عندما طلع الصباح … وكيف ضاع الحلم وساح
(آثار السهرة الصاخبة، الحمَّارة مكوَّمون، زجاجات وبقايا … يدخل صاحب الخان يتمطَّى، ويشد قامته كمن يعيش في حُلم وضاع.)
الخمَّار
:
نظراتي النبيلة؟ … وعودي بيشبه عود الزناتي؟ وانا ملك؟ … سلبوا منه
عرشه؟ … معقول؟! والبنت اللقيطة دي … اسمها شامة وبنت سلطان؟!
والحرب دايرة على رِجل ونص؟ لأه … النهار طلع … ولسه باحلم … يااه … أكيد الراجل ده شيطان وسواس … فعلًا مقنع … معقول! … واحد زيي من أصل نبيل، معقول يفضل مرطوط في المزبلة دي طول عمره … يتحمل رزالة الزباين ويشحت البقشيش منهم بكل أدب؟! … لا … عنده حق … هيَّ دي الحقيقة … دي قلعة … قلعة!
وانا سلطان ابن سلطان، سرقوا منِّي عرشي … إزاي سمحت لنفسي إني أتمرمط وأتشحطط بين المصاطب، لولا الفارس ده ماكنتش عرفت حقيقتي … الناس كلهم بالليل … عرفوا حقيقتي وحطوني ف مكاني الحقيقي … احم!
يا أميرة الزمان وملكة العصر والأوان … تعالي … كي نباشر مهام مملكتنا الصغيرة.
والحرب دايرة على رِجل ونص؟ لأه … النهار طلع … ولسه باحلم … يااه … أكيد الراجل ده شيطان وسواس … فعلًا مقنع … معقول! … واحد زيي من أصل نبيل، معقول يفضل مرطوط في المزبلة دي طول عمره … يتحمل رزالة الزباين ويشحت البقشيش منهم بكل أدب؟! … لا … عنده حق … هيَّ دي الحقيقة … دي قلعة … قلعة!
وانا سلطان ابن سلطان، سرقوا منِّي عرشي … إزاي سمحت لنفسي إني أتمرمط وأتشحطط بين المصاطب، لولا الفارس ده ماكنتش عرفت حقيقتي … الناس كلهم بالليل … عرفوا حقيقتي وحطوني ف مكاني الحقيقي … احم!
يا أميرة الزمان وملكة العصر والأوان … تعالي … كي نباشر مهام مملكتنا الصغيرة.
الزوجة
(ترتِّب هيئتها كمن باتت في غير مكانها)
:
إيه اللي جرى لك يا فالح؟ … لسه مافقتش؟
الخمَّار
:
فوقي إنتي يا مولاتي … واتمسَّكي بالحقيقة اللي كشف لنا عنها سي اليزل.
الزوجة
:
هأو … مش كفاية أهبل واحد … اتهفِّيت انت كمان؟!
الخمَّار
:
سوقية … ألفاظ سوقية … ماتليقش بأميرة … يا مولاتي إحنا … من …
الزوجة
:
مولاتك؟ … اتجننت يا سبعي؟!
الخمَّار
:
سوف يغضب لو سمعك وانتي بتتلفظي بالكلام الزرايبي ده.
الزوجة
:
اسم الله عليه وعليك! … وحياة أمك الغالية إنت اتجننت!
الخمَّار
:
وحياة أمي! مش ممكن تكون دي ألفاظ سلطانة … لكن دي غلطتي لأني اتجوزت واحدة
من العامة.
الزوجة
:
العفو يا ابن الأكابر … اللي نفخك يفسِّيك … يا صعلوك صدَّقت إنك سليل ملوك؟
الخمَّار
:
أنا مش منفوخ … أنا اكتشفت ذاتي … وأعرف حقيقة أصلي.
الزوجة
:
الحقيقة الوحيدة إنك حمَّار ابن حمَّار، ولما ربنا فتحها عليك زودوك نقطة اتجوزنا
وبقيت خمَّار.
الخمَّار
:
والقلعة؟ … القلعة دي … اللي صدَّت جيوش عطمطم؟
الزوجة
:
عطمطم تبقى خالتك.
الخمَّار
:
والعرش … والتاج … أهه!
الزوجة
:
اسم الله ع التاج … عمة أبوك تحتها قرد … فُوق … دي خمَّارة من أربعين سنة …
مملكة آه، لكن مملكة أمي أنا يا عرَّة الحمَّارة صدَّقت خرافاته … كنا بنتسلى يا دُهل
… سكرنا ولعبنا ترفيه عن الزباين.
الخمَّار
:
يعني قصدك إن كل اللي حصل كان عشان سكران وباحلم؟
الزوجة
:
مش من حقنا نحلم، الأحلام بتكلِّف … مش دي نصيحتك اللي اتجوزتك بسببها … كانت
نصيحة راجل فاهم ويعرف يحمي ست زيي وسط البهايم … تقوم بعد تلاتين سنة ننساها …
عايز تضيعنا بتخاريف الفارس المفلس؟
الخمَّار
:
عندك حق (يصفع نفسه) الأحلام بتكلَّف كتير … دي الحقيقة الوحيدة اللي لازم
يعرفها خمَّار عقله زنخ زيي … اسنديني (تصبُّ عليه جردل ماء) … يا بت يا للي
مابتحلميش.
