شحاتة المضروب يصبح للحرس العثماني مطلوب
الحكواتي
:
ما أصعبك يا طريق
ما أصعبك يا ظروف
على اللي زاده وزوَّاده سطور وحروف
احلم يا سيد شحاتة … الحلم البسيط مسموح
لكن حدود الحلم زي السيف ساعات تقطع
أيادي التمادي
وآدي الحياة لغز قدامك صعب تفسيرها
وإيش حال بقى لوحتنوي يا عم تغييرها
عديت حدودك يا صاحب الحلم ليه تخطي
هرَّبت مساجيني واتعديت على شطي
وجب عليك الحد
دخلت من باب حرام وطلقت ميت وسواس
وصبح صعب الرجوع
وصعب لو تبطي
على المفارق مُنادي وفي الحارات طبَّال
على دق طبله بيزرع في القلوب الخوف
ومعاه يطل الطمع يملى قلوب الرجال.
المُنادي
:
يا أهل البلاد، يا عباد الله
على اتساع الخطاوي وداير الناحية
يا مَن قلوبكم بحب المصطفى صاحية
بعلن إليكم مَقدِم كافة الحراس
باسم حضرة صاحب السلطان
اللي طاعة أمره على كل العباد واجبة
قطعًا لدابر المفسدين والشر
واجب علينا نِدوَّر في عموم البر
عن وغد مأفون مسمِّي نفسه سيف اليزل
لا يؤتمن
اعتدى ع الشرع والقوانين
وأفسد العدل والأحكام
يا أهل مصر يا طيبين
ومين ح يرضى إن الشرع يتعطَّل
أو يرضى إن الحد حامي العدل يتبطَّل
وألف دينار بندقي من دهب إبريز
حلوان كبير ولذيذ
للي حيقدر يدل الحرس ع اللص وزميله
السعد يناديله
بألف دينار دهب، دينار ينطح دينار
من دهب إبريز
يشد حيل الشباب ويريَّح العواجيز.
(المُنادي يدور في أماكن مختلفة يتجمَّع حوله الحمَّارة والفتاة
وصاحب الخان وزوجة سعدون، كلٌّ منهم يُلهب خياله حلم الحصول على المكافأة.)
حمَّار
:
سمعتم يا اولاد الكلب … هو …
حمَّار
:
الراجل المهفوف اللي ضربناه!
الأول
:
هو ساعتها كان يسوى درهم؟
رابع
:
آهو بقى يساوي ألف دينار ذهب بعد ما هرَّب مساجين السلطان … بخت … يا جحش.
الخمَّار
:
ما حدش ح يقبض عليه غيري،
واقبض الألف دينار،
أشتري بيهم قصري وعرشي اللي سلبهم منِّي.
زوجة سعدون
:
إلهي ربنا يكرمكم يا قادر يا كريم،
دلُّوني على طريقه يا ناس … ماحدش جاب سيرة جوزي مع إنه قال إن الكل
حيتكلموا عنه … ويعرفوا اسمه … يا ناس؟
حمَّار
:
ألف دينار دهب! والنبي لامسكهم ولو كانوا في سابع أرض.
حمَّار ٢
:
ألف دينار دهب يعني كام؟ … أكثر من خمسين درهم؟
حمَّار ٣
:
ح اعمل لحماري بردعة قطيفة وحداوي فضة.
الفتاة
:
يا ربي يا كريم، اعمي عيونهم عنه،
عشان يرجع سالم … يفضل بعيد يا رب لحين يموتوا كلهم ويرجع لي.
الخمَّار
:
هو السبب … نغَّص عليَّه حياتي ولازم أنتقم … قلب كياني بعد ما كنت راضي
بمملكتي الصغيرة … لو أقبض الألف دينار، يمكن مراتي ترجع تحبني وترضى عنِّي …
وترجَّعني أمير لمملكتها.
