الفصل التاسع والعشرون

تيمون الأثيني

١

يبدو أن شيكسبير تَخلَّى عن تيمون الأثيني لأسباب لم تَتَّضِح إلى الآن؛ إذ لم يُقدِّمْها قط على المسرح، وصَقَلَ بعض أجزائها صقلًا أكثر من غيرها، وينسب بعض الباحثين المُحْدَثين كتابة عدة مشاهد من المسرحية إلى توماس ميدلتون، وإن لم تكن أَدلَّتهم مُقنِعة على الإطلاق، ويُسعد ناقدًا أو ناقدين من هؤلاء أن ينسب كتابة جانب كبير من مكبث إلى ميدلتون، وهو ما يثير عندي شكًّا مطلقًا. وعلى الرغم من أن بعض أجزاء تيمون الأثيني غير مصقولة، فإن المسرحية يمكن أن تنجح نجاحًا كبيرًا في المسرح. وقد كتب ديوك إلينجتون الموسيقى التصويرية الرائعة التي صاحبت عرض النص الشيكسبيري في آخِر عرض شهدْتُه لها، حيث أجاد برايان بدفورد تمثيل دور تيمون. وأرى أن عرض المسرحية على خشبة المسرح أفضل من قراءتها، فهي تتمتع بالتكثيف الدرامي، على الرغم من تفاوت مستويات التعبير فيها. ويخصص شيكسبير جانبًا كبيرًا من الجزء الأخير في المسرحية لسيل اللعنات المتدفق من فم تيمون، وهي أشد لذعًا، إلى حدٍّ كبير، من شتائم كوريولانوس وسبابه. ربما كانت اللعنات مُرهِقة للكاتب المسرحي، وهي تُرهِق القارئ، ولكن الممثل بدفورد كان يلقيها إلقاءً مثيرًا على خشبة المسرح. ويبدو أن شيكسبير لم يقدر فنه الدرامي حق قدره عندما امتنع عن تقديم هذه المسرحية على خشبة المسرح. كما فعل مع مسرحية طرويلوس وكريسيدا، ولكن تيمون الأثيني ليست قصيدة عظيمة مثل طرويلوس وكريسيدا، ومع ذلك فالمسرحيتان تنجحان في العروض المسرحية. ولا بد أن شيكسبير كان يعرف أن المسرحيتين تحققان نجاحًا كبيرًا على المسرح بسبب درايته المهنية بفن المسرح. ربما كانت الاعتبارات السياسية هي التي حالت دون تقديم طرويلوس وكريسيدا على المسرح، وأما تيمون الأثيني فأظن أن شيكسبير شعر بنفور شخصي مما كان يقوم بصقله، فتنحى عنها لتعديل النص الذي أصبح مسرحية بيريكليس، مفتتحًا بذلك مرحلته الأخيرة لكتابة الدراما الرُّؤَوِيَّة، أو الرومانسات.

وعلى الرغم من اعتبار تيمون الأثيني تراجيديا، فإنها تقع في منطقة ما بين الهجاء الساخر والهزلية، ومثلما يشار إلى احتمال الشروع في كتابة كوريولانوس باعتبارها ردًّا على مسرحية سقوط سيجانوس لبن جونسون، يبدو أن الشروع في كتابه تيمون الأثيني كان يمثل الرغبة في التفوق على جونسون في الهجاء الساخر الأخلاقي. فإن كوريولانوس وفولومنيا، على نحو ما ذكرتُ، ليسا شخصين بل صورتين فكريتين جونسونيتين، ولكن تيمون ليس حتى ذلك، فهو كاريكاتير أو شخصية كارتونية. ويؤكد كثير من النقاد أن تيمون شخصية فريدة عند شيكسبير، فليست له روابط أسرية، فلا والد له ولا والدة ولا ولد، ولا حتى خليلة، كما أن تيمون ليس له أصول. ونحن نعرف في وقت لاحق في المسرحية أنه أنقذ أثينا يومًا ما، بسيفه وماله. فالواضح أن تيمون بدأ حياته مقاتلًا، وتقلد رتبة القائد العام ذات يوم، وأما كيف أقبلت الدنيا عليه أول مرة فأمر لا نعرفه قط. وموقفه تجاه الحياة الجنسية يتحول من اللامبالاة في البداية إلى الإجفال في رعب وفزع. وهذه هي المسرحية الوحيدة عند شيكسبير التي تخلو من الأدوار النسائية، إلا للعاهرات.

