الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
«أمَّا قصة الميلاد نفسها فتحتوي على أخطرِ المُداخَلات اليهودية في الإنجيل، وهي المُداخَلة التي رسَّخت الأصلَ اليهودي ليسوع، فأسرةُ يسوع ليسَت أسرةً جليلية مُتهوِّدة، بل هي أسرةٌ يهودية من مدينة بيت لحم الواقعة في مُقاطَعة اليهودية، ويسوع وُلد في بيتٍ عادي من بيوتِ بيت لحم؛ حيث قصَده المجوسُ هناك وسجدوا له وقدَّموا الهدايا.»
يَفضُّ «فراس السواح» غمارَ الرواية التوراتية في العهد الجديد حول يسوع المسيح — التي تُصوِّره شخصيةً يهودية جاءت من قلب المؤسسة اليهودية — ليُقدِّم له رؤيةً أخرى مُستنِدة إلى دراسةٍ مقارنة بين العهدِ الجديد بأناجيله الأربعة، والنصوصِ الغُنوصيَّة التي أُتلِفت في القرن الرابع الميلادي، ولم يَبقَ منها سوى ترجماتٍ قبطية دُفِنت في صحراءِ صعيدِ مصر، ولم تُكتشَف إلا بعد مرور ألف وخمسمائة سنة. وتَتمحور رؤية «السواح» هذه حول نفيِ فكرةِ الأصل اليهودي للمسيح، وانتسابه للمَلِك داود، كما نفى ميلادَ المسيح في مدينة «بيت لحم» اليهودية، ورأى أنه وُلِد في مدينة أخرى في «الجليل» تحمل الاسمَ نفسه، ونفى أيضًا فكرةَ أن تكون رسالة المسيح هي تقويم شريعة العهد القديم، بل رأى أنه كان رافضًا لها ولإله اليهود، مُناديًا برسالةٍ إنسانية شاملة. وفي الختام، قدَّم «السواح» ترجمةً ﻟ «إنجيل توما»؛ أحدِ أدبيات الغُنوصيَّة المسيحية.