الترجمة بين هجرة الذات وتأصيل الآخر

كل زمن كتابة يُغني إمكانيات الترجمة، وكل زمن للترجمة يُغني إمكانية الكتابة.

Henri Meschonic, Les Cinq rouleaux, traduit de l’hébreu, Gallimard, 1970, p. 9.
لا أريد أن أختزل دوري في دور العبَّار؛ فليس ثمة أخطر من المترجم. أردت بالأحرى أن أُسجِّل بأن كل مترجم في موقع يؤهِّله للحديث عن الترجمة، في مكان ليس أبدًا بثانٍ أو ثانوي.
Jacques Derrida, Psychè, L’Invention de l’autre, Galilée, 1994, p. 218.

حين يتحدَّث المترجم عن موضوع الترجمة، فإنه يجد نفسه في قلب لعبة مرايا تزج به في ذاته وآفاقها المتعدِّدة؛ فمن المعروف عن المترجم أنه يمتلك، بل ويؤسس عادةً نظريةً ضمنية في الترجمة كثيرًا ما تكون مُخصِّبة للنظريات الفلسفية واللسانية في هذا المضمار. الترجمة بهذا المعنى ليست مجرَّد معادلة لسانية، بالنظر أولًا وقبل كل شيء إلى طبيعتها التجريبية من جهة، وإلى الرهانات والاختبارات التي تنهض عليها من جهة ثانية. لذا، لا يمكن للمترجم الحديث عن الترجمة إلا بوصفها التجربة التي تؤسِّس كِيانه وذاته باعتباره كِيانًا متعدِّدًا وحواريًّا وثقافيًّا.

حين يتحدَّث المترجم عن الترجمة فهو يتحدَّث عنها باعتبارها لغةً تخترقها غيرية اللغات الأخرى. إنه يعيش أكثر التجارب الكتابية لَبْسًا وأكثرها مدعاةً للتساؤل والريبة والحذر والنقد والهجاء.١ وربما كان المترجم لذلك يعيش مفارقةً بين الممكن والكائن، وبين الوجود والانمحاء، بكل بساطة؛ لأنه يكون وراء كل التحولات العميقة التي تعرفها الثقافات، ويمنحها نسغ الانفتاح والانعطاف ومجاوزة الذات.

حديث المترجم عن الترجمة إذن سيرة ذاتية للتحوُّل الثقافي والانفتاح ولجسد الثقافة المتعدِّد. إنها سيرة مطبوعة باللَّبس والاختلاف والمرايا والأقنعة؛ لذا يعيش المترجم دومًا في اللاتحدد: لاتحدُّد علاقته بالآخر التي قد تخلق الريبة حول اختياراته، ولاتحدُّد نصه لأنه يُعتَبر دائمًا خاضعًا للظرفية، ولا يُمنح المكانة التي تعود له. ثم أخيرًا ذلك النقد المستمر الذي تتعرَّض له حتى أكثر الترجمات نجاحًا من قِبَل أناس لم يدسوا قط أناملهم في حبر الهوى الترجمي ولم يكتووا بآلامه.

الترجمة مجاز الوجود بامتياز وحركيته التي بها يتنقَّل من المحسوس إلى المعقول ومن الشيء إلى الفكرة. وليس من قبيل اللعب على الكلام ولا على السجلات أن تكون الترجمة مرادفةً للفهم،٢ وأن يكون التصور العام والعمومي للترجمة تعلُّقًا بالانتقال من مجال إلى آخر في فضاء الفكر والتفكير، من الأشياء إلى الكلمات والعكس بالعكس. بيد أن هذا التصور الترجمي الأصلي لصيق باللغة، من حيث إن العبارة عبور، كما يقول ابن عربي، وأن الترجمة تتم داخل اللغة الواحدة قبل أن تتم بين اللغات.٣

لقد غدا التفكير في الترجمة اليوم ضرورةً داخلية للترجمة نفسها، كما كان عليه الأمر في ألمانيا الكلاسيكية والرومنسية، وبالرغم من أن هذا التفكير لا يُقدِّم نفسه باعتباره «نظرية»، لكنه يُشير إلى كون الترجمة تنحو إلى أن تُصبح ممارَسةً مستقلة يمكنها أن تحدِّد نفسها وتموقعها بنفسها، ويمكنها من ثم توصيلها ومقاسمتها وتعليمها. من الضروري إذن اليوم التأمل في هذا الوضع الاعتباري المكبوت للترجمة، وفي مجمل «المقاومات» التي يشهد عليها. فإذا كان هدف الترجمة يتمثَّل في الانفتاح على الآخر وإخصاب الذات عبر وساطة الأجنبي، فهي لا تزال تصطدم اصطدامًا عنيفًا بالبنية المتمركزة عرقيًّا لكل ثقافة، أو بتلك النرجسية التي تتسم بها كل ثقافة في أن تكون أو أن تظل كلًّا خالصًا غير هجين. ففي الترجمة ثمة شيء من عنف التمازج يُقوِّض كل انغلاق ثقافي على الذات. إن جوهر الترجمة هي أن تكون انفتاحًا وحوارًا وتمازجًا وانزياحًا عن المركز. إنها تتطلَّب العلاقة وإلا فهي لا شيء.