ولما كنت أسمي نفسي «بلوم الديناصوري المولع بشيكسبير» الذي انقرضت سلالته ولا يزال في قيد الحياة بين نقاد شيكسبير، فلا أتردد في القول بأنني أجد مرارة شخصية هائلة في تيمون الأثيني، بما في ذلك العداوة الضارية للمتع الجنسية. وعندما ينطلق في سباب عاهرات ألسيبياديس، نجده ذا هوس شديد في الهجوم على العدوى بالأمراض التناسلية، كشأن بانداروس في خاتمة مسرحية طرويلوس وكريسيدا، كما نجد حَنَقًا شديدًا سائدًا في تيمون الأثيني، وهو يقترب من الخبل الذي يتجاوز الغضب الجائح من الجحود عند تيمون. والواقع أن المسافة التي أنشأها شيكسبير في كوريولانوس قد اختفت في تيمون الأثيني؛ إذ تعتبر المسرحية، من عدة زوايا أساسية، جُرْحًا مفتوحًا. وكما هو الحال دائمًا، لا نعرف شيئًا عن الحياة الباطنة لشيكسبير، ومن ثم لا نستطيع البَتَّ فيما إذا كان ذلك الجرحُ جرحه الخاص. ومع ذلك فنحن نرى في تيمون الأثيني، وإلى درجة أكبر مما نراه في الملك لير، أن شيكسبير يستبق ضراوة الغضب عند جوناثان سويفت. فالمسرحية لا توجد إلا لغرض واحد وهو الوصول إلى ذلك الموقف، وإن لم نكن نستطيع القطع فيما إذا كان غضب تيمون تعبيرًا عن انخداع أحد المثاليين، أو انخداع مُغفَّل يصدق ما يقال له؛ إذ يظل الأمر غامضًا طيلة المسرحية. وربما كان هازليت يرد على الرفض الأخلاقي من جانب الدكتور جونسون لتبذير تيمون وإسرافه، حين أعلى من شأن تيمون، مبتدئًا بذلك التقاليد الرومانسية لإعلاء شأنه المذكور:

لا يحب تيمون أن يكره نفسه أو الآخَرِين. وهو مُرْغَم على كراهية البشر كراهية ضارية، فهي جهد عسير شاق. وهو يَتمنَّى أن يفر من تقلبات الحظ المخاتلة، ومن قلاقل العاطفة والشدائد، هابطًا إلى سكون القبر. وأفكاره مَعقُودة في هذا الصدد، بحيث يجد الزمن والمكان الملائمين ليصبح رومانسيًّا. فهو يحفر قبره الخاص على ساحل البحر، ويدبر شعائِر جنازته في بهاء القفر، ويبني ضريحه من عناصر الطبيعة.

إن صورة تيمون التي يرسمها هازليت معاصرة على وجه الدقة للعفريت المسكين الذي خلقه فرانكنشتاين عند ماري شلي، وتصلح هذه الفقرة أيضًا في وصف الكائن الذي خلقه فرانكنشتاين إذا نقلناه من الساحل اليوناني إلى قمم الجليد القطبية. وقد ازداد نفوذ هذه الصورة الرومانسية الرفيعة من هازليت (١٨١٦م) إلى سوينبيرن (١٨٨٠م) حتى بلغ الذروة في كتاب ج. ويلسون نايت الطوق الناري (١٩٣٠م):

تَتفوَّق هذه المسرحية على كل ما عداها في السيطرة التقنية التامة القوية التي لا تُقاوَم وتكاد تبدو غير مُشَذَّبة في تأثيرها الهائل وبنائها الجبار، وهذا طبيعي؛ إذ لا تضارعُها مسرحيةٌ أخرى في ضخامتها، كأنها نُحِتَت دون تهذيب في أشكال أطلسية من الجبال الصخرية لذهن الشاعر أو روحه، هذه المسرحية الخاصة بتيمون … لا توجد عند شيكسبير سقالة تقنية أخرى تستطيع أن تَتحمَّل مثل هذا الوزن الثقيل المُدمِّر. فهذه المسرحية توازي هاملت، وطرويلوس وكريسيدا، وعطيل، والملك لير وقد أصبحت تَتمتَّع بوعي ذاتي وصبغة عالمية، فهي تضمها جميعًا وتتجاوزها.

ما أروع أن يصدق المرء ذلك، ولكن الإطراء المُغالَى فيه من جانب ويلسون نايت لا يدعمه نص شيكسبير. كان من حسن حظي في شبابي أن أشهد عرضًا مسرحيًّا أدى فيه ويلسون نايت بعض مشاهد من تيمون الأثيني، حيث أسبغ الممثل الناقد على تيمون هالة السمو والرِّفعة عند الملك لير، ولكن الأصداء لم تتبعني إلى خارج المسرح، ولم أَعُد أسمعها. لقد رأيتُ بعض الطلاب من ذوي الحساسية الذين كانوا يربطون ما بين تيمون ولير، ولكن ذلك الربط لا يصمد للتحليل. إن مسرحية تيمون الأثيني «جذع» عجيب [بمعنى أنه جسم غير مكتمل]، وهي ذات قوة تعبيرية هائلة، ولكن من الواضح أن شيكسبير انتهى إلى أنها كانت غلطة، وكان على صواب في هذا فعلى الرغم من إمكان أدائها على المسرح، فإنها لا تزال قبر الفن الدرامي عند شيكسبير. فبِصِفَتها أسطورة مُمَسْرَحة، تحمل — افتراضًا — عبئًا من الجُحود، فإنها تفتقر إلى أصداء الرنين المميز لشيكسبير، باستثناء واحد، وهو أن المرثية المركزة تُذكِّرنا بالمسرحيات التراجيدية العظيمة المتوالية التي خلقها شيكسبير ضد طبيعته؛ إذ إن عبقريته الأصيلة عبقرية كوميدية، فلقد خرج فولسطاف وروزالند من الدفقة الحيوية الأولية في كيان شيكسبير، وجاء هاملت ولير بعد ولادة عسيرة. وليست تيمون الأثيني ذروة على الإطلاق، وضريحها النهائي هو المثوى الأخير لأولى التراجيديات الأوروبية العظمى منذ عصر أثينا القديمة.

