على طريق توماس كون: رؤية نقدية لفلسفة تاريخ العلم في ضوء نظرية توماس كون
«ليكُن الكتاب دعوةً إلينا لكي نَعتبر بأسلوب التناوُل، ونُفيد بهذا النَّهج، وإن لم نُضِف إليه جديدًا؛ أيْ أن تُجرى دراسةُ تطوُّرِ الثقافة الاجتماعية على نحوِ ما درَس «كُون» تطوُّرَ العلم، وهل التراث الثقافي يتطوَّر في طفراتٍ أيضًا؟ وكيف يكون ذلك؟ فقد ظهرَت بعد كتاب «كُون» آراءٌ تُؤكِّد أن الاستمرار المتجانس لمجتمعٍ ما ثقافيًّا وتراثيًّا يعني الجمودَ وعدمَ التحوُّل من نموذجٍ إلى آخَر مع تغيُّر المفاهيم الرئيسية لعناصر النموذج أو الإطار الفكري، وأن دينامية هذا التحوُّل لا تَتوافر إلا بفضلِ استمراريةِ النشاط الإبداعي الاجتماعي الذي نُسمِّيه العلم.»
كَسرَت نظرية «توماس كُون» الموروثَ عن المعرفة العلمية، وقدَّمَت رؤيةً مُغايِرة حول تاريخ تطوُّر العلوم، ومُفادُها أن المعرفة العلمية ليست تراكُمية، بل تَخلَّلها الكثيرُ من الثورات على النظريات السائدة. ويتَّخذ «شوقي جلال» من تلك النظرية مثالًا على ضرورة الخروج عن المألوف، مؤكِّدًا على ضرورة وجودِ بيئةٍ اجتماعية وثقافية صالحة لنُموِّ أفكارٍ ونظرياتٍ جديدة، كما هو الحال في البيئة الغربية التي سمحَت بوجود العديد من المدارس الفلسفية التي تُقدِّم كلٌّ منها رؤيةً خاصةً لتطوُّر العلوم، وقد ساهمَت هذه البيئة العلمية في ظهورِ تياراتٍ جديدة نظرَت إلى العلم خارج النَّسَق السائد. وفي هذا الكتاب يدعو «شوقي جلال» إلى دراسة التراث في إطار العلم، لا في إطار الأيديولوجيا؛ فلا يُمكِن أن نصبح جزءًا من العصر الحديث إذا أغلَقنا على أنفُسنا واكتفَينا بما نملك، فهذا عين الجمود!