فطرقل عند أريفيل بخيمته
يعنى به ويداويه بحكمته
والحرب في مأزق ضاقت مسالكه
على الفريقين ألقى ثقل وطأته
أما الأغارق فالحصن المتين بنوا
والخندق احتفروا من حول خطته
ليدفعوا عن خلاياهم ومحملها
من الغنائم ما يغلو بقيمته
•••
لكنهم حين شادوا سورهم غفلوا
عن الضحايا مئات بئس ما فعلوا
فما إذا هو واقيهم بمنعته
من الأعادي إذا كروا وإن حملوا
فلا يقوم بناءٌ لا تحيط به
عين العناية إلا شابه الخلل
١
قد دام ما دام هكطور وما بقيت
إليون واشتد آخيل بنفرته
•••
وعندما فتحت إليون واندثرت
من بعد عشرة أعوام بها حصرت
والأرغسيون هاتيك السفائن في
من عاش منهم إلى أوطانهم مخرت
فوسيذ فورًا وآفلون انحدرا
وكل أنهار إيذا فوقه انحدرت
ريسوس روديس قاريس إيسفس
والهفتفور بضافي سيل ضفته
•••
والإسكندر إغرانيق يتبعه
وسيمويس انجلى يهوي تدفعه
عن جنة سطعت أو بيضة لمعت
أَو قِرن ربٍّ بذاك الجد مصرعه
٢
وفيبس حول الأنهار قاطبة
عليه تسعة أيام تزعزعه
وزفس أمطر شؤبوبًا يقوضه
للبحر يقذفه في قعر لجته
•••
وفوسذ وعصا الأنواء في يده
يطغي السيول عليه في توقده
يدك أركانه من أسها وبها
لليم يقذف معتزًّا بسؤدده
يستأصل الصخر منها والجذوع إلى
أن ساوت الجرف في مألوف معهده
فأسبل الرمل يعلوها وقد رجع الـ
ـأنهار كلٌّ إلى محدود جِدَّتِهِ
•••
ذاك الذي سوف يبديه لنا القدر
والآن من حوله الطروادة استعروا
٣
ترتج أبراجه من عنف كرِّهم
والأرغسيون في الأسطول قد حصروا
يروعهم سخط زفس مذ أصابهم
وهكطر ذاك أس الروع والخطر
لا زال يعصف فيهم مثل عاصفة
وقوم طروادة اشتدوا لشدته
•••
كأن خرنوص بَرٍّ صال أو أسدا
لم يعبأن بجمع حوله احتشدا
به تحيط السرايا والكلاب وقد
أهمت حواليه من أسهامها بردا
٤
فيستجيش بقلب لا يروعه
بأس فلا يلتوي للخطب مرتعدا
بل ينثني وهو حيث انقض منقبضًا
أو صال شقت سراياهم لصولته
•••
كذاك هاج بهم هكطور يندفق
يصيح في القوم: «هَيُّوا الخندق اخترقوا»
لكنما خيله في الجرف جازعةً
ترددت مذ تراءى دونها العمق
وأطرقت صاهلات لا تطيق به
وثبًا فتجتاز أو عدوًا فتنطلق
وكيف تعدو وحول السور هاويةٌ
يحوطها السد إحكامًا لمنعته
•••
هيهات تحت العجال الخيل تقطعها
لكنما لمشاة الجيش مرجعها
لذاك فوليدماس جاء هكطر والـ
ـفرسان نادى بقرب الفوز يطمعها:
«يا هكطر يا سراة الجند كيف ترى
فوق الحفير جياد الخيل ندفعها
وراءه السور والأركان قد رفعت
أوتادها غضةً من ضمن سدته
•••
فكيف ننزل في هذي العجال إلى
هذا الشفير ولا نلقى به فشلا
لئن ننل من لدى زفس إبادتهم
ونشر خزيهم فليهلكوا عجلا
فإن عبرنا وصدونا لوهدته
فأيُّ رُزءٍ يوافينا وأي بلا
والحق أصدقكم لن ينجون بنا
ناج لإليون ينمي شر محنته
•••
فالرأي عندي أن نبقِي الجياد لدى
سُيَّاسِها عند هذا الحد حيث بدا
ونحن نتبع هكطورًا بجملتنا
مكثفين على أكتافنا العددا
فالأرغسيون إما حان مصرعهم
لن يستطيعوا سبيلا للقا أبدا»
فلم يكد ينتهي والقول راقهم
حتى ترجل هكطور لساعته