٢

تيمون أشد الشخصيات الكرتونية حيوية في المسرحية، ويكاد يكون الشخص الوحيد الذي يهمنا، ويوجد إلى جانبه تابِعُه المُخْلِص فلافيوس، وكذلك أبيمانتوس ذو الفلسفة الكلبية [أي الذي يسخر من كل شيء] وهو الذي يُوصَف في قائمة الشخصيات بأنه «فيلسوف مُر اللسان»، وكذلك ألسيبياديس، الذي يتضاءل مظهره هنا عن مظهره عند أفلاطون وعند بلوتارخوس. وأما الباقي فهم مُتَزلِّفون منافقون وعاهرات، ويشغل تيمون مركز مسرحيته بصورة لا نجدها حتى عند مكبث. وإذا كان كوريولانوس يفتقر إلى الحياة الباطنة، فإنه لا يباري تيمون في هذا الفقدان؛ إذ يفتقد تيمون إلى ما لا يقل عن كل شيء، قبل أن ينطلق في أولى ثوراته العارمة في الفصل الثالث، المشهد الرابع؛ إذ يأمر تابعه بدعوة جميع المداهنين والطفيليين والأصدقاء الخونة إلى عشاء ختامي يتكون من ماء فاتر وحصى في أطباق مُغطَّاة. وبعد أن يُلقي الماء الفاتر في وجوه الضيوف ويضربهم بالحصى، يصل تيمون أخيرًا إلى فصاحة الحقد والضغينة في وداعه لأثينا:

دَعْني أُلْقِي نظرة أخرى عليك، يا سورًا١
يُطوِّق تلك الذئاب، غُصْ في الأرض
ولا تُسَوِّر أثينا! يا عَقيلاتُ، انْقَلِبْن فاجرات!
يا طاعةَ الأبناء أَخْفِقي! يا عبيدًا ومجانين،
اقْتَلِعوا شيوخًا غَضَّنهم الوقار من مَقاعد السُّلطة،
اسْتَوْزِروا بدلًا منهم! إلى قَذِرات مُبتَذَلات،
انْقَلِبْن في الحال، يا عَذارى كاعِبات!
وافعلنَها على مَرأًى مِن والديكن. يا مُفْلِسِين، أَمسِكوا،
وبدَلَ أن تَردُّوا ما عليكم، أخْرِجوا سكاكينكم
واحْتَزُّوا رِقاب مُؤْتَمِنِيكُم! يا خدمًا مَكفُولين، اسرقوا!
لصوصًا طوال الباع هم سادتكم الوقورون،
ويسرقون بقوة القانون، يا وصيفة، اهرعي إلى فِراش مَولاكِ،
فَسَيِّدَتُك رَبيبَة ماخور! يا ابن ست عشرة،
انْتَزِع العُكَّاز الموسَّد من أبيك الأعرج العجوز
وافْلق به دِماغه! يا وَرَعًا وخشية،
يا واجبَ التَّقوى، يا سِلْمًا، يا عدلًا، يا حقيقةً،
يا احترام الكبار، يا هَجْعَةَ الليلِ وحقوقَ الجِوار،
يا علمًا، يا خلقًا، يا صَنائعَ وحِرَفًا،
يا مَراتب، يا توقِيرًا، يا أعرافُ وقوانينُ،
انْحطُّوا إلى أضدادكم، المُهلِكة
ولْتَعُمَّ الفوضى. يا طَواعِين عالِقَة بالبشر،
اسْكُبي ما لديك من حُمَّى مُهلِكة مُعْدِية
فوق أثينا التي حان حِينُها للبلاء! يا زمهرير عِرْق النِّسا
عرقل شيوخنا، حتى تضلع أطرافهم
بعرج مثل أخلاقهم! يا شبقًا وتَهتُّكًا
تَسلَّلَا حتى عقول شبابنا ونُخاع العظم منهم؛
ليكافِحوا ضد تيار الفضيلة،
فيُغْرِقوا أنفسهم في الخلاعة! يا حَكَّةً وبثورَا
ازرعي صدور أهل أثينا، فلا تنبت
إلا بَرَصًا عارمًا! يا عدوى انتقلي من نفَس إلى نفَس
حتى لتغدو ملامستهم، كصداقتهم مَحْض
سُمٍّ زعاف! لن أحمد شيئًا منك
سوى العري، يا مدينة مَقِيتة!
فليكن العري نصيبك أنتِ كذلك، بِلعَنات تتضاعف
تيمون سيقصد للغابات، هنالك حتمًا سيلاقي
أشد الوحوش قساوة أكثر حنانًا من البشر.
لعنات الآلهة — اسمعيني أيتها الآلهة الطيبة جميعًا.
على أهل أثينا من داخل السور ومن خارجه
وامنحيني؛ إذ يكبر تيمون، أن يكبر فيه الكره
فيمتد إلى جنس البشر جميعًا، كبيرهم والصغير.
آمين.
(٤ / ١ / ١–٤١)

