أشياء للمناقشة
كانت قاعة العرض في مقرِّ الشياطين اﻟ «١٣»، في ذلك المساء، مُعَدَّة لحدثٍ هام … فقد حصل الشياطين على شريط الفيديو، الذي صوَّره «مايكل راف» لزعيم منظمة «سادة العالم» … هذا الشريط الخطير، الذي خاضَ الشياطين معركةً ضاريةً للحصول عليه، وانتهت بمصرع «مايكل راف» على يد المنظمة …
وكان رقم «صفر» في تلك الأُمسية حريصًا على أن يَحضُر العرض الخاص بشريط الزعيم؛ لمناقشة الشياطين اﻟ «١٣» في طريقة التعامل معه … وفي السابعة والنصف تمامًا، كان كل شيء مُعَدًّا للعرض … وجلس الشياطين جميعًا في الصالة، بينما جلس رقم «صفر» في كابينة خاصة خلف قاعة العرض، وأمامه ميكروفون ليتحدث من خلاله مع الشياطين …
أُطفِئت أنوار القاعة وسادَ الصمت … وبدأ شريط الفيديو يدور … وظهرت غرفة واسعة بها مكتب، وبعض صفوف الكتب، وحقيبة ضخمة وُضعَت على الأرض … كانت الكاميرا ثابتةً لا تتحرك، فهي مُركَّزة على المكتب فقط … وواضح أنَّها وُضعَت بطريقةٍ خفيةٍ بحيث لا يكتشفها أحد … وظلَّت الصورة ثابتةً على المكتب فترةً دون أن يظهر أحد … ثم سمع صوت أقدام مختلطة … وظهر رجلٌ قصيرُ القامة متين البُنيان … حجم رأسه الكبير لا يتناسب مع حجم جسمه … مُمشَّط الشعر بعناية … سريع الحركة كالقط … جلس إلى المكتب، فبدا وجهه ذو الملامح الجامدة غريبًا بعض الشيء.
كان يتحدث مستخدمًا يديه في شرح وجهة نظره، وهو يقول: لقد اشترينا نصف الشاطئ … والمرتفعات التي خلفنا يسكنها عدد من الصيادين …
رَدَّ صوت من خارج الصورة: لقد أُقيمَ حاجز الأمواج بطريقةٍ رائعة … المهم الدرفيل!
الزعيم: سيكون كل شيء جاهزًا بعد عشرة أيام … لقد اتفقت مع المدرب … وسيتم الشحن في نفس الموعد تقريبًا!
الرجل: إن «مايكل راف» … صاحب هذا المكان يريد أن يبيعه لنا.
الزعيم: لم نَعُد في حاجةٍ إليه … لقد أصبح معروفًا للكثيرين …
الرجل: ولكن يا سيدي إنه يعرف الكثير.
الزعيم: دَعْك من «مايكل راف» هذا … بعد أن نترك هذا المكان سوف تتولى فرقة الاغتيالات تصفيته …
الرجل: ولكن!
الزعيم، وهو يشير بيديه في ضيق: دعك من لكن هذه التي تُكرِّرها في كل حديث.
سادَ الصمت، واتجهت خطوات المتحدث إلى الخارج، بينما رنَّ جرس التليفون، وأخذ الزعيم يتحدث: نعم … الاجتماع القادم بعد عشرة أيام … نعم جميع رؤساء الفروع ما عدا «واتكر».
استمع الزعيم لحظات، ثم قال: يجب أن ننتهيَ منه قبل الاجتماع … فلو عقدنا الاجتماع دون أن ندعوَه، فسوف يشعر أن في الأمر شيئًا … وسيأخذ حذره … أما الآن …
واستمع الزعيم لحظات، ثم قال: بالضبط!
ووضع السماعة … ثم أخرجَ مرآةً صغيرة من دُرج مكتبه وأخذ ينظر إليها لحظات، ووضع يده على شعره … ونظر مرةً أخرى بإمعانٍ، ثُمَّ ابتسم، ووضع المرآة في مكانها، ثم قام سريعًا وغادر المكان.
انتهى الفيلم وسمع الشياطين صوت الزعيم يقول: والآن … ما رأيكم؟
ساد الصمت لحظات، ثم قال «أحمد»: إن الفيلم يستحق المغامرة التي تمَّت للحصول عليه.