هذا التناقض بين الهدف الاختزالي للثقافة، والهدف الأخلاقي الإيثيقي للترجمة، يخترق كل المستويات؛ وهو بالضبط الخلفية الصراعية التي تجعل الترجمة رهينةً نظريًّا وواقعيًّا بالمترجم؛ أي بالذات المترجمة وبالرغبة الترجمية باعتبارها، كما قال نوفاليس، غريزةً أو حافزًا.٤

إن التفكير في الترجمة اليوم رهين بالتفكير في المترجم لا باعتباره أصلًا للترجمة ولكن باعتباره نتاج وضعية الترجمة؛ فقد جرت العادة أن ندرس المؤلِّف وتكوين النص ونجعل من المؤلِّف محفلًا تداوليًّا، في الحين الذي يظل المترجم فيه غارقًا في المجهولية العمياء؛ عماء القارئ والنص تجاه المترجم. وليس من قبيل الادعاء القول بأن وضعية الترجمة، بما هي جماع الرغبة الترجمية والعلاقة بين المترجم ونصوصه، هي التي تحقِّق التعدُّد والاختلاف الذي تحمله الترجمة في صلبها؛ فالمترجمون حَوارِيو حوار الثقافات، وهم خالقو الآفاق المتجددة التي تنجم عن كل ترجمة جديدة، وعن كل استنبات فكر وتفكير جديدَين ومختلفَين في صلب اللغة التداولية الثقافية المحلية.

يحدِّد أنطوان بيرمان هذه الوضعية الترجمية كالتالي: «يقيم كل مترجم علاقةً خصوصية مع نشاطه الخاص، تتمثَّل في «تصور» معيَّن أو إدراك لفعل الترجمة ومعناها وصيغها. وهذا «التصور» أو «الإدراك» ليسا شخصيَّين بشكل خالص بما أن المترجم يكون فعليًّا موسومًا بخطاب تاريخي واجتماعي وأدبي وأيديولوجي عن الترجمة (والكتابة الأدبية)؛ فالوضعية الترجمية هي بهذا المعنى «صك تراضٍ» بين الطريقة التي تُدرك بها الذات غريزة الترجمة، ومهمة الترجمة والطريقة التي بها «استبطن» «الخطاب المحيط به «المعايير»». والوضعية الترجمية، باعتبارها تراضيًا هي نتيجة بلورة؛ إنها وضع المترجم لنفسه إزاء الترجمة، وهي فعل وضع حين يتم اختياره؛ لأن الأمر يتعلَّق باختيار يربط المترجم إلى ما يشبه القسم.»٥ من ثم لا وجود لمترجم من غير وضعية ترجمة. ولا يخفى أن محدِّدات هذه الوضعية بكل مكوناتها الثقافية واللغوية، وما يرتبط بها من وضعية لغوية خصوصية ووضعية كتابية، هي ما يُمكِّننا من تصور نظري ممكن لذات الترجمة باعتبارها مدخلًا أساسًا لحوار الثقافات.

ومن ثم أيضًا، يمكننا اعتبار أن أي بحث في المترجم وعنه، هو بشكل ما بحث عن فعل الترجمة بوصفه مختبر حوار الثقافات الفعلي الذي يتجاوز من حيث هو كذلك ميتافيزيقا الأصل والهُوية والوحدة والأحادية والانغلاق والتمركز العرقي والثقافي.

ترجمان الأشواق

يكفي الواحد منا أن يقرأ بمتعة العاشق كتاب ترجمان الأشواق لابن عربي ليجد فيه، وفي امتداداته في الفتوحات المكية، العديد من العناصر التي تهم من قريب أو من بعيد الترجمة من حيث هي عبور، وموقع المترجم بوصفه برزخًا، ومتخيل الصورة باعتباره لقاءً بالنص الآخر، والعبارة باعتبارها عبورًا.
إن الترجمة ليست وضعية حالة، إنها أصلًا فعل مستمر يوجد في حاضر أبدي مسكون بما يسميه هايدغر بالمخاطرة؛٦ مخاطرة فعل الترجمة نفسه، والمخاطرة بالنفس في عملية الترجمة ذاتها. وتتمثل هذه المخاطرة في كون المترجم لا يولد باعتباره ذاتًا إلا مع عملية الترجمة نفسها. وربما كان التباس هذه الوضعية الرهينة بالنقل والهجرة والعبور هو ما جعل الثقافة تنفي لمدة طويلة المترجم في عدمٍ يحجبه وراء النص الأصل وأوهام أصالته.