وعلى الرغم من طول هذا الخطاب، فمن الصَّعْب تقسيمه إلى مُقتطَفات قَصيرة، فالواقع أنه يأتي في صورة انطلاقة بلاغية بعد ثلاثة فصول غير مُرْضية إلى حدٍّ ما. ولما كان تيمون سوف يواصل السُّباب وصَبَّ اللعنات على امتداد الفصلين الأخيرين، فسوف يُرهِقنا، ولكن هذا الانفجار الأول يَتمتَّع، قطعًا، بطاقات ومسرات. ولما كان تيمون لا يزيد عن صورة كارتونية وفوق رأسه فقاعة تتضمن ما يقول أو يفكر فيه، فمن المشروع تمامًا أن نستعيض عن أثينا بلندن، وعن الأثيني النبيل بشيكسبير الذي بدأ الأربعينيات من عمره. كانت لندن في عام ١٦٠٧م قد «حان حينها للبلاء» وحيث تتعرض كل القيم «للانحطاط فتصبح أضدادها/ويظل الخلط حيًّا يتنفس!» ولا أقصد أن أقول إن شيكسبير، مثل تيمون، سوف ينطلق إلى الغابة، بل أن أُبَيِّن أن الحماس في إدانة المدينة ينتمي إليه لا إلى تيمون. فعندما يبدأ الملك لير في إطلاق اللعنات، ليس من المُحتمَل أن نخلط بين صوت الملك العظيم وبين صوت شيكسبير؛ لأن الحياة الباطنة عند لير لا نهاية لعمقها، كما أن شيكسبير قد سمح لنا بأن نجعلها تنتمي إلينا، فإذا كانت عواطف لير الجياشة أكبر منا، فإنها أيضًا عواطفنا، ولكن سَوْرات الغضب عند تيمون مُنفَصِلة تمامًا عنَّا، ولم يبذل شيكسبير أدنى جهد حتى يجعل تيمون شخصًا قريبًا منا. إذ إنَّ شيكسبير يفر هنا من التراجيديا، أكثر مما يفر في كوريولانوس منها ومن النفوس الباطنة التي ما فَتِئَت تنمو وتتضخم. وهكذا فعندما نسمع تيمون يتكلم بعد ذلك، فنحن نقتنع إلى حدٍّ أكبر بأننا نسمع شخصًا متميزًا يتكلم:

أيَّتُها الشمس المُبارَكة، يا باعثة الحياة،
استلِّي من الأرض
رطوبة العفن. تحت فلك شقيقتك٢
انْشُري في الهواء العَدْوى. والشقيقان التوءمان
من رحم واحد،
اللَّذان في النسل والإقامة والميلاد
لا يَحتمِلان فراقًا — امتحنيهما بِنَصيبَين شَتَّى،
فيحتقر أكبرهما الأقل حَظًّا. لا طبع
تحيطه الأسقام من كل صَوْب يطيق حَمْل عظيم النعمى
إلا بالخروج على الطبيعة.
ارفعيني شَحَّاذًا واخْفِضِيني سَريَّا
لِيَحَمِل الشيوخُ الاحتقارَ وراثة،
فالمَرْعى يُسمِّن أعطاف الشقيق
والقحط يُنحِل شقيقه من يجرؤ، من يجرؤ،
في عِزِّ الرجولة أن يستوي قائمًا
ويقول، «هذا الرجل مداهن»؟ إن كان ثَمَّة واحد،
فالكل كذلك؛ لأن كل درجة في سلم الحظ.
توطِّئ لها سابِقتُها. الرأس العالم
يطأطئ للأحمق الثَّرِي. كل شيء مُنحَرف
لا شيء مستقيمًا في طِباعِنا اللعينة
سوى النذالة الصراح. لذا فليحل المَقْت
بجميع الحَفَلات، وبالاجتماعات، وبجموع البشر.
بشبيهه، بل بذاته، يَحتقِرها تيمون.
ليحلَّ الدمار بجنس البشر. يا أرض هَبِيني جُذُورا.
(يحفر.)
(٤ / ٣ / ١–٢٣)

