الفصل التاسع
لم يُبدِ سيادة القاضي موبرلي أيَّ ملاحظات، والآن كان قد انحنى إلى الأمام قليلًا تجاه هيئة المحلَّفين، وكأن الأمر لم يكن يعني بقيةَ الموجودين في المحكمة، وكان الصوت الجميل الذي جذب دارسي في البداية واضحًا الآن بما يكفي ليسمعَه كلُّ الحاضرين. وعرَّج القاضي على الشهادات والأدلة بإيجازٍ ولكن بعناية، وكأنَّ الوقت لم يكن له أهمية. وانتهى حديثُه بكلماتٍ شعر دارسي أنها تُضفي مصداقيةً لجهة الدفاع، وارتفعت روحه المعنوية.
«أيها السادة أعضاء هيئة المحلَّفين، لقد استمعتم بكثيرٍ من الصبر وباهتمامٍ بالغ على ما يبدو إلى الشهادات التي أُدليَ بها في هذه الجلسة الطويلة، والآن حان الوقت لكي تَدرُسوها وتُقدِّموا حُكمَكم. كان المتهَم فيما مضى جنديًّا ولديه سجلٌّ يشهد بما يتمتَّع به من بسالةٍ واضحة، وعلى ذلك حصل على وسام، لكن لا ينبغي لهذا أن يُؤثِّر في قراركم، الذي ينبغي له أن يكون مبنيًّا على الشهادات والأدلة التي قُدِّمت لكم. والمسئولية الملقاة على عاتقكم ثقيلةٌ لكنني واثقٌ من أنكم ستُنفِّذون واجبكم من دون خوفٍ أو محاباة بما يتفق مع القانون.
إن اللغز الرئيسي هنا — هذا إن كان يصحُّ إطلاق كلمة لغز على المسألة — الذي يلفُّ هذه القضيةَ هو سبب دخول الكابتن ديني إلى الغابة حين كان بإمكانه أن يظلَّ في العربة في الأمان والراحة؛ فمِن غيرِ المعقول أن يقع هجومٌ عليه في وجود السيدة ويكهام. وقد قدَّم المتهَمُ تفسيرَه عن سبب طلب الكابتن ديني أن تتوقَّف العربة، ومِن واجبكم أن تعرفوا ما إن كان هذا التفسير مَرْضيًّا لكم أو غير ذلك. والكابتن ديني ليس على قيد الحياة ليُفسِّر سببَ فعله، وليست هناك شهادةٌ أخرى من شأنها أن تُوضِّح هذه المسألةَ غيرُ التي قدَّمها السيد ويكهام. وعلى غِرار الكثير في هذه القضية، كان تفسيرُ ذلك افتراضيًّا، وكانت الشهادة تحت القسَم، وهي ليست مبنيةً على آراء لا أساسَ لها، ومن ثمَّ يمكن أن تُقدِّموا حكمَكم بشكلٍ آمن؛ الظروف التي وجدت مجموعة البحث في سياقها جثةَ الكابتن ديني وسمعوا الكلماتِ المنسوبةَ إلى المتهم. وقد سمعتم تفسيره عن مَغْزاه منها، والأمر إليكم لتقرِّروا ما إن كنتم تُصدِّقونه أو لا. وإن كنتم على يقينٍ بما لا يدعُ مجالًا للشك أن جورج ويكهام مدانٌ بقتل الكابتن ديني، فسيكون حكمكم بأنه مُدان؛ وإن لم يكن هذا اليقين مستقرًّا عندكم فالمتهَم بريء. والآن أتركُكم لمداولاتكم. وإن كنتم ترغبون في أن تتجِهوا إلى مكانٍ تتشاوَرون فيه بشأن حكمكم، فقد تم تخصيص غرفةٍ لذلك وهي متاحة.»