زوجة سعدون
:
يا ناس … جوزي معاه! يا ترى دخلت التاريخ؟ والَّا دخل وحده؟ … حاكم احنا دايمًا
كده نزرع الزرعة وما نكلهاش … نبني البناية وما نسكنهاش … أكيد سابك ضايع على
السكك ودخل هو … دلوني يا خلق على طريق طابيته … إرجع لنا يا سعدون … ماشي
تفرَّق الدهب على الناس بالألافات واحنا مش لاقيين اللقمة؟!
طب وفَّر دنانيرك لعيالك!
الفتاة
:
لسة ماخلصتش توبي الجديد للفرح … خد وقتك يا حبيبي بس غيب عن عينيهم … ح استناك.
زوجة سعدون
:
يا ترى مين بيهرش لك ضهرك لما ينمِّل يا سعدون؟!
الفتاة
:
نفسي ألبس التوب الجديد في الفرح يا سي اليزل … أوعى يمسكوك … بعدين ألبسه في
الجنازة.
زوجة سعدون
:
كان لازم تعرف يا سعدون إن اللي عنده عيال واجبه يكن وينام في حضن أولاده
ومراته ويخرس … وإلَّا خدوا أمواله وحطُّوه على الخازوق … إرجع يا سعدون إرجع
احكم واتحكَّم فينا … أنا طابيتك الحقيقية … يا سعدون …
(تختلط نداءاتهم وصياحهم، وكلٌّ منهم يتسحَّب بحثًا عن المُطاردين
مثلما دخل من جهات عديدة … تخفُّ الإضاءة ثم يظهر «سعدون» و«شحاتة» متعبَين منهكَين.)
سعدون
:
طلع النهار وورا كل حجر عسكري عثمانلي واقف زنهار.
شحاتة
:
دي تشريفة الفرسان للمجد.
سعدون
:
لا … وانت الصادق … للخازوق والمشانق!
شحاتة
:
يا سعدون … عمر ما فيه فارس اتشنق … الفرسان بتموت في المعارك بس.
سعدون
:
وانا بقى اللي حيتشنق … ويتخوزق؟!
شحاتة
:
ضروري يتشنق حد … مش ممكن الكل يبقوا فوارس!
سعدون
:
يبقى ح استنى إيه، أنا اشنق نفسي واخلص!
شحاتة
:
على كل حال ماتشغلش بالك، ممكن تنجو من المشنقة ماتفكَّرش.
سعدون
:
فعلًا الأفضل يموت الواحد وهو مابيفكرش (يبكي).
شحاتة
:
وفَّر دموعك … مش حيحصل أي شنق إلا بعد ما ننقذ «شامة» … ونهزم الساحر ونرجع
بكتاب النيل وانت تبقى حاكم … ولما حتبقى حاكم ماحدش حيجرؤ على شنقك … مافيش
حاكم بيتشنق بالسهولة دي!
سعدون
:
سي اليزل … إنت حكيت لي قصص اتشنق فيها ييجي ألف حاكم … غير اللي اتخوزقوا
على العرش.
شحاتة
:
على كل حال إنت لا بقيت حاكم، ولا لسه اتحاكمت.
سعدون
:
والعسكر اللي زي الجراد … مش بشاير الشنق؟ … أرجوك؟ … قول لي بصراحة … فيه شنق
والَّا لأ؟
شحاتة
:
أكيد فيه شنق.
سعدون
:
حيرتني! ح احكم والَّا ح اتشنق!
شحاتة
:
وحتى لو اتشنقت مش ح تموت.
سعدون
:
إزاي؟!
شحاتة
:
في قصص الفوارس يفْضَل الجلَّاد رافع سيفه، لكن قبل ما ينزل به على رقبتك؛ أقصد
رقبة التابع … يظهر الفارس زي النسر، وينقض زي الصقر، ويخطف التابع بإيده اليمين
بعد ما يفك قيوده بإيده الشمال … ويختفي الاتنين زي البرق … كل الحكايات والسِّيَر
اللي زي حكايتنا دي مكتوب فيها كده.
سعدون
:
المصيبة إني مش باعرف أقرا … (يتأمَّله ساخرًا) وحكاية الإيد اليمين (تك)
والإيد الشمال (تك تك!) واسعة قوي … ماتزعلش منِّي … أنا أصلي جعان، ولما أجوع
مخِّي بيضلَّم وماعدش مصدَّق أي حاجة لأن مخِّي هنا.