وباعتباري عملتُ بالتدريس في الجامعة طول عمري، لم أَنسَ يومًا ما عبارة «العالَم يُطأطِئ رأسه للأحمق الثَّرِي». إن هذا الخِطاب المُوجَّه إلى الطبيعة، على الرغم من تألُّقه وغلظته، ذو حدٍّ دقيق من اليأس، ويَجِد الرد عليه حين يحفر تيمون باحثًا عن الجذور فيكتشف الذهب:

مَن يَبحثُ لديك عن أفضل، دَغْدِغي لهاته
بأَمْضَى سُمومِك. ماذا هنا؟
ذهبٌ أصفر، بَرَّاق، ذهبٌ نفيس؟
كلَّا، أيَّتُها الآلِهَة، أنا لستُ بالحانث المرذول٣
جذور، أَيَّتُها السموات الصافية! حفنة من هذا٤ يجعل
الأسودَ أبيضَ، والقبيحَ جميلًا، والخطأ صحيحًا
والوضيع نبيلًا، والعجوز فتيًّا، والجبان شجاعًا.
ها، أَيَّتُها الآلهة! لم هذا؟ ما هذا، أيتها الآلهة؟
إن هذا سيسحب كُهَّانَكِ وخَدَمَكِ من حَواليكِ،
يَسحَب الوسائدَ من تحت رءوس عِظام الرجال٥
هذا العبد الأصفر
يجمع الدِّيَانات ويُفَرِّقها، يبارك المَلاعين،
يجعل البُرْصَ اللَّامع معبودًا يجعل للصوص أقدارًا،
يَمنحُهم المَراتب وفروض الطاعة وطقوس الاستحسان
من شيوخ على الأرائك. هذا هو
الذي يُمكِّن الأرملةَ المُستهْلَكة من الزواج ثانيةً
تلك التي يقيء لمَرآها كل المُصابِين
من ذوي الجروح المُتقَيِّحة، هذا الذي يُبَلْسِمُها ويُطيِّبها
ويُعيدُها ثانية إلى مَيعة الصبا. تعالَ أيها الطِّين الملعون٦
يا عاهرةً مَبذولةً للجميع، تُشِيع الفرقة
بين حشود الأمم، سَأجْعلُك
تفعل ما خلقت من أجله.
(٤ / ٣ / ٢٤–٤٥)

لا مِراء في القوة الجَبَّارة لهذا الخطاب، ومن الصعب أن ينسى المرء مُخاطَبَته للذَّهَب أو التِّبْر باعتباره ترابًا: «تعالَ أيها الطين الملعون/يا عاهرة مَبذولةً للجميع». وقد أشار النقاد إلى الصلة بين هذا الخطاب والأحاديث الهجاءة المُوازِيَة مِن فم الملك لير، والتي تجمع بين رُؤى الفساد المالي وانتشار الانحلال الجِنْسي، ولكن لير يَتميَّز بالطابع الإنساني الذي يَجعلُه يطلب عطورًا حتى تُخفِّف من مرارة مُخيِّلَته. وأما تِيمون فإنه حين يواجه العَاهِرَتين المُصاحِبتَين لألسيبياديس، فإنه يخطو خطوة أخرى، إرضاء لمُخَيِّلَته الجنسية المسمومة:

لِتبقيْ عاهرةً دومًا. لا يُحبُّك من ينالك.
أعطيهم الأمراض إذ يتركون لديك شَهْوَتهم.
أَفِيدي من أوقاتك الشَّبِقة. أعدِّي الأذلَّاء
لِمَغاطِس وحمَّامات. انزلي بالشباب المُورَّد الوجنات
إلى صوم٧ المَغاطِس ومَحدُود الغذاء.
(٤ / ٣ / ٨٤–٨٨)

وقبل أن يتجاوز «شيكسبير/تيمون» هذا نفسه (ماذا عسانا أن نُسمِّيه غير ذلك؟) يَحُثُّ ألسيبياديس على القيام بمذبحة عامَّة كُبرى لأهل لندن/أثينا:

لأنك بِقَتْل الأنذال
كأنك خُلِقْت لتقهر بلدي
احتَفِظ بمالِك. تَحرَّك. هاك مالًا. ابتَعِد.
كُنْ مثل وباء السماء، عندما يشاء جوبتر
أن يبعث سمومه في الهواء الموبوء مُخَيِّمًا
فوق مدينة مُوغِلة في الرذيلة. لا يُقصِّرنَّ
حُسامُك عن أحد
لا تَرحْم وَقُور العُمر بسبب لحية بيضاء،
إنه مُرابٍ. اضرب. العقيلة الزائفة —
لا شيء غَير ردائها عَفيف،
أما هي فَقوَّادة. لا تَدَع خَدَّ العَذْراء
يُلَيِّن سَيفَك البَتَّار؛ لأن تِلْك الحَلَمات
التي خلال النافذة تَعرَّت وارتَفعَت لعيون الرجال
ما ذُكِرَت رحمةً بها في اللوح المَحفوظِ،
فاذْكُرْهن أنت كأبشع الخائنات. لا تُبقِ على الطفل
الذي بَسَماتُه حتى الغَمَّازَتين تَسْتَلُّ من الحمقى رحمتهم،
احسَبْه نغْلًا قَدَّرَت له كهَنَةُ الوحي
بصورة غامضة أن يَحُزَّ رقبتك،
فَقطِّعه دون رحمة. وأقسم ألا تصغي لاعتراض
ضَع على أُذنَيك وعينيك وقرًا لا ينفذ منه
قَيِّد شَعْرة من صُراخ الأمهات والصبايا والأطفال،
أو أدنى لَمْحَة من مشهد الكهان ينزفون
وهُم بِمسوح الكهنوت. هاك ذهبًا تدفعه لجنودك.
انشر أوسع الفوضى، وعندما ينفد غضبك،
لتنزل عليك اللعنة. لا تَتكلَّم، اغْرُبْ عَنِّي.
(٤ / ٣ / ١٠٧–١٣٠)

هذا حديث يبلغ الغاية في البَشاعة، إلى الحد الذي يجعله ينتقل إلى نِطاق الجروتسك [الشائه المضحك] على نحو ما يدرك شيكسبير ذلك، بوضوح. أي إن الهجاء الساخر يبدأ الارتداد إلى قائله، أي إلى تيمون ومُؤلِّفه، عندما نسمع الأمر الحماسي بقتل الرضيع ذي الغَمَّازَتين «بلا ندم». ولكن شيكسبير لم يَكْتفِ بما قَدَّمَه لنا بل يعود إلى رُعب تيمون من الحياة الجنسية. وبعد أن يحث النساء التابعات لألسيبياديس بأن يُواصِلْن دعارتهن، يَتفَوَّق تيمون على نفسه بتكرار الهجوم على الأمراض التناسلية بصورة تَجعَلُني أعتقد، مع المرحوم أنطوني بيرجيس، أن شيكسبير كان يكابد بعضًا منها:

ازْرَعْنَ الدَّاء المُهْلِك
في عِظام الرِّجال النَّخِرَة، ابْرِينَ عظام الساق منهم،
وأَتْلِفْن فيهم قُدْرة النَّخْس. اجْرَحْن صوتَ المحامي
فلا يعود يَدَّعِي بما ليس له،
أو يزعق متفيهقًا بكلامه. قَبِّحْن الكاهن،
الذي يَحْمِل على شهوة الجسد
وهو لا يؤمن بما يقول. لِيَتهدَّل الأنف
لينزل حتى ينبسط، اخْلَعْن القَصَبة
من ذلك الذي، بَحْثًا عن مصلحته،
يُشْمشِم بعيدًا عن الرَّكْب٨ اضربن
بِالصَّلَع رُءوس الأوباش مُجَعَّدِي الشَّعْر،
والمُدَّعِي بسالة وليس بهم من جروح
لِيُصِبهم مِنكن بعضُ ألم. وَباؤُكن على الجميع
حتى يُتْلف سَعيُكن ويُطْفِئ
جَذْوة الانتصاب لدى الجميع. إليكن مزيدًا من الذهب
ليكن في سِعْيِكُن لعْنَة الآخَرِين، وفي هذا لَعْنة عليكن،
ولتغيبكن القبور جميعًا.
(٤ / ٣ / ١٥٣–١٦٨)
هذه الترنيمة إلى المرض الزهري ليس لها نظير، كما إنَّها لا تُجارَى ولا تُبارَى، ومن الغريب أن نجد أن ويلسون نايت يَجرِفه الحماس الرُّؤَوِي فيجعله يمتدح «وحدة لَعَناته: إذ إنه يُصادِف عداءً عنيفًا من جانب الصحة البشرية، جسديًّا أو اجتماعيًّا». وعلى الرغم من أنني لا أزال أُكِنُّ التبجيل لويلسون نايت، فإنني أغض الطرف في دهشة، وأرجو أن يكون شيكسبير أيضًا، مَهْمَا يبلغ ما كان يمكن أن يكابده من الألم، قد سيطر على هذا الجنون بالتعبير عنه بهذه الصورة الباهرة. وفي إطار قوة تعبير تيمون، نجد أنَّنا في موقع وسط بين إدانة النبوءة، والهجاء الذاتي. ولكن هذه هي مُعْضِلة تيمون الدائمة، والعبقرية التعبيرية لهذه الدراما المتطرفة. فإن لَعنات لير، حتى حين تشتط وتتطرف، تحافظ على مُستوًى مُعيَّن من اللياقة المَلَكية، وأما عند تيمون فهي تتجاوز جميع القيود، الاجتماعية والسياسية، كما أنه يفتقر إلى الحياة الباطنة القادرة على السيطرة عليه. تُرَى ما عسانا أن نفعل إزاء مثل هذه الكراهية، خصوصًا لأن شيكسبير لم يفعل شيئًا يمهد لها في البداية أو يقدم تفسيرًا ما للحماس الذي يبديه تيمون ضد الحياة الجنسية؟ لا شك أننا جميعًا نستجيب لانتقاد المحامي المُخادِع، والكائن الزائف (flamen)، ومُدَّعي صفة الجندي المَزْهُو بها، ولكن صور بلايا المَرَض الزهري لا تتناسب، فيما يبدو، مع الجحود. ولا يكاد شيكسبير يفعل شيئًا لإقامة مَسافة تفصلنا أو تفصله عن تيمون. فأما ألسيبياديس، فإنه على الرغم من كونه جنديًّا ذا شرف وأمانة، يعتبر بالقطع مثالًا للحالات القليلة التي يعجز فيها شيكسبير عن رسم شخصية مُقْنِعة، وكاريزما الرجل الذي سيصبح عاشقًا لسقراط لا يحدد شيكسبير مكانها قط.
وحيثُ كُنَّا نَتوقَّع الأمير هال في صورة أثينية، أو مَن يوازي هوتسبير على الأقل من أبناء أثينا، لا نجد إلا مَن يعمل ببطء، مُجتهدًا قَدْر طاقته وحسب. ولم يَبقَ أمامنا إذن إلا الفيلسوف الكلبي أبيمانتوس، ولكنه أيضًا يَعْجَز عن بث حماس كبير في قلب شيكسبير. ويصل أبيمانتوس حتى يَتحقَّق بنفسه إن كان تيمون قد أصبح ذا مذهب كلبي أم لا [والمقصود بالكلبية (cynicism) مذهب التَّهكُّم واللامبالاة]. وتهجر اللماحية شيكسبير، أثناء تبادُل هذين الشخصين العجيبين الشتائم والسباب، وهو ما يجعلنا نشتاق إلى روزالند، وهي التي يحاكيها أبيمانتوس بتقديم ثمرة «زُعْرُور» [مثل الكمثرى] إلى تيمون:
أبيمانتوس :
أنتَ لم تعرف وسطًا في الحياة البشرية،
بَل تَطرُّفًا في كِلَا الجانبين. يومَ كُنتَ تَرفل
في الدِّمَقْس والطُّيوب كانوا يَسخَرُون منك
لمُبالغَتِك في التَّأنُّق. واليوم وأنتَ في الأسْمالِ لا تَعْرِف ذلك،
ولكنَّك مُزْدرًى لسبب مُعاكِس، هاك زُعْرَورةً كُلْها.
تيمون : أنا لا أتَغذَّى بما أكره.
أبيمانتوس : أتَكْرَه الزُّعْرور؟
تيمون : أَجَل رغم أنه يُشْبِهك.
أبيمانتوس : لو بَكَّرْتَ في كراهية الزُّعر لأحببتَ نفسك أكثر الآن. أي رجل مُبذِّر عرفتَ وكان محبوبًا بعد زوال ماله؟
تيمون : وأيُّهم عَرفتَ وكان محبوبًا، دون تلك الأموال التي تتحدث عنها؟
أبيمانتوس : نفسي.
تيمون : فهمتُ قَصدَك. كان لك من المال ما يقيم أوَد كلب.
أبيمانتوس : أيَّةُ أشياء في الحياة تَجِدُها أَشبَه بمن تَزلَّفُوا إليك؟
تيمون : النِّساء أقرب شبهًا. أما الرجال — الرجال هم الأشياء ذاتها.
(٤ / ٣ / ٣٠١–٣٢٢)

[المقصود «بالأشياء ذاتها»: «البشر بمعنى الكلمة»] وذلك أعلى ما تصل إليه حواراتهما، وهي التي تتدهور فتتحول إلى صراخ مُتبادَل. ويتسم هذا بالحيوية على خشبة المسرح، لكنه لا قيمة له تقريبًا باعتباره نسيجًا لغويًّا أو ثمارًا للبصيرة.

