في مكة المكرمة
دخلنا مكة المكرمة مع التلبية والتكبير، وبشعورٍ فيَّاض جلَّ أن يُوصف، ثم ما كِدتُ أتطلَّع إلى مبنى البيت العتيق في خشوع حتى ردَّدتُ هذا الدعاء التالي: «لا إله إلا الله، والله أكبر، اللهم أنت السلام، ومنك السلام، ودارك دار السلام، تباركتَ يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إن هذا بيتك عظَّمتَه وكرَّمتَه وشرَّفتَه، اللهم زِده تعظيمًا وزِده تشريفًا وتكريمًا، وزِده مهابة، وزِد مَن حجَّه برًّا وكرامة، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وأدخِلْني جنتك، وأعِذْني من الشيطان الرجيم.»
واقتربتُ من «البيت الحرام» فإذا بي أشعر بدموعي تنهمر انهمارًا، وبقلبي يخفق خفقات، وأسمع لفؤادي وجيبًا، ولكن مع راحة وطمأنينة هي بلسم النفس والروح، وصرتُ على بُعد من المسجد، فأخذتُ أدعو الدعاء التالي، وهو: «الحمد لله، والسلام على عباده الذين اصطفى، اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك، وعلى إبراهيم خليلك، وعلى جميع أنبيائك ورسلك.»
ثم لم أشعر إلا وقد اندفعتُ اندفاعًا إلى الداخل على الرغم من شدة ازدحام الحجيج، وما كدتُ أدخل من باب السلام حتى تلوتُ الدعاء التالي، وهو: «بسم الله، وبالله، ومن الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله ﷺ.»
كان الزحام في الكعبة الشريفة على أشدِّه، فإن الحجيج الذين كانت تقلُّهم «الطائف» و«تالودي» وكان عددهم نحو الثلاثمائة والألف، قد وصلوا إلى مكة وقصدوا «البيت الحرام» للقيام بفريضة طواف القدوم، على أنه مع الزحام وعِظَم عدد الطائفين وجدتُ الطريق أمامي مُمَهَّدًا، وكانت كل حركاتي ومشاعري متجهة جميعًا إلى رب هذا البيت، وقد رفعتُ يدي وقلت: «اللهم إني أسألك في مقام إبراهيم في أول مناسكي أن تقبل توبتي، وأن تتجاوز عن خطيئتي، وتضع عني وزري، الحمد لله الذي بلَّغني بيته الحرام الذي جعله مثابة للناس وأمنًا، وجعله مباركًا وهُدًى للعالمين، اللهم إني عبدك، والبلد بلدك، والحرم حرمك، والبيت بيتك، جئتُك أطلب رحمتك، وأسألك مسألة المضطر الخائف من عقوبتك، الراجي لرحمتك، الطالب مرضاتك.»
وقصدتُ إلى الحجر الأسود، وأشرتُ إليه بعودٍ صغيرٍ في يدي، ثم قبَّلتُ العود، وقلت: «الله أكبر، الله أكبر، اللهم أمانتي أدَّيتُها، وميثاقي وفَّيتُهُ، اشهد لي بالموافاة.»
ثم بدأتُ الطواف، وهو صلاة أباح الله فيها الكلام، فعلى المرء أن يكون طاهرًا كما لو كان مُقبِلًا على الصلاة.
بدأتُ الطواف قائلًا: «اللهم إني نويتُ طوافَ بيتك المُعظَّم سبعة أشواط طواف العمرة، فيسِّره لي وتقبَّله مني.» ثم دعوتُ: «بسم الله، والله أكبر، اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتِّباعًا لسُنة نبيك محمد ﷺ.» فلما بلغتُ مقام إبراهيم عليه السلام استأنفتُ الدعاء قائلًا: «اللهم إن بيتك عظيم، ووجهك كريم، وأنت أرحم الراحمين، فأعذني من النار ومن أهوالها، وحرِّم لحمي ودمي عليها، وآمِنِّي من كروب يوم القيامة، واكفني مئونة الدنيا والآخرة، واحفظني من الوسواس الخناس.»
ولما بلغتُ الركن العراقي قلت: «اللهم أعوذ بك من الشِّرك والشك والكفر، والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد، اللهم اسقني بكأس محمد ﷺ شربةً لا أظمأ بعدها أبدًا.»
فلما بلغتُ الركن الشامي دعوت: «اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا.» فلما بلغتُ الركن اليماني دعوت: «اللهم إني أعوذ بك من الكفر ومن الفقر، وعذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من الخزي في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.»
فلما بلغتُ الحجر الأسود دعوت: «اللهم اغفر لي برحمتك، وأعوذ برب هذا الحجر من الدَّيْن والفقر، وضيق الصدر، وعذاب القبر.» وأشرتُ إلى الحجر كما فعلتُ في الشوط الأول، ثم قبَّلتُ العود الذي في يدي لعدم استطاعتي تقبيلَ الحجر لكثرة الازدحام حوله، ومن ثَم كبَّرتُ ثلاثًا، وعدتُ إلى الطواف، وكرَّرْتُ الأدعية السابقة حتى أتممتُ طواف السبعة الأشواط.
ومن الناس من يعتقد أنَّ لكل شوط من الأشواط السبعة دعاءً خاصًّا، وهذا خطأ، وفضلًا عن ذلك فإن خير الأدعية ما كان فطريًّا دون تنسيق، فيدعو المرء بما في نفسه وبما في ضميره دون أن يتقيَّد بدعاءٍ ما.
ولما انتهيتُ من طوافي صلَّيت ركعتين في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، ثم انتقلتُ إلى حجر إسماعيل، فصلَّيت مثلهما، وخرجتُ من باب الصفا، ورقيتُ درجاته ناويًا السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، قائلًا: «اللهم إني نويت السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، فيسِّره لي وتقبَّله مني.» ثم رددت الآية الشريفة التالية وهي: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ، ثم دعوت: «الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله على ما هدانا، الحمد لله بمحامده كلها على جميع نِعَمه كلها، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يُحيي ويُميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده.»
فلما بلغتُ زاوية مبنى المسجد الحرام هرولتُ في مشيتي عند العلمين، ودعوت: «ربِّ اغفر وارحم وتكرَّم، وتجاوز عما تعلم، إنك تعلم ما لا نعلم، سبحانك إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.» وأخذتُ في ترديد هذه الآية وغيرها إلى أن وصلت إلى المروة، فصعدتُ على درجاتها، وهناك ولَّيتُ وجهي شطر الصفا، ثم تلوت الآية الشريفة: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ … الآية، وأخذتُ أردد الأدعية التي تلوتها في الشوط الأول حتى أتممتُ السعي سبعة أشواط.
والآن وقد انتهيتُ من الطواف والسعي، فلأتحلَّل من العمرة، فابتعتُ طَلِيًّا وذبحته وتصدَّقتُ بلحمه، لتنَعُّمِي بارتداء ملابسي، وتَحلُّلي من قيود العمرة إلى يوم الحج، ثم يمَّمتُ نحو الحلاق؛ حيث قصصتُ بعض شعرات من رأسي، ومن ثم ارتديت ملابسي العادية.
وعلى المعتمر أن يتذكر كم شعرة سقطت من جسمه وقت الاعتمار، فلربما يكون قد حكَّ جلده فينتج عن ذلك سقوط بعض شعر جسمه، فجزاء سقوط الشعرة الواحدة أن يوزِّع على المساكين ما قيمته قدح ونصف من طعام أهل البلد؛ قمحًا أو شعيرًا.
ولا ريب في أن لمناسك الحج حِكَمًا وعِبرًا، فإذا كنا قد قدَّمنا بالشرح والبيان الحكمةَ في العمرة والعِبرة منها، وذكرنا الحكمة في ذبح الطَّلِيِّ بعد التحلُّل من هذه العمرة، فإننا ولا ريب لن نغفل الإتيان في هذا المقام بوصف الحكمة في الطواف والعِبرة منه كذلك، ثم الحكمة في السعي، والعِبرة المستمدة منه أيضًا.
الحكمة في الطواف
في الطواف تَوجُّهٌ لقلوب الحجيج الخاشعة إلى الله العلي العظيم في وقتٍ واحد، ولغاية قُدسية واحدة، وفي الطواف تذكيرٌ وتمجيد لعمل إبراهيم عليه السلام، وهو تحطيم الأصنام والقضاء على الوثنية، إشهارًا لوحدانية الخلَّاق العظيم.
وفي الطواف تذكيرٌ بقدرة الله، ورحمة الله، ولطف الله.
في الطواف تذكيرٌ بخالق الكون، رافع السماوات، باسط الأرضين، مُفجِّر البحار، مُوطِّد الجبال، ناشر الريح، وهو على كل شيء قدير.
في الطواف تذكيرٌ بلطف الله الذي يُلهِم عباده الصابرين الجَلَد على المكارِه، واحتمال النوازل والأرزاء والشدائد.
في الطواف، أولًا وأخيرًا، الاستعاذة بالله من شرور الشيطان الدافع على ارتكاب الخطايا والآثام، ثم الابتهال إليه بقبول التوبة والمغفرة، وهو الغفور الرحيم.
لقد شُيِّدتْ هذه الكعبة الشريفة التي يطوف حولها الحجيج في بيت الله الحرام بأمرٍ من الله إلى الملائكة، فقد استكثروا على الخالق الأعظم خلْقَه خلقًا في الأرض هو آدم، وراجعوا ربهم قائلين: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ … الآية.
وغضبت العزة الإلهية على الملائكة، فعاذوا بعرشه طائفين سبعة أشواط، وهكذا اقتضت إرادةُ الخلَّاق بناءَ البيت ليُتعوَّذ به من سخط المولى عليهم، كما تعوَّذَ الملائكة بعرشه حينما سخط عليهم.
وإذن فقد أدركنا الحكمة في الطواف والعِبَر التي نستمدها منه.
الحكمة في السعي
أما الحكمة في السعي والعِبرة المستمدة منه، فأُولاها التذكيرُ بحكمة الله في تعمير مكة بنسل إبراهيم، ثم من بعده ذرية إسماعيل عليهما السلام.
فقد حلَّ إبراهيم بزوجه هاجر ورضيعها إسماعيل أرضَ مكة بأمرٍ من الله.
وكأني بإبراهيم وهاجر ورضيعهما إسماعيل وقوفًا في تيه جبال مكة، يقلِّب الوالد الزوج الطرفَ بين ولده وزوجه، ويرفع عينيه إلى السماء وقد كبت شعوره، وكاد أن يكتم أنفاسه حتى لا يدل جيشانها على مكنون قلبه من عواطف جيَّاشة يريد أن تكون طيَّ الكتمان.
وتفطن هاجر إلى أنه لا بد من أن يكون إبراهيم قد اعتزم أمرًا، وإبراهيم ما زال في تردُّده وتفكيره، يُسائِل النفس كيف يترك هذه المرأة التي لا حول لها ولا قوة، ولا زاد عندها إلا بضع كِسرات من الخبز، ولا ماء لديها إلا بضع قَطرات من السُّقيا! كيف يترك هذه الأم ورضيعها في هذه الجبال الموحشة، وبين هاتِه الوهاد الغائرة، لا تسمع صوتًا يؤنسها، ولا ترى حولها ما يُدخِل الطمأنينة على قلبها! كيف يترك هذه الزوج، لَعَمْرُ الحق، على هذه الحال؟ ولكن هو أمر الله، وكيف يعصي إبراهيم أمرَ الله؟
ويتحوَّل إبراهيم عن ولده وزوجه، فتحاول هاجر أن تتعلق به، متسائلة: إلى أين أنت ذاهب وتاركنا يا إبراهيم؟
فيقول إبراهيم: إني سأعود.
وتقول هاجر: وهل هذه إرادة الله؟
فيجيبها إبراهيم: أجل، إنها إرادة الله.
فيذهب الفزع عن قلبها، ويعود الأمل إلى نفسها، فتقول: إذن، فلن يُضيِّعنا الله.
ويسير إبراهيم دون أن يلتفت إلى ولده وزوجه، حتى إذا غيَّبَه أحد أركان البيت العتيق عاوَدَه حنان الوالد وعطف الزوج، فيقف وقفة الوداع، داعيًا الله مبتهلًا إليه: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.
ولا يكاد يمضي يوم وليلة حتى تنفدَ كِسرات الخبز، وتنضبَ قَطرات الماء، فتمسي هاجر ورضيعها يتلوَّيان من الجوع بعد إذ نضب اللبن من ثديَيْها، فتهُبُّ فَزِعة قَلِقة على حياة الرضيع، وتقصد إلى جبل الصفا لعلها تجد عنده أو وراءه مَن يغيثها بالزاد والماء، وتتلفَّت يَمْنةً ويَسْرةً، وإلى الأمام والخلف، ولكنها لا تجد إنسًا ولا شيئًا.
فتسعى إلى المروة لعلها تجد مَن يغيثها، ولكنها لا تجد الغوث، فتعاود السعي إلى الصفا، ثم إلى المروة، وهكذا تسعى سبعة أشواط بين الصفا والمروة في طلب الماء والزاد، حتى تضجَّ الملائكة، وتبتهل بالدعاء إلى الله، فيجيب سبحانه الدعاء، وينزل جبريل فيشقُّ الأرضَ بجناحَيْه عن عين زمزم، وتهرع إليه هاجر، تحيطه بيدَيْها مُشفِقةً أن ينساب في رمال الصحراء، ثم تشرب وترتوي.
ها هو ذا الماء يتدفَّق تحت قدمَي ابنها، تَزمُّه زمًّا بيديها خشيةَ أن ينساب في رمال الصحراء عبثًا، وتقول: زُمِّي، زُمِّي! فسُمِّيتْ زمزم، ونظرت إلى جبريل فوجدته أحسن ما يكون جمالًا، فأخذ يكلِّمها كلامًا رقيقًا، فعرفت أنه مَلَك من السماء.
وقبل أن يبارح البقعةَ المباركة قال لها وهو يُحرِّك جناحيه: إن الله لا يُضيِّع أحدًا أبدًا.
وإذن فقد كان سعي هاجر بين الصفا والمروة سعيًا وراء الحياة، وقد جعل الخلَّاق الأعظم من حياتها وحياة ابنها فاتحةَ تعميرٍ لمكة المكرمة، أحبِّ الديار إلى الله.
السعي من مناسك الحج
وعلى ذِكر السعي بين الصفا والمروة روى البخاري عن عاصم بن سليمان قال: سألتُ أنس بن مالك عن الصفا والمروة، فقال: لقد أمسكنا في الإسلام عن الصفا والمروة باعتبار أنهما من مسألة الجاهلية، إلى أن نزلت الآية: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ … إلخ الآية الشريفة.
وقال عروة: قلت لعائشة رضي الله عنها: وما عليَّ إذا لم أطُفْ بالصفا والمروة؟ إني لا أُبالي بعدم الطواف! فقالت: بِئسَ ما قلت يا ابن أخي! طاف رسول الله فطاف المسلمون.
وقال الحارث بن هشام عن هذا الحديث: «إن هذا لَعلم.»
ولقد سمعت أهل العلم يقولون: إن العرب كانت تعتبر أن الطواف بين حجرَي الصفا والمروة من أمر الجاهلية. وقال الأنصار: إنما أمَرَنا الله بالطواف بالبيت، ولم يؤمر به بين الصفا والمروة. وسأل الأنصارُ الرسولَ ﷺ في ذلك، فأنزل الله الآية: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ، والسبب في قوله تعالى: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ هو أن الطواف إذ ذاك كان محظورًا؛ إذ كانت هناك في الجاهلية شياطين تَعْزِفُ في الليل، فلما نزلت الآية رُفِع المحظور في الإسلام.
وروى الترمذي عن جابر أن النبي ﷺ حين قدِم مكة طاف بالبيت سبعًا، ثم قرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى … إلخ الآية، وصلَّى خلف المقام، ثم أتى الحجر فلثَمَه، ثم قال: «فَلْنبدأ بما بدأ الله به.» فبدأ بالصفا.
طواف العذر
ولا يجوز أن يطوف أحد بين الصفا والمروة راكبًا إلا عن عذر، فإن طاف معذورًا فعليه دم، ومَن كان غير معذور أعاد الطواف إن كان بجوار البيت، وإن كان غائبًا أهدى (أيْ: قدَّم الهَدْي)؛ وذلك لأن النبي ﷺ طاف بنفسه وقال: «خذوا عني مَناسِكَكم …» وقد جوَّز الشرع طواف العذر راكبًا؛ لأن النبي ﷺ طاف على بعيره، واستلم الركن بعصاه المعوجة، وقالت عائشة رضي الله عنها للرسول ﷺ: إني أشتكي تعبًا. فقال لها: «طوفي من وراء الناس وأنتِ راكبة.»