل السابق
١ بأن ينال، بعد موته، رجال كل ملك عوائد في مملكة ملكهم، لا في مملكة ملك
آخر،
٢ وذلك بدلًا من أن يحتفظوا بتراثاتهم في أية مملكة كانت، ولكنه يضيف إلى ذلك
إمكان كل رجل حر، بعد موت سنيوره، التماس إقطاعة مع التزامات في أي من الممالك الثلاث
التي يريد كالذي لم يكن له سنيور
٣ قط، وتجد عين الأحكام في التقسيم الذي وضعه لويس الحليم بين أولاده
سنة
٤ ٨١٧.
ولكن الرجال الأحرار، وإن كانوا يلتمسون إقطاعة، مع التزامات لم يتطرق إلى مليشيا
الكونت وهنٌ قط، فمما كان يجب، دائمًا، أن يساعد الرجل الحر من أجل تراثه ويعد أناسًا
يقومون بالخدمة بنسبة رجل واحد لكل أربعة منازل حقلية، أو يعد رجلًا ليقوم بخدمة
الإقطاعة من أجله، وبما أنه نَجَمَ عن ذلك سوء استعمالات فإنه وقع تلافيها كما يظهر ذلك
من نُظم
٥ شارلمان ونظام ملك إيطالية، بِيبَن،
٦ اللذين يفسر كل منهما الآخر.
أجل، إن ما قاله المؤرخون عن كون معركة فونتناى أدت إلى تقويض المملكة؛ صحيح جدًّا،
ولكن ليؤذنْ لي في إلقاء نظرة على نتائج ذلك اليوم المشؤومة.
لقد عقد الإخوة الثلاثة: لوتير ولويس وشارل، بعد هذه المعركة، معاهدة أجد فيها نصوصًا
سياسية غيرت جميع الدول السياسية لدى الفرنسيين
٧ لا ريب.
ويقول شارل
٨ في البلاغ الذي وجهه إلى الشعب عن قسم هذه المعاهدة الخاص به إن كل رجل حر
يستطيع أن يختار من يريده سنيورًا، سواء أمن الملك أم من السنيورات
٩ الآخرين، وكان يمكن الرجل الحر أن يلتمس إقطاعة مع التزامات قبل هذه
المعاهدة، غير أن تراثه كان يظل تحت سلطان الملك المباشر دائمًا، أي تابعًا لقضاء
الكونت، وهو لم يكن تابعًا للسنيور الملتمس لديه مع الالتزامات إلا بسبب الإقطاعة التي
نالها منه، فلما عقدت هذه المعاهدة صار كل رجل حر قادرًا على جعل تراثه تابعًا للملك
أو
السنيور كما يختار، ولم يقع حديث، قط، حول الذين يلتمسون إقطاعة مع الالتزامات، بل حول
من كانوا يحولون تراثهم إلى إقطاعة ويخرجون بذلك من نطاق القضاء المدني ليدخلوا نطاق
سلطان الملك أو السنيور الذي يختارونه.
وهكذا أصبح من كانوا تحت سلطان الملك صراحة، كرجال أحرار تابعين للكونت، ﭬﺴَّﺎلات،
ما
دام كل رجل حر يستطيع أن يختار سنيورًا له من يريد، سواء أمن الملك أم من السنيورات
الآخرين.
وإذا حول رجل إلى إقطاعة أرضًا كان يحوزها حيازة مؤبدة عادت هذه الإقطاعات الجديدة
لا
تكون لمدى الحياة، وكذلك سنرى، عما قليل، قانونًا عامًّا للإنعام على أولاد الحائز
بإقطاعات، وهو من وضع شارل الأصلع الذي هو أحد الأمراء الثلاثة الذين تعاقدوا.
١٠
وما قلته عن حرية جميع رجال المملكة، منذ معاهدة الإخوة الثلاثة، في اختيار السنيور
الذي يريدون، سواء أمن الملك أم من السنيورات الآخرين، تأيَّد بالأعمال التي حدثت منذ
ذلك الزمن.
وكان الفسَّال، منذ عهد شارلمان، إذا ما نال من سنيور شيئًا، ولو كان ثمنه فلسًا،
لم
يستطع أن يتركه،
١١ غير أن اﻟﭭﺴَّﺎلات في عهد شارل الأصلع استطاعوا أن يتبعوا مصالحهم أو هواهم
بلا عقاب، وقد بلغ هذا الأمير من قوة التعبير في ذلك ما يلوح معه أنه يدعوهم إلى التمتع
بهذه الحرية أكثر مما إلى تقييدها،
١٢ وقد كانت العوائد منذ زمن شارلمان شخصية أكثر منها حقيقية، ثم أصبحت حقيقية
أكثر منها شخصية فيما بعد.
هوامش