رقم «صفر»: صحيح … إنَّه الفيلم الوحيد الذي يُصوِّر زعيم عصابة «سادة العالم»، بعد إجراء عملية تجميل وتغيير لملامحه … إننا نعرفه من قديم … أيامَ كان رئيسًا لأحد فروع العصابة في «أمريكا»، وقد تآمر ليقضيَ على الزعيم السابق للمنظمة، ثم يستولي على مكانه …
ومن شروط زعامة منظمة «سادة العالم»، ألَّا يعرف أحدٌ بالتحديد شكلَ الزعيم … التقاليد السرية عندهم أن يكون الزعيم شخصًا مجهولًا، خاصةً بالنسبة للعالم الخارجي … وهو قد يظهر بصفته رجل أعمال أو أي صفة أخرى … ولكن لا أحدَ يعرف أنَّه زعيم المنظمة الإجرامية … والحقيقة أن الحصول على هذا الفيلم يُعتبر من أهم الخبطات التي قامت بها منظمة الشياطين اﻟ «١٣» … فهذه أول مرة نعرف الزعيم … ولكن بقيَ شيء هام … أن نُحدِّد مكانه … فما هي اقتراحاتكم؟
سادَ الصمتُ لحظات، ثم قالت «إلهام»: هناك بعض المعلومات في الفيلم يمكن أن تكون بدايةً معقولةً … فهناك مثلًا الشاطئ الذي اشتروه … وخلفه قرية للصيادين …
رقم «صفر»: ولكنَّ العالم كُلَّه مُحاطٌ بالمياه … ومثل هذا الشاطئ قد يكون في أي مكان من العالم … في آسيا أو أوروبا أو أمريكا أو أفريقيا … أو حتى أستراليا.
إلهام: لقد وضعتُ هذا في اعتباري … ولكن المعلومات القديمة كلها تشير إلى أنَّ المقرَّ الرئيسيَّ للمنظمة عادةً يكون في أمريكا … وفي أمريكا الشمالية بالتحديد.
رقم «صفر»: ولكن حتى هذا لا يُقرِّبنا كثيرًا من تحديد المكان.
إلهام: إنَّ البحث في أمريكا على كلِّ حال … أفضل من البحث في العالم كله.
رقم «صفر»: هذا صحيح … وسأصدر تعليماتي …
إلهام: إنني أقترح أن نبدأ ﺑ «كاليفورنيا» … إنَّها الشاطئ الأمثل لمقرِّ المنظمة، حيث يعيش أغنياء العالم … ويصبح شراء شاطئ مسألةً عادية … خاصةً أنَّ نظام الشواطئ الخاصة مُطبَّق في أمريكا لاتساع شواطئها.
رقم «صفر»: استنتاجات معقولة للغاية.
أحمد: في نفس الوقت الذي سنبحث فيه عن الشاطئ الخصوصيِّ، أقترح البحث عن «واتكر» … إن تعليمات زعيم مؤسسة «سادة العالم» واضحة في وجوب تصفيته … فإذا استطعنا الحصول عليه قبل ذلك، وإنذاره ربما كان مفيدًا جدًّا لنا، في الحصول على معلومات أكثر، عن منظمة «سادة العالم».
رقم «صفر»: معقول جدًّا … إنَّ «واتكر» من الأسماء المعروفة في عالم الجريمة المنظمة … وأعتقد أن عندنا ملفًّا كاملًا له سوف يُرسَل لكم لدراسته …
عثمان: من الممكن تشكيلُ فرقتَي عمَل … واحدة للبحث عن الجزيرة، والثانية للبحث عن «واتكر».
علَّق «خالد» قائلًا: وواحدة للبحث عن الدرفيل!
سادَ الصمتُ لحظات … ثم قال رقم «صفر»: لقد جاء ذِكر «الدرفيل»، فهل هو اسمٌ رمزيٌّ لشيء؟
خالد: بل أعتقد أنَّه حيوان الدرفيل فعلًا … فقد قال الرجل إنَّه سيشحنه.
رقم «صفر»: وما أهمية الدرفيل فيما نبحث عنه؟
خالد: لا أدري … ولكن اهتمام زعيم «سادة العالم» به يُثير الشكَّ … إنه ليس مجرد لُعبة.
زبيدة: لعله يُحضِره على سبيل التسلية … فالدرافيل — كما هو معروف — تتعلم بسرعة، وتؤدي بعض الألعاب المثيرة.