صدام الحضارات: إعادة صُنع النظام العالمي
«وقد شَهِدت السنوات التي تلَت الحربَ الباردة بداياتِ تغيُّراتٍ مثيرة في هُوِيات الشعوب ورموز تلك الهُوِيات، وبدأت السياسة الكونية في إعادة التشكُّل على خطوطٍ ثقافية. كانت الأعلام المقلوبة علامةً على الانتقال، ولكنها تدريجيًّا أصبحَت تُرفرف صحيحة، وأصبح الروس وشعوبٌ أخرى يُنظِّمون صفوفَهم ويسيرون خلف تلك الرموز وغيرها من التي تدلُّ على هُوِيتهم الثقافية الجديدة.»
الحضارة عند «صامويل هنتنجتون» هي الكِيان الثقافي الأوسع الذي يضمُّ الجماعات الثقافية مثل القبائل والجماعات العِرقية والدِّينية، وفيها يُعرِّف الناس أنفُسَهم بالنَّسَب والدِّين واللغة والتاريخ، ومن هذا التعريف رُسِمت صورةُ الصراع الذي شَهِده العالَم في نهايات القرن العشرين وخلال القرن الحادي والعشرين. يؤكِّد هذا الكتاب نهايةَ الصراعات الأيديولوجية بانتهاء الحرب الباردة بين الرأسمالية والشيوعية، ودخول العالَم في طَورِ صراعٍ جديد، هو الصراع على أساس الدِّين والثقافة والتاريخ، وستكون الحضارةُ الغربية العلمانية والعالمُ الإسلامي أبرزَ طرفَين في هذا الصراع الحضاري، وقد قدَّم الكتابُ بعضَ الاستشهادات على بداية هذا الصراع؛ منها الحرب العراقية على الكويت، والنزاع بين أرمينيا وأذربيجان، والنزاع في يوغوسلافيا، والمجازر التي تعرَّضَت لها البوسنة على يد الصرب؛ حيث وقفت الدولُ الكبرى في هذا الصراع مع الطرفِ المنتمي إلى نفس دِينها وثقافتها.