ياقوت العرش: رباعية بحري ٢
«دخل من الباب المُغلَق، رجل في حوالي الأربعين. أيقنت أنه هو الإمام «ياقوت العرش»؛ قامته النحيلة، وسُمرته الحلوة، وعيناه الواسعتان المكحولتان، والسكينة الغالبة على حاله، والسبحة الهائلة الحجم تجري على حبَّاتها أصابعُه. لماذا اختار زيارتها حيث تقيم؟ وهل يعرف أنها منعَت تردُّدَ الرجال عليها؟»
يواصل «محمد جبريل»، في هذا الجزء من رباعيته، سردَ حكاياتِ سكان منطقة «بحري» في الإسكندرية؛ حيث يهيمن الحضور الصوفي على أجواء الرواية، لا سيما مقام العارف بالله «ياقوت العرش» الذي له تأثير بالغ على سكان المنطقة، وخاصةً ما تُحدِثه رؤيتُهم له في مَناماتهم من تبدُّل أحوالهم، ومِن بين مَن رأَوه «أنسية» التي عدَلت عن ممارسة البِغاء وتزوَّجت من «سيد» الفرَّان؛ فنعيش معها إحساسها بكينونتها وولادتها من جديد بعد توبتها، مثلما نعيش مع زوجها إحساسَه بأنه ليس الرجلَ الأول في حياة زوجته، كما نواصِل مع الجد «السخاوي» الطورَ الأخير من حياته وملازَمته للبحر الذي ظلَّ عِشقه الأبدي ومصدر رزقه. ووسط كل هؤلاء نلتقي بالكثير من الشخصيات التي تَموج بها أحياء الأنفوشي والسيَّالة وحلقة السمك، ونشتمُّ معهم رائحةَ البحر التي تَفوح من بين سطور هذه الرواية.