•••
وكل فرسانهم ألقوا عجالهم
لساسة الخيل تستبقي حيالهم
تقام في الجرف صفًّا واحدًا وهم
فيالقًا خمسةً صفوا رجالهم
فقاد أولها هكطور أولهم
كذاك فوليدماسٌ من أمالهم
وقبريون وقد أبقى الجياد لدى
فتًى لهكطور من أعراض فتيته
٥
•••
كتيبة تلك ضمت جلهم عددا
جندًا تمد إلى كيد العداة يدا
وقاد ثانيها فاريس يصحبه
ألقاث ثم أغينور الذي اتقدا
وحاز ثالثها من ولد ملكهم
فريام قرمان مقدامين قد عهدا
هيلينس ثم ذيفوب الذي طلعت
سيماء آل العُلى تزهو بطلعته
•••
كذا ابن هرطاقس آسيس البطل
من ثقف الجُرد للهيجاء يشتعل
من بر آرسبة من جد سيلس قد
جرى عليها إلى إليون ينتقل
٦
وانضم رابعها جيشًا على حدةٍ
لأمر أنياس رب البأس يمتثل
وآكماس ابن أنطينور يصحبه
أخوه أرخليخ كانا بصحبته
•••
وخامس الفرق الغراء قد جمعت
أحلافهم ولسرفيدون قد خضعت
وعسطروف بغى عونًا له وكذا
غلوكسًا تلك صيدُ الحملة اندفعت
كماة بأس بلا هكطور وقعهم
في الحرب أيان أطراف القنا وقعت
قد قصر الكل عن إدراك شأوهم
وقصروا جملة عن شأو سطوته
•••
وعندما التأموا تزهو يلامقهم
تقدموا ومرام النفس سائقهم
وأيقنوا أن أعداهم وقد وهنوا
تبيدهم في خلاياهم مخافقهم
٧
بصدق فوليدماس كلهم وثقوا
على اختلاف سراهم وهو صادقهم
سوى ابن هرطاقس ما زال معتليًا
يليه حوذيُهُ من فوق سدته
٨
•••
أم السفائن مغترًّا على حمق
بخيله وبشر الحتف لم يثق
فلن يرى بعد إليونًا ويفخر بل
برمح إيذومن حكم القضاء لقي
٩
يُسرى السفين مضى حيث الأغارق قد
آبوا بخيلهم من أفسح الطرق
أغار تتبعه الأجناد لا غِبَّةً
وأيقنت في العدى فوزا بغارته
•••
للباب كروا ومصراعاه ما زلجا
بل فيه قوم يباري من عدا ونجا
ودونه من بني اللافيث يحرسه
قرما نكال على هز القنا درجا
لينطس عد آريس وفولفت
لصده وقفا فيه وما اختلجا
قاما كأنهما ملولتان على
طود وقد قامتا من فوق قمته
•••
فإن أصلهما في الأرض ينتشر
ولا يروعهما ريح ولا مطر
تربصا للقاه لا يهولهما
أنصاره وإن اشتدوا وإن كثروا
فكر يتلوه يامين وآدمس
كذا ثوون وأورست الأولى اشتهروا
وإينماوس تعلوهم يلامقهم
وجيشهم لغبًا داوٍ بصيحته
•••
والأرغسيان لا يلويهما الجزع
صاحا بمن ضمن ذاك المعقل امتنعوا
فما أجاب مجيب والتووا قلقًا
وكاد جيش العدى للسور يندفع
فبرزا خارج الأبواب وانفردا
مكافحين وأسهام العدى تقع
وفوق صدريهما الفولاذ متقد
يصل للوبل يهمي فوق صفحته
•••
كأن في الشم خرنوصين قد ذعرا
بين الخياطل والقناص مذ حصرا
فيسحقان ببطن الغاب ما لقيا
كيدا ويستأصلان الفرع والشجرا
ويعليان صريف الناب ما بقيا
حيين لم يلقيا في المعرك القدرا
فهكذا اشتد ذان الباسلان وما
ريعا لكل قوى جيش وكثرته
•••
كانا على ثقةٍ من بأس ذرعهما
وبأس من قام فوق السور خلفهما
جند مُدافعةٌ بالعنف دافعةٌ
وبلا من الصخر من فوق العداة همى
ومن كلا الجحفلين الرمي منطلق
على الرءوس بغيث بالنبال طما
١٠
كصيب الثلج تنهال الغيوم به
والنوء هب فتهمي تحت هبته
