قصص عن أناتول فرانس
القِصَّةُ، قَصِيرةً كانَتْ أو طَوِيلة، هيَ فَنٌّ مِن فُنونِ كِتابَةِ الحَياة، و«أناتول فرانس» واحِدٌ مِمَّنْ كَتَبُوا عَنِ الحَياةِ والإنْسَانِ بِوَاقِعيَّةٍ مَمزُوجَةٍ بالسُّخرِية. وفِي هَذِهِ المَجمُوعَةِ مِن قِصَصِه القَصِيرة — الَّتِي جَمَعَها وتَرجَمَها إِلى اللُّغَةِ العَرَبيَّةِ «فرج جبران» — يَنْهَجُ أناتول فرانس نَهْجَيْنِ مُتَبايِنَيْن؛ فهوَ الرَّاوِي في القِصَّتَينِ الأُولَيَيْنِ «عُنْقود العِنَب» و«ذَات الثَّوْبِ الأَبْيض»، اللَّتَيْنِ يَعْلُو فِيهِما صَوتٌ قادِمٌ مِن زَمَنِ الطُّفُولَةِ والصِّبَا، ويَستَكشِفُ بَطَلَاهُما الفَتِيَّانِ الحَياةَ في أَكثَرِ صُوَرِها أَوَّليَّةً وغُمُوضًا، وفِي القِصَّتَينِ التَّالِيتَينِ «هَدِيَّة مَوْت» و«الإِيمَان» يَنسَلِخُ الرَّاوِي مِن جَسَدِ البَطَل؛ حَيثُ يَقِفُ مِنهُ عَلى مَسافَة، ويَبدَأُ في رَصْدِ الأَحْداثِ والِانفِعالاتِ الشُّعُورِيَّةِ بِعَدَسةٍ ذَكِيَّةٍ تَقتَرِبُ حِينًا فتَكشِفُ عَنِ التَّفاصِيل، بَلْ تَنْفُذُ أيضًا إِلى مَا وَرَاءَها، وتَبتَعِدُ حِينًا آخَرَ فَتُتِيحُ لِلنَّاظِرِ مِن خِلالِها قِرَاءَةَ المَشهَدِ بِكَامِلِه.