لكن بمَ يخاطر المترجم؟ لا يتعلق الأمر بالمخاطرة هنا بشيء محدد؛ أي بقيمة من القيم الأخلاقية المعيَّنة أو الفضائل الثابتة المتداولة؛ وإنما يخاطر المترجم بفعل الهجرة والتهجير التي يقوم بها لكِيان لا يعرف الصورة التي سيأخذها في نهاية عملية الهجرة. بهذا المعنى فالمخاطرة هنا مزدوجة بل متعددة:

إنها أولًا مغامرة النص في عملية نزوحه التي ستمنحه جسدًا جديدًا ولغةً جديدة وموطنًا ليس بأقل جدة، ومغامرة بفعل ليس دائمًا محمود العواقب، بل إنها عملية استئصال للتوجس من الأجنبي ونسج أُلفته في هوامش الثقافة المحلية، باعتبارها هوامش قد تتحوَّل مع الزمن إلى مراكز فاعلة ومحفِّزة. هذه العلاقة الائتمانية٧ هي أصلًا علاقة عشق ومحبة وضيافة وإضافة للآخر، من حيث إنها مجاوزة دائمة لكل المسبقات والأحكام الجاهزة التي تتحكَّم في محيط المترجم الثقافي، وفي النظرة للآخر باعتباره دخيلًا. من ثم تتمثَّل عملية الترجمة في تحويل ما يُعتبر دخيلًا إلى كِيان فكري ينتمي بشكل أو بآخر إلى صلب تلك الثقافة من خلال لَبوس اللغة.
من هذا المنظور تكون عملية الترجمة فعل مسرحة يعيد ترتيب الخارطة الثقافية كي يجد فيها النص المترجم موطئ قدم ويسلك فيها حياته الثقافية الخاصة باستنبات جذور ممكنة للتلاقحات الفكرية والوجدانية، والسفر في ذاكرة الآخر. إن عملية المشهدة mise en scène التي يقوم بها المترجم، ليست فعلًا مفكرًا فيه، بل هي أقرب لِمَا سماه ألثوسير بالفلسفة العَفْوية للعلماء. إنها ضرب من اللاوعي المصاحب للترجمة، خاصةً وأن اللاوعي نفسه يقوم على عملية الترجمة نفسها باعتبارها تنقيلًا؛ لذا، تتأسس ذات المترجم هنا بالضبط في خضم هذه المغامرة المحمولة على الرغبة في النص الآخر، والتي تتحوَّل تدريجيًّا إلى عملية مأساوية بكل معاني الكلمة.

تنهض مأساوية العمل الترجمي على عملية أشبه بالقدر. إنها تتمثَّل في كونه مصابًا بالرغبة في التملك؛ ولذلك أخطأ تاريخ الثقافة العالمية حين اعتبر المترجم أشبه بالقِن أو العبد؛ أو هو أخطأ أكثر حين اعتبر هذا العبد الخدوم بلا ذات وبلا فكر وبلا شخصية مستقلة. والحال أن المترجم كِيان مأساوي من حيث إنه يصارع بشكل تراجيدي من أجل قيم عليا في عالم منحط، كما جاء بذلك الرومنسيون الألمانيون (وربما لهذا الأمر كانت الترجمة إحدى مشاغلهم الأساسية). وهو يُصارع بلا مساومة من أجل التملك الرمزي لنص الآخر كي يستبطنه في ذاته وذات لغته وثقافته، ضدًّا على الصعوبات اللسانية والفكرية والثقافية المقاومة لخصوصيات الكِيان المترجَم.

وربما كان تشبيه المترجم بالمرأة أو بالعاشق المجنون أو بمن سماهم النيسابوري بعقلاء المجانين أقرب إلى مضمون عملية التملك التراجيدي هذه؛ فالرغبة الترجمية رغبة عارمة أعتى من المحبة والحب وأقرب إلى الهوى. إنها علاقة فتنة وافتتان تتبلور أبعادها الثقافية في جوهر هذه العلاقة العاطفية الفكرية. ألم يقل ابن عربي إن ثمة الحق والخلق وبينهما المرأة، في الموقع بين الاثنين؟

ومن ثم تبدأ الهجرة المضاعفة التي تُفصح عنها الترجمة من حيث كونها تتبع مسارين متقاطعين:

  • مسار هجرة الرغبة الترجمية؛ لأن المترجم لا يعشق إلا الغريب والأجنبي ولا يُصاب إلا بفتنة الآخر، وفيها يكون المترجم قد اختار موطن رغبته (أو هو الذي اختاره بالأحرى). وهو داخل مغامرة التعرف والاستكشاف هذه، يشغِّل استراتيجيته الواعية واللاواعية. بل إن الكثير من المترجمين يختارون مناطق نائيةً في الثقافات الأخرى ويقع هواهم على نصوص غير معترف بها حتى في الثقافات التي احتضنتها، فيخدمون بذلك وبشكل مضاعف ثقافتهم وثقافة النص المترجم؛ إذ يفتحون عيون هذه الأخيرة على أهمية ذلك النص …

  • ومسار العودة المهاجرة التي يكون فيها النص ضربًا من التواصل المركَّب، مع الثقافة التي ينتمي إليها، ومع اللغة المزدوجة المنطلق والهدف، ومع الآخر باعتباره ذاتًا ثاوية في النص ووراءه.