١١
•••
والبيض ترجع عن وقع الحجار صدى
للجو عنها وعن أجوابهم صعدا
١٢
ففات آسيسًا ما كان أمله
فصاح يلطم يضويه العنا كمدا:
«أكنت يا زفس خدَّاعًا وكيف أرى
قرمين فذين لم نبلغهما أمدا
مثل الزنابير ذبت عن خشارمها
والنحل لا يتخلى عن خليته
•••
فلن يكفا ترى إلا إذا صُرِعا
أو بين فتاك أيدينا إذا وقعا»
١٣
لكن زفس وهكطورًا بنصرته
من دونهم خص ذاك الصوت ما سمعا
١٤
وسائر الجيش لم ينفك مضطرمًا
بأسًا على سائر الأبواب مندفعا
من لي بإلهام ذي علم فينبئني
كم هامةٍ وقعت في حَرِّ وقعته
١٥
•••
من كل فج لدى السور الأوار علا
وارتاع للخطب أهلوه وقد ثقلا
فلم يروا غير حسن الذود من مددٍ
ورهط أنصارهم في الخلد قد وجلا
لكنما ولدا اللافيث حولهما
قد أعملا في الأعادي السيف والأسلا
واجتاح فولفت داماس مبتدرًا
بطعنةٍ نفذت في بطن خوذته
•••
ما صدها ذلك الفولاذ بل خرقتْ
حتى الدماغ وأم الرأس قد سحقتْ
من ثم أتبعه فيلون يلحقه
أرمين عن طعنةٍ في جوفه مرقتْ
كذا لينطس في لدن القناة مشى
رمى وفي خصر هيفوماخس فهقتْ
فاستل من غمده السيف الحديد وفي
قلب العدى كر يلقي روع كرته
•••
فانطفأت فرى يلقيه منقلبا
من ثم كر ومنيون الفتى اقتضبا
واجتاح أورست تُسقى الأرضُ من دمه
والقرم يامين ثم استقبل السلبا
وهكذا فتيا اللافيث قد فتكا
فتكًا ذريعًا وحازا بعده النشبا
وهكطر إثره الفتيان لا غبةٌ
وإثر فوليدماس تحت إمرته
•••
(كتيبة تلك ضمت جلهم عددا
جندا تمد إلى كيد العداة يدا)
كادت حفيرهم تجتاز عابرةً
إذا بطير لها تحت السماء بدا
فاستوقفت جزعًا في الجرف حائرةً
تطير أو هو عن يُسرى السرى وردا
نسر مخالبه في الجو قد نشبت
بأفعوان خضيبٍ تحت قبضته
•••
فالأفعوان وفيه لم يزل رمق
ما بين أظفاره في الجو يصطفق
حتى عليه التوى بالعنف يلسعه
في بارز الصدر حيث التفت العنق
فصاح عن ألم مر وأفلته
وراح تحت مهب الريح ينطلق
والأفعوان هوى للأرض مختضبًا
حيا وطروادة ارتاعت لرؤيته
•••
فتلك من زفس نجوى رامها علنا
ونحو قرمهم فوليدماس دنا
وقال: «عُوِّدتَ هكطورٌ معارضتي
إذا اقترحت مقالا بيننا حسنا
لا يجدرن بنا أن نستطيل إلى
مداك أو نرتئي ما لا يلوح لنا
لكنني كيفما دارت مباحثنا
مهما أقل فمقالي ثق بصحته
١٦
•••
لا خير بالفتك في الإغريق بالسفن
إن صح حدسي ففيه فادح المحن
ألم نر النسر يسرى الجيش مرتفعًا
بحية حية مشتدة الإحن
أما رأيناه ألقاها مخضبة
فريسة تلك فاتته ولم تهن
ولم تكن لفراخ قد خلون بها
بوكره فانثنى يخلو بخيبته
•••
وهكذا فلئن نظفر بسورهم
وخرق أبوابه خرقًا برغمهم
ولو هزمناهم لن يرجعن بنا ا ا
أجناد من حيث كروا بانتظامهم
بل سوف نلوى شتاتًا تاركين لهم
جندًا تمزقها نيران كيدهم
فذاك تفسير هذا النجو يخبره
أخو الهدى تهتدي الدنيا بخبرته»
١٧
•••
فمال هكطور شزرًا وهو يلتهب
غيظًا وقال: «أللإحجام تنتدب
فإن تكن قلت ما قد قلت عن ثقةٍ
لا شك رشدك أبناء العلى سلبوا
لأنت أولى برأي أصوب فعلا
م رمت أني قضايا زفس أجتنب
تلك القضايا التي بلغتها سلفًا
مذ مال بالرأس إعلانًا لنصرته
•••
أرمت أني أطيع الطير إن رمحت
سيان تعلم عندي كيفما سرحت
لمطلع الشمس عن يمناي إن سنحت
أو يسرتي لدياجي الغرب إن برحت
فلا نطيعن إلا من أطاع جميع الـ
ـجن والإنس والدنيا به انتصحت
وليس للمرء من فأل يدين له
خير من الذود عن أوطان نشأته
١٨
•••
علام تخشى الوغى جبنًا وتضطرب
وأنت في الأمن لن ينتابك العطب
فلست بالقرم يأتي مؤقفًا حرجًا
حتى ولو جملةً أجنادنا نكبوا
١٩
لكن إذا ما اعتزلت الحرب مجتنبًا
أو ما بنصحك رمت الجند تجتنب
واغتر من قومنا فرد لقولك ذا
فاعلم فروحك في رمحي وطعنته»
٢٠
•••
وكر والجيش طرا إثره حملا
وزفس من طور إيذا ريحه حملا
هبت بعثيرها من فوقهم ومضت
تذروه فوق العدى توليهم الوجلا
٢١
فتلك من فضل زفس نصرة وثقوا
بها وفي بأسهم واستقبلوا القللا
٢٢
فهدموها وأطراف الوشيع رموا
والمعقل ابتدروا ثغرًا لثغرته
•••
وزعزعوا صخر أركان بدت عمدا
من تحت أبراجه قامت لها سندا
وشددوا العزم في استئصالها أملا
بمنفذ منه يؤتون العدى الشددا
لكنما عسكر الإغريق ظل على
أبراجه مستجيش العزم مجتهدا
مدت يلامقهم حصنًا يذود به
يرمي العداة الأولى آلوا بخذلته
٢٣
•••
آياس يجري وآياس على القلل
يستنهضان السرى بالقول والعمل
طورًا بلين حديث للأولى اعتزلوا
وتارة بملام الفارس الوجل:
«يا أول الصيد أبطالا وثانيهم
بأسًا ومن لم يخول قوة البطل
لم يمنح الكل بأسًا واحدًا ولكم
في يومنا الذود كل جهد طاقته
•••
عرفتم ضيق هذا الموقف الحرج
لا تلتون بقلب هد مختلج
لا يصدعنكم قرم يسوقكم
إلى سفينكم في خائر المهج
بل شددوا بعضكم بعضًا ولا تهنوا
لعل زفس منيل النصر والفرج
به نذل عدوًّا قد ألم بنا
يصمى ويذبح حتى باب بلدته»
•••
فهاج قولهما الأجناد فاعتصبوا
وماج من فوق ذاك المعقل اللجب
حجارة من كلا الصوبين طائرة
في الجو في موقف الجيشين تنسكب
كأن يوم شتاء زفس كان له
بالقر فيه على كيد الورى أرب
فتسكن الريح والثلج الكثيف على
وجه الثرى صبيًّا هام بوفرته
•••
يهمي فيستر وجه السهل والجبلا
والمرج والزرع والأرياف والسبلا
والثغر حيث زغاب الموج يمحقه
وسائر الأرض منه ألبست حللا
لكن هكطور والطرواد ما ظفروا
بالسور والباب بالمزلاج قد قفلا
إلا بهمة سرفيدون هيجه
أبوه زفس ببادي بأس همته
•••
جرى كليث على سرب الثيار جرى
أمامه مجوب فولاذه بهرا
مؤلق مستدير دق صانعه
قتيره دق حذق يدهش البصرا
مبطن بجلود الثور دار على
أطرافه قضب من عسجد نشرا
به مشى بيديه عاملان مضى
عُجْبًا يهزهما أثناء مشيته
٢٤
•••
كضيغم بين شم الراسيات ربي
وبرحت بحشاه آفة السغب
ينقض حتى مباني الناس مبتغيًا
فريسة بفؤاد غير مضطرب
لا ينثني لكلاب الحي إن نبحت
أم بادرته رعاة القوم بالقُضُب
وليس يرجع إلا نائلا وطرا
أو هالكًا بقناهم قبل عودته
•••
وهكذا انقض سرفيدون ممتحنا
خرق المراقب والسور الذي حصنا
٢٥
فقال لابن هُفُوْلُوخٍ: «علام ترى
في ليقيا كان صدر القوم مجلسنا
والكأس تُتْرَعُ واللحم السمين لنا
والناس مثل بني العليا تبجلنا
علام في ثغر زنثٍ أرضنا اتسعت
والكرم والزرع يسقى ملء حاجته
•••
فلا يسوغ لنا إلا التربص في
صدر السرى حيث نلنا منتهى الشرف
٢٦
حتى كتائبنا تعتز قائلة:
«نعم الملوك علوا عن حطة الضعف»
«فليهنأوا بسمين اللحم مأكلهم
والراح إذ وقفوا في موقف التلف»
وهل ترى لو أبينا الكر ننقذ من
وخط الشيب وموت بعد وخطته
•••
لو كان ذا عُفْتُ شر الحرب والحرب
وما بغيتك في ذا المأقِطِ اللجب
٢٧
لكنما الموت منه لا مناص وقد
يأتي بأي سبيل كان أو سبب
٢٨
فلنقدمن فإن المجد راقبنا
أو راقب من سقانا غُصَّة النُّوب»
٢٩
لبى غلوكس لا يرتاع مطلبه
وكر تتبعه أبطال أمَّته
•••
فهال مرآهما مينستسًا وهما
هَمَّا إلى برجه بالعزم واقتحما
فسرح الطرف حول السور مبتغيًا
قرمًا يروم به عونًا يصدهما
ألفى الأياسين لا يضويهما تعب
قد بارح الخيم طفقير يرومهما
ولم يكن من سبيل للنداء على
ما اشتد من لغبٍ يصمي بضجته
•••
حيث الطرواد قد ثاروا بمعترك
يبغون إدراك دك السور للدرك
وفي اليلامق والبيض المعذب والـ
أبواب قرع دوى في قبة الفلك
٣٠
فصاح مينستس بالفيج ثوطس
وقال: «طر بمقالي غير مرتبك
وادع الأياسين أو مهما بدا لهما
فليأت آياس يرفدني بنجدته
٣١
•••
والرأي هذا فعندي موقف الخطر
وقوم ليقية انقضوا على أثري
وإن يكن جل وقع الخطب عندهما
فليأتني ابن تلامون أبو الظفر
وليأت طفقير رب القوس يصحبه»
فأسرع الفيج ينمي صحة الخبر
قال: «ابن فيتيس حينًا يرومكما
كليكما فأجيباه لدعوته
•••
والرأي ذا فلديه موقف الخطر
إذ قوم ليقية انقضوا على الأثر
وإن يكن جل وقع الخطب عندكما
فليأته ابن تلامون أبو الظفر
وليأت طفقير رب القوس يصحبه»
لبى كبيرهما يجري بلا حذر
ومال نحو ابن ويلوسٍ يشدده
ليحسن الذود فيهم حين غيبته:
٣٢
•••
«قف يا أياس وفوليميذ لا تهنا
وحرضا الجند لا تأب الوغى جبنا
أمضي فأبلو بأعداء هناك عتوا
وإن دفعتهم دفعًا رجعت هنا
وسار يصحب طفقير الفتى معه
أخاه وابن أبيه النابل الفطنا
كذلك الشهم فنديون متبع
وراء طفقير يجري في حنيته
٣٣
•••
من داخل السور أموه وما برحا
في برجه فإذا بالأمر قد فدحا
وقوم ليقية مثل العواصف قد
تسلقوا بوحى يشتد أي وحى
فقل آياس صخرًا هائلا وعلى
أفكلس خل سرفيدونهم طرحا
جلمودة من رجال العصر ما رفعت
يدا فتى رب بأس في شبيبته
•••
فذلك الصخر من ضمن الوشيع رفع
رحاه ثم على رأس العدو دفع
فدق هامته من تحت خوذته
فغائصًا من على البرج المتين وقع
كذاك أبصر طفقير غلوكس قد
رام التسلق مشتد القوى وطلع
وقد بدت يده البيضاء عارية
فأرسل السهم يعروها برميته
•••
فشب للأرض واهي العزم يستتر
كي لا يرى الجرح أعداه ويفتخروا
فأثقل الغم سرفيدون حين رأى
منآه لكنه ما ناله الضجر
وألقماوون ثسطور أصاب فلم
يقف وعاجله بالرمح يبتدر
واجتر عامله من صدره فهوى
يصل فولاذه من فوق جثته
•••
من ثم بين يديه ممسكًا جذبا
إحدى دعائم سطح السور فاضطربا
وأسقطت من أعالي الحصن وانكشفت
عن منفذ لبني طروادة رحبا
فانقض آياس يبغيه وبادره
طفقير يرمي بسهم فيه ما نشبا
حزام جنته الكبرى أصاب فلم
ينفذ وزفس تلافاه بقدرته
٣٤
•••
لم يرض موت ابنه قرب السفين ولا
نكاله وأياس ثار مشتعلا
وكر يطعن والرمح الحديد مضى
في ترسه وإلى الأعضاء ما وصلا
فصدَّ يرجع سرفيدون بعض خطى
عن خطة السور لكن لم يهن وجلا
بل ظل يأمل نصرًا وانثنى عجلا
يصيح في من تلاه من عشيرته:
•••
«يا قوم ليقية هل خار عزمكم
فقد فتحت سبيلا في وجوهكم
وهل تيسر لي ما صلت منفردًا
أمهد السبل للأشراع دونكم
٣٥
هيوا اتبعوني فخير الأمر ما اجتمعت
على تطلبه القوات تلتئم»
فجملة وجلوا من عذل ملكهم
وفار فائرهم من حول فورته
•••
والدانويون قد ضموا كتائبهم
من داخل السور لا يلوون غاربهم
فما هم دافعوا أعدائهم صببًا
عن ثغرة جعلوا فيها مضاربهم
ولا أولئك منهم نائلو وطرٍ
ولا سبيل ليحتلوا مراكبهم
وليس يفصلهم إلا الفواصل في الـ
ـسور الذي اشتبكوا من حول فرجته
•••
كزارعين بحقل بعد ما قسما
تنازعا كل شبر في حدودهما
ولا يظلان في جهدٍ وفي عملٍ
حتى يوازنه المقياس بينهما
٣٦
كذا تعادلت القوات يسرب من
كلا الفريقين سيالا نجيعهما
كم جنة سحقت في صدر حاملها
ولأمةٍ خرقت من تحت جنته
•••
وكم فتًى مدبر قد بان كاهله
فالسهم واصله والرمح قاتله
٣٧
وما استطاع بنو الطرواد صدهم
بل استوى في مجال الفتك هائله
كمرأة عالت الأطفال عادلة
قد أمسكت عود ميزان تعادله
لا تخسر الصوف مثقالا تضن به
عن العيار الذي ألقت بكفته
٣٨
•••
لكن زفس ذرى المجد الرفيع ذخر
لهكطر فإلى الحصن المنيع عبر
فكر أولهم كرًّا يصيح بهم:
«إيه فَكُرُّوا بني الطرواد خير مكر
والسور فاخترقوا والنار مضرمةً
ألقوا فلا تبق من أسطولهم وتذر»
فهاجت النفس والسور المنيع رموا
يهز كل فتًى رُمْحًا براحته
•••
وهكطر حجرًا في الباب قد ثقلا
محدد الرأس ضخم قعره حملا
جلمود صخر إذا ما رام يحمله
قرمان من خير ما في عصر نارجلا
ما بلغا رفعه إلا بجهدهما
من صفحة الأرض حتى يبلغ العجلا
لكن هكطور يرحوه بغير عنًا
إذ زفس أذهب عنه كل ثقلته
٣٩
•••
نظير جزة كبش خف محملها
هيهات في راحة الراعي تثقلها
كذاك صخرته هكطور محتدمًا
عنفًا رماها لصفق الباب يرسلها
٤٠
قد أحكموا قفل مصراعيه إذ رتجا
حتى يعز على الأعداء مدخلها
وقد تعارض قفلاه ووسطهما
ثقب تخلل مزلاج بفرضته
•••
فهكطر مذ أتاه أثبت القدما
مفرجًا بين ساقيه رحا ورمى
فراح ما بين صفقيه وقد سحق الـ
ـقفلين ينفذ والصفقان قد حطما
والرزتان استطارت قائماتهما
والباب يصرف من عنف به صدما
فانقض هكطور بالفولاذ متشحًا
كالليل يذعر ذعرًا في دجنته
•••
يهز بين يديه عامليه ولا
يصده غير رب عندما حملا
واجتاز وثبًا وعيناه شرارهما
وارٍ وألفت يدعو قومه عجلا
تلوه ما بين عاد قد تسلق أو
في الباب جار لداوي الصوت ممتثلا
والأرغسيون للأسطول قد لجأوا
في مأزق ضاق مشتد بأزمته