هروب شحاتة من أسر الجدران يجعل سيرته على كل لسان
الحكواتي
:
ويفضل الحلم غير العلم حدوتة
القلب عاجز
والادين عاجزة
على حدود الأمل سيف الأمل … مكسور
لكن ما بين اللسان والودان تتنقل القصة … ومن القلوب
للقلوب تتغيَّر وتتبدَّل
تصير أحلى تصير أجمل
تبقى ع اللسان أعدل
وما أسهل الحلم ع المقهور وع المشتاق
يكفِّن الحزن أحلام الوطن بالشوق
فتملا قلب البشر بالحلم بالأشواق
بين الكفور والدساكر … ما بين الفَعَلة والشغِّيلة
والتراحيل … وحتى على لسان العساكر
القصة تصبح مشاعر
أكبر من الفارس وم الشاعر
تلف وتطير على لسان البشر وتسافر
تكبر تزيد على قد ما الحلم بيزيد وبيكبر
وتبدأ السهرة … يطول الليل
يدوروا في الحكاية عن خلاص مستحيل
ولا حد شاف «سيف بن ذي يزن» ولا حضر عصره
ولا حد شاف ما فعل
سي شحاتة سيف اليزل
إذ حرَّر المساجين وحقَّق المعجزات … وهرب من السجن
حين كان الجميع نايمين
الناس تشوف نفسها في القصة منصورة
مرة تشوف نفسها من نفسها مجبورة
يفصلوا الصورة
تنوَّر ليلهم العاتي بضي دنيا جميلة
تخفِّف عذاب عيشهم اللي كان تحت حكم العثمانلية
أزرق من النيلة.
شاعر الربابة
:
ولما دخلوا عليه الحرس والوالي في العنبر
ضحك شحاتة اليزل لا خاف ولا اتأثر
سلَّط عيونه ف عينيه وهب صارخ فيه
انشل راس الحرس والرعب كتف ايديه
هجم عليهم بقوه وشتَّت العسكر
صار السجين حر، والسجانة بقوا مساجين
سبحان الذي بيغيَّر الأحوال ولا يتغيَّر.
(الجوق يتحولون إلى سامعين في مجاميع حول الشاعر أو المنشد … أو ينتقلون من مكان لآخر … أو يدور عليهم منشد وراء الثاني.)
راوٍ
:
السِّجن كان بابه حديد
من صلب قاسي شديد
وشحاتة كانت عيونه
في الضلمة تطلق شرار
زعقت في قلبه قوة الفرسان
وقع الحجر واتهدت الجدران
وانشل جيش الظلم والأشرار
وبكى من القهر والي سلطنة عثمان
لما فارسنا قال بكل فتوة
اسمع يا حاكم غريب
قادر بكفي اخبزك في النار
واعصُر عساكرك … زي العسل والطحينة
وافرُمك ممبار
باسم المظاليم تسافر اسطنبول
تقول لسلطانك آخر الإنذار
يحل عن كتفنا داحنا رجال أحرار.
مداحه
:
واحلف يمين بالمولى رب الغلابة
السِّجن كان مقفول سبع ت اقفال
حواليه رجال عثمان كلاب وديابة
لكن شحاتة سي اليزل أبطال
قرا على الأختام بكل مهابة
ساح الحديد بالحق مي … وسال
عنتر صرخ في القبر قال يا ربابة
نادى على أبو زيد فجاله رجال
والبهلوان حمزة هجم بصلابة
جعل صحاري ازلزلت وجبال
غنَّى شحاتة سي اليزل في صبابة
ولعب بسيفه وقسَّم الموال
ومشى الجميع للحرب جيش وصحابه
زاحوا الغريب، واتعدلت الأحوال.
(الوالي يبدو وكأنه بيسمع ويدور يتسمَّع ما يُقال.)
رئيس الجوق
:
الشعراء قالوا وغنَّوا،
ومشي الكلام من بلد لبلد … ومن مولد لمولد
وكل لحظة يزيد، وكل ليلة يكبر
والي البلاد اللي كان عثمانلي مستعمِر
حاكم على مصر بالقوة وحد السيف
سمع بنفسه الغنوة والحدوتة.
