النيل مآسي
«هذا النهر الذي يستمتع صيادُوه بصيدٍ وفير، وتشرف عليه قرًى تتوسَّط أوديةً رائعة الجمال، في أراضِي قبائل عريقة هي: التوتسي والهوتو، غطَّته الجثث فجأةً في صيف ١٩٩٤م، وسارت حوالي ٤٠ ألف جثَّة مع التيار مسافة مائة كيلومتر حيث بلغت بحيرة فيكتوريا، حيث كان يتم انتشال حوالَي ٥٠٠ جثة يوميًّا في شهر مايو.»
بعد اثنَين وعشرين عامًا يوثِّق «صنع الله إبراهيم» رحلته لدول النيل التي قام بها عام ١٩٩٤م، بطلب من شركة فرنسية متخصصة في إنتاج الأفلام، قد قرَّرت أن تُعِد أفلامًا وثائقية عن أهم عشرة أنهار في العالم، ومن بينها نهر النيل، فوقع الاختيار على صاحب القلم الحر، والضمير الإنساني اليقظ «صنع الله إبراهيم»؛ لإعداد سيناريو وثائقي للفيلم، لكن ما أعدَّه جاء مخالفًا لرؤية المخرجة عن الفيلم؛ فظل السيناريو حبيس الأدراج حتى قرر نشره، وقدَّم فيه شهادته عن دول المنبع والمصب، واضعًا الناس نُصب عينَيه، وحيواتهم، وأوضاعهم الصحية والتعليمية والمادية، وجغرافية بلادهم، وطبيعتها، وتاريخهم المليء بشتى أشكال الاستعمار السياسي والاقتصادي، والبعثات التبشيرية الإنجليزية والفرنسية، وواقعهم السياسي المرير، والانقلابات العسكرية، والأنظمة الدكتاتورية، والحروب، والتأريخ لفترة التسعينيات في رقعة مهمة من القارَّة السوداء.