(يُشير إلى بطنه.)
شحاتة
:
إسمع يا سعدون … كفاية لحد هنا.
سعدون
:
إيه؟
شحاتة
:
كفاية لحد هنا … إنت قمت بواجبك واكتر، ماقدرش أحملك أكتر من كده.
سعدون
:
لا … عايز ترجع في وعدك ليَّ؟ والطابية؟! بتتخلى عنِّي؟
شحاتة
:
الطريق بيطول، والحرس بيزيد وبيكتر … وانت اتحمَّلت كتير.
سعدون
:
مش ح اسيبك، أنا مايهمنيش الجوع.
شحاتة
:
والمشنقة والخازوق؟
سعدون
:
إنت حتنقذني … أيوه … حتفك العقدة بإيدك دي، لأ دي … وتشيلني بإيدك دي … مش
مهم بأنهي، المهم إنك حتنقذني والسلام.
شحاتة
:
إفرض أنا مت قبلك؟!
سعدون
:
ماينفعش يبقى فيه غلط … مافيش فارس يموت قبل التابع … كده يبوظ التاريخ …
ويغرق العالم في ظلم ماترضاش بيه كتب الفرسان.
شحاتة
:
وعرفت منين يا سعدون؟
سعدون
:
عرفته بالفكاكة … الفرسان مش ممكن يسيبونا للكلاب والشياطين لا … مين حيرعانا
غيركم؟ … مين حيشفي أوجاعنا وجوعنا ولو بالحلم؟ … مين ينقذ البنت الغلبانة
«شامة» وانت اللي عارف شكلها ومكانها. ماتآخذنيش إذا كنت خرَّفت عشان جعان …
لكن الأصول أصول … أوعى تتخلى عنِّي بعد مامليت قلبي بالحلم «شامة»! … الطابية!
كتاب النيل … لأ … مش راجع … مش ح اسيبك حتى لو كان الشنق قبل الحكم.
شحاتة
:
الله … اسمعي يا أرض مصر المحروسة … اسمعي كلام سعدون واشهدي … على الصداقة
اللي حتخلينا نواجه الموت وتقدَّرنا على الخطر.
دلوقتي أنا زاد إيماني حنرجع بكتاب النيل … وحتتم العلامة وحنكون المعجزة …
بص … مش قلت لك … حرس الشرف … «شامة» … مش قلت لك … مش حيهزمنا الجوع ولا التعب
ولا اليأس.
(لمحة من خيالٍ مختلط بالواقع … الفتاة مرتدية ثوبها الجديد،
والحمَّارة والخمَّار يقتربون … يبدو المشهد وكأن هناك استقبالًا وديًّا للفارس.
الحمَّارة يُخفون شِباكًا وحبالًا معهم … لا تبدو في البداية، يتم
المشهد فيما يشبه رقصة … يُحضِر الخمَّار كرسيًّا كالعرش ويضعه في المنتصف … ويقوم
وكأنه يزف إليه شامة … ويُلبِسه عباءة … وحتى ينتهي المشهد يكون هو وسعدون مُقيَّدين
بالحبال …
الأغنية لها إيقاع يسمح بالخلط المطلوب.)
شحاتة
:
شامة يا ست الجمال
أنا خُضت ساحات القتال.
سعدون
:
وبعد ماطال العذاب
ضرب العصا وشك الحراب
الدنيا اهي صارت جميلة.
الخمَّار
:
فهيا يا بطل الفوارس
هيا ادخل القصر وآنس
تستنظرك شامة الحبيبة
وجه القمر نور المجالس
في آخر الرحلة الطويلة.
الحمَّارة
:
فارس فوارسنا البطل
هيا انحنوا له في أدب
وعشانه زيدوا في الغنا
وماتسألوش عن السبب
بعد العذاب تبن وحمير
نشرب عصير قِرَب قِرَب
تلبس بدال الخيش حرير
عجب عجب عجب عجب
مش صار لنا بعد العذاب
فارس بألف دينار ذهب!