ومشي الكلام من بلد لبلد … ومن مولد لمولد
وكل لحظة يزيد، وكل ليلة يكبر
والي البلاد اللي كان عثمانلي مستعمِر
حاكم على مصر بالقوة وحد السيف
سمع بنفسه الغنوة والحدوتة.
(الوالي ثائر يزوم كالأسد المحاصَر.)
الوالي
:
هذا كلام لا يجوز … لا بد من قطع دابر ذلك القراقوز،
لا يمكن اسمح بتاتًا لفلاحين يحكوا حكايات عنَّا،
ولا لشعرا يقولوا روايات … تسخر منَّا،
إلغي جميع احتفالات وموالد … ممنوع غناء … إكسر ربابات … صادر الكتابات … ممنوع حكايات بدون استئذان … إلا حكاوي بطولة بني عثمان.
لا يمكن اسمح بتاتًا لفلاحين يحكوا حكايات عنَّا،
ولا لشعرا يقولوا روايات … تسخر منَّا،
إلغي جميع احتفالات وموالد … ممنوع غناء … إكسر ربابات … صادر الكتابات … ممنوع حكايات بدون استئذان … إلا حكاوي بطولة بني عثمان.
رئيس الجوق
:
ابني سجون للكلام،
لكن يا والي الزمان، الكلمة تمنعها تزيد،
هذا قانون أكيد.
(يهمس له) دوَّر على الحيلة … هذا قانون السياسة يا حامل الصولجان … ما بيملك الفلاح حين تكثر الأحزان … غير اللسان … علشان يفضفض … وإلا انتفض بركان.
لكن يا والي الزمان، الكلمة تمنعها تزيد،
هذا قانون أكيد.
(يهمس له) دوَّر على الحيلة … هذا قانون السياسة يا حامل الصولجان … ما بيملك الفلاح حين تكثر الأحزان … غير اللسان … علشان يفضفض … وإلا انتفض بركان.
الوالي
:
إيه العمل؟ شحاتة سي اليزل … تعدَّى الحدود، مرَّغ في الطين هيبة الجدود،
أطلَق سراح مساجين الأسطول … وهدَّد أمن الدولة صيرنا في خطر … ولا بد من تأديب.
رئيس الجوقة
:
وحتنسى صنعة صنفك الحكام؟
للضرورة أحكام … وحين يغضب الحاكم بيفقد حكمة التدبير، فن السياسة كيَاسة، الهدوء سلطان … إملا عينيك بالابتسام.
للضرورة أحكام … وحين يغضب الحاكم بيفقد حكمة التدبير، فن السياسة كيَاسة، الهدوء سلطان … إملا عينيك بالابتسام.
(يطيع الوالي.)
واهدأ وروق … داري الحماقة … وكن مثال الذوق فكَّر ودبَّر … دي أصول صنعتك … وميزة كل مَن كان يرتدي جبتك … مش علَّموك حين أرسلوك … ولمصر بعتوك … وعلى عرشها أجلسوك … لازم تكون بحر هادي … لو عُزت تطفي النار.(الوالي في تمثيلٍ صامتٍ يتأثَّر بالنصيحة تمامًا … ثم يفكِّر وكأنه وصل لفكرة، ثم يُشير … فينزل المُنادي ويدور مُعلنًا:)
المُنادي
:
يا أهل مصر المحروسة في كل مكان
ياللي كرَّمهم ربنا فذكرها في القرآن
يا مَن فُزتم بالعدل والإحسان
في ضل بني عثمان
بُشرى من حبيب القلب
بُشرى من الوالي … عن الفارس … الغالي حبيب الشعب
والألف دينار اللي كانت تَمن لرقبته
صارت هدية لمن ينقل إليه بشارته
ويطمنه على قرب وصال حبيبته
في قصر الوالي … اللي بيستناه على أحرِّ من الجمر
يا خلق قولوا لفارس الفرسان
القصر مفتوح له بلا استئذان … فقد ظهرت العلامة وسيتم زفافه
«لشامة»
في زفَّة ما لها مثيل
ولا شافت زيها بلاد النيل
يا أهل المحروسة من الظلم والطغيان
من أول الزمان.
(يغيب صوته مع إظلامٍ تدريجي.)