بكتريا حمض الخل
أتواجد في كل الأماكن المحيطة بكم، محمولةً في الهواء الجوي، داخل منازلكم وخارجها، على الفاكهة، وفي الفواكه التالفة، وعصير التفاح الطازج، والبيرة، وعلى رحيق الأزهار.
مستطيلة الشكل كالعصا؛ فأنا من العصيات.
وسالبة الغرام. لا أحتفظ بصبغة الكريستال البنفسجي، بل أنصبغ باللون الأحمر في دليل صبغة غرام المستخدم للتعرُّف على البكتيريا.
أتواجد عادةً على شكل خلية واحدة، أو ضمن أزواج، وأمتاز بتحمُّلي للحموضة العالية، وغير قادرة على تكوين أبواغ؛ ولذلك يمكن التخلُّص مني بعملية البسترة.
أتكاثر فوق سطح أي سائل يحتوي على الكحول، مكوِّنةً فوقه طبقةً ضبابية شفافة على شكل شريط يُدعى «أم الخل»، ذلك الشريط هو أنا البكتيريا الهوائية النافعة، المكوَّنة من السليلوز، وأجزاء صغيرة من البروتين، والأنزيمات.
بدوني لا يتشكَّل الحمض؛ فأنا المحفِّز الذي يولِّد الخل؛ حيث أقوم بتحويل الكحول — الناتج عن تخمُّر السكر بفعل الخمائر — إلى حمض الخل الذي يعطي للخل طعمه الحامض، ويمنحه تأثيرًا حافظًا للطعام، ويجعله مطهِّرًا، ومضادًّا للالتهابات.
يختلف لوني باختلاف الوسط الذي أتكاثر فوقه؛ فقد يكون أحمر خمريًّا في وسطٍ من النبيذ أو عصير العنب الأحمر.
وقد يكون أبيضَ عند تكاثري على وسط النبيذ الأبيض.
وقد يكون لوني مصفرًّا بلون كريمي، أو عاجي في وسطٍ من عصير التفاح.
أنشط في الأماكن التي يتواجد فيها الإيثانول (الكحول الإيثيلي) الناتج عن تخمُّر السكريات، وأحتاج إلى الأكسجين مجبرةً خلال تنفُّسي الخلوي، ولا يمكنني الاستغناء عنه كغيري من البكتيريا؛ حيث أستخدمه في أكسدة المواد السكرية، من أجل الحصول على الطاقة، والنمو والنشاط، ولأُنتج لكم حمض الخل في درجة حرارة مُثلى تتراوح بين ٢٦–٣١ درجةً مئوية.
أفضل الفوائد التي تحصلون عليها من تناولكم للخل تأتي مباشرةً مني أنا (أم الخل)؛ فالمنتجات الثانوية العديدة لعملية التخمُّر كالأحماض العضوية، والأنزيمات، والفلافونيدات، والمركَّبات الفينولية الأخرى والمعادن النادرة وغيرها، جميعها موجودة في جسمي أنا؛ ممَّا يجعلني العنصر الحاسم في إنتاج خل جيد بمواصفات عالية.
ونظرًا لنشاط حركتي وطبيعتي الهوائية، وحاجتي للأكسجين، تجدوني دائمًا على أسطح السوائل السكرية في خزَّانات التخمُّر، على شكل شريط ضبابي، عائم قد يغوص في محلول الخل عند تحريكه.
يمكنكم الاحتفاظ بي للاستفادة مني في إنتاج خل جديد في المرات القادمة من خلال تربيتي على وسط سكري مغذٍّ أنمو عليه، فتختصرون بذلك الفترة الزمنية اللازمة لنُموي على سطح الوسط المطلوب تخليله كالعنب، أو التفاح، أو غيره.
- (١)
أحضروا عددًا من حبَّات التفاح، واغسلوها جيدًا، ثم قطِّعوها قطعًا صغيرة دون إزالة أي شيء منها، لا قشور ولا بذور، ثم ضعوها في إناء زجاجي، أو من البلاستيك واغمروها بالماء.
- (٢)
خذوا مني قطعةً وضعوها مع التفاح والماء مباشرةً وأغلقوا الإناء.
- (٣)
بعد مرور ١٥ يومًا على إغلاق الإناء، يُفتح من أجل تقليب التفاح وخلطه جيدًا مع الماء، ويُترك مكشوفًا عشرة أيام لطرد الكحول وتنشيطي للنمو في هذا الوسط الرائع.
- (٤)
بعد مرور عشرة أيام على ترك الإناء مفتوحًا، يتم إغلاقه من جديد ويُترك فترةً من ٢٠–٤٠ يوم أقوم خلالها بتأدية دوري في تشكيل الخل المثالي.
- (٥)
يتم تصفية الخل الناتج في شاش نظيف فتحصلون على خل نظيف صافٍ رائع فيه كل الفائدة المطلوبة.
أما في حال عدم توفري لديكم، فيمكنكم إضافة بديل عني وهو القليل من الخبز اليابس وملعقة سكر، ثم تُتابعون بقية الخطوات السابقة.
يمكنكم تربيتي بأخذ قطعة مني ووضعها في إناء زجاجي مع قليل من الخل أو الماء والسكر.