ولا يمكن لهذه الرحلة المضاعفة أن تتم لو أن موقع المترجم لم يكن موقعًا في البرزخ الفاصل والواصل بين النصين؛ أي ذلك المستقر الآمن في ثقافته ككِيان موجود سلفًا، وذلك الذي يوجد قيد الولادة العسيرة في مسار تهجير تقوده ذات يقظة إلى الاختلاف اللغوي والثقافي والحضاري.

لنعد إلى ابن عربي لنزجَّ أنفسنا معه في البرزخ باعتباره أيضًا عالم الصور والخيال، ومن ثم عالم الرغبة. بهذا المعنى فالمترجم صورة، أو هو بالأصح مجاز كبير للتواصل بين عالمين: عالم النص الأصل وعالم النص المستقبل. إنه صورة نشيطة وقارئة ومنتبهة إلى موقعها البرزخي ذاك، بل إنه صورة ذاته التائقة دومًا، وبشكل أنطولوجي، إلى تعمير الفواصل بخطاب ضمني وغريزة آسرة، تجعله يسكن مناطق التلاقح والعبور، ويؤجِّج مداراتها ومتاهاتها. إنه فعلًا صورة لأنه لا يوجد إلا بفضل ذلك الموقع الذي يعيش فيه ضربًا من التأرجح بين الوجود والكمون: وجود النص المترجم وإمكانية الترجمة باعتبارها فعلًا راديكاليًّا للتواصل الثقافي.

بيد أن هذا البرزخ في عالم الترجمة يتمثَّل في عشق لسانين وفي نوع من الحَوَل الثقافي الذي يجعل للمترجم عينًا على ثقافته وأخرى على ثقافة الآخر، وفي استبطانه الأكيد للثقافتين معًا. من ثم يكون الفعل الترجمي أقرب إلى هذه الديانة الجديدة التي عبَّر عنها ابن عربي في الأبيات التالية من ترجمان الأشواق:

لقد صار قلبي قابلًا كل صورة
فمرعًى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنَّى توجَّهتْ
ركائبه فالحب ديني وإيماني٨

إنها ديانة مجازية شاملة؛ لأن المترجم أصلًا ضد التعصب اللغوي والثقافي، وكِيان خارج حدود التصنيف الثقافي؛ لأنه بمجرد ما يمارس فعل الترجمة يغدو بالضرورة منتميًا إلى الثقافتين معًا، ولأنه يشدهما بحبل يتصارع فيه المعنى واللغة، والأصل أو المصدر، والمنتهى والحياة والموت. بل إنها بالأحرى نظرة تعددية؛ ذلك أن الترجمة كِيان هجين يصوغ وجوده من حركة الجر والتنقيل. وهي من ثَم لا جوهر لها ولا يمكنها أن تشكِّل موضوعًا لميتافيزيقا معينة. الترجمة تعدُّد بامتياز؛ لأنها لا يمكن أن تُختزل في الواحد. وبالرغم مما أُشيع عنها من طابع تقني وصناعي، فهي إعادة خلق وابتكار متجدِّد يصيب بعدواه الكتابة ويحرِّرها من أقانيمها ويخلق هوامش جديدةً للإبداع انطلاقًا من الآخر.

من هذا المنطلق وتبعًا لذلك، يمارس المترجم السياحة بمعناها الصوفي ويصوغ لنفسه مراتبه الخاصة، ويشكِّل مكتبته التي توسِّع عالم الكتابة وعالم الكاتب، وتحوِّله بالضرورة إلى كاتب وإن بشكل افتراضي وممكن.

مديح الظل العالي

ثمة أمر في الثقافة العربية، ربما تكون قد ورثته عن الثقافة العالمية، غَدَا محيِّرًا ومثيرًا للتساؤل؛ فالقارئ تعوَّد على «استهلاك» الترجمة وكأنها مِلك مطلق لمؤلفها الأصلي، معتبرًا المترجم في أحسن الأحوال ذلك الصانع الذي يُشكِّل منطقة عبور محايدة للنص، فلا هو بموجود ولا هو بغير موجود. إنه ذلك المعبر السكوني الذي تكمن وظيفته الأساس في الانمحاء باستسلام وراء النص المُعطَى للقراءة، إن هو «نجح» في استنقاله.

وحين تكون الترجمة قابلةً للنقد، ونقد الترجمة كما نعلم لصيق بوجودها، فإن المترجم يغدو ذلك الخديم للمؤلف، الذي إذا نجح إلى حد ما في إرضاء الجمهور، سارت جودة النص المترجَم إلى المؤلف الأصلي، وإذا لم ينجح في ذلك صار ذلك الأجربَ الذي يتم إفراده وإبعاده عن مجال قداسة النص الأصلي.

يغدو المترجم بهذا المعنى وجودًا هلاميًّا لا ذات له ولا رغبة له، ولا كِيان له خارج دائرة المؤلِّف، باعتباره المحفل الوحيد القابل للاعتراف الميتافيزيقي. وحين يتم الحديث عن المترجم فإن ذلك يتم بالعلاقة مع درجة المضاهاة (والكلمة فقهية لاهوتية تُعتبر حدًّا) التي يمارسها مع المؤلف، بحيث لا يُعتَبَر سوى صدًى لصورته، وتقاس جودة ترجمته بقدرته على قياس نفسه بالنص الأصل. والحال أن هذه المفارقة الميتافيزيقية المرتبطة بماهية النص الأصل والمصدر تكشف عن مجموعة من الصراعات الخفية والمعلَنة التي جعلت وضعية الترجمة دائمًا وضعيةً إشكالية:

فهي إما وضعية صراع، وبهذا الصدد يقول أوغست فون شليجل مترجم ثربانطيس إلى الألمانية: «الترجمة عبارة عن صراع ثنائي حتى الموت لا يمكن إلا أن يلقى فيها حتفه من يترجِم أو من يترجَم، أو هي علاقة قاصرة تجعل الترجمة فعلًا نافلًا والنص المترجم مستلَبًا عن ذات القائم به، أو هي في أحسن الأحوال اعتراف بالترجمة لا بالمترجم باعتباره المحفل الذي يشكِّل ذات الترجمة ومقصدياتها» (الهامش).

إن إعادة النظر في هذه المسبَّقات لا يمكن أن يتم إلا بخلخلة مجموعة من النظرات الاعتبارية التي تُشكِّل بصورة عميقة الأساس المعياري للوضعية الملتبسة للترجمة والمترجم:

  • ثنائية القابلية للترجمة واستحالتها.

  • الترجمة الحرفية وترجمة المعنى.

  • ثنائية الأمانة والخيانة.

وحين يكون النص أقرب إلى الاستحالة في الترجمة، أو ممتنعًا متمنِّعًا، فإن المترجم الكاتب يكون أقرب إلى المؤلف من حبل وريده، لا لكونه يتنطَّع للاستحالة والمستحيل، ولكن لأنه يضع نفسه في موقع الند الذي يسلك سبيل الاستحالة مرتين؛ لأنه يعيش كثافة النص الدلالية والفكرية والفلسفية أو الشعرية، ويعتبر نفسه في موقع إدراك لمجمل تأويلاتها، كقارئ من جهة، ولأنه يغامر في ترجمة هذه القراءة إلى تحويل، باعتبار أن كل ترجمة نقل وتحويل.

هنا بالضبط يعيش المترجم في مقصدية الترجمة هذه وضعيةً هرمينوسية، تتسم بالتفاعل وتفتح الأفق الممكن للنص كي يوسِّع من أفق فاعليته؛ فحين قرأ الجمهور الفرنسي كتاب الوجود والعدم لسارتر، لم يكن أحد يتوقع أن يكون وراءه نص آخر هو الوجود والزمن لهايدغر الذي سبقه إلى الوجود بما يناهز الثلاثين سنة. وحين تُرجم كتاب هايدغر سنوات بعد ذلك حجب بشكل كبير كتاب سارتر، وغدا المرجع الفعلي في هذا المضمار، بالرغم من الأهمية التي ظل يكتسيها كتاب سارتر؛ وهو ما يعني أن الترجمة تعيد إضاءة الاقتباس والتناص إضاءةً جديدة، وتعيد كتابة تاريخ الأفكار من جديد.
ثمة دائمًا صراع خفي بين المؤلف الاعتباري والمترجم باعتباره مؤلفًا مفترضًا؛ فالنص المترجَم، حتى ولو كان في عداد المخطوط الذي لم يلقَ بعدُ سبيله إلى النشر، يؤسس موقعه المؤلفي actoriel في ثقافته انطلاقًا من المؤسسة الثقافية ومكوناتها واعتباراتها الأيديولوجية وغيرها. يبدأ الصراع أصلًا في النزوع الرغبوي في الترجمة؛ أي في علاقة القراءة التي تُولِّد فتنة العبور والهجرة والتهجير؛ ولذلك عادةً ما يمارس المترجم ضربين من القراءة: القراءة المتلقية التي يتشارك فيها مع كل قارئ عادي، والتي تكون في أصل الرغبة الترجمية والامتلاك الترجمي، والقراءة الترجمية التي تُعتبر قراءةً من نوع خاص؛ لأنها قراءة تفك النص وتصل إلى خلاياه ومسامه وتُشرِّحه تشريحًا وتُفكِّكه تفكيكًا. فالترجمة أفضل طريقة لتعلُّم القراءة من هذا المنظور.
الامتلاك الترجمي دائمًا رغبة تُتجاوز فيها سلطة اللغة الأم وسلطة اللغة الثانية؛ أي لغة النص القابل أو المؤهَّل للترجمة. إنه يكون مقصديةً في البداية ليتحوَّل إلى حركة جارفة خلال الفعل الترجمي. يؤكِّد فورتوناتو إسرائيل هذه المسألة بقوله: «كل ترجمة هي تملُّك، سواء كانت جيدةً أو سيئة، وهذا التملك هو نتاج إكراه بالمقدار نفسه الذي هو نتيجة حرية.»٩ بيد أن هذا التملك هو تملك نشيط لأنه يشتغل في اللغة وبها، وهو ليس أعمى لأنه لا يُكرِه النص على تقبل اللغة الهدف بقدر ما يسعى إلى المؤالفة بين اللغتين. التملك الذي نعنيه هنا تملك كريم، أو تملك الضيافة اللغوية الذي يسعى بالنص الأصل إلى أن ينسى أصله ويتعالى عليه.١٠ فالترجمة بهذا المعنى غواية آسرة؛١١ لأنها لا تكون كذلك إلا إذا جعلتنا نستغني عن النص الأصل وننسى وجوده في لغته الأم.١٢

هكذا يغدو المترجم سيد اللعبة وضحيتها في الآن نفسه؛ لأن المغامرة الخطرة التي تحدَّثنا عنها تمس كل شيء: فاللغة الهدف تُصاب بعدوى اللغة المصدر، والمدلولات الثقافية والأمثال والمفاهيم تخرج من عنق زجاجة لتدخل أخرى، فتكون العدوى شاملة. تطاوع لغة المترجم النص المستهدف وتطوِّع هذا الأخير للغة ومجال مفهوم مختلف، ولِوضعية تواصلية مغايرة. وفي هذه العدوى الشاملة يتم حوار الثقافات بشكل عيني، ويتحوَّل المترجم إلى مؤلف للنص الذي يُترجم؛ لأنه بكل بساطة يُعيد كتابته وفقًا لمجموعة من المكونات الخصوصية التي تشكِّل الذات المترجمة: العلاقة بالكتابة، والتجربة الترجمية، والحساسية اللغوية، والمعطى الثقافي والفكري، وامتلاك اللغة والثقافة التي يُترجَم منها وتلك التي يُترجَم إليها. هذا بالضبط هو ما يمكن أن نسميه بالذكاء الترجمي.

بل لنقل في هذه الحالة إن المترجم مؤلف من نوع خاص؛ لأنه يمنح حياةً جديدة للنص، إنه يشبِّب النص كما قال غوته. من ثم كانت الترجمات توسيعًا لمدى النص وإعلانًا لعالميته واستنباتًا له في ثقافات لم يعلم المؤلف الأصل قط أن يكتب بلغاتها.

يمنح المترجم للنص صورته وجسده؛ أعني صورة النص وجسده وصورة المترجم وجسده،١٣ فيتحوَّل النص إلى النص نفسه، وإلى نص آخر يعيش اختلافه عن ذاته من لغة إلى أخرى منفلتًا بذلك من منطق التطابق الميتافيزيقي مع النفس كأصل مطلق. بذلك تكون الترجمة وسيطًا يمر عبر ذات المترجم ورغبته ولذته أيضًا. إنه وسيط نشيط لا يكتفي بالتمرير وإنما يبتغي التعبير.

إذا كانت سِمة النص الأصل أُحاديته الشحيحة، فإن المترجم كائن كريم ومضياف يتقاسم ثقافته ولغته وجسده مع الأجنبي، باعتباره ضيفًا ممكنًا ودائمًا على رحابة لغته وثقافته. والدليل على ذلك أن النص إذا كان قابلًا قَبولَا افتراضيًّا للترجمة، فإن اسم المؤلف هو ما يستحيل ترجمته فيبقى وثيق الصلة بلغته وثقافته. فما يترجَم ليس المؤلف وإنما النص، وليس الاسم وإنما ما يُنتجه الاسم. كما أن اسم منتِج الترجمة، أو المؤلف الثاني، هو نفسه لا علاقة له بالنص المترجم وإنما بالترجمة؛ إنه الإضافة الاختلافية التي تحدَّث عنها دريدا التي تجعل الضيف ضيفًا والمُضيِّف مُضيِّفًا. أما النار التي يوقدها المترجم تعبيرًا عن رغبته الترجمية فإنها تظل موقدة، وصياح كلاب رغبته هي حاسة الشم التي بها يتم الإعلان عن فعل الضيافة، لا باعتبارها فعلًا عارضًا وإنما باعتبارها سلوكًا وجوديًّا يشكِّل ضربًا من نقط الاستدلال التي تستدل بها الثقافات على كِيان الآخر في صحراء الوجود، حتى لا يكون التيه والبلبلة قدرنا في بابل.

وبهذا المعنى تكون الترجمة وممارستها تجاوُزًا لبابل، وكثافتها في ثقافة ما تعبيرًا عن قوة هذه الثقافة وصلابتها وانفتاحها. وتكون قلة الترجمات تعبيرًا عن انغلاق تلك الثقافة واعتدادها بنفسها وتمركزها حول نقط ضعفها.

إن الضيافة الترجمية تمنح للمترجم موقعًا نديًّا بالعلاقة مع نص الأجنبي، وتحوِّل التخوم التي يتفاعل فيها المترجم معه إلى تخوم نشيطة للفعل والتفاعل، حتى لو اضطُر ذلك المترجم إلى أن يذبح أعز ممتلكاته فيتقاسم دمها مع الأجنبي لتسري دماء جديدة في الثقافتين معًا.

يتبدَّى إذن أن علاقة الضيافة هذه هي ما يمكِّن المترجم من أن يغدو مؤلفًا ممكنًا للنص؛ لأنه صانع عملية الضيافة وناسج فعلها. وحين يخطو النص المترجَم خطواته الأولى في تُربته الثقافية الجديدة، يُكتب له وجود جديد يتمثَّل في كون المترجم يمنح القارئ متعة قراءته وذكاءها واستراتيجياتها التأويلية التي من خلالها يغدو النص قابلًا للترجمة.

وفي كل ترجمة ليس ثمة فقط نسبة من الخسارة والربح، وإنما أيضًا، إلى جانب ذلك، ما تكشف الترجمة عنه أحيانًا، بحيث يتبدَّى ثمة شيء ما في النص الأصل لم يظهر في اللغة الأصلية. الترجمة تُحرِّك النص حول نفسه وتجعلنا نكتشف جانبًا منه لم يكن ظاهرًا للعيان. بل إن الترجمة حين تتجاوز الأصل فإنها بذلك تنفُذ إلى لاوعيه من خلال وعي ثقافي جديد يُحرِّر فيه مكبوتاته. «إن الترجمة الحقيقية تسعى إلى أن تُموقع نفسها على قدم المساواة بالرغم من أن مراحل الوساطة طويلة وملتوية. حين تتجاوز الترجمة الحقيقية الأصل فإنها تجعلنا نُدرك أن النص الأصل يُخفي ممكنات ومخزونات أساسيةً لا يكون هو نفسه واعيًا بها.»١٤

بهذا المعنى لا تُشكِّل الترجمة فعلًا حواريًّا بين الثقافات في اللغة ومن خلالها، وإنما أيضًا فعلا تخصيبيًّا لها يمكِّن المنتجات الثقافية من خلال مجاوزة الحدود من استكشاف ذاتها من جديد وخلق علاقة جمالية جديدة مع نفسها ومع الآخر؛ إذ الترجمة دعوة متجددة للترحال واستبدال بشرة النصوص، والعيش في صور ومتخيلات مغايرة، بل وعيش حيوات أخرى. بل إن عالمية النصوص لا يمكنها أن تتم من خلال لغة واحدة مهما كانت عالميتها، وإنما أساسًا من خلال كل اللغات حتى أقلها انتشارًا. آنذاك يغدو النص في حوار دائم مع نفسه من خلال نفَس المترجم الذي يمنح النص الأصل شِفاهه كي يتكلم بها من غير تلعثم كما لو كانت لغته … وذلك هو المبتغَى.

١  قرأت بالصدفة مقالًا نقديًّا عن الترجمة في إحدى المجلات العربية، وراعني الطريقة التي يمارَس بها نقدُ الترجمات حتى حين تكون قد أفلحت بشكل غير منتظر في «نقل» النص إلى لغة الضاد. أُقدِّم هنا مثالًا عن نوع هذا النقد، في الوقت الذي تطوَّر فيه في العقود الأخيرة، على غِرار ما يُسمَّى النقد، نقد الترجمة، وغدا يمتلك مجاله الخاص به في حقل الدراسات الأدبية واللسانية. وهو مثال ساخر ومفارق عن هذه الرِّيبة المستشرية في عالم الثقافة بخصوص المترجم الكاتب: «سنُقدِّم بدايةً بعض الترجمات التي تمكَّنت من المحافظة على تلك الخصوصية اللغوية. ومع أنه من الصعوبة أن نُحدِّد ما إذا كان المترجم قد نجح بسبب إدراكه لأهمية تلك الخصوصية اللغوية، وبالتالي خصائص النوع، أو أن الترجمة الصحيحة كانت محض مصادفة، فإننا سنعرض لبعض الجوانب التي تُشير إلى نجاح الترجمة وأخرى تشير إلى فشلها» (د. عفاف البطاينة، الترجمة: تطويع أم تغريب للنص؟ تقاليد النوع الأدبي قبل وبعد الترجمة، عالم الفكر، مجلد ٣٢، ع١، يوليو ٢٠٠٣م). ما الذي يتبقَّى للمترجم قوله سوى أنَّ أفضل نقد للترجمة هو القيام بالترجمة؟
٢  Georges Steier, Après Babel, Traduit de l’anglais par Lucienne Lotringer et Pierre-Emmanuel Dauzat, Albin Michel, Paris, édition 1998, p. 405.
٣  يركِّز التصور الفلسفي للترجمة على هذا المفهوم العمومي الذي يجعل كل شيء ترجمةً (غادامر ودريدا مثلًا). كما أن من بين من تطرَّقوا للترجمة، من طبَّقوا هذا المفهوم نفسه على الترجمة (جورج ستاينر). بيد أن الترجمة قد تتم بين عناصر الثقافة الواحدة كما هو الأمر في الثقافة المغاربية بين العربية والفرنسية والأمازيغية في النص الواحد، خاصةً منه المكتوب باللغة الفرنسية. وقد كان عبد الكبير الخطيبي من أوائل من أثاروا الانتباه لهذا المكوِّن الترجمي في هذا الأدب وفي كتابته هو تحديدًا. انظر بهذا الصدد: Abdelkébir Khatibi, Maghreb pluriel, éd. Deoël-SMER, 1983, p. 179 et supra.
أما ترجمة هذا الأدب، فإنها تعيش تجربة ترجمة مضاعفة كما حلَّلنا ذلك باقتضاب في مقالنا عن «الترجمة والكتابة من الفكر إلى التخييل»، مجلة ترجمان، ١٩٩٦م، ع٢، ص٦٥.
٤  A. Berman, Pour une critique des traductions: John Done, Gallimard, 1995, p. 75.
يستعيد بول ريكور هذه القضية قائلًا: إن هذه الرغبة تتجاوز «ثنائية الضرورة والنفعية». انظر مقالته الهامة: Paul Ricoeur, “Le Paradigme de la traduction”, in Esprit, n 253, Juin 1999, p. 14.
٥  أنطوان بيرمان، المرجع السابق، ص٧٤-٧٥.
٦  M. Heidegger, Chemins qui ne mènent nulle part, Gallimard/Tel, 1962, p. 338.
٧  ذلك هو تصور والتر بنيامين الذي يعتبر الترجمة دَينًا، ومهمة المترجم مسئولية إزاء الأصل. انظر نقد دريدا لهذا التصور في: “Des tours de Babel”, in Psyché, l’invention de l’autre, Op. Cit..
٨  ابن عربي، ترجمان الأشواق، دار صادر، بيروت، ١٩٦٦م، ص٤٣.
٩  Fortunato Israël, “Traduction littéraire: L’appropriation d’un texte” in: La liberté en traduction, Actes du colloque. international tenu à l’E.S.I.T., 7-8 et 9 Juin 199 à, Didier Eruditions 1991, Paris, p. 18.
١٠  كنا قد أطلقنا هذا المفهوم في الترجمة في اللقاء الحواري مع جاك دريدا بمدينة الرباط سنة ١٩٩٥م، ولسوء الحظ، فإن الصيغة العربية للقاء التي نشرَتها دار توبقال لم تتضمَّن ترجمةً لمُداخلتنا التي كانت بعنوان: «اللغة وضيفها، ملاحظات على ترجمة جاك دريدا للغة العربية». لكن بإمكان القارئ العودة إلى الرد الذي قام به جاك دريدا على هذه المداخلة والتي أخصبت بشكل كبير هذا المفهوم في صيغته الفلسفية العمومية وبالعلاقة مع الترجمة، انظر: لغات وتفكيكات في الثقافة العربية، لقاء الرباط مع جاك دريدا، ت. ع. الكبير الشرقاوي، توبقال للنشر، ١٩٩٨م.
١١  يتحدث جاك دريدا عن هوى الترجمة العاشقة حسيًّا قائلًا: «… هناك حيث هوى الترجمة يأتي ليلحس كما يمكن أن نلحس لهيبًا أو لسانًا عاشقًا: بالاقتراب أكثر ما يمكن للعدول في آخر لحظة عن الاقتياد أو الاختزال، عن الاحتراق أو الاستهلاك، تاركين الجسد الآخر كما هو؛ لكن من دون أن نكون على شفا هذا العدول أو هذا التراجع، قد أظهرنا الآخر في نور اللهب أو تبعًا لمداعبة اللغة.»
J. Derrida, “Qu’est-ce qu’ue traduction “relevante”?” 15° assises de la traduction littéraire, d’Arles, Actes-sud, 1998, pp. 21-22.
١٢  قصدية الترجمة هي أن تُعفينا من قراءة النص الأصل: Inês Oseki-Deprès, Théories et pratiques de la traduction, Armand Collin, 1999, p. 17.
١٣  يقول دريدا: «ثمة الجسدي في الترجمة»، J. Derrida, “Qu’est-ce qu’une traduction “relavante?”, Op. Cit., p. 25.
١٤  Georges Steiner, Après Babel, op. cit., p. 410. 2007.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