ومن حسن الحظ أن شيكسبير يحتشد ليمنح تيمون انطلاقتين أخيرتين في الفصاحة قبل وفاته الغامضة والتي يبدو أنه كان يريدها، والأولى هي مباركته الأخيرة لأثينا:

لَا تَعُودَا لِي ولكنْ أَخْبِرَا أَهْلَ أَثينا
أَنَّ تَيْمُونَ بَنَى قَصْرَ الأَبَدْ
فَوْقَ طَرْفِ السَّاحِلِ المَمْدُودِ لِلْبَحْرِ العَرِيضِ المَالحِ
حَيْثُ يَغْشَاهُ الزَّبَدْ … مَرَّةً في كُلِّ يَوْمٍ
عَالِيًا فَوْقَ اصْطِخَابِ المَوْجْ!
فَتَعَالَا لِلزِّيَارَة
واجْعَلَا مِنْ شَاهِدِ القَبْرِ نَبِيًّا لَكُمَا.
يا شِفَاهِي: هذِهِ أَرْبَعُ كِلْمَاتٍ ويَتْلُوهَا السُّكُوتْ:
كُلُّ ظُلْمٍ سَوْفَ يَأْتِيهِ وَبَاءٌ عَارِمٌ حَتَّى يَمُوتْ!
فَلْيَكُنْ جُهْدُ الرِّجَالِ الحَقُّ إنْشَاءَ القُبُورْ
فَيَفُوزُوا بالرَّدَى
فاسْتُرِي يا شَمْسُ هذَا النُّورْ
إنَّما تِيمُونُ عَهْدٌ وانْقَضَى!٩
(٥ / ١ / ٢١٣–٢٢٢)

فإذا قارنَّا كلمات الرثاء التي كَتبها تيمون لنفسه بدت نظمًا ركيكًا لا غناءَ فيه بالمقارَنة بهذه الأبيات الشعرية. وعندما يموت الملك لير وكورديليا نتأثر بأكثر مما كان الدكتور جونسون يستطيع احتماله. واختفاء تيمون يريح آذانَنا، داخل المسرحِ وخارجه. ومن المُحتَمل أن شيكسبير، الناقد الذاتي العظيم، أصدَر حكمًا جماليًّا على المسرحية، وانتهى إلى أنها لا تَليق بمستواه إلى حدٍّ كبير فنَبَذها. وربما تذكر أفضل الأبيات التي أنشأها الشاعر في بداية المسرحية:

شِعْرُنَا يُشْبِهُ صَمْغًا سَائِلًا مِنْ جِذْعِ دَوْحَة
فَعَلَيْهِ يَتَغَذَّى.
اقْدَحِ الزَّنْدَ تَرَى النَّارَ التي فِي
دَاخِلِ الزَّنْدِ لَهِيبًا يَتَبَدَّى.١٠
(١ / ١ / ٢١–٢٣)

لم يَتبَدَّ ما يكفي من لهيب الشعر حتى ينقذ تيمون الأثيني من ربات الغضب! كان الوقت قد حان لأن يبحر شيكسبير في مياه لم يَشُقَّ عُبابَها مَرْكَب، وسواحل ما جالَت بأحلام أحد، في مرحلة الرُّؤى الأخيرة عنده.

١  المقتطفات الشيكسبيرية في هذا الفصل من ترجمة الدكتور عبد الواحد لؤلؤة، من ترجمته المنشورة في الكويت عام ١٩٧٧م.
٢  أي فَلَك القمر وهو مؤنث في الميثولوجيا. (المترجم)
الترجمة والهوامش في هذا الفصل للدكتور عبد الواحد لؤلؤة.
٣  أي إنه لا يريد أن يحنث بقسمه أنْ يُفَضِّل الجذور على الذهب. (المُترْجِم)
٤  أي: قدر قليل من هذا الذَّهب. (المراجع)
٥  سحب الوسادة من تحت الرأس كناية عن القتل. (المُحقِّق)
٦  الخطاب للذهب، الذي يدعوه تيمون بالطين. (المراجع)
من طبعة الدكتور عبد الواحد لؤلؤة.
٧  الصوم استعداد لمَغْطَس ساخن، والغِذَاء المُحدَّد، والحمَّامات الحارَّة … كلها كانت مما يُعالَج به المصابون بالأمراض الزهرية. (المترجم)
من طبعة الدكتور عبد الواحد لؤلؤة.
٨  تهدل الأنف كان يُعَد بعض آثار الأمراض الزهرية، والذي يُشَمْشِم بعيدًا عن الركب استعارة من هيئة كلب الصيد الذي يشذ عن ركب الصيادين بحثًا عن صيده الخاص. (المترجم)، وقد تعني العبارة أيضًا (طبقًا لتفسير ورد في طبعة آردنِّ) الشخص الذي يفقد إحساسه بالمصلحة العامة في بحثه عن مصلحته الخاصة. (المترجم)
من طبعة الدكتور عبد الواحد لؤلؤة.
٩  هذه ترجمة جديدة منظومة؛ لأن المُؤلِّف يمتدح نظم شيكسبير، والترجمة المنشورة المشار إليها آنفًا منثورة. (المترجم)
١٠  هذه ترجمة جديدة منظومة لأن المؤلف يمتدح نظم شيكسبير، والترجمة المنشورة منثورة. (المترجم)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