ويمكنكم تحضير خل العنب بنفس طريقة خل التفاح، إلا أن خل العنب لا يحتاج إلى إضافة الماء، بل يوضع مباشرةً في الإناء بعد غسله، ومرسه، أو هرسه.
وإذا أردتم صناعة خل لثمرة أو عشبة ما لا تحتوي على سكريات كافية، يتم تقطيعها ووضعها في خل العنب، أو خل التفاح، وتُترك ١٥ يومًا ثم تُصفَّى، فتحصلون على خل يحمل اسمها، وفائدتها؛ مثل خل الزنجبيل، وخل الثوم، وغيرها الكثير.
تتضح أهميتي في الحفاظ على صحة وسلامة أجسامكم إذا عرفتم أنني أتكوَّن من عشرات السُّلالات من البكتيريا الجيدة صديقة جهازكم الهضمي والمعروفة باسم البروبيوتيك؛ حيث تقوم هذه البكتيريا بتشكيل طبقة واقية للجهاز الهضمي، دون ترك أي مكان للبكتيريا الضارة للإقامة داخله.
كما أنها مفيدة أيضًا لجهاز المناعة لديكم؛ حيث يقع معظمها في الجهاز الهضمي، وهناك تتنافس البكتيريا الجيدة على الموارد التي تحتوي على البكتيريا السيئة، ممَّا يساعد في الحفاظ على توازن صحي ومنعكم من الإصابة بالأمراض.
بالإضافة إلى ذلك، فهي تُسهم في تكوين بطانة صحية وحاجز وقائي لجدار الأمعاء لديكم، فيحميه من التعرُّض للالتهابات وأضرار تلك البكتريا الضارة.
تحتوي معظم الأطعمة النيئة على أنزيمات مفيدة، إلا أنه يتم تدميرها غالبًا عن طريق الطهي، ويمكنكم تعويض هذه الأنزيمات بإضافة خل التفاح الذي أُنتجه وأتواجد فيه إلى تلك الأطعمة المطبوخة أو النيئة.
ونظرًا لاحتوائي على الأنزيمات الضرورية لتكسير الأطعمة؛ فأنا أُساهم في تسهيل عملية التمثيل الغذائي للعناصر الغذائية المختلفة، والتي يمكن أن أستخدمها كمصادر للوقود مثل فيتامين «ك»، والأحماض الدهنية القصيرة السلسلة، وحمض الفوليك، والبيوتين؛ ممَّا يساعد في الحفاظ على عمل جهازكم الهضمي بسهولة وانتظام، بحيث يمكنكم الحصول على أقصى استفادة من الطعام الذي تأكلونه.
مع تقدُّمكم في العمر، تتأثر البكتيريا المفيدة الموجودة في جهازكم الهضمي بعدد من العوامل، بما في ذلك النظام الغذائي، والهضم، والإجهاد، والهرمونات، والعدوى والبيئة. ويمكنكم المساعدة على بقاء هذه البكتيريا الجيدة صديقة أمعائكم عن طريق تناول الأطعمة التي أقوم بتخميرها لكم كمخللات الخضار المختلفة.
وتتجلَّى أهميتي في حياتكم من خلال الفوائد التي يحتويها حمض الخليك، الحمض العضوي الضعيف، ومحلوله المائي (الخل)، الذي يُعطي للخل طعمًا حامضًا، ويمنحه التأثير كمادة حافظة للطعام، ومادة مضادة للالتهابات، ودورًا مهمًّا في إنتاج الأغذية والمشروبات. وفي مجال الصناعات الكيميائية، ألعب دورًا هامًّا في إنتاج الكاكاو، والسليلوز، ولديَّ إمكانات للعديد من التطبيقات تشمل إنتاج فيتامين «ث»، وعدد كبير من المضادات الحيوية.
يتواجد حمض الخل بشكل كبير في أجسامكم، ويمتاز برائحته القويَّة النفَّاذة، وطعمه الحامض، والحادق، وهو مادة صناعية تدخل في تصنيع البوليستر والمشروبات الغازية، وخلات السيليلوز، والبولي فينيل، فضلًا عن الألياف الاصطناعية والأقمشة. إضافةً إلى استخداماته الصحية العديدة، فهو يساعد على تحسين عمليَّة الهضم، ويحافظ على صحة العظام، ويخلِّص الجسم من تراكم الدهون، ويُنقص الوزن، ويحافظ على نسبة الكولسترول الجيِّد في الجسم، كما يقلِّل نسبة الكولسترول الضار، وينشِّط الجهاز المناعي، ويقلِّل من الالتهابات الفطريَّة التي تُصيب الجلد، مطهِّر للفم، ويمتص السكر الزائد في الجسم.
أنا بكتيريا حمض الخليك، البكتيريا النافعة المفيدة، صديقة جهازكم الهضمي، ومصنعكم الحيوي الذي يُنتج لكم حمض الخل، ومخللات الخضار والفاكهة على اختلاف أنواعها. أنتمي إلى الفصيلة الخلالية، رتبة الوردانيات، طائفة متقلِّبات ألفا، شعبة المتقلِّبات، وينتهي نسبي إلى مملكة البكتيريا.