١١
القاهرة في …
حبيبي محب
لا تدري كم اشتقت إليك بعد مرور هذه الفترة الطويلة التي لم أرك فيها. كذلك فإن خطاباتك قد تباعدت وأصبحت قصيرة في الفترة الأخيرة. ولكني أعذرك؛ لأني أعرف كم أنت مشغول الآن بعد عثورك على هذا المخطوط الجديد. اكتب لي أكثر عن تفاصيل عثورك عليه، فهو كنزٌ كبير. أنا أيضًا مستمرة في رسالة الماجستير في اجتهاد؛ فهي التي تنقصني كي ألحق بك في باريس ونجتمع معًا مرة أخرى. شكرًا على ما أرسلته لي من كتب، فقد استعنت بها كثيرًا، والدكتور عزيز المشرف راضٍ عن سير رسالتي ويساعدني فيها كثيرًا وقد قاربتُ على الانتهاء منها، وأعمل كل ليلة فيها. ولكن التدريس يأخذ معظم وقتي؛ فأنا مضطرة للتحضير طويلًا للمحاضرات التي ألقيها على الطلبة. ولكني أُمضي وقتًا رائعًا مع ألبير كامي حين أعمل في الرسالة أو أطالع أعماله. لقد عشقت رواياته وكتاباته الجميلة، وأنا أحلم أيضًا بالمستقبل وموضوع الدكتوراه إن شاء الله في فرنسا، وبما وعدتني به في خطاباتك بأن نذهب معًا إلى بلدة شارلفيل؛ لنزور متحف رامبو الذي سأدرس أشعاره ونسير على ضفاف نهر «الميز» الذي طالما سار عليه. آه يا محب، كم اشتقت إليك. أرجو أن تكون في أحسن حال، وتفكر فيَّ كثيرًا كما أفكر فيك دائمًا، وألا تشغلك عني بنات فرنسا، وأنا أعلم أنك «ذواقة» في الجمال. حذار.
قبلاتي. وأنا في انتظار خطاب منك.
ملاحظة: ما رأيك لو أننا حجزنا شقة منذ الآن في القاهرة لما بعد عودتنا من فرنسا إن شاء الله؟ فأنا أرى أسعار الشقق سواء للإيجار أو التمليك ترتفع تدريجيًّا بشكلٍ كبيرٍ وأخشى ألا نتمكن بعد ذلك من الحصول على مسكن ملائم.
باريس في …
حبيبتي سهير
أسعد جدًّا بقراءة خطاباتك التي تحمل لي ذكريات حبنا معًا، وأطياف كلية الآداب حيث تعارفنا، وأخبار رسالتك التي أرجو أن تعملي فيها بجد واجتهاد.
أنا مستغرق في دراسة المخطوط الذي ذكرته لك، وإن كان يأخذ مني وقتًا كبيرًا، ذلك أن المكتبة التي وجدته فيها مكتبة خاصة ولا تسمح بتصويره، وهذا يسبب لي مضايقات كثيرة. ولكن يخفف عني ذكرياتنا في القاهرة، وجولاتنا فيها وفي الكازينوهات على النيل والأفلام التي شاهدناها معًا، خاصة في سينما روكسي (أتذكرين؟) رغم ضنِّك عليَّ بأبسط حقوق المحبين.
من ناحية البحث عن شقة، أرى تأجيل ذلك الآن؛ فأمامي وقت طويل هنا ولا أدري متى سأعود وما ستكون عليه الظروف عندها. ولكن الأمر لك في هذا الشأن. وأرجو ألا تقطعي عني خطاباتك حتى لو قللت أنا من خطاباتي نظرًا لظروفي.
أهديك قبلاتي وسلامي.
ملاحظة: ساءني جدًّا ذكرك لأستاذك وإطراؤك له في كل رسالة لك، ألا تلاحظين أن ذلك كثير جدًّا!