الزوجة
:
اصحى … فُوق … وازعق ع البت المفعوصة دي تساعدني نروَّق المطرح … لازم روخرة
صدَّقت أن أمها ملكة.
الخمَّار
:
بت يا مقصوفة الرقبة!
الفتاة
:
من ينادي في الصباح الباكر؟ … لا يجب أن يرفع أحد صوته في حضرتي … (تضربها)
يا لهوتي … أنا ابنة الملك أفراح.
(تبهدلها الزوجة محاولةً إفاقتها.)
الزوجة
:
نعم يا روح امك! اسمع يا ملك الخمَّارة … اسمع … صاحبك المجنون كَل عقل البنت
رخرة!
الفتاة
:
زيحوا الغشاوة عن عيونكم … بصوا للدنيا ولبكره بقلوبكم.
الزوجة
:
إلهي بصينا عليكي مالاقيناكي!
الفتاة
:
أنا فتَّحت عيني على حقيقتي … خلاص.
الزوجة
:
تعالي هنا.
الفتاة
:
وحيرجعني لأهلي يا خطافين.
الزوجة
:
سمعت … اليتيمة اللي وهبها لنا الزمن عشان يمشِّي حال الخمَّارة … عايز يخطفها
… عمَّمك وعملك شاه عشان يلهفها … يالَّلا ع الجردل والخيشة نضفي المطرح … ولمي
الزبالة … وامسحي البلاط يا بنت الرفضي!
الخمَّار
:
مش ممكن أكون أمير … ولا يمكن تكون دي قلعة … لا … أنا اتجننت
بالتأكيد!
الزوجة
:
يالَّلا يا بنت … بسرعة … بقينا الضهر … (تخرج باكية.)
الخمَّار
:
بالليل كان كل شيء واضح … كنت سلطان وملك … وكان هنا قلعة فعلًا … وانا قاعد
على العرش … إيه اللي حصل؟
الزوجة
:
معلهش يا ملك الكوتشينة … طول عمرك وانت حمَّار وخمَّار، وطول عمرها زريبة وخمَّارة
… واحنا عشنا هنا سلالة، سلسال أبًّا عن جده … هع … سلالة مولودة بين السراير
والبراميل … عِشنا على دراهم اللصوص وقطَّاع الطرق وشحاتين الحمَّارة … اصحى … يا
ملك … إشمعنى أنا ماصدقتش تخاريفه … هه … عشان عارفة نفسي وواثقة من ذاتي … أمي
غسَّالة وأبويا حرامي بط … جمعوها مليم على سحتوت وفلس ورا فلس … لغاية ما
فتحوا المملكة دي … وانا … أنا عصَر الهم قلبي … من صغري … اغتصبني العسكر
العثمانلي ورموني في الطين ألم لقمتي … فرفوتة فرفوتة … من تحت حوافر السكارى
ولصوص الزمان يا ملك الزمان لأزعر … فُوق!
(يدخل الحمَّارة وهم يجرُّون شحاتة وسعدون يحاول إبعادهم بمناوشات مضحكة.)
حمَّار
:
خد … دي عشان ضيعت ليلتنا.
شحاتة
(للخمَّار)
:
سيدي … جئت إليك لتسمح لي بمبارزة كبيرهم.
(يضربونه في وجهه ويُلبِسونه أقنعة حميرية وقرونًا.)
حمَّار ۲
:
ودي … عشان حرمتنا من البنت.
شحاتة
:
مولاي … اسمح لي أن أشتتهم.
سعدون
:
متسيبه يا ابن الكلب … ابعد عنه يا حمَّار.
حمَّار ٣
:
وخد دي في أسنانك عشان أسناني اللي كسرتها.
حمَّار ٤
:
ودي عشان هدومي المقطَّعة اللي مزَّعتها.
شحاتة
:
يا مولاي … أناديك فأجبني قبل أن أغضب، ابعد كلابك عنِّي … وإلَّا فتعالى
وبارزني إن كنت تملك شيئًا من الشجاعة.
الخمَّار
:
يعلقوك ع الشماعة.
سعدون
:
يا سي اليزل … كفاية … وتعالى نمشي من هنا.
الخمَّار
:
بس يا أولاد … تعالى يا فارس الفرسان … خُش على عمك.
(وعندما يقترب منه يضرط أشد في وجهه … فينذهل.)
الخمَّار
:
عايزني أبعدهم عنك … دانا ح اخليهم يطحنوك فطيرة يفطر بها الزباين اللي طفشوا
بسببك. ح اخليهم يعجنوك كفتة أوزعها على روحك اللئيمة اللي ضحكت عليَّه.
شحاتة
:
ما هذه الألفاظ البذيئة يا ملك الملوك … هل أنت مريض لتخرف؟
الخمَّار
:
أخرَّف يا أبو فصادة راكب نملة؟
شحاتة
:
عيب … لا يليق بك … هيا امتشق حسامك وإلى القتال … لن أصبر على تخاريفك
وسأقتلك رغم إني ضيفك.
الزوجة
:
شاهد؟ حضرته ضيف … (شفطة مع حركة من يدها) … الحساب مش عايز يدفعه.
الخمَّار
:
دانا ح اسلخ جلدك … تضيع القلعة مني … وتفلسني كمان؟
شحاتة
:
القلعة اللي يسكنها الأندال لازم تخرب … والقصر اللي ساكنه شياطين … لازم
ينهد على راسهم.
سعدون
:
اعمل معروف يا سي اليزل، ضلوعي بتحلف لك ده راجل خمَّار قراري من أصل وشه.
شحاتة
:
لكن هذا قصر الملك عيروط يا سعدون.
سعدون
:
تاني!
الخمَّار
:
قصر! هع! القصر اللي وهبته هولي امبارح!
سعدون
:
إنت وهبت له قصر مع إنك لسه مقابله؟ وانا … يا للي رجلي فأفأت وضلوعي اتدشدشت
أطلع بلُّوشي؟!
شحاتة
(في ألم حقيقي)
:
ماذا جرى للدنيا وانا نايم؟ الغشاوة طلمست على قلوب الجميع! … حتى أنت يا
سعدون؟!
وكأن حربي ضد الشياطين والسحرة طول الليل كانت من غير فايدة.
وكأن حربي ضد الشياطين والسحرة طول الليل كانت من غير فايدة.
(سعدون يساعده على صعود الحصان.)
الفتاة
:
سي اليزل!
شحاتة
:
شامة!
الفتاة
:
مش حتاخدني معاك؟
الزوجة
(تجرُّها)
:
ياخدك ربنا … ع المطبخ يا بنت الكلب!
الفتاة
:
لو سمعك … أبويا كان يشنقك.
الخمَّار
:
على جوه يا بنت السعدان … يالَّلا على شغلك.
الفتاة
:
شفت يا سي اليزل ست الحسن الأسيرة ما بين المطبخ وسراير الحمَّارة!
الزوجة
:
ست الحسن أم طرطور … (ضحكات الأراجوز.)
شحاتة
(في توتُّر)
:
مولاتي يتفوَّه لسانك بهذا الهراء! … يا لوضاعة الحال التي صار إليها البشر …
لكني لن أسمح لهم، فلا تقلقي يا شامة … لن تظل الدنيا خمَّارة قذرة تمسَّكي
بحلمي!
الفتاة
(وهم يجرُّونها على الأرض)
:
لو معاك حاقدر أحلم.
الخمَّار
:
هاتي العصايا يا ولية … أكسر له راسه وأدشدش عضمها.
سعدون
:
وقَّف عندك … تكسر راس مين يا قفل انت … أحسن لك تحفظ مركزك … يالَّلا بينا يا
عم سي اليزل … قلت لك خمَّار ورجالته حمَّارة … ماصدقتش … دي حميرهم بتفهم عنهم يا
راجل … ده اللي كان حيعطيني الطابية … وهو مايساويش زلطة؟!
شحاتة
:
عندك حق يا سعدون … أحيانًا تنطق حكمة أحكم من حكمة الحكماء، هيا بنا يا
شامة.
الزوجة
:
نعم! شامة إيه يا روح امك؟!
الخمَّار
:
عايز تخطفها كمان … طب انجر قبل ما اخطف عينك.
سعدون
:
يا سي اليزل … لا تجعلهم يستفزونك، هيَّا بنا الآن … الحرب خدعة برده … بكرة
فيه يوم يرضي الجميع.
شحاتة
:
لكن بكرة … يكون الوقت فات يا سعدون.
سعدون
:
يا عمي واحنا ورانا إيه؟ اللي يفوت نعيده على مهلنا.
(يضحكون عليهم ويسخرون.)
شحاتة
:
اضحكوا على خيبتكم … الواجب إنكم تبكوا على حالكم بدل الدموع دم … ولكني
سأعود لتأديبكم.
سعدون
:
جتكم الغم … إنتم وحميركم أولاد عم.
(يمضيان، تنفلت الفتاة وتحاول اللحاق به … والزوجة تطاردها وتجذبها.)
الفتاة
:
سي اليزل … يا سي اليزل!
(تصرخ يائسة.)
الخمَّار
:
تعالي هنا … رايحة فين؟
الفتاة
:
سيبوني … ماتروحش وتسيبني، ارجع يا سي اليزل.
الزوجة
:
رجعت الميه ف زورك رايحة فين؟
الفتاة
(في يأسٍ واستسلام)
:
وح اروح فين؟ … أنا مدفونة هنا بالحيا.
لكن ح استناه … في الليل وفي النهار ح استنى رجوعه.
لازم يرجع … معقول يفضل حال الدنيا كده؟
لازم يعمل حاجة.
وإلَّا الدنيا حتبقى كلها خمَّارة!
لكن ح استناه … في الليل وفي النهار ح استنى رجوعه.
لازم يرجع … معقول يفضل حال الدنيا كده؟
لازم يعمل حاجة.
وإلَّا الدنيا حتبقى كلها خمَّارة!