شيكسبير: ابتكار الشخصية الإنسانية
«وكلما ازدادت قراءةُ المرء لمسرحيات شيكسبير وازداد تأمُّله لها، ازداد إدراكُه أن الموقف الدقيق الذي يتَّخذه إزاءها موقفُ الرهبة. أمَّا كيف كان ذلك، فلا أستطيع أن أعرف، وبعد عَقدَين قضيتُهما في تدريس هذه المسرحيات، ولا شيء يُذكر سِواها، أجد أن اللغز لا حلَّ له.»
لم يَحظَ مؤلِّف غربي أو شرقي بما حظي به «وليم شيكسبير»؛ الأسطورة الخالدة التي ما زالت تُقرأ وتُدرس منذ قرون وإلى الآن، ومَرجِع ذلك إلى التأثير الذي أحدَثه «شيكسبير» بفضل كتاباته التي ضمَّنها شخصيات غنية بكل ما يتَّصل بالطبيعة البشرية؛ فقد استطاع اكتشاف مناطق جديدة في النفس الإنسانية، مستعينًا بقُدرته الفريدة على تصوير الشخصية الإنسانية، وتخليق شخصيات رئيسية وثانوية صارت أيقونة، وارتقى بعضها إلى مَصافِّ المُقدَّس العلماني، مثل: «هاملت» و«فولسطاف»؛ وهما النموذجان اللذان يُمثِّلان ابتكار كِيان الإنسان أو تدشين الشخصية. يَتتبَّع هذا الكتاب الشخصيات الشيكسبيرية ويتناولها بالتحليل، مُركِّزًا على السياقات الاجتماعية والنفسية التي نشأت فيها كلُّ شخصية، مُتتبِّعًا مَسارها، والتغييرات التي طرأت عليها، والمَصائر التي آلت إليها، والحوارات الذاتية التي منحتها بُعدًا فلسفيًّا عميقًا وجَليًّا.