قلوبٌ تذوب
في هذه البلاد الشرقية كثيرٌ من القلوب اللينة المترهلة، بل القلوب المائعة الذائبة، قلوبٌ تذوب كلما ناح الحمام، قلوبٌ تميع كلما اهتز الورد في الأكمام، قلوبٌ تسيل هيامًا كلما تلألأت شمس الأحلام — قلوبٌ مائعة ذائبةٌ على الدوام.
قلوبٌ تذوب كلما هبت ريح الصبا، تذوب في الليالي المقمرة، وعند كل ساقيةٍ أو غدير تذوب في رابعة النهار لرنة عودٍ أو لأنةٍ من أنات «يا ليل»، قلوبٌ تذوب في ظلال الصفصاف، وتذوب أمام الفونوغراف — قلوبٌ شرقية مائعة على الدوام.
ونحن في زمن الحديد والكهرباء!
إن حاملي هذه القلوب لأعجز في المحن والنكبات من فراخ القطا، ولأجبن من صغار الأرانب، وما أسرعنا وهذه قلوبنا إلى الشكوى والأنين، إلى التلهف والتأوّه والنواح، ما أسرعنا وما أشد صراخنا في ميدان الندب والنحيب، كأننا في مندبٍ دائمٍ، وكأن الندب مشتقٌّ